سعد بن عبادة
(…ـ نحو 14هـ/… ـ نحو 635م)
أبو ثابت، وقيل أبو قيس، سعد بن عُبادة بن دُلَيْم بن حارثة، ينتهي نسبه إلى بني ساعِدة بن كعب بن الخزرج، صحابيّ جليل، وشريف من أشراف العرب في الجاهليّة والإسلام، ساد قومه الخزرج أحد جِذْمَي الأنصار عن رضًا وقناعة، لنَفاسةٍ في المَحْتِد وفَخار فيه متوارث، كان يلقّب في الجاهليّة بالكامل (الكامل فيهم: من كان يحسن الكتابة بالعربيّة، والرَّمي والسّباحة).
شهد العقبة في السبعين من الأنصار وكان أحد النّقباء، واخْتُلِفَ في شهوده غزوة بدر فأثبته بعضهم وفيهم البخاري، وذهب آخرون إلى أنّه تَجَهَّز لبدرٍ وتهيّأ للخروج فنُهِش قُبيل خروجه فأقام، فقال النّبيr: «لئن كان سعد لم يشهدها لقد كان حريصًا عليها»، وشهد أُحُدًا والخندق وغيرهما من المشاهد، كما شهد فتح مكّة، كانت راية الأنصار لا تفارق سعدًا ـ ما عدا يوم الفتح ـ كما كانت راية المهاجرين لا تفارق عليَّ بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، وهما رايتا رسول اللهr في المواطن كلِّها.
ولمّا انتقل النّبيّ إلى ربّه طَمَح بَصَرُ سعد إلى الخلافة وشَخَص إليها رغبة فيها، فحُجِبت عنه ولم يَنَلْها، وتخلّف عن بيعة أبي بكر لمّا انتهت إليه، ولم يبايع عُمَرَ أيضًا بل إنّ عمر لما أفضت الخلافة إليه، عاتب سعدًا، فقال سعد: « كان، واللهِ، صاحبك ـ يعني أبا بكرـ أحبَّ إلينا منك، وقد، واللهِ، أصبحتُ كارهًا لجوارك». فقال عمر: «مَنْ كَرِهَ جوار جاره تَحَوَّل عنه». فلم يلبث سعد أن خرج إلى الشّام.
اشْتُهِرَ سعد وآله بالجود والكرم؛ وضربتِ السّماحة في ساحاتهم أطنابها ووُوْرِثتْ فيها، وكان لهم أُطُمٌ (الأُطُم: الحصن) ينادَى عليه كلَّ يوم: «من أحبّ الشَّحْم واللَّحْم فليأتِ أُطُمَ دُلَيْم بن حارثة». وقد كانت لسعدٍ جفنةٌ مَلأى بالزّاد (ثَرِيْد بلَحْم أو ثريد بلَبَن أو بخَلٍّ وزيت أو بسمن) تدور مع النّبيّ، حيث دار في بيوت أزواجه، وكان الرسول إذا خطب امرأة عرض عليها ما أراد أن يسمِّي لها، ثم يقول: « وجفنة سعد بن عُبادة تأتيك كلَّ غداة». وكان أهل الصُّفَّة (أهل الصُّفَّة: هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه فكانوا يَأْوُون إلى موضع مُظَلَّلٍ في مسجد المدينة يسكنونه) إذا أمسوا انطلق الرَّجُل من أهل الفضل بالواحد منهم، والرَّجُل بالاثنين، والرَّجُل بالجماعة، فأمّا سعدٌ فكان ينطلق بثمانين منهم. وممّا أُثِر عن سعد قولُه: « اللّهمّ هَبْ لي مجدًا، ولا مجد إلاّ بفعال ولا فعال إلا بمال، اللّهمّ إنّه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه»، وهذا نَفَسٌ أرْيَحِيٌّ يَشِي بِعُلوِّ هِمَّة الرّجل، وسماحة نفسه.
قَضَى سعدٌ بحَورانَ في بعض أسفاره، وزعم الواقدي وغيره في بعض ما يُطَّرَح ويُتْرك من الأخبار ولا يوثق به ولا يُعتد بفَحواه، أن نَفَرًا من الجنّ قتلته، ثمّ تَزَيّدوا في أخبارهم حتّى أفضت بهم الحال إلى أن نطّقوا الجنّ شعرًا قالته تفخر فيه بقتله، وهو قولهم:
قد قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْ
رَجِ سعدَ بنَ عُبادَهْ
ورميناهُ بِسَهْمَيْـ
ـنِ، فلم نُخْطِئ فُؤادَهْ
وهذا ممّا يستحيل على ذوي الألباب قَبولُه، أو الإيمان به وتصديقه.
من بَنِيْه: قيس كان موصوفًا بالجمال والطُّول، وكان في جماعة يقال للواحد منهم: مُقَبِّل الظُّعُن ؛ إذ كان الواحد فيهم يُقبِّل المرأة على الهودج، ولي مصر لعلي بن أبي طالب، وكان له بمنزلة صاحب الشرطة لرسول الله. وسعيد بن قيس ولي اليمن لعليٍّ أيضًا، ولسعيد هذا عقبٌ في الأندلس.
مُقْبِل التّامّ عامر الأحمدي
(…ـ نحو 14هـ/… ـ نحو 635م)
أبو ثابت، وقيل أبو قيس، سعد بن عُبادة بن دُلَيْم بن حارثة، ينتهي نسبه إلى بني ساعِدة بن كعب بن الخزرج، صحابيّ جليل، وشريف من أشراف العرب في الجاهليّة والإسلام، ساد قومه الخزرج أحد جِذْمَي الأنصار عن رضًا وقناعة، لنَفاسةٍ في المَحْتِد وفَخار فيه متوارث، كان يلقّب في الجاهليّة بالكامل (الكامل فيهم: من كان يحسن الكتابة بالعربيّة، والرَّمي والسّباحة).
شهد العقبة في السبعين من الأنصار وكان أحد النّقباء، واخْتُلِفَ في شهوده غزوة بدر فأثبته بعضهم وفيهم البخاري، وذهب آخرون إلى أنّه تَجَهَّز لبدرٍ وتهيّأ للخروج فنُهِش قُبيل خروجه فأقام، فقال النّبيr: «لئن كان سعد لم يشهدها لقد كان حريصًا عليها»، وشهد أُحُدًا والخندق وغيرهما من المشاهد، كما شهد فتح مكّة، كانت راية الأنصار لا تفارق سعدًا ـ ما عدا يوم الفتح ـ كما كانت راية المهاجرين لا تفارق عليَّ بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، وهما رايتا رسول اللهr في المواطن كلِّها.
ولمّا انتقل النّبيّ إلى ربّه طَمَح بَصَرُ سعد إلى الخلافة وشَخَص إليها رغبة فيها، فحُجِبت عنه ولم يَنَلْها، وتخلّف عن بيعة أبي بكر لمّا انتهت إليه، ولم يبايع عُمَرَ أيضًا بل إنّ عمر لما أفضت الخلافة إليه، عاتب سعدًا، فقال سعد: « كان، واللهِ، صاحبك ـ يعني أبا بكرـ أحبَّ إلينا منك، وقد، واللهِ، أصبحتُ كارهًا لجوارك». فقال عمر: «مَنْ كَرِهَ جوار جاره تَحَوَّل عنه». فلم يلبث سعد أن خرج إلى الشّام.
اشْتُهِرَ سعد وآله بالجود والكرم؛ وضربتِ السّماحة في ساحاتهم أطنابها ووُوْرِثتْ فيها، وكان لهم أُطُمٌ (الأُطُم: الحصن) ينادَى عليه كلَّ يوم: «من أحبّ الشَّحْم واللَّحْم فليأتِ أُطُمَ دُلَيْم بن حارثة». وقد كانت لسعدٍ جفنةٌ مَلأى بالزّاد (ثَرِيْد بلَحْم أو ثريد بلَبَن أو بخَلٍّ وزيت أو بسمن) تدور مع النّبيّ، حيث دار في بيوت أزواجه، وكان الرسول إذا خطب امرأة عرض عليها ما أراد أن يسمِّي لها، ثم يقول: « وجفنة سعد بن عُبادة تأتيك كلَّ غداة». وكان أهل الصُّفَّة (أهل الصُّفَّة: هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه فكانوا يَأْوُون إلى موضع مُظَلَّلٍ في مسجد المدينة يسكنونه) إذا أمسوا انطلق الرَّجُل من أهل الفضل بالواحد منهم، والرَّجُل بالاثنين، والرَّجُل بالجماعة، فأمّا سعدٌ فكان ينطلق بثمانين منهم. وممّا أُثِر عن سعد قولُه: « اللّهمّ هَبْ لي مجدًا، ولا مجد إلاّ بفعال ولا فعال إلا بمال، اللّهمّ إنّه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه»، وهذا نَفَسٌ أرْيَحِيٌّ يَشِي بِعُلوِّ هِمَّة الرّجل، وسماحة نفسه.
قَضَى سعدٌ بحَورانَ في بعض أسفاره، وزعم الواقدي وغيره في بعض ما يُطَّرَح ويُتْرك من الأخبار ولا يوثق به ولا يُعتد بفَحواه، أن نَفَرًا من الجنّ قتلته، ثمّ تَزَيّدوا في أخبارهم حتّى أفضت بهم الحال إلى أن نطّقوا الجنّ شعرًا قالته تفخر فيه بقتله، وهو قولهم:
قد قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْ
رَجِ سعدَ بنَ عُبادَهْ
ورميناهُ بِسَهْمَيْـ
ـنِ، فلم نُخْطِئ فُؤادَهْ
وهذا ممّا يستحيل على ذوي الألباب قَبولُه، أو الإيمان به وتصديقه.
من بَنِيْه: قيس كان موصوفًا بالجمال والطُّول، وكان في جماعة يقال للواحد منهم: مُقَبِّل الظُّعُن ؛ إذ كان الواحد فيهم يُقبِّل المرأة على الهودج، ولي مصر لعلي بن أبي طالب، وكان له بمنزلة صاحب الشرطة لرسول الله. وسعيد بن قيس ولي اليمن لعليٍّ أيضًا، ولسعيد هذا عقبٌ في الأندلس.
مُقْبِل التّامّ عامر الأحمدي