كارلفلت (اريك) Karlfeldt (Erik-) - Karlfeldt (Erik-)
كارلفِلت (إريك ـ)
(1864 ـ 1931)
ولد الشاعر إريك آكسِل كارلفِلت Erik Axel Karlfeldt في بلدة فولشِرنا Folkärna في مقاطعة دالانا Dalarna وسط السويد، إحدى أجمل مناطق البلاد وأغناها بالفن والتاريخ، لعائلة من البرجوازية الصغيرة ومالكي الأراضي أعلنت إفلاسها عند تخرج ابنها الشاب في المدرسة الثانوية ما ترك أثراً باقياً في نفسه. درس بعد ذلك في جامعة أُبسالا (1892ـ1898) Uppsala وكانت أطروحة تخرجه عن الكاتب الإنكليزي هنري فيلدنغ H.Fielding. عمل في التعليم وفي المكتبة الملكية، ثم أميناً لمكتبة أكاديمية العلوم الزراعية (1903ـ1912). انتُخب عام 1904 عضواً في الأكاديمية السويدية التي تمنح جائزة نوبل للأدب، وصار أمين سرها الدائم (رئيسها) بدءاً من عام 1912. وقد منحته الأكاديمية استثنائياً الجائزة بعد وفاته في ستوكهولم التي لاتُمنح سوى للأدباء الذين لايزالون على قيد الحياة، إذ كان قد رفضها في أثناء حياته كونه رئيساً للجهة المانحة.
حفل العقد الأخير من القرن التاسع عشر بأكبر شخصيات الأدب السويدي، مثل سترندبرغ (سترندبري) Strindberg، وهيدنستام Heidenstam، وفرودِنغ Fröding؛ لذلك لم تلق باكورة نتاج كارلفِلت «أغاني للبريّة وللحب» (1895) Vildmarks-och Kärleksvisor، التي نُشرت في أثناء دراسته في أبسالا، أي نجاح يذكر بالرغم مما تميزت به من حيوية وروح جديدة منعشة. ولم تلاق مؤلفاته النجاح إلا مع ابتكاره شخصية فريدولين Fridolin الريفية والمثقفة في آن معاً، وهو الذي يعود إلى موطنه بعد أن أمضى جلَّ حياته في القراءة والدراسة، ومع ذلك «فهو يتكلم مع الفلاحين بلغتهم ويخاطب المثقفين باللاتينية». وقد ظهرت هذه الشخصية، وهي لسان حال الشاعر في دواوين «أغاني فريدولين» (1898) Fridolins visor، و«فردوس فريدولين ولوحات مقفَّاة من دالانا» Fridolins lustgård och Dalmålningar på rim.
بعد حصوله على الشهرة الأدبية نشر كارلفِلت ديوان «فلورا وبومونا» (1906) Flora och Pomona، وهما إلهتا الزهور والفاكهة، حيث تبحّر في تصويره الأمور الحسية، التي لاتؤدي في النهاية سوى إلى الفناء، كل ذلك باستخدام الرموز القديمة وبلغة ساحرة أخّاذة. أما في ديوان «فلورا وبيلّونا» (1918) Flora och Bellona، وبيلّونا هي إلهة الحرب، فتظهر الآثار التي تركتها الحرب العالمية الأولى في نفس الشاعر، إذ يرى أن العالم الذي خلفته الحرب ما هو سوى مصح للمرضى عقلياً ومكان لحفظ الجثث، إلا أنه يرى أيضاً بصيصاً طفيفاً من الأمل.
كان ديوان كارلفِلت الأخير «أبواق الخريف» (1927) Hösthorn وداعه للشعر، وضم بين دفتيه أفضل إبداعاته في نسيج معقد، كما في قصيدة «تحت القمر» Sub luna، التي صور فيها من خلال تنافر الأضداد مسيرة الإنسان الذي يحب ويشرب ويغني ويعيش ويموت تحت أنظار القمر المتغير الثابت. ويأخذ الشاعر بيد القارئ في قصيدته الأخيرة «أورغن الشتاء» Vinterorgel عبر تقلبات الطبيعة وفصولها، ويمزج مسيرة الإنسان هذه مع ما يمثله صوت آلة الأورغن.
استعاد كارلفِلت في شعره جو الرومنسية، التي كانت قد بدأت بالاختفاء أمام زحف الحداثة، من بساطةٍ قد تصل أحياناً حد السذاجة، كما هي حال الفولكلور الشعبي الذي تجلى في الرسوم الجدارية في المنازل والكنائس التي تصور شخصيات من الإنجيل بلباس أهل الريف في تلك المناطق من البلاد، ومن حسٍّ بالطبيعة وجمالها إلى الغزل الذي احتل مكانة رفيعة في شعره. تميزت لغته بميلها نحو الوحشي والإيقاعات القوية، والصور المبتكرة في شعرٍ حرٍ مكَّن من تلحينها وغنائها.
طارق علوش
كارلفِلت (إريك ـ)
(1864 ـ 1931)
ولد الشاعر إريك آكسِل كارلفِلت Erik Axel Karlfeldt في بلدة فولشِرنا Folkärna في مقاطعة دالانا Dalarna وسط السويد، إحدى أجمل مناطق البلاد وأغناها بالفن والتاريخ، لعائلة من البرجوازية الصغيرة ومالكي الأراضي أعلنت إفلاسها عند تخرج ابنها الشاب في المدرسة الثانوية ما ترك أثراً باقياً في نفسه. درس بعد ذلك في جامعة أُبسالا (1892ـ1898) Uppsala وكانت أطروحة تخرجه عن الكاتب الإنكليزي هنري فيلدنغ H.Fielding. عمل في التعليم وفي المكتبة الملكية، ثم أميناً لمكتبة أكاديمية العلوم الزراعية (1903ـ1912). انتُخب عام 1904 عضواً في الأكاديمية السويدية التي تمنح جائزة نوبل للأدب، وصار أمين سرها الدائم (رئيسها) بدءاً من عام 1912. وقد منحته الأكاديمية استثنائياً الجائزة بعد وفاته في ستوكهولم التي لاتُمنح سوى للأدباء الذين لايزالون على قيد الحياة، إذ كان قد رفضها في أثناء حياته كونه رئيساً للجهة المانحة.
حفل العقد الأخير من القرن التاسع عشر بأكبر شخصيات الأدب السويدي، مثل سترندبرغ (سترندبري) Strindberg، وهيدنستام Heidenstam، وفرودِنغ Fröding؛ لذلك لم تلق باكورة نتاج كارلفِلت «أغاني للبريّة وللحب» (1895) Vildmarks-och Kärleksvisor، التي نُشرت في أثناء دراسته في أبسالا، أي نجاح يذكر بالرغم مما تميزت به من حيوية وروح جديدة منعشة. ولم تلاق مؤلفاته النجاح إلا مع ابتكاره شخصية فريدولين Fridolin الريفية والمثقفة في آن معاً، وهو الذي يعود إلى موطنه بعد أن أمضى جلَّ حياته في القراءة والدراسة، ومع ذلك «فهو يتكلم مع الفلاحين بلغتهم ويخاطب المثقفين باللاتينية». وقد ظهرت هذه الشخصية، وهي لسان حال الشاعر في دواوين «أغاني فريدولين» (1898) Fridolins visor، و«فردوس فريدولين ولوحات مقفَّاة من دالانا» Fridolins lustgård och Dalmålningar på rim.
بعد حصوله على الشهرة الأدبية نشر كارلفِلت ديوان «فلورا وبومونا» (1906) Flora och Pomona، وهما إلهتا الزهور والفاكهة، حيث تبحّر في تصويره الأمور الحسية، التي لاتؤدي في النهاية سوى إلى الفناء، كل ذلك باستخدام الرموز القديمة وبلغة ساحرة أخّاذة. أما في ديوان «فلورا وبيلّونا» (1918) Flora och Bellona، وبيلّونا هي إلهة الحرب، فتظهر الآثار التي تركتها الحرب العالمية الأولى في نفس الشاعر، إذ يرى أن العالم الذي خلفته الحرب ما هو سوى مصح للمرضى عقلياً ومكان لحفظ الجثث، إلا أنه يرى أيضاً بصيصاً طفيفاً من الأمل.
كان ديوان كارلفِلت الأخير «أبواق الخريف» (1927) Hösthorn وداعه للشعر، وضم بين دفتيه أفضل إبداعاته في نسيج معقد، كما في قصيدة «تحت القمر» Sub luna، التي صور فيها من خلال تنافر الأضداد مسيرة الإنسان الذي يحب ويشرب ويغني ويعيش ويموت تحت أنظار القمر المتغير الثابت. ويأخذ الشاعر بيد القارئ في قصيدته الأخيرة «أورغن الشتاء» Vinterorgel عبر تقلبات الطبيعة وفصولها، ويمزج مسيرة الإنسان هذه مع ما يمثله صوت آلة الأورغن.
استعاد كارلفِلت في شعره جو الرومنسية، التي كانت قد بدأت بالاختفاء أمام زحف الحداثة، من بساطةٍ قد تصل أحياناً حد السذاجة، كما هي حال الفولكلور الشعبي الذي تجلى في الرسوم الجدارية في المنازل والكنائس التي تصور شخصيات من الإنجيل بلباس أهل الريف في تلك المناطق من البلاد، ومن حسٍّ بالطبيعة وجمالها إلى الغزل الذي احتل مكانة رفيعة في شعره. تميزت لغته بميلها نحو الوحشي والإيقاعات القوية، والصور المبتكرة في شعرٍ حرٍ مكَّن من تلحينها وغنائها.
طارق علوش