السعودية (المملكة العربية ـ)
المملكة العربية السعودية دولة شاسعة المساحة، تبلغ مساحتها نـحو 2.250مليون كم2، وتحتل المرتبة الثالثة بين الدول العربية من حيث المساحة بعد السودان والجزائر.
تمتد شمالاً لتحاذي كلاً من الكويت والعراق والأردن، حيث يبلغ طول الحدود الشمالية 1850كم. يحدها من الغرب البحر الأحمر على امتداد 1800كم، يبلغ طول حدودها البحرية نحو 2580كم، منها 1240كم مع اليمن و560كم مع دولة الإمارات العربية المتحدة و80كم مع قطر و700كم مع سلطنة عمان.
تقع المملكة بين خطي طول 34درجة و36دقيقة و56درجة شرق غرينتش، وخطي عرض 16درجة و32درجة و12دقيقة شمالاً، وهذا يعني أن المملكة تقع في النطاق المداري في غربي قارة آسيا، مما يؤثر في أحوال البلاد المناخية والنباتية.
الجغرافية الطبيعية
تتنوع مظاهر السطح في المملكة، فالأراضي المنخفضة تتمثل في سهول تهامة في الغرب مسايرة لسواحل البحر الأحمر، وسهول الخليج العربي في الشرق، ومع ذلك فإن المظهر السائد في معظم مساحة البلاد هو النجود والهضاب التي تنحدر نحو الخليج العربي ونحو الشمال. وأهم الأقاليم التضريسية هي:
السهول الساحلية: يمتد سهل تهامة بين حافة المنطقة الجبلية وساحل البحر الأحمر، من خليج العقبة شمالاً حتى حدود اليمن جنوباً، وهو منبسط وينحدر تدريجياً من الشرق إلى الغرب، يزداد عرضه باتجاه الجنوب حتى يبلغ أقصى عرضه 45كم في جيزان. يتكون السهل من رمال وتكوينات رسوبية قارية وبحرية وبعض المسكوبات البركانية. ساحل البحر الأحمر قليل التعاريج مع وجود بعض الرؤوس والخلجان والجزر والأرصفة المرجانية. أما السهل الساحلي الشرقي فيمتد من رأس الخفجي في الشمال حتى تخوم الربع الخالي في الجنوب، بطول 790كم وعرض 60كم. يحده من الغرب إقليم الهضاب المتوسطة الارتفاع وسطحه شبه مستو لأنه حديث التكوين، وهو مغطى بالرمال وتكثر فيه السبخات الملحية. وأهم أجزاء هذا السهل تتمثل في منطقة الإحساء التي تتكون من واحات كثيرة، تشكل أكبر مساحة متصلة من الأراضي المروية في المملكة.
المناطق الجبلية: تعد جبال السراة (الحجاز) وعسير أهم ظاهرة تضريسية في المملكة، وهي كتلة جبلية تمتد بموازاة ساحل البحر الأحمر بطول 1800كم وعرض يراوح بين 30ـ200كم وهي مكونة من عدة سلاسل جبلية مكونة من الصخور الأركية النارية والصخور المتحولة، وتغطيها هذه الجبال في الشمال إلى 2000م تقريباً، ويزداد الارتفاع في الجنوب حتى يبلغ أقصاه 3000م في جبال عسير.
الهضاب: تمتد إلى الشرق من المرتفعات الغربية، من الحدود الأردنية في الشمال حتى مرتفعات نجران في الجنوب، ويتزايد ارتفاعها من الشمال إلى الجنوب، ويراوح بين 800ـ1500م. ومن أهم هذه الهضاب :
ـ هضبة الحسمي: تمتد من جبال مدين في الغرب ووادي السرحان في الشرق، ويراوح ارتفاعها بين 800ـ1500م. تتكون الهضبة من الصخور الرملية مع وجود الحافات والتلال الصخرية التي تكونت بفعل عوامل التعرية.
ـ هضبة الحجاز: تمتد بين درجتي عرض 22ـ27 درجة شمالاً، تجاورها من الغرب حرتا الرها والعويرض، ومن الشرق النفوذ الكبير. يزداد ارتفاعها باتجاه الجنوب ليصل إلى 1100م تقريباً.
ـ هضبة نجد: تمتد في الجزء الأوسط من المملكة، بين إقليم الهضاب الغربية ورمال الدهناء في الشرق، بطول 650كم، وبين كثبان النفوذ الكبير في الشمال والربع الخالي في الجنوب مسافة 800كم، يراوح ارتفاعها بين 1200ـ1800م. تكثر فيها الصخور الرملية والكلسية والطفلية مع وجود الصخور النارية والبركانية في الجزء الغربي من الهضبة، وتشكل الصخور الرملية مخزناً للمياه يزود واحات الهضبة بكميات وافرة منها.
ولتفاوت صلابة الصخور الرسوبية في الهضبة، فإن الصخور الأكثر صلابة كونت حافات على شكل كويستا Questa، ومن هذه الحافات المرتفعة جبل طويق الذي يعد من أكثر الظاهرات الجغرافية بروزاً في هضبة نجد، فهو حافة على شكل قوس كبير يتجه وينحدر بشدة نحو الغرب، ويمتد من الشمال إلى الجنوب مسافة 800كم، ومتوسط ارتفاعه 800ـ1096م، ومتوسط عرضه نحو 40كم، ويتكون الجبل من الصخور الكلسية الجوراسية.
الصحارى الرملية: من أهم الظاهرات الطبوغرافية في المملكة، وهي تلال رملية على شكل ألسنة تتفرع من الربع الخالي، وتمتد باتجاه الشمال حتى تتجمع الألسنة فيما يسمى بالنفوذ الكبير.
ـ الربع الخالي: يتكون من مساحة صحراوية مترامية الأطراف، من مرتفعات عمان في الشرق حتى الحدود مع اليمن وعُمان جنوباً. تبلغ مساحته نحو 500 647كم2، تغطيه كثبان وتوضعات رملية متصلة ومتفاوتة بالأشكال والأحجام، يرتفع في الغرب إلى نحو 1058م، وينخفض في الشرق إلى 70م تقريباً قرب جبال عمان.
ـ صحراء الدهناء: تتمثل في الجزء الأوسط من إقليم العروق الرملية، تمتد على شكل هلال كبير مسافة 1300كم من النفوذ الكبير، من الشمال حتى الربع الخالي في الجنوب، تغطيها أشرطة طولية من الكثبان الرملية، بينها عروق صخرية صلبة قليلة الارتفاع، وارتفاع الهضبة 400ـ500م.
ـ النفوذ الكبير: يمتد على شكل صحراء رملية واسعة، تمتد بين الشرق والغرب مسافة 650كم وبعرض 320كم، بين الشمال والجنوب، وتبلغ مساحتها نحو 75000كم2، تسود فيها تكوينات رسوبية مختلفة الأنواع والأعمار، وخاصة رسوبيات الزمن الرابع.
المناخ
يتصف مناخ المملكة بارتفاع درجات الحرارة، إذ إن المعدل السنوي في معظم المناطق يزيد على 20درجة مئوية، ويصل معدل النهاية العظمى للحرارة في شهر تموز إلى 43درجة تقريباً في كلٍ من الرياض والمدينة المنورة، و42درجة في الظهران ونحو 25درجة في كل من النماص وطريف في المناطق المرتفعة والشمالية، بينما يراوح معدل النهاية الصغرى في كانون الثاني نحو 23درجة في جيزان ودرجتين في كل من تبوك وطريف، ودرجة واحدة في كل من الطائف ورفحة.
الرطوبة النسبية منخفضة بوجه عام في المملكة، إذ يراوح المتوسط السنوي للرطوبة في فصل الشتاء بين 40ـ70% في المناطق الداخلية و50ـ75% في المناطق الساحلية، بينما ينخفض معدل الرطوبة النسبية في فصل الصيف إلى 15ـ20% في المناطق الداخلية و40ـ70% في المناطق الساحلية.
تستقبل المملكة كميات قليلة من الأمطار في مختلف مناطقها، يحدث هطل الأمطار في نصف السنة الشتوي في المناطق الشمالية والوسطى من المملكة، ويخضع لنظام البحر المتوسط. أما المنطقة الجنوبية الغربية فتتلقى الأمطار في معظم أشهر السنة. وغالباً ما تكون الأمطار إعصارية فجائية تهطل بغزارة وفي وقت قصير، ويتم هطلها على أوقات متباعدة، يراوح معدل الأمطار السنوية بين 75ـ204مم في السنة، ويرتفع المعدل في المناطق الجبلية الغربية، ويرواح المعدل بين 350ـ500ملم. تخلو أراضي المملكة من الأنهار دائمة الجريان، وثروتها المائية تكمن في المياه السطحية المستمدة من مياه الأمطار مباشرة في الوديان، والسدود والمياه الجوفية التي يمكن الحصول عليها من الينابيع وحفر الآبار، وقد أقيم في المملكة أكثر من 16سداً لحجز مياه الوديان والاستفادة منها في الشرب والزراعة ورفع مستوى المياه الجوفية.
تنتشر الترب الصحراوية في نطاقات واسعة تشغل نحو ثلثي مساحة المملكة، وهي تتألف من الرمل والطفل والكلس. وقد أدت العوامل الطبيعية، وخاصة المناخ والنبات الطبيعي، دوراً كبيراً في ضعف التربة، كما أدت التعرية الهوائية والمائية والرعي الجائر إلى تعرية هذه الترب من طبقاتها الرقيقة، وأصبحت غير صالحة للزراعة.
تنتشر الترب الجبلية في مناطق الجبال الغربية وبعض مناطق الداخل، وهي تربة ضحلة على السفوح وعميقة نسبياً في قيعان الأودية، كما توجد ترب رملية وأخرى ملحية، وخاصة في المناطق الشرقية المنخفضة.يتكون معظم الغطاء النباتي الطبيعي من نباتات صحراوية فقيرة، مثل النباتات الشوكية والأعشاب القصيرة التي تنمو عقب سقوط الأمطار. يختلف الغطاء النباتي في كثافته تبعاً لاختلاف التربة والتضاريس وكميات الأمطار،و تقدر مساحة الغابات والأحراج بنحو 2.8مليون هكتار، تتركز في المنطقة الجنوبية الغربية وجبال السراة.
الجغرافية البشرية
أجري أول تعداد سكاني في المملكة في عام 1962، وتبين أن عدد السكان نحو 3.2مليون نسمة، لكن الإحصاء ألغي رسمياً لعيوب ظهرت فيه. وفي عام 1974م أجري التعداد الثاني وبلغ عدد السكان نحو 16.9مليون نسمة، وحسب تقديرات عام 1993، بلغ عدد سكان المملكة نحو 21.334مليون نسمة، وبلغت الكثافة السكانية 10 نسمة/كم2، بلغت نسبة الذكور في عام 1999م نحو 55.9% من مجموع السكان ونسبة الإناث 44.1%.
بلغ معدل المواليد في المملكة 32.3بالألف في عام 1999، بينما بلغ معدل الوفيات 4.5بالألف، كما بلغت نسبة الزيادة الطبيعية نحو 27.7بالألف في عام 1999.
يختلف توزيع سكان المملكة من منطقة إلى أخرى، وحسب تعداد 1993 ظهر أن 52.7% من السكان تركزوا في المنطقة الغربية، حيث توجد عدة مدن كبرى مثل جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف، كما يتركز 22% من السكان في منطقة الرياض و15% في المنطقة الشرقية و10.3% موزعة على بقية المناطق في الشمال والجنوب.
يتوزع السكان ذوو النشاط الاقتصادي، حسب تقديرات عام 1994م، بنسبة 5.5% في الزراعة والرعي وصيد الأسماك، و8.2% في الصناعات التحويلية، و15.4% في البناء والتشييد و15.1% في التجارة والمطاعم والفنادق و44.3% في الخدمات الاجتماعية والشخصية والحكومية و11.5% في المجالات الأخرى.
الجغرافية الاقتصادية
بُذلت جهود كبيرة في المملكة لتطوير الإنتاج الزراعي وتنميته باستصلاح الأراضي وإضافة الأسمدة الكيمياوية وتقديم القروض للمزارعين، وتوفير مياه الري من الآبار والسدود.
كانت الأراضي الزراعية في المملكة محدودة الرقعة، مبعثرة في الواحات وعلى المدرجات الجبلية وفي بطون الأودية. بلغت مساحة الأراضي الزراعية في عام 1958م نحو 210 ألف هكتار، ثم توسعت بشكل كبير لتبلغ نحو 738ألف هكتار عام 1985، ونحو 1.5مليون هكتار عام 1995م.
تنتج المملكة عدداً من المحاصيل الزراعية، فقد بلغ إنتاجها من القمح نحو 1734ألف طن في عام 1998م، كما بلغ إنتاجها من التمور في السنة نفسها نحو 648ألف طن، وأنتجت المملكة نحو 111ألف طن من الحمضيات، ونحو 1195ألف طن من الفاكهة، ونحو 141ألف طن من العنب.
وكما تطور الإنتاج الزراعي، تطورت أعداد الثروة الحيوانية، ففي عام 1960م قدر عدد الحيوانات بنحو 5.1مليون رأس، ارتفع إلى 11.5مليون رأس في عام 1995م، وهي تضم الأغنام (7.4مليون رأس) والماعز (3.4مليون رأس) و 404.5ألف رأس من الجمال و215.7ألف رأس من الأبقار. وتساعد هذه الثروة الحيوانية على توفير قسط هام من اللحوم والألبان والجلود والصوف والوبر والشعر، والتي تدخل في التصنيع المحلي.
تختزن أراضي المملكة ثروات معدنية كبيرة تفوق في أهميتها الاقتصادية الموارد الزراعية والحيوانية، ويعد النفط الخام أهم هذه الثروات. وقد بلغت احتياطات النفط في المملكة نحو 261.5مليار برميل في عام 1998م، أي ما يزيد على ثلث احتياط الوطن العربي البالغ نحو 645.5 مليار برميل.
بلغت قيمة الصادرات النفطية للمملكة نحو 43603مليون دولار في عام 1961، ونحو 48220مليون دولار في عام 1997.
تمتلك المملكة احتياطياً كبيراً من الغاز الطبيعي، وقدر بنحو 5777مليار م3 في عام 1997م، ويستعمل الغاز في الصناعات الكيمياوية في البلاد. كما عثر على كثير من المعادن في منطقة الدرع العربي في الغرب، بسبب وجود الصخور النارية والمتحولة، ومن أهم هذه المعادن الذهب وخامات الحديد والكروم والنحاس والرصاص والزنك وغير ذلك. وتتركز المعادن اللافلزية في المناطق الشرقية حيث توجد الصخور الرسوبية والتي تحوي على الفوسفات والجبس والكبريت والملح.وأهم المواد المستثمرة في الوقت الحاضر الذهب والحديد ومواد البناء.
تطورت حركة التصنيع في البلاد مع توافر رؤوس الأموال والأيدي العاملة السعودية وغير السعودية، مع تحسن وضع البنية التحتية وخاصة الطرقات المعبدة والمطارات والموانئ الحديثة وتوافر الكهرباء والماء وتخصيص مناطق صناعية بجوار المدن الكبرى مزودة بمختلف التسهيلات ومتطلبات العمل الصناعي وحاجات العاملين، إضافة إلى حماية المنتجات الصناعية الوطنية والإعفاء الضريبي ومنح القروض لأرباب الصناعة بشروط ميسرة. وهكذا ازداد عدد المؤسسات الصناعية وعدد العاملين فيها على نحو كبير، ففي عام 1974 بلغ عدد المؤسسات الصناعية نحو 376مؤسسة، رأسمالها 4301مليون ريال، يعمل بها نحو 17935عاملاً. وفي عام 1995 ازداد عدد المؤسسات الصناعية المنتجة أكثر من خمسة أضعاف 2061مؤسسة، وازدادت العمالة الصناعية نحو سبعة أضعاف، وتزايد حجم الاستثمارات في قطاع الصناعة من 4.3مليار ريال إلى نحو 94.8مليار ريال سعودي
تتركز المؤسسات الصناعية في ثلاث مناطق رئيسة : 38% في المنطقة الوسطى، و32% في المنطقة الغربية. و24% في المنطقة الشرقية، وما تبقى في المنطقة الشمالية. وأهم المدن الصناعية هي الرياض وجدة والمدينة المنورة وجبيل وينبع.
بلغ إنتاج المملكة من الحديد والصلب نحو 1812ألف طن في عام 1992، ارتفع إلى نحو 2819ألف طن عام 1997م، محتلة المرتبة الثانية بين الدول العربية بعد مصر، وتتركز هذه الصناعة في مدينة جدة اعتماداً على خامات الحديد في وادي فاطمة إلى الشرق من مدينة جدة حيث تتجاوز نسبة الفلز في الخامات 47%، ويقدر احتياطي خامات الحديد في هذه المنطقة نحو 50مليون طن. وتوجد احتياطيات أخرى لخامات الحديد وخاصة في وادي الصواوين قرب خليج العقبة، حيث بلغت احتياطياته نحو مليار طن، تصل نسبة الفلز فيها إلى نحو 45%.
بلغ إنتاج المملكة من الأسمدة الكيمياوية في عام 1995 نحو 1067.6ألف طن من السماد الازوتي، ونحو 148ألف طن من السماد الفوسفاتي، كما أنتجت المملكة نحو 16مليون طن من الإسمنت في عام 1994م، محتلة المرتبة الأولى بين الدول العربية. وفي المملكة ثمانية معامل لتكرير النفط موزعة على الموانئ البحرية في البحر الأحمر، مثل ينبع وجدة ورابغ، وفي الموانئ على الخليج العربي في رأس تنورة ورأس الخفجي وميناء سعود، إضافة إلى معمل التكرير في الرياض. كما تطورت في البلاد صناعة السيارات وصناعة الأدوات الكهربائية والصناعات الكيمياوية والصناعات الغذائية والنسيجية ومواد البناء وصناعة تحلية مياه البحر (نحو 25مصنعاً) التي وفرت مياه الشرب لكل المدن السعودية، ويبلغ إنتاجها نحو 2مليون م3 يومياً
تطورت شبكة الطرق والمواصلات البرية والبحرية والجوية، ففي عام 1950لم يكن في المملكة سوى 75كم من الطرق البرية المعبدة، وازدادت أطوال الطرق لتصل إلى 8323كم عام 1970، وإلى 124000كم عام 1995م. كما تم بناء خط للسكة الحديد في عام 1951 يربط ميناء الدمام بالعاصمة الرياض بطول 562كم وخطوط متفرعة عنه طولها 146كم، وتستخدم هذه الخطوط لنقل الركاب والبضائع.
كما أقيمت في المملكة عدة موانئ حديثة في جدة والدمام وينبع وجبيل ورأس تنوره وجيزان وضباء وغيرها، قادرة على القيام بعمليات تصدير واستيراد البضائع المختلفة بأساليب تقنية متطورة. وقد بلغ عدد المراكب التي أمت الموانئ السعودية في عام 1995 نحو 6886باخرة.
في مجال النقل الجوي تم إنجاز 25مطاراً حديثاً تضم أفضل التجهيزات وهي موزعة على مختلف مناطق المملكة وأهمها مطارات الرياض، جدة، الظهران، المدينة، والطائف.كما تمتلك المملكة أسطولاً جوياً يضم أكثر من 80طائرة حديثة.
ترتبط المملكة بعلاقات تجارية مع أغلب دول العالم، وخاصة بعد اكتشاف وإنتاج وتصدير النفط الخام ومشتقاته، وأصبح النفط يسهم بنحو 90% من قيمة صادرات المملكة، ثم تأتي صادرات المنتجات الكيمياوية والتمور وبعض المنتجات الصناعية الأخرى. وتستورد المنتجات الغذائية والنسيجية والجلدية، وسائل النقل والمواد نصف المصنعة والأدوات الكهربائية، وتحتل أوربا الغربية المرتبة الأولى في الواردات السعودية تليها دول آسيا فالقارة الأمريكية والوطن العربي وإفريقيا.
ولا بد من الإشارة إلى أن زيارة الأماكن المقدسة في مواسم الحج والعمرة تعود على المملكة بمئات الملايين من الدولارت سنوياً، إذ يتوجه ملايين المسلمين من كل قارات العالم فتنشط الحركة التجارية، وتغص الفنادق والنزل بالزوار، كما يمتد النشاط إلى وسائل النقل والمطاعم، وخاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
نشأة المملكة
ترتبط نشأة المملكة العربية السعودية بأسرة آل سعود. وكانت مدينة الدرعية التي أسسها أحد أجداد آل سعود الأوائل، مركزاً لحكمهم في هضبة نجد.
كانت نجد موزعة بين إمارات صغيرة متناحرة لا رابط يجمعها، بل كانت دائماً في صراع مستمر، وتنافس على السلطة وثارات لا تنقطع والفوضى سائدة، والأمن مفقود وغارات البدولاتنقطع. ومن الناحية الدينية كانت الخرافات مسيطرة على العقول، وأعمال الشرك الخفي ظاهرة، والجهل منتشر في كل مكان،. حيال هذا كله كان لابد من قيام حركة للإصلاح، ومن هنا قامت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي، فاستجاب لها الكثير من الناس، وقاومتها بعض الإمارات، ثم قبلها أمير الدرعية محمد بن سعود الذي تولى أمرها ونصرتها عام 1157هـ/1745م، ولم تلبث إمارته طويلاً حتى توسعت وأصبحت دولة تقوم على فكرة إسلامية تعتمد سيرة السلف الصالح في نهجها، لذا أطلق على الدعوة اسم «الدعوة السلفية» وأطلق عليها خارج نجد اسم «الوهابية» نسبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
قوي أمر السعوديين كثيراً، فقد سيطروا على عسير ونجد، ووصلوا إلى جنوبي العراق وبلاد الشام، مما أخاف الدولة العثمانية أن يعلن آل سعود الخلافة.
كلف الخليفة العثماني محمد علي باشا والي مصر التصدي للوهابيين في شبه الجزيرة العربية، فأرسل جيشاً بقيادة أبنه أحمد طوسون، ثم لحق محمد علي باشا بابنه ودارت معارك ضارية بين الطرفين، وانتهت الدولة السعودية الأولى في عام 1233هـ/1817م.
بدأت الدولة السعودية الثانية بعد أن تولى الإمارة تركي بن عبد الله عام 1259هـ/1843م الذي استتب له الأمر، بعد أن خاض معارك عديدة مع حامية محمد علي باشا، وقد نجح الإمام تركي وأبناؤه من بعده في بسط نفوذهم على جميع أنحاء نجد والأحساء وعمان.
ثم تراجع نفوذ آل سعود أمام قوات الأمير محمد بن رشيد أمير حائل الذي كانت تدعمه الحكومة العثمانية في الأستانة ووالي مصر في القاهرة.
وقد انتهت هذه الدولة باستيلاء آل الرشيد على الرياض عام 1309هـ/1892م.
في عام 1319هـ/ 1902م بدأت مرحلة الدولة السعودية الثالثة حتى الوقت الحاضر، حيث استعاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مدينة الرياض، ثم أخضع أراضي نجد جميعها، وفي عام 1913م مد الملك عبد العزيز نفوذه شرقاً حتى بلغ سواحل الخليج العربي بعد استرجاع منطقة الأحساء.
قامت الحرب العالمية الأولى في عام 1914م وانتهت بهزيمة تركيا، وفرض الانتداب البريطاني على العراق والأردن وفلسطين، وقد تشبث الإنكليز بجميع مناطق الخليج العربي، وصار لا بد من التعامل مع بريطانيا في موضوع الحدود السياسية، وخاصة بعد ظهور دولتين هاشميتين على تخوم المملكة في الشمال، وهما العراق والأردن، لذلك تم عقد معاهدة بين الملك عبد العزيز والمقيم البريطاني في منطقة الخليج السير «بيرسي كوكس»، بشأن رسم الحدود بين المملكة وكل من الكويت والعراق والأردن. تمت المفاوضات أولاً في مدينة المحمرة في إيران وذلك في أيار 1922، ثم أكملت المفاوضات في ميناء العقير السعودي في تشرين الثاني عام 1922، انتهت بالتوقيع على بروتوكولات متممة للمعاهدة والتي عرفت باسم «معاهدة المحمرة وبروتوكولات العقير».
كان الملك عبد العزيز قد وجه حملة عسكرية بقيادة ابنه فيصل في عام 1919 إلى منطقة عسير، ونجح في ضمها إلى المملكة، كما ضم منطقة شمر في عام 1920، وضم منطقتي مكة وجدة في عام 1924م.
في عام 1926 نزل الملك عبد العزيز بمكة المكرمة واجتمع إليه الأعيان والعلماء وبايعوه ملكاً على الحجاز، وأصبح لقبه في ذلك التاريخ «ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها» وفي العام نفسه، اعترفت الدول الكبرى بالملك عبد العزيز ملكاً على بلاد الحجاز، وأقرت بريطانيا الوضع الجديد بمعاهدة جدة.
في عام 1932م تم توحيد المملكة وأصدر الملك عبد العزيز آل سعود مرسوماً باسم الدولة الجديد «المملكة العربية السعودية».
محمد الحمادي
المملكة العربية السعودية دولة شاسعة المساحة، تبلغ مساحتها نـحو 2.250مليون كم2، وتحتل المرتبة الثالثة بين الدول العربية من حيث المساحة بعد السودان والجزائر.
تقع المملكة بين خطي طول 34درجة و36دقيقة و56درجة شرق غرينتش، وخطي عرض 16درجة و32درجة و12دقيقة شمالاً، وهذا يعني أن المملكة تقع في النطاق المداري في غربي قارة آسيا، مما يؤثر في أحوال البلاد المناخية والنباتية.
الجغرافية الطبيعية
تتنوع مظاهر السطح في المملكة، فالأراضي المنخفضة تتمثل في سهول تهامة في الغرب مسايرة لسواحل البحر الأحمر، وسهول الخليج العربي في الشرق، ومع ذلك فإن المظهر السائد في معظم مساحة البلاد هو النجود والهضاب التي تنحدر نحو الخليج العربي ونحو الشمال. وأهم الأقاليم التضريسية هي:
منطقة عسير وتتصف بجبالها المرتفعة ومدرجاتها العشبية وأشجارها الدائمة الخضرة |
المناطق الجبلية: تعد جبال السراة (الحجاز) وعسير أهم ظاهرة تضريسية في المملكة، وهي كتلة جبلية تمتد بموازاة ساحل البحر الأحمر بطول 1800كم وعرض يراوح بين 30ـ200كم وهي مكونة من عدة سلاسل جبلية مكونة من الصخور الأركية النارية والصخور المتحولة، وتغطيها هذه الجبال في الشمال إلى 2000م تقريباً، ويزداد الارتفاع في الجنوب حتى يبلغ أقصاه 3000م في جبال عسير.
قسم من عقبة الباجة لإحدى عقبات تهامة الاثنتي عشرة |
ـ هضبة الحسمي: تمتد من جبال مدين في الغرب ووادي السرحان في الشرق، ويراوح ارتفاعها بين 800ـ1500م. تتكون الهضبة من الصخور الرملية مع وجود الحافات والتلال الصخرية التي تكونت بفعل عوامل التعرية.
ـ هضبة الحجاز: تمتد بين درجتي عرض 22ـ27 درجة شمالاً، تجاورها من الغرب حرتا الرها والعويرض، ومن الشرق النفوذ الكبير. يزداد ارتفاعها باتجاه الجنوب ليصل إلى 1100م تقريباً.
ـ هضبة نجد: تمتد في الجزء الأوسط من المملكة، بين إقليم الهضاب الغربية ورمال الدهناء في الشرق، بطول 650كم، وبين كثبان النفوذ الكبير في الشمال والربع الخالي في الجنوب مسافة 800كم، يراوح ارتفاعها بين 1200ـ1800م. تكثر فيها الصخور الرملية والكلسية والطفلية مع وجود الصخور النارية والبركانية في الجزء الغربي من الهضبة، وتشكل الصخور الرملية مخزناً للمياه يزود واحات الهضبة بكميات وافرة منها.
ولتفاوت صلابة الصخور الرسوبية في الهضبة، فإن الصخور الأكثر صلابة كونت حافات على شكل كويستا Questa، ومن هذه الحافات المرتفعة جبل طويق الذي يعد من أكثر الظاهرات الجغرافية بروزاً في هضبة نجد، فهو حافة على شكل قوس كبير يتجه وينحدر بشدة نحو الغرب، ويمتد من الشمال إلى الجنوب مسافة 800كم، ومتوسط ارتفاعه 800ـ1096م، ومتوسط عرضه نحو 40كم، ويتكون الجبل من الصخور الكلسية الجوراسية.
الصحارى الرملية: من أهم الظاهرات الطبوغرافية في المملكة، وهي تلال رملية على شكل ألسنة تتفرع من الربع الخالي، وتمتد باتجاه الشمال حتى تتجمع الألسنة فيما يسمى بالنفوذ الكبير.
ـ الربع الخالي: يتكون من مساحة صحراوية مترامية الأطراف، من مرتفعات عمان في الشرق حتى الحدود مع اليمن وعُمان جنوباً. تبلغ مساحته نحو 500 647كم2، تغطيه كثبان وتوضعات رملية متصلة ومتفاوتة بالأشكال والأحجام، يرتفع في الغرب إلى نحو 1058م، وينخفض في الشرق إلى 70م تقريباً قرب جبال عمان.
ـ صحراء الدهناء: تتمثل في الجزء الأوسط من إقليم العروق الرملية، تمتد على شكل هلال كبير مسافة 1300كم من النفوذ الكبير، من الشمال حتى الربع الخالي في الجنوب، تغطيها أشرطة طولية من الكثبان الرملية، بينها عروق صخرية صلبة قليلة الارتفاع، وارتفاع الهضبة 400ـ500م.
ـ النفوذ الكبير: يمتد على شكل صحراء رملية واسعة، تمتد بين الشرق والغرب مسافة 650كم وبعرض 320كم، بين الشمال والجنوب، وتبلغ مساحتها نحو 75000كم2، تسود فيها تكوينات رسوبية مختلفة الأنواع والأعمار، وخاصة رسوبيات الزمن الرابع.
المناخ
يتصف مناخ المملكة بارتفاع درجات الحرارة، إذ إن المعدل السنوي في معظم المناطق يزيد على 20درجة مئوية، ويصل معدل النهاية العظمى للحرارة في شهر تموز إلى 43درجة تقريباً في كلٍ من الرياض والمدينة المنورة، و42درجة في الظهران ونحو 25درجة في كل من النماص وطريف في المناطق المرتفعة والشمالية، بينما يراوح معدل النهاية الصغرى في كانون الثاني نحو 23درجة في جيزان ودرجتين في كل من تبوك وطريف، ودرجة واحدة في كل من الطائف ورفحة.
الرطوبة النسبية منخفضة بوجه عام في المملكة، إذ يراوح المتوسط السنوي للرطوبة في فصل الشتاء بين 40ـ70% في المناطق الداخلية و50ـ75% في المناطق الساحلية، بينما ينخفض معدل الرطوبة النسبية في فصل الصيف إلى 15ـ20% في المناطق الداخلية و40ـ70% في المناطق الساحلية.
تستقبل المملكة كميات قليلة من الأمطار في مختلف مناطقها، يحدث هطل الأمطار في نصف السنة الشتوي في المناطق الشمالية والوسطى من المملكة، ويخضع لنظام البحر المتوسط. أما المنطقة الجنوبية الغربية فتتلقى الأمطار في معظم أشهر السنة. وغالباً ما تكون الأمطار إعصارية فجائية تهطل بغزارة وفي وقت قصير، ويتم هطلها على أوقات متباعدة، يراوح معدل الأمطار السنوية بين 75ـ204مم في السنة، ويرتفع المعدل في المناطق الجبلية الغربية، ويرواح المعدل بين 350ـ500ملم. تخلو أراضي المملكة من الأنهار دائمة الجريان، وثروتها المائية تكمن في المياه السطحية المستمدة من مياه الأمطار مباشرة في الوديان، والسدود والمياه الجوفية التي يمكن الحصول عليها من الينابيع وحفر الآبار، وقد أقيم في المملكة أكثر من 16سداً لحجز مياه الوديان والاستفادة منها في الشرب والزراعة ورفع مستوى المياه الجوفية.
تنتشر الترب الصحراوية في نطاقات واسعة تشغل نحو ثلثي مساحة المملكة، وهي تتألف من الرمل والطفل والكلس. وقد أدت العوامل الطبيعية، وخاصة المناخ والنبات الطبيعي، دوراً كبيراً في ضعف التربة، كما أدت التعرية الهوائية والمائية والرعي الجائر إلى تعرية هذه الترب من طبقاتها الرقيقة، وأصبحت غير صالحة للزراعة.
تنتشر الترب الجبلية في مناطق الجبال الغربية وبعض مناطق الداخل، وهي تربة ضحلة على السفوح وعميقة نسبياً في قيعان الأودية، كما توجد ترب رملية وأخرى ملحية، وخاصة في المناطق الشرقية المنخفضة.يتكون معظم الغطاء النباتي الطبيعي من نباتات صحراوية فقيرة، مثل النباتات الشوكية والأعشاب القصيرة التي تنمو عقب سقوط الأمطار. يختلف الغطاء النباتي في كثافته تبعاً لاختلاف التربة والتضاريس وكميات الأمطار،و تقدر مساحة الغابات والأحراج بنحو 2.8مليون هكتار، تتركز في المنطقة الجنوبية الغربية وجبال السراة.
الجغرافية البشرية
أجري أول تعداد سكاني في المملكة في عام 1962، وتبين أن عدد السكان نحو 3.2مليون نسمة، لكن الإحصاء ألغي رسمياً لعيوب ظهرت فيه. وفي عام 1974م أجري التعداد الثاني وبلغ عدد السكان نحو 16.9مليون نسمة، وحسب تقديرات عام 1993، بلغ عدد سكان المملكة نحو 21.334مليون نسمة، وبلغت الكثافة السكانية 10 نسمة/كم2، بلغت نسبة الذكور في عام 1999م نحو 55.9% من مجموع السكان ونسبة الإناث 44.1%.
بلغ معدل المواليد في المملكة 32.3بالألف في عام 1999، بينما بلغ معدل الوفيات 4.5بالألف، كما بلغت نسبة الزيادة الطبيعية نحو 27.7بالألف في عام 1999.
يختلف توزيع سكان المملكة من منطقة إلى أخرى، وحسب تعداد 1993 ظهر أن 52.7% من السكان تركزوا في المنطقة الغربية، حيث توجد عدة مدن كبرى مثل جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف، كما يتركز 22% من السكان في منطقة الرياض و15% في المنطقة الشرقية و10.3% موزعة على بقية المناطق في الشمال والجنوب.
يتوزع السكان ذوو النشاط الاقتصادي، حسب تقديرات عام 1994م، بنسبة 5.5% في الزراعة والرعي وصيد الأسماك، و8.2% في الصناعات التحويلية، و15.4% في البناء والتشييد و15.1% في التجارة والمطاعم والفنادق و44.3% في الخدمات الاجتماعية والشخصية والحكومية و11.5% في المجالات الأخرى.
الجغرافية الاقتصادية
استخراج النفط من باطن البحر |
كانت الأراضي الزراعية في المملكة محدودة الرقعة، مبعثرة في الواحات وعلى المدرجات الجبلية وفي بطون الأودية. بلغت مساحة الأراضي الزراعية في عام 1958م نحو 210 ألف هكتار، ثم توسعت بشكل كبير لتبلغ نحو 738ألف هكتار عام 1985، ونحو 1.5مليون هكتار عام 1995م.
تنتج المملكة عدداً من المحاصيل الزراعية، فقد بلغ إنتاجها من القمح نحو 1734ألف طن في عام 1998م، كما بلغ إنتاجها من التمور في السنة نفسها نحو 648ألف طن، وأنتجت المملكة نحو 111ألف طن من الحمضيات، ونحو 1195ألف طن من الفاكهة، ونحو 141ألف طن من العنب.
وكما تطور الإنتاج الزراعي، تطورت أعداد الثروة الحيوانية، ففي عام 1960م قدر عدد الحيوانات بنحو 5.1مليون رأس، ارتفع إلى 11.5مليون رأس في عام 1995م، وهي تضم الأغنام (7.4مليون رأس) والماعز (3.4مليون رأس) و 404.5ألف رأس من الجمال و215.7ألف رأس من الأبقار. وتساعد هذه الثروة الحيوانية على توفير قسط هام من اللحوم والألبان والجلود والصوف والوبر والشعر، والتي تدخل في التصنيع المحلي.
تختزن أراضي المملكة ثروات معدنية كبيرة تفوق في أهميتها الاقتصادية الموارد الزراعية والحيوانية، ويعد النفط الخام أهم هذه الثروات. وقد بلغت احتياطات النفط في المملكة نحو 261.5مليار برميل في عام 1998م، أي ما يزيد على ثلث احتياط الوطن العربي البالغ نحو 645.5 مليار برميل.
بلغت قيمة الصادرات النفطية للمملكة نحو 43603مليون دولار في عام 1961، ونحو 48220مليون دولار في عام 1997.
تمتلك المملكة احتياطياً كبيراً من الغاز الطبيعي، وقدر بنحو 5777مليار م3 في عام 1997م، ويستعمل الغاز في الصناعات الكيمياوية في البلاد. كما عثر على كثير من المعادن في منطقة الدرع العربي في الغرب، بسبب وجود الصخور النارية والمتحولة، ومن أهم هذه المعادن الذهب وخامات الحديد والكروم والنحاس والرصاص والزنك وغير ذلك. وتتركز المعادن اللافلزية في المناطق الشرقية حيث توجد الصخور الرسوبية والتي تحوي على الفوسفات والجبس والكبريت والملح.وأهم المواد المستثمرة في الوقت الحاضر الذهب والحديد ومواد البناء.
تطورت حركة التصنيع في البلاد مع توافر رؤوس الأموال والأيدي العاملة السعودية وغير السعودية، مع تحسن وضع البنية التحتية وخاصة الطرقات المعبدة والمطارات والموانئ الحديثة وتوافر الكهرباء والماء وتخصيص مناطق صناعية بجوار المدن الكبرى مزودة بمختلف التسهيلات ومتطلبات العمل الصناعي وحاجات العاملين، إضافة إلى حماية المنتجات الصناعية الوطنية والإعفاء الضريبي ومنح القروض لأرباب الصناعة بشروط ميسرة. وهكذا ازداد عدد المؤسسات الصناعية وعدد العاملين فيها على نحو كبير، ففي عام 1974 بلغ عدد المؤسسات الصناعية نحو 376مؤسسة، رأسمالها 4301مليون ريال، يعمل بها نحو 17935عاملاً. وفي عام 1995 ازداد عدد المؤسسات الصناعية المنتجة أكثر من خمسة أضعاف 2061مؤسسة، وازدادت العمالة الصناعية نحو سبعة أضعاف، وتزايد حجم الاستثمارات في قطاع الصناعة من 4.3مليار ريال إلى نحو 94.8مليار ريال سعودي
الصناعات التحويلية في جبيل وينبع |
بلغ إنتاج المملكة من الحديد والصلب نحو 1812ألف طن في عام 1992، ارتفع إلى نحو 2819ألف طن عام 1997م، محتلة المرتبة الثانية بين الدول العربية بعد مصر، وتتركز هذه الصناعة في مدينة جدة اعتماداً على خامات الحديد في وادي فاطمة إلى الشرق من مدينة جدة حيث تتجاوز نسبة الفلز في الخامات 47%، ويقدر احتياطي خامات الحديد في هذه المنطقة نحو 50مليون طن. وتوجد احتياطيات أخرى لخامات الحديد وخاصة في وادي الصواوين قرب خليج العقبة، حيث بلغت احتياطياته نحو مليار طن، تصل نسبة الفلز فيها إلى نحو 45%.
بلغ إنتاج المملكة من الأسمدة الكيمياوية في عام 1995 نحو 1067.6ألف طن من السماد الازوتي، ونحو 148ألف طن من السماد الفوسفاتي، كما أنتجت المملكة نحو 16مليون طن من الإسمنت في عام 1994م، محتلة المرتبة الأولى بين الدول العربية. وفي المملكة ثمانية معامل لتكرير النفط موزعة على الموانئ البحرية في البحر الأحمر، مثل ينبع وجدة ورابغ، وفي الموانئ على الخليج العربي في رأس تنورة ورأس الخفجي وميناء سعود، إضافة إلى معمل التكرير في الرياض. كما تطورت في البلاد صناعة السيارات وصناعة الأدوات الكهربائية والصناعات الكيمياوية والصناعات الغذائية والنسيجية ومواد البناء وصناعة تحلية مياه البحر (نحو 25مصنعاً) التي وفرت مياه الشرب لكل المدن السعودية، ويبلغ إنتاجها نحو 2مليون م3 يومياً
الطرق الخارجية والجسور والأنفاق في طرق المواصلات |
كما أقيمت في المملكة عدة موانئ حديثة في جدة والدمام وينبع وجبيل ورأس تنوره وجيزان وضباء وغيرها، قادرة على القيام بعمليات تصدير واستيراد البضائع المختلفة بأساليب تقنية متطورة. وقد بلغ عدد المراكب التي أمت الموانئ السعودية في عام 1995 نحو 6886باخرة.
في مجال النقل الجوي تم إنجاز 25مطاراً حديثاً تضم أفضل التجهيزات وهي موزعة على مختلف مناطق المملكة وأهمها مطارات الرياض، جدة، الظهران، المدينة، والطائف.كما تمتلك المملكة أسطولاً جوياً يضم أكثر من 80طائرة حديثة.
ترتبط المملكة بعلاقات تجارية مع أغلب دول العالم، وخاصة بعد اكتشاف وإنتاج وتصدير النفط الخام ومشتقاته، وأصبح النفط يسهم بنحو 90% من قيمة صادرات المملكة، ثم تأتي صادرات المنتجات الكيمياوية والتمور وبعض المنتجات الصناعية الأخرى. وتستورد المنتجات الغذائية والنسيجية والجلدية، وسائل النقل والمواد نصف المصنعة والأدوات الكهربائية، وتحتل أوربا الغربية المرتبة الأولى في الواردات السعودية تليها دول آسيا فالقارة الأمريكية والوطن العربي وإفريقيا.
ولا بد من الإشارة إلى أن زيارة الأماكن المقدسة في مواسم الحج والعمرة تعود على المملكة بمئات الملايين من الدولارت سنوياً، إذ يتوجه ملايين المسلمين من كل قارات العالم فتنشط الحركة التجارية، وتغص الفنادق والنزل بالزوار، كما يمتد النشاط إلى وسائل النقل والمطاعم، وخاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
نشأة المملكة
ترتبط نشأة المملكة العربية السعودية بأسرة آل سعود. وكانت مدينة الدرعية التي أسسها أحد أجداد آل سعود الأوائل، مركزاً لحكمهم في هضبة نجد.
كانت نجد موزعة بين إمارات صغيرة متناحرة لا رابط يجمعها، بل كانت دائماً في صراع مستمر، وتنافس على السلطة وثارات لا تنقطع والفوضى سائدة، والأمن مفقود وغارات البدولاتنقطع. ومن الناحية الدينية كانت الخرافات مسيطرة على العقول، وأعمال الشرك الخفي ظاهرة، والجهل منتشر في كل مكان،. حيال هذا كله كان لابد من قيام حركة للإصلاح، ومن هنا قامت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي، فاستجاب لها الكثير من الناس، وقاومتها بعض الإمارات، ثم قبلها أمير الدرعية محمد بن سعود الذي تولى أمرها ونصرتها عام 1157هـ/1745م، ولم تلبث إمارته طويلاً حتى توسعت وأصبحت دولة تقوم على فكرة إسلامية تعتمد سيرة السلف الصالح في نهجها، لذا أطلق على الدعوة اسم «الدعوة السلفية» وأطلق عليها خارج نجد اسم «الوهابية» نسبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
قوي أمر السعوديين كثيراً، فقد سيطروا على عسير ونجد، ووصلوا إلى جنوبي العراق وبلاد الشام، مما أخاف الدولة العثمانية أن يعلن آل سعود الخلافة.
كلف الخليفة العثماني محمد علي باشا والي مصر التصدي للوهابيين في شبه الجزيرة العربية، فأرسل جيشاً بقيادة أبنه أحمد طوسون، ثم لحق محمد علي باشا بابنه ودارت معارك ضارية بين الطرفين، وانتهت الدولة السعودية الأولى في عام 1233هـ/1817م.
بدأت الدولة السعودية الثانية بعد أن تولى الإمارة تركي بن عبد الله عام 1259هـ/1843م الذي استتب له الأمر، بعد أن خاض معارك عديدة مع حامية محمد علي باشا، وقد نجح الإمام تركي وأبناؤه من بعده في بسط نفوذهم على جميع أنحاء نجد والأحساء وعمان.
ثم تراجع نفوذ آل سعود أمام قوات الأمير محمد بن رشيد أمير حائل الذي كانت تدعمه الحكومة العثمانية في الأستانة ووالي مصر في القاهرة.
وقد انتهت هذه الدولة باستيلاء آل الرشيد على الرياض عام 1309هـ/1892م.
في عام 1319هـ/ 1902م بدأت مرحلة الدولة السعودية الثالثة حتى الوقت الحاضر، حيث استعاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مدينة الرياض، ثم أخضع أراضي نجد جميعها، وفي عام 1913م مد الملك عبد العزيز نفوذه شرقاً حتى بلغ سواحل الخليج العربي بعد استرجاع منطقة الأحساء.
قامت الحرب العالمية الأولى في عام 1914م وانتهت بهزيمة تركيا، وفرض الانتداب البريطاني على العراق والأردن وفلسطين، وقد تشبث الإنكليز بجميع مناطق الخليج العربي، وصار لا بد من التعامل مع بريطانيا في موضوع الحدود السياسية، وخاصة بعد ظهور دولتين هاشميتين على تخوم المملكة في الشمال، وهما العراق والأردن، لذلك تم عقد معاهدة بين الملك عبد العزيز والمقيم البريطاني في منطقة الخليج السير «بيرسي كوكس»، بشأن رسم الحدود بين المملكة وكل من الكويت والعراق والأردن. تمت المفاوضات أولاً في مدينة المحمرة في إيران وذلك في أيار 1922، ثم أكملت المفاوضات في ميناء العقير السعودي في تشرين الثاني عام 1922، انتهت بالتوقيع على بروتوكولات متممة للمعاهدة والتي عرفت باسم «معاهدة المحمرة وبروتوكولات العقير».
كان الملك عبد العزيز قد وجه حملة عسكرية بقيادة ابنه فيصل في عام 1919 إلى منطقة عسير، ونجح في ضمها إلى المملكة، كما ضم منطقة شمر في عام 1920، وضم منطقتي مكة وجدة في عام 1924م.
في عام 1926 نزل الملك عبد العزيز بمكة المكرمة واجتمع إليه الأعيان والعلماء وبايعوه ملكاً على الحجاز، وأصبح لقبه في ذلك التاريخ «ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها» وفي العام نفسه، اعترفت الدول الكبرى بالملك عبد العزيز ملكاً على بلاد الحجاز، وأقرت بريطانيا الوضع الجديد بمعاهدة جدة.
في عام 1932م تم توحيد المملكة وأصدر الملك عبد العزيز آل سعود مرسوماً باسم الدولة الجديد «المملكة العربية السعودية».
محمد الحمادي