السَّدوسيّ (مُؤَرّج ـ)
(…ـ 195هـ/… ـ 810 م)
مؤرِّج بن عمرو بنُ الحارث بن ثور ابن حرملة بن علقمة بن عمرو بن السَّدوس، ينتهي نسبه إلى ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان، عالم بالعربية والأنساب، كنيته: أبو الفيد. والفيد: رائحة الزَّعفران، والفيد أيضاً أن يتبختَر في مشيه أو عنقه من الخيلاء.
نشأ في البصرة مهد علوم العربية، فتلقّى عن أجلاّء علمائها كالخليل بن أحمد وأبي عمرو، ثم لقي مكانةً كبرى عند الخلفاء منهم المأمون. ورحل معه من العراق إلى خراسان، وسكن مدينة مرو، وقَدِم نيسابور وأقام فيها وكتب عنه مشايخها.
أخبر أنَّه قدِم من البادية ولا معرفة له بالقياس في العربية، إنما كانت معرفته بالعربية قَريحةً، أي فطرة وسليقة. قال: فأوّل ما تعلّمت القياس في حلقة أبي زيدٍ الأنصاري بالبصرة.
كان المؤرّج السَّدوسيّ من العلماء المشهود لهم بالثقة والدّراية في علوم العربيّة.
قال الزُّبَيْديّ: كانَ عالماً بالعربية، إماماً في النحو. وقال المرزبانيّ: كان أحد من نجم من أصحاب الخليل، والغالب عليه اللغة والشعر. ويصفه ابن فضل الله العمريّ بقوله: صَدْرٌ مُلئ علماً. ويقال: إنّ الأصمعي كان يحفظ ثلث اللغة، وكان الخليل يحفظ نصف اللغة، وكان أبو فيد المؤرج السدوسي يحفظ الثلثين.
جمع إلى ثقافته اللغوية علم إسناد الحديث عن شعبة بن الحجاج وأبي عمرو بن العلاء البصري وغيرهما.
كان المؤرِّج شاعراً. وإنْ لم يصل من شعره إلا قلّة نادرة، ولكن يكفيه تقديراً واعترافاً بعلوّ كعبه في هذا المضمار أن يختار له أبو تمام بيتين في حماسته.
ويقال إنّ المعتَضِدَ استنشد بعض أصحابه أحسنَ ماقيل في الفراق فأنشده لمؤرّج السَّدوسيّ:
وفَارقْتُ حتّى ما أبالي مِنَ النَّوَى
وإنْ بانَ جيرانٌ عليَّ كِرامُ
فقد جُعِلَتْ نفسي على اليأس تنطوي
وعيني على فقدِ الصديق تنامُ
ومما يشبه ذلك قوله:
رُوِّعْتُ بالبينِ حتّى ماأُراعُ له
وبالمصائب في أهلي وإخواني
لم يتركِ الدهر لي عِلقاً أَضِنُّ بِه
إلا اصطفاه بنأيٍ أو بهجرانِ
قال عنهما أهل الأدب: وهذان البيتان لمؤرّج من أحسن ماقيل في معناهما، وهما يتردّدان كثيراً في المصادر.
كانت ثمار ثقافة مؤرّج قليلة. فقد ذكرت المصادر له كتباً معدودة منها: «الأنواء» كتابٌ حَسَنٌ؛ وكتاب «غريب القرآن»، وكتاب «جماهير القبائل»، وكتاب «المعاني»، وكتبه المطبوعة: «الأمثال»، وكتاب «حذف من نسب قريش».
أما كتاب «الأمثال»: فيُعَدُّ أقدم كتاب وصل إلينا في الأمثال بعد كتاب الأمثال للمفضّل الضبّيّ المتوفى في 170هـ.
يُقدر المرء عند قراءة هذا الكتاب الصغير في الأمثال أن صاحبه كان لغوياً لكثرة الشروح اللغوية فيه. واستشهاده بالشعر العربي الذي بلغ قريباً من مئتي بيت، وردت في سبعة عشر ومئة مثَل.
لم يعتمد المؤلف ترتيباً معيناً في عرض الأمثال، على عادة الكثير من الكتب القديمة، فهو يجمع خليطاً من الأمثال دون ترتيب واضح.
وقد نقل عن هذا الكتاب كثير من العلماء الذين تصَّدّوا للحديث عن الأمثال كأبي عبيد القاسم بن سلام والميداني والعسكري، واقتبس منه عدد ممن صنف في النحو العربي .
واختصر المؤرّج كتاب (نَسَب قريش) في مجلد لطيف سمَّاه (حذف من نسب قريش) تكلّم فيه على بني هاشم بن عبد مناف وحلفائهم، وبني المطّلب بن عبد مناف، وبني عبد شمس وأحلافهم وغيرهم، ذكر محقق الكتاب أن أهمية هذا المؤلّف تكمن في أمور كثيرة عدّد منها أنه أقدم المصادر التي وصلت إلينا عن الأنساب.
قال السيوطي: مات المؤرّج سنة خمس وتسعين ومئة. وقيل: عاش إلى بعد المئتين. وقال النديم في الفهرست: توفي في اليوم الذي توفي فيه أبو نواس الشاعر.
أيمن الشوا
(…ـ 195هـ/… ـ 810 م)
مؤرِّج بن عمرو بنُ الحارث بن ثور ابن حرملة بن علقمة بن عمرو بن السَّدوس، ينتهي نسبه إلى ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان، عالم بالعربية والأنساب، كنيته: أبو الفيد. والفيد: رائحة الزَّعفران، والفيد أيضاً أن يتبختَر في مشيه أو عنقه من الخيلاء.
نشأ في البصرة مهد علوم العربية، فتلقّى عن أجلاّء علمائها كالخليل بن أحمد وأبي عمرو، ثم لقي مكانةً كبرى عند الخلفاء منهم المأمون. ورحل معه من العراق إلى خراسان، وسكن مدينة مرو، وقَدِم نيسابور وأقام فيها وكتب عنه مشايخها.
أخبر أنَّه قدِم من البادية ولا معرفة له بالقياس في العربية، إنما كانت معرفته بالعربية قَريحةً، أي فطرة وسليقة. قال: فأوّل ما تعلّمت القياس في حلقة أبي زيدٍ الأنصاري بالبصرة.
كان المؤرّج السَّدوسيّ من العلماء المشهود لهم بالثقة والدّراية في علوم العربيّة.
قال الزُّبَيْديّ: كانَ عالماً بالعربية، إماماً في النحو. وقال المرزبانيّ: كان أحد من نجم من أصحاب الخليل، والغالب عليه اللغة والشعر. ويصفه ابن فضل الله العمريّ بقوله: صَدْرٌ مُلئ علماً. ويقال: إنّ الأصمعي كان يحفظ ثلث اللغة، وكان الخليل يحفظ نصف اللغة، وكان أبو فيد المؤرج السدوسي يحفظ الثلثين.
جمع إلى ثقافته اللغوية علم إسناد الحديث عن شعبة بن الحجاج وأبي عمرو بن العلاء البصري وغيرهما.
كان المؤرِّج شاعراً. وإنْ لم يصل من شعره إلا قلّة نادرة، ولكن يكفيه تقديراً واعترافاً بعلوّ كعبه في هذا المضمار أن يختار له أبو تمام بيتين في حماسته.
ويقال إنّ المعتَضِدَ استنشد بعض أصحابه أحسنَ ماقيل في الفراق فأنشده لمؤرّج السَّدوسيّ:
وفَارقْتُ حتّى ما أبالي مِنَ النَّوَى
وإنْ بانَ جيرانٌ عليَّ كِرامُ
فقد جُعِلَتْ نفسي على اليأس تنطوي
وعيني على فقدِ الصديق تنامُ
ومما يشبه ذلك قوله:
رُوِّعْتُ بالبينِ حتّى ماأُراعُ له
وبالمصائب في أهلي وإخواني
لم يتركِ الدهر لي عِلقاً أَضِنُّ بِه
إلا اصطفاه بنأيٍ أو بهجرانِ
قال عنهما أهل الأدب: وهذان البيتان لمؤرّج من أحسن ماقيل في معناهما، وهما يتردّدان كثيراً في المصادر.
كانت ثمار ثقافة مؤرّج قليلة. فقد ذكرت المصادر له كتباً معدودة منها: «الأنواء» كتابٌ حَسَنٌ؛ وكتاب «غريب القرآن»، وكتاب «جماهير القبائل»، وكتاب «المعاني»، وكتبه المطبوعة: «الأمثال»، وكتاب «حذف من نسب قريش».
أما كتاب «الأمثال»: فيُعَدُّ أقدم كتاب وصل إلينا في الأمثال بعد كتاب الأمثال للمفضّل الضبّيّ المتوفى في 170هـ.
يُقدر المرء عند قراءة هذا الكتاب الصغير في الأمثال أن صاحبه كان لغوياً لكثرة الشروح اللغوية فيه. واستشهاده بالشعر العربي الذي بلغ قريباً من مئتي بيت، وردت في سبعة عشر ومئة مثَل.
لم يعتمد المؤلف ترتيباً معيناً في عرض الأمثال، على عادة الكثير من الكتب القديمة، فهو يجمع خليطاً من الأمثال دون ترتيب واضح.
وقد نقل عن هذا الكتاب كثير من العلماء الذين تصَّدّوا للحديث عن الأمثال كأبي عبيد القاسم بن سلام والميداني والعسكري، واقتبس منه عدد ممن صنف في النحو العربي .
واختصر المؤرّج كتاب (نَسَب قريش) في مجلد لطيف سمَّاه (حذف من نسب قريش) تكلّم فيه على بني هاشم بن عبد مناف وحلفائهم، وبني المطّلب بن عبد مناف، وبني عبد شمس وأحلافهم وغيرهم، ذكر محقق الكتاب أن أهمية هذا المؤلّف تكمن في أمور كثيرة عدّد منها أنه أقدم المصادر التي وصلت إلينا عن الأنساب.
قال السيوطي: مات المؤرّج سنة خمس وتسعين ومئة. وقيل: عاش إلى بعد المئتين. وقال النديم في الفهرست: توفي في اليوم الذي توفي فيه أبو نواس الشاعر.
أيمن الشوا