كاردوتشي (جوزويه) Carducci (Giosuè-) - Carducci (Giosuè-)
كاردوتشي (جوزويه ـ)
(1835 ـ 1907)
جوزْويه كاردوتشي Giosué Carducci شاعر وناقد، وأول أديب إيطالي يحصل على جائزة نوبل للأدب في عام 1906. ولد في بلدة ڤال دي كاستيلّو Val di Castello شمال غربي إيطاليا، وتوفي في مدينة بولونيا Bologna. عندما انتقلت أسرته إلى فلورنسا Firenze عام 1845 تلقى تربية دينية لدى مربيّن خاصيّن، ثم تابع دراسته ودخل دار المعلمين العليا في مدينة بيزا Pisa عام 1856 لنيل الماجستير. شهدت بداية حياته مآسي عدة منها وفاة والده الطبيب وانتحار شقيقه إضافة إلى ضائقة مادية تفاقمت بزواجه. علّم في إحدى المدارس الثانوية وعُرف بسمو أخلاقه، وعرض عليه وزير التربية في أول حكومة شهدتها إيطاليا بعد توحيدها منصب أستاذ للأدب الإيطالي في جامعة بولونيا، فتولى المنصب عام1860 متفرغاً للتدريس والكتابة النقدية والنشر، وبقي فيه حتى تقاعده عام 1904. وكان قد لفت انتباه الوزير بقصائده التي نشرها عام 1857 وحملت نفحة إبداعية (رومنسية) romantismo صادرة من القلب، إلا أن كارودتشي لم يبق وفياً لهذا التيار، إذ انضم إلى مجموعة من أنصار الاتباعية (الكلاسيكية) classicismo التي كانت تعمل في مجلة «الملحق» أو «أبنديتشه» L’Appendice هادفة إلى نصرة اللغة الإيطالية والوقوف في وجه التيار الإبداعي الأوربي. وكان قد رزق بأربعة أطفال فاختار لهم أسماء أدبية وسياسية «بياتريتشه ولاورا ودانتي ولِبرتا (حرية)».
ورث كاردوتشي عن والده الفكر الثوري الحر، وكان يحلم ببطولات نهضوية حققها رجالات أمثال ماتزيني Mazzini وغَرِبالدي (غاريبالدي) Garibaldi في سبيل توحيد إيطاليا وتأسيس الحكم الجمهوري. وبدأ تمرده بموقف معادٍ للوضع الاجتماعي والديني رافضاً السلطة الإكليروسية (الكنسية) clericalismo فنظم أنشودة «إلى الشيطان» (1865) Inno a Satana و«جدال شيطاني» (1869) Polemiche Sataniche يمثّل الشيطان فيهما العلم وتقدم الفكر البشري في وجه الجهل والخرافات.
تابع كارودتشي على الصعيد السياسي الأحداث منذ الاستقلال وعايش ظروف توحيد البلاد وانتقال العاصمة إلى فلورنسا ونهاية الحكم البابوي وخسارة حزب اليمين ووصول اليسار إلى الحكم عام 1876، وكان في هذه الفترة عضواً جمهورياً عاملاً، فاستبعد إلى نابولي، وعندما رفض مُنع من التعليم. إلا أن عام 1878 أحدث انعطافاً في حياته عندما التقى الملكة الشابة مرغريتا وتغنى بجمالها في قصيدته «أود إلى ملكة إيطاليا» Ode Alla Regina d’Italia وقد أدى هذا اللقاء ـ إضافة إلى تغيّر المجرى السياسي العام والحزن الذي ألمّ به إثر وفاة والدته وابنه دانتي ـ إلى تقربه من السلطة، ومن ثمّ إلى فوزه بمقعد في مجلس الشيوخ عام 1890، فتراجع عن مواقفه العدائية السابقة وخفف من حدة لهجته. وكانت هذه بداية توبته نحو الاعتدال moderantismo مع المحافظة على ثوابت لازمته طوال حياته؛ وهي حبه للوطن وحبه للشعر مع نظرة تشاؤمية للحياة.
جمع كاردوتشي قصائده في ست مجموعات: «جوڤينيليا» Juvenilia أو «قصائد صبوية» (1850ـ1860)، و«ليـڤيا غراڤيا» (1861ـ1871) Levia Gravia، و«هجائيات وإيبودات» (1867ـ1879) Giambi ed epodi، و«قوافٍ جديدة» (1861ـ1887) rime nuove، و«قصائد أود همجية» (1877ـ1889) odi barbare ويعني بهذه الصفة الصيغة الشعرية غير المقفاة، و«قوافٍ وإيقاعات» (1887ـ1899) rime e ritmi. وله أيضاً كتابات نثرية منها «اعترافات ومعارك» Confessioni e battaglie.
كتب كاردوتشي الشعر في فترة كان النثر فيها أقرب إلى التيار الواقعي، فحاول أن يرفع من شأنه قائلاً: إن لغة الشعر أدبية ورفيعة المستوى وقراءها نخبة. وأظهر في مؤلفه «هجائيات وإيبودات» انفتاحاً نحو الشعر الحديث، إلا أن لغته المصقولة لم تسعفه كثيراً في وصف حاضر ـ كما يقول ـ غلب فيه الرياء والجحود وكَثُرَ فيه اللا أخلاقيون، وإن كان قد تغنى بالأمجاد الغابرة ورأى في الثورة الفرنسية حدثاً سامياً في التاريخ المعاصر، فكان ذلك بهدف بناء حاضر إيطالي مثالي. كذلك عُرف عن كردوتشي أنه سعى إلى تحديث قوالب الشعر، فقد خرج عن التناغم التقليدي الذي يستند إلى تناوب المقاطع syllabes القصيرة والطويلة في البيت الشعري ولجأ إلى تشديد النبر accentué بما يحدث تراتلاً وتناغماً بين الأبيات.
حنان المالكي
كاردوتشي (جوزويه ـ)
(1835 ـ 1907)
جوزْويه كاردوتشي Giosué Carducci شاعر وناقد، وأول أديب إيطالي يحصل على جائزة نوبل للأدب في عام 1906. ولد في بلدة ڤال دي كاستيلّو Val di Castello شمال غربي إيطاليا، وتوفي في مدينة بولونيا Bologna. عندما انتقلت أسرته إلى فلورنسا Firenze عام 1845 تلقى تربية دينية لدى مربيّن خاصيّن، ثم تابع دراسته ودخل دار المعلمين العليا في مدينة بيزا Pisa عام 1856 لنيل الماجستير. شهدت بداية حياته مآسي عدة منها وفاة والده الطبيب وانتحار شقيقه إضافة إلى ضائقة مادية تفاقمت بزواجه. علّم في إحدى المدارس الثانوية وعُرف بسمو أخلاقه، وعرض عليه وزير التربية في أول حكومة شهدتها إيطاليا بعد توحيدها منصب أستاذ للأدب الإيطالي في جامعة بولونيا، فتولى المنصب عام1860 متفرغاً للتدريس والكتابة النقدية والنشر، وبقي فيه حتى تقاعده عام 1904. وكان قد لفت انتباه الوزير بقصائده التي نشرها عام 1857 وحملت نفحة إبداعية (رومنسية) romantismo صادرة من القلب، إلا أن كارودتشي لم يبق وفياً لهذا التيار، إذ انضم إلى مجموعة من أنصار الاتباعية (الكلاسيكية) classicismo التي كانت تعمل في مجلة «الملحق» أو «أبنديتشه» L’Appendice هادفة إلى نصرة اللغة الإيطالية والوقوف في وجه التيار الإبداعي الأوربي. وكان قد رزق بأربعة أطفال فاختار لهم أسماء أدبية وسياسية «بياتريتشه ولاورا ودانتي ولِبرتا (حرية)».
ورث كاردوتشي عن والده الفكر الثوري الحر، وكان يحلم ببطولات نهضوية حققها رجالات أمثال ماتزيني Mazzini وغَرِبالدي (غاريبالدي) Garibaldi في سبيل توحيد إيطاليا وتأسيس الحكم الجمهوري. وبدأ تمرده بموقف معادٍ للوضع الاجتماعي والديني رافضاً السلطة الإكليروسية (الكنسية) clericalismo فنظم أنشودة «إلى الشيطان» (1865) Inno a Satana و«جدال شيطاني» (1869) Polemiche Sataniche يمثّل الشيطان فيهما العلم وتقدم الفكر البشري في وجه الجهل والخرافات.
تابع كارودتشي على الصعيد السياسي الأحداث منذ الاستقلال وعايش ظروف توحيد البلاد وانتقال العاصمة إلى فلورنسا ونهاية الحكم البابوي وخسارة حزب اليمين ووصول اليسار إلى الحكم عام 1876، وكان في هذه الفترة عضواً جمهورياً عاملاً، فاستبعد إلى نابولي، وعندما رفض مُنع من التعليم. إلا أن عام 1878 أحدث انعطافاً في حياته عندما التقى الملكة الشابة مرغريتا وتغنى بجمالها في قصيدته «أود إلى ملكة إيطاليا» Ode Alla Regina d’Italia وقد أدى هذا اللقاء ـ إضافة إلى تغيّر المجرى السياسي العام والحزن الذي ألمّ به إثر وفاة والدته وابنه دانتي ـ إلى تقربه من السلطة، ومن ثمّ إلى فوزه بمقعد في مجلس الشيوخ عام 1890، فتراجع عن مواقفه العدائية السابقة وخفف من حدة لهجته. وكانت هذه بداية توبته نحو الاعتدال moderantismo مع المحافظة على ثوابت لازمته طوال حياته؛ وهي حبه للوطن وحبه للشعر مع نظرة تشاؤمية للحياة.
جمع كاردوتشي قصائده في ست مجموعات: «جوڤينيليا» Juvenilia أو «قصائد صبوية» (1850ـ1860)، و«ليـڤيا غراڤيا» (1861ـ1871) Levia Gravia، و«هجائيات وإيبودات» (1867ـ1879) Giambi ed epodi، و«قوافٍ جديدة» (1861ـ1887) rime nuove، و«قصائد أود همجية» (1877ـ1889) odi barbare ويعني بهذه الصفة الصيغة الشعرية غير المقفاة، و«قوافٍ وإيقاعات» (1887ـ1899) rime e ritmi. وله أيضاً كتابات نثرية منها «اعترافات ومعارك» Confessioni e battaglie.
كتب كاردوتشي الشعر في فترة كان النثر فيها أقرب إلى التيار الواقعي، فحاول أن يرفع من شأنه قائلاً: إن لغة الشعر أدبية ورفيعة المستوى وقراءها نخبة. وأظهر في مؤلفه «هجائيات وإيبودات» انفتاحاً نحو الشعر الحديث، إلا أن لغته المصقولة لم تسعفه كثيراً في وصف حاضر ـ كما يقول ـ غلب فيه الرياء والجحود وكَثُرَ فيه اللا أخلاقيون، وإن كان قد تغنى بالأمجاد الغابرة ورأى في الثورة الفرنسية حدثاً سامياً في التاريخ المعاصر، فكان ذلك بهدف بناء حاضر إيطالي مثالي. كذلك عُرف عن كردوتشي أنه سعى إلى تحديث قوالب الشعر، فقد خرج عن التناغم التقليدي الذي يستند إلى تناوب المقاطع syllabes القصيرة والطويلة في البيت الشعري ولجأ إلى تشديد النبر accentué بما يحدث تراتلاً وتناغماً بين الأبيات.
حنان المالكي