إنّ القدرة على التخلص من البروتينات الشاذة أو السامة – في أسوأ حالة- هو أمر أساسي لبقاء الخلية.
تمكن باحثون من معهد شاريتيه التابع لجامعة برلين من إثبات الطريقة التي تمكن لاثنين من البروتينات الخاصة التعرف على الجزيئات المعيبة من الحمض النووي الريبوزي المرسال – mRNA وهي الجزيئات التي تحمل التعليمات لتصنيع البروتين ومن ثمّ تدميرها.
تبدأ عملية تصنيع البروتين بنسخ المعلومات الوراثية المخزنة في جينات الحمض النووي الريبوزي منقوص الاكسجين (DNA) إلى وحدات قابلة للنقل وهي الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، ومن ثم تتم ترجمة هذه التعليمات الخاصة بتصنيع بروتين معين والتي يحملها mRNA بواسطة جزيئات كبيرة تسمى ( الرايبوسومات).
في حال كانت جزيئات mRNA معيبة أو بها خلل، فإن هذا سيؤدي إلى إنتاج بروتينات ضارة أو شاذة، الأمر الذي يتطلب وجود عملية فعالة للتعرف والتخلص من مثل هذه الجزيئات من mRNA.
قام باحثون بقيادة الدكتور طارق هلال من معهد شاريتيه للفيزياء الطبية والفيزياء الحيوية بدراسة جزيئات mRNA التي تفتقر لكودونات الإيقاف وهي عبارة عن إشارات إيقاف تشير إلى انتهاء تصنيع البروتين.
إنّ محاولة نسخ هذه الجزئيات المعيبة من mRNA سيؤدي إلى تعطل كامل في آلات الترجمة ( الرايبوسومات)، وبالنتيجة توقف تصنيع البروتين.
خلال قيام الباحثين بدراسة بنية التراكيب الناتجة من ارتباط الرايبوسومات بجزيئات mRNA هذه، تمكنوا من معرفة الطريقة التي تقوم بها بروتينات إنقاذ معينة وهي) Dom34 و Hbs1) بالتعرف على هذه الرايبوسومات المعطلة ثم فصلها عن جزئيات mRNA المعيبة التي يتم تدميرها بعد ذلك.
تتعرف بروتينات الإنقاذ على الرايبوسومات المعطلة من خلال الكشف والارتباط بمواقع معينة فيها والتي ترتبط بها عادة جزيئات mRNA الطبيعية. في حال ارتباط بروتينات الإنقاذ بهذه المواقع، يضمن هذا الأمر أن الرايبوسومات المرتبطة بجزيئات mRNA الشاذة هي المستهدفة فقط.
يقول الدكتور طارق هلال:” إن البحث في آثار جزيئات mRNA الشاذة والعواقب المترتبة على التدمير الغير كافي لها أصبح متزايد الأهمية، وقد وجد أنها شائعة وبشكل خاص بين مرضى الاضطرابات العصبية كمرضى التصلب الجانبي الضموري. وإن فهم آليات الضبط الخلوي على المستوى الجزيئي قد يساعدنا على تطوير أساليب علاجية جديدة”.