تُعد الغابات، وخاصةً الغابات الاستوائية موطنًا لآلاف الأنواع من الأشجار وأحيانًا عشرات ومئات الأنواع من الأشجار في نفس الغابة.
وهو مستوى من التنوع الحيوي سعى علماء البيئة لشرحه في دراسة حديثة نُشِرت في دورية «Proceedings of the National Academy of Sciences».
فقد وفَّر الباحثون وزملائهم في المعهد العالي لتحليل النظم المنطقية في أستراليا، النموذج الأول الذي يُلقي الضوء على الآليات البيئية والتطورية الكامنة وراء هذه الأنماط الطبيعية.
ويقول مدير برنامج التطور والبيئة (أولف ديكمان- Ulf Dieckmann): «الغابات بشكل خاص والنباتات بشكل عام تكون مركزية وذلك لفهم التنوع البيولوجي البري وخدمات النظام البيئي».
تنمو النباتات في الغابات على ارتفاعات مختلفة وبسرعات متفاوتة، فالأشجار الأكثر طولًا تمتص كمية أكبر من الضوء، أما الأشجار القصيرة والشجيرات تنمو بوجود مستويات منخفضة من الضوء الذي يمر خلال المظلة أو الغطاء الذي تُشكِّله الأشجار.
أما أنواع الأشجار قليلة الظل التي تُظهِر نموًا بطيءً فتوجد بأعداد كبيرة غير متوقعة بالتنوع أكثر بكثير مماكانت النماذج البيئية قادرة على شرحه حتى الآن.
وترى النظرية البيئية التقليدية أن كل نوع من الأنواع على هذا الكوكب يشغل مكانة خاصة به، حيث يمكن أن ينمو ويزدهر بشكل فريد.
ومع ذلك، فإن تحديد البيئات المنفصلة لكل نوع هو عملية صعبة وقد تكون مستحيلة وخاصة الوفرة الملاحظة للأشجار الاستوائية قليلة الظل وهذا يثير سؤالًا أساسيًا: هل حقًا الأماكن البيئية المنفصلة ضرورية لتعايش الأنواع؟
وفي دراسة حديثة دمج الباحثون بين علم وظائف الأعضاء الشجرة وعلم البيئة والتطور لبناء نموذج جديد فيه أنواع الأشجار وبيئاتها المختلفة تتطور بشكل متعاون وباعتماد متبادل، بينما النماذج القديمة لم تتنبأ بأن الأنواع قليلة الظل سوف تتعايش لفترات زمنية طويلة.
فالنموذج الجديد يوضح كيف أن الاختلاف الفيزيولوجي والتنافس على الضوء يقود إلى وجود أعداد كبيرة من الأنواع. وفي الوقت نفسه، فإن النموذج الجديد يُظهِر أن أنواع الأشجار قليلة الظل التي تُظهِر نموًا متسارعًا قد تطورت لتشغل بيئات أو أماكن بيئية ضيقة ومنفصلة عن بعضها، بينما أنواع الأشجار قليلة الظل التي تُظهِر نموًا بطيئًا تطورت لتشغل مكان واسعًا جدًا وذلك لتوفير مساحة كافية لسلسلة كاملة متصلة من الأنواع المختلفة للتعايش من جديد، تمامًا كما يظهر في الطبيعة.
فقد يكون النموذج الناتج مفيدًا للباحثين العاملين في مجال تغير المناخ وإدارة الغابات.
فيقول ديكمان: «نأمل أن يكون هذا العمل قد أدى إلى فهمٍ أفضل لتأثيرات الإنسان على الغابات بما في ذلك استخراج الأخشاب ومكافحة الحرائق وتغير المناخ».