Afghani (Jamal ed Dine-) الافغاني فيلسوف ومصلح وثائر من كبار رجال السياسة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Afghani (Jamal ed Dine-) الافغاني فيلسوف ومصلح وثائر من كبار رجال السياسة








    افغاني (جمال دين)

    Al-Afghani (Jamal ed Din-) - Al-Afghani (Jamal ed Dine-)

    الأفغاني (جمال الدين ـ)
    (1254ـ 1315هـ/ 1838ـ 1897م)

    محمد بن صَفْدَر (أو صَفْتَر) بن علي الحسيني، وينتهي نسبه إلى الحسين بن علي. وهو فيلسوف، ومصلح، وثائر، وأحد كبار رجال الفكر والسياسة، ومن أعظم دعاة الوحدة الإسلامية في العصر الحديث. ولد في بلدة أسعد آباد من أعمال كابُل في أفغانستان وعشيرته فيها من أكبر العشائر وأجلها محلاً.
    كان الأفغاني أسمر اللون، ممتلئاً قوي البنية، جذّاب المنظر، عيناه سوداوان واسعتان، لهما نظرات مهيبة، ويشع فيهما الاعتداد بالنفس. وكان طيب القلب عذباً، عفيف النفس، قانتاً، قوّاماً، ولوعاً بعظائم الأمور، جريئاً، لا يهاب الموت، وامتاز بحدّة الذكاء، ورجاحة العقل وقوة العزم، وفصاحة القول، وكان كثير التعظيم لأهل العلم وأنصاره، شديد الوطأة على المستبدين من الحكام. كان علماً مفرداً لم يرتبط بمدينة ولا بوطن بالمعنى الضيق للأوطان، وإنما ارتبط بقضية الحرية في العالم، ولم يكن حبيس أسرة أو حياة زوجية بل وسعت حياته وآلامه حياة الشعوب وآمالها وآلامها.
    قضى الأفغاني السنين الأولى من طفولته وشبابه في أفغانستان، فدرس فيها العربية، وعلوم الشريعة. حفظ القرآن في العاشرة من عمره، ثم درس العلوم العقلية والتاريخ. سافر إلى الهند ومكث فيها أكثر من سنة راجع إبانها العلوم الرياضية، ثم حج إلى مكة عام 1857. وبعد عودته من الحج دخل في خدمة دُوسْت محمد خان، كما كان من خلصاء محمد أعظم، ووزر له مدة قصيرة، وحين دالت دولته رحل الأفغاني عام 1869 من أفغانستان متوجهاً إلى الهند، وأقام فيها حيناً. ثم قصد مصر وأقام فيها أربعين يوماً اتصل في أثنائها بالأوساط الأزهرية، وألقى دروساً خاصة في الشريعة الإسلامية والفلسفة. ثم رحل إلى اصطنبول عام 1870 فاستقبل استقبالاً حاراً، وعُيِّن في مجلس التعليم، ودُعي إلى إلقاء محاضرات في مسجد أياصوفيا ومسجد الأحمدية، فحقد عليه أعداؤه لازدياد شهرته ونفوذه، واتهموه بالدعوة إلى آراء هدامة. فغادر الأفغاني اصطنبول متوجهاً إلى القاهرة. فتلقاه أولو الأمر والمثقفون بالحفاوة، وأجرت عليه الحكومة المصرية مرتباً شهرياً بسيطاً. انصرف الأفغاني في مصر إلى قراءة كتب العلم والتوحيد والفلسفة والأصول والفقه وغيرها، فحضر دروسه كثير من نجباء الطلاب. وكان لا يفتأ ينفخ في طلابه وجلاّسه روح الحرية السياسية، وقد تخرج على يده طائفة ممن علا صيتهم في العلم والسياسة كمحمد عبده ورفاعة الطهطاوي وسعد زغلول وغيرهم.
    زار الأفغاني لندن عام 1883 وأقام فيها حيناً، ثم غادرها متجهاً إلى باريس، فمكث فيها مدة بصحبة صديقه وتلميذه محمد عبده وحرّرا معاً صحيفة «العروة الوثقى» وأسهم الأفغاني في إنشاء مجلة «ضياء الخافقين» التي كانت تصدر بالعربية والإنكليزية، ونشر فيها بعض البحوث والمقالات. ثم استدعاه الشاه ناصر الدين إلى طهران وأسند إليه المناصب السياسية العالية، ولكن سرعان ما غضب عليه، ونفاه إلى خانقين عام 1891م لآرائه الجريئة المناهضة للاستبداد والاستعمار ولإسهامه في تأميم التبغ في إيران.
    ودعاه السلطان عبد الحميد إلى القسطنطينية وأكرمه ولكنه بعد ذلك لقي العذاب من زبانية السلطان ودسائسهم. وتوفي جمال الدين إثر إصابته بالسرطان. وقيل إن أبا الهدى قد حرض عليه من دس له السم.
    للأفغاني آراؤه الجريئة في الدين والسياسة. أما عن الدين فمذهب الأفغاني فيه هو مذهب الإسلام عامة. كان ينظر إلى كل من يؤمنون بالإسلام ونبوة محمد على أنهم أبناء مذهب واحد سواء أكانوا سنة أم شيعة. وهو يرفض التعصب المذهبي ويستنكر انقسام الأمة الإسلامية إلى سنة وشيعة، ويؤمن بالجامعة الإسلامية التي تضم في قلبها كل المسلمين.
    ولكل دين لسان، ولسان الإسلام هو اللغة العربية، وهي أساس مهم من أسس الدين الإسلامي لأنها لغة القرآن.
    والأفغاني مسلم ثائر آمن بضرورة الاجتهاد في الدين وكره التقليد والجمود. فالقرآن ما أنزل إلا ليُفْهَمَ، ولكي يُعْمِلَ الإنسان عقله لتدبر معانيه وفهم أحكامه والمراد منها والتدقيق فيها واستنباط الأحكام منه ومن صحيح الحديث والاستنتاج بالقياس على ما يواكب العلوم العصرية وحاجات الزمن. ويرى الأفغاني أنه ينبغي لكل أمة أن تتمسك بقوميتها. وأن الهجوم على القومية سُلَّم يرتقي عليه المستعمرون لفل عزيمة المسلمين وإخضاع بلادهم للعبودية والاستغلال. وأن اللغة أهم الأسس القومية وعمادها وهي من أكبر الروابط التي تحمي كيان الأمة من الدمار. ولا سبيل إلى تمييز أمة من أخرى إلا بلغتها. وأن هُوية الأمة العربية هي العروبة قبل أي دين ومذهب. ولما كانت اللغة العربية أساساً مهماً من أسس الإسلام فعلى من يدينون به أن يتعلموا العربية ليفقهوا دينهم. وعلى الأتراك أن يتخذوا اللغة العربية لغة رسمية للدولة العثمانية لأنها لغة دينهم. ويرى الأفغاني أن للعرب القيادة في المحيط الإسلامي الكبير لحضارتهم العريقة. ولا يرى تناقضاً بين الإسلام والقوميات.
    وأما الاستعمار، فيرى فيه تسلط دول وشعوب قوية على شعوب جاهلة ضعيفة منقسمة على نفسها غنية بثرواتها ومعادنها وخصب تربتها، ولذلك فقد حاربه ونذر حياته لمطاردة نفوذه في كل مكان. وآمن بحرية الشعوب كما حارب الاستبداد والحكام الطغاة المتآمرين مع الاستعمار. وهو أول من أقام تنظيماً سياسياً وطنياً مصرياً في العصر الحديث، وهو الحزب الوطني الذي ظهر نشاطه العلني سنة 1879. وكان الأفغاني يدعو عن طريقه إلى قيام حكم دستوري نيابي وطني في مصر. وآمن بالديمقراطية، ورأى أن لا قيمة لمجلس نيابي إلا إذا كان معبراً عن إرادة الشعب، والحرية تؤخذ ولا تعطى.
    دعا الأفغاني إلى المقاومة الشعبية مبيناً دورها المهم في مصارعة الاستعمار وفي إحراز النصر. وكان يفضلها على الحرب النظامية التي تنهزم الجيوش فيها بانهزام القيادات.
    مثال ذلك الحرب الوطنية الشعبية التي خاضها الشعب الأفغاني مجابهاً ستمئة ألف من قوات الإنكليز، فانتصر عليها بعد مدة وجيزة من الاحتلال. أما عن التنظيم السري فقد نظم الأفغاني جمعية العروة الوثقى، وهي تنظيم سري سياسي فكري ثوري قام ليواصل النضال لمحاربة الاستعمار الإنكليزي. وامتازت هذه الجمعية بخبرة عالية في التنظيم، وفي علاقة القيادة بالقاعدة، وواجبات الأعضاء، وفي النظام المالي. وكان لها مجلة تحمل اسمها، غير أنه لم يصدر منها إلا ثمانية عشر عدداً في ثمانية شهور. لأن الإنكليز أوقفوا صدورها.
    آمن الأفغاني بالاشتراكية الإسلامية فهي عماد العدالة الاجتماعية، ولابد للاشتراكية من أن تسود العالم لأنها النظام الملائم لنظام التجمع البشري، وهي تحقق رخاء الإنسان وكرامته. وهو يربط انتصار الاشتراكية في العالم بانتصار العلم.
    عاش الأفغاني مأساة الحرب والزحف الاستعماري في عصره، وآمن بالسلام العالمي ودعا إليه، وهو يستنكر الحرب ويعدها من أقبح ماعمله الإنسان في الأرض. ونادى بسيادة السلام وانتصار الأمن الإنساني على الحروب وويلاتها، ويرى في هذا الأمن المقياس الدقيق والصادق للعلم والحضارة.
    أعجب بالأفغاني عدد من المستشرقين أمثال براون، ورينان، وعدُّوه من أشهر أعلام الإسلام.
    للأفغاني من المؤلفات: رسالة في الرد على الدهريين. وتتمة البيان، وهي رسالة في تاريخ الأفغان، والمقالات التي كانت تنشر في مجلة «العروة الوثقى». وقد جمعت آثاره، وطبعت في القاهرة سنة 1968م. وأقيمت على الأفغاني دراسات ضافية.
    ج.ت
يعمل...
X