كاميرات الرقميه Digital cameras - Appareils photographiques numériques
الكاميرات الرقمية
الكاميرا الرقمية digital camera آلة تصوير مصممة للعمل وفق مبدأ التصوير الرقمي digital photography، وهو طريقة لحفظ الصور بصيغ رقمية، أي في ملفات يمكن عرضها بوساطة الحاسوب، أو على شاشة الكاميرا ذاتها.
لمحة تاريخية
ظل التصوير الضوئي[ر] نحو 175عاماً معتمداً على مبدأ واحد هو رقاقة مطلية بمحلول حساس بالضوء تُظهّر كيمياوياً. وهو اليوم يصطدم بواقع التقانة المتطورة وينتقل إلى العالم الرقمي، وقد اضطر جميع صانعي الأفلام والكاميرات إلى الدخول في هذا المضمار مع كل ما يترتب على ذلك من تكاليف وخسائر. والواقع أن أفلام التصوير أصبحت مهددة بالانقراض والاختفاء كلية من الأسواق، إلا ما هو ضروري لاختصاص معين، وهو محدود جداً.
والكاميرا الرقمية التي ظهرت على علاقة وثيقة بالحاسوب والهواتف النقالة ليست سوى تقانة جزئية، فهي لم تظهر إلى الوجود لأنها فكرة مفيدة للصناعة، وإنما لأن التقانة وصلت إليها، ولأن ميزاتها اجتذبت كثيراً من المستخدمين.
مبدأ عمل الكاميرا
الكاميرا الرقمية لا تعدو كونها كاميرا تصوير عادية استبدل بالفيلم الحساس بالضوء ـ الذي يظهر كيمياوياً ـ رقاقة إلكترونية حساسة بالضوء، هي العنصر الأساسي في مكونات الكاميرا الرقمية، وتدعى تجهيزة مترابطة بالشحنة charge-coupled device (CCD). تتكون الرقاقة من ملايين المحسات sensors المستقبلة للضوء، ومن ثم تحوله إلى عناصر دقيقة تسمى بيكسلات pixels، بتوليد نبضات كهربائية في الأماكن التي تتعرض للضوء فتحولها إلى أرقام.
والبيكسل هو أصغر واحدة قياس للسطوع و اللون في الصورة. والمصطلح منحوت من كلمتي «picture element» (عنصر الصورة)، ومع أنه لم يكن ذا شأن في التصوير العادي فقد غدا مصطلحاً متداولاً منذ أن طُبق التدرج اللوني في الطباعة باستخدام النقاط اللونية؛ لإعطاء انطباع يقارب التدرج اللوني للصورة الأصلية. وهو الأسلوب الذي ابتكره وطبقه عدد من الفنانين الانطباعيين في القرن التاسع عشر. ورقاقات الأفلام العادية المطلية بهاليدات الفضة تقوم بالعمل نفسه في التصوير الضوئي حين تتعرض للضوء، وبعد التظهير كيمياوياً. أما في التصوير الرقمي فالأمر لايعدو كونه استخداماً للكهرباء بدلاً من الكيمياويات والأحبار والتصوير الزيتي. والفارق الرئيسي هنا يكمن في أن الإشارة الضوئية الساقطة على المحسات تعالج حسابياً بطرائق مختلفة. فالمعلومات التي يحددها البيكسل قابلة للإرسال والنقل والتعديل والاقتران مع بيكسلات أخرى، وقابلة لمعالجة الصورة بأكملها، وهذا ما يتميز به التصوير الرقمي، ويمتد من لحظة التقاط الصورة ومعالجتها في الحاسوب حتى صدورها في شكلها النهائي، حيث يمكن طبعها أو نشرها أو عرضها على الشاشة، وبثها على شبكة الإنترنت أو إرسالها إلى أي مستقبل.
الشكل (1)
ميكانيكية مصفوفة رقاقة الشحنات المضاعفة
الشكل (2)
مصفوفة تصفية اللون (أخضر أحمر أزرق)
تحتل التمييزية (المَيْز) resolution الأفضلية الأولى في التصوير الرقمي، فكلما كانت التمييزية أكبر كان التصوير أفضل، و هذا ما يميز نوعية الكاميرا. إذ إن كل طراز من الكاميرات يتميز بعدد البيكسلات التي يستطيع صف المجهزات المترابطة بالشحنة CCD التقاطها مقدرة بميغابيكسل (مليون بيكسل). وهو عبارة عن رقاقة من السيليكون تتكون عادة من صفوف من عناصر تدعى ديودات ضوئية سيليكونية silicon photo diods (spd) يدخر كل منها شحنة تتناسب وكمية الضوء الساقط عليها، وعناصر قياس الضوء هذه ليست جديدة، فهي مستخدمة منذ سنوات في منظومات قياس المسافة من خلال عدسات الكاميرات. أما استخدامها في تسجيل الصورة فيقتصر على ترتيب عدد منها بطريقة تمكن من قراءتها على التوالي. تُصَف هذه العناصر الضوئية في رقاقة الشحنات المضاعفة (تم التوصل إليها في مختبرات بل الأمريكية عام 1969) على شكل شبكة من سطور متوالية تقرأ شحناتها في كل سطر معا، وتحول إلى صيغة رقمية مع التكبير إلى السطر التالي، ثم تمحى من السطر السابق، فتتضاعف المعطيات وتتصل إلى آخر شحنة، وهو سبب تسميتها شحنات مضاعفة (الشكلان 1و2). بعد انتقال معطيات الصورة إلى وسيلة تخزين رقمية، هي بطاقة الذاكرة في الكاميرا، تتفرغ الرقاقة لالتقاط صورة جديدة.
تخزين المعطيات وبطاقة الذاكرة
في الكاميرا الرقمية يتم تحويل بيانات الصورة الملتقطة في قسم المعالجة من صيغتها التمثيلية إلى صيغة رقمية عن طريق مبدل تمثيلي رقمي analog digital converter، ومن ثم تحفظ في بطاقة ذاكرة قابلة للفك والتركيب. وهناك العديد من أنواع الذاكرات الرقمية لتخزين الملفات، وثمة كاميرات تتعامل مع أكثر من وسيلة منها. أما أكثر الذاكرات شيوعاً فهو «كومباكت فلاش» compact flash، وسمارت ميديا Smartmedia (وسائط ذكية)، ومايكرودرايف Microdrive (سواقة صغرية)، و«اصبع» ذاكرةMemorystick وdx وغيرها. وتصنع وسائط التخزين الرقمية بسعات مختلفة تراوح بين 8 ميغابايت و1غيغابايت.
تقوم أغلب الكاميرات الرقمية بحفظ الصور وفق واحد من أنساق الملفات الآتية:
ـJPEG: وهي اختصار لعبارة «مجموعة خبرات التصوير المشتركة» joint photogrphic experts group، ويعد أكثر الأنساق انتشاراً، ولاسيما لعرض الصور على الإنترنت، حيث تستعمل آلية ضغط صور متغيرة تستطيع التحكم بدرجة الضغط عند التخزين، و يمكن بالتالي الحصول على حجم ملف صغير جداً، غير أنه يقلل من جودة الصورة.
ـ TIFF: وهي اختصار لعبارة tag image file formatومعناها «صيغة اختصار ملف الصورة»، وقد صمم هذا النسق لحفظ الصور المستوردة من الماسح الضوئيscanner أو من برامج المعالجة، حيث يدعم عمقاً لونياً قيمته 24 بت حداً أقصى.
ـ المعطيات الخام(raw data) : يستخدم هذا النسق في بعض الكاميرات لحفظ البيانات الخام غير المعالجة أو المضغوطة في نسق يدعىCCD raw، وهذه البيانات تحتوي على كل شيء التقطته الكاميرا. حيث يقوم الحاسوب بدراستها وتحويلها إلى الصورة النهائية.
العدسات
الشكل (3) بطاقة تخزين المعطيات (الذاكرة)
لاتختلف عدسات الكاميرات الرقمية كثيراً عن عدسات الكاميرات العادية، غير أن استخدام العدسات العادية مع الكاميرات الرقمية يؤدي إلى تغيير بعدها البؤري، وبالتالي تغيير زاوية الرؤية.
صممت عدسات الكاميرات التقليدية لتتعامل مع شريحة الفيلم من قياس 23×35 ملم، وهو ما اصطلح على تسميته «كاميرات 35ملم». ولكن الرقاقة الضوئية في معظم الكاميرات الرقمية تأتي بمقاييس أقل من ذلك بكثير، كأن تكون 15×23ملم مثلاً. ومن هنا يحدث الفرق في مقدار زاوية الرؤية في العدسة، إذ تقل هذه الزاوية في الكاميرات الرقمية ويزيد بعدها البؤري على مثيلاتها في الكاميرات التقليدية. فعلى سبيل المثال، حين تستخدم العدسة المعيارية للكاميرات العادية «50ملم» مع الكاميرات الرقمية فإنها تكاد تصبح معادلة لعدسة 75 أو80 ملم. أما عدسة الزاوية العريضة ء35 wide angle ملم فتصبح عدسة معيارية 50 ملم عند تركيبها على كاميرا رقمية. إن الأمر مع الكاميرات الرقمية يشابه استخدام هذه الكاميرات محولاً بنسبة تكبير ×1.5، converter x15. وهو التأثير الذي يسببه صغر حجم الرقاقة الضوئية مقارنة بشريحة الفيلم.
الشاشة
للكاميرا الرقمية شاشة عرض كريستالية liquid crystal display (LCD) تمكن المصور من رؤية الصور التي يلتقطها، فإما أن يبقي عليها و يقوم بتخزينها، وإما أن يحذفها. والشاشة الكريستالية متعددة الوظائف، فهي تظهر جميع المعطيات التي يريدها المصور قبل التصوير وبعده، وتمكنه من تعديل اللقطة وحجمها ومعطياتها وبوضعيات مختلفة.
العناصر الأخرى
الشكل (4) كاميرا من الشريحة الابتدائية
تُزود الكاميرا الرقمية بفضل التقانة الرقمية والإلكترونية بكل العناصر التي تملكها الكاميرات العادية المتطورة، ولاسيما نافذة الرؤية، وآليات قياس المسافة، وضبط فتحة العدسة، ومدة التعريض والضوء السريع (الفلاش) flash light المبيت في الكاميرا، والمدخرات القابلة لإعادة الشحن وغيرها، إضافة إلى كثير من الميزات التي تتناسب مع نوعية الكاميرا ودرجة الدقة والمرونة المطلوبة منها، وكل ما يستطيع الحاسوب الصغير المزروع في بنيتها القيام به من تصحيح الإضاءة والسطوع والتباين ودرجة التلوين، والتحكم بمدة التعريض الضوئي، وإمكانات التأثيرات الخاصة، وتصوير الفيديو مع تسجيل الصوت، وعدسات التقريب المختلفة حتى درجة التقريب الصغري micro، بل حتى إمكان إضافة عدسات مساعدة للتصوير البعيد أو التصوير بزوايا عريضة.
ويتميز التصوير الرقمي بانتفاء تكاليف الأفلام وتظهيرها، وعناء مراجعة المخابر والتفتيش عن أفضلها. فهو يمكّن من مشاهدة الصور فور التقاطها، وإدخالها الفوري على الحاسوب، وإرسالها على شبكة الإنترنت، وسهولة تحرير الصور وتوليفها بسرعة، وإمكانية توليد صور عالية الجودة باستخدام أي طابعة ملونة تقريباًً، خلافاً للتصوير العادي الذي لاتعرف نتائجه إلا بعد الانتهاء من تظهير الفيلم وطبعه.
الشكل (5) كاميرا من الشريحة المتوسطة
الشكل (6) كاميرا من الشريحة المتوسطة
تنتشر الكاميرات الرقمية اليوم على نطاق واسع، ويمكن تصنيفها في ثلاث شرائح: كاميرات خفيفة، وكاميرات متوسطة، وكاميرات احترافية. وأهم ما يميز بين هذه الفئات الثلاث هو اختلاف المزايا والوظائف المعقدة التي تقدمها هذه الكاميرات، وفي مقدمتها دقة الصورة أو الكثافة النقطية، الممثلة في عدد البيكسلات على الرقاقة الحساسة. وتعطى الكثافة الضوئية عادة ببعدين (طول×عرض)، كأن يُقال 1800×1200 بيكسل، أو بإجمالي عدد البيكسلات على الرقاقة، كقولك 5.3ميغابيكسل (5.3مليون بيكسل). وتعد الكثافة النقطية المقياس الأساسي للحكم على جودة الكاميرا الرقمية فكلما زادت الكثافة النقطية أمكن الحصول على صور أعلى جودة. وبطبيعة الحال سيكون سعر هذه الكاميرا أعلى مما هو دونها في الدقة.
تعد السعة التخزينية للكاميرا المقياس الثاني للحكم على نوعيتها. وأغلب الكاميرات الرقمية تزود بوسائط خزن مستقلة. وهذا يعني أنه يمكن أن تستبدل ببطاقة التخزين بطاقة أخرى لدى امتلائها، أو تفريغها بتحميل الصور المخزنة في الحاسوب، وإعادة استخدامها من جديد. أماعدد الصور التي يمكن خزنها في البطاقة فيتوقف على سعتها التخزينية وعلى نسق جودة الصورة المستخدم. وإن اختيار نسق الجودة العالية في التقاط الصور يستهلك مساحة أكبر من سعة البطاقة التخزينية من نسق الجودة المتوسطة أو العادية.
ولدى التصوير وفق نسق الجودة العالية باستخدام الكاميرات الرقمية من فئة 6 ميغابيكسل وأكثر، فإن عدد الصور التي يمكن خزنها على وسيط واحد لا تتجاوز بضع صور باستخدام وسيط سعته 16 MB، ولكن هذا العدد يزيد كثيراً بازدياد سعة الوسيط. ويصبح من الضروري اقتناء وسائط خزن إضافية.
تناسب شريحة الكاميرات الابتدائية الاستعمالات العائلية كتصوير الرحلات والمناسبات البيتية وغيرها. فهي تعطي صوراً مقبولة يمكن طبعها بالمقاييس العادية (10×15سم) كما تصلح للإرسال عبر الإنترنت، ولترتيب «ألبومات» عائلية على أقراص مدمجة أو للعرض على شاشة التلفاز، وهذه الكاميرات رخيصة الثمن عادة، وذات كثافة نقطية منخفضة لاتتجاوز 3ميغابيكسل.
أما الشريحة المتوسطة فتلبي حاجة المصور المبتدئ في عالم التصوير الرقمي وهواة التصوير. وهذه الشريحة تضم كاميرات تراوح كثافتها النقطية ما بين 5ـ10ميغابيكسل ويمكن الحصول بوساطتها على صور مطبوعة جيدة بمقاييس قد تصل إلى 20×25سم.
أما الشريحة الاحترافية فيستخدمها المصورون المحترفون والمصورون الصحفيون ومصورو الاستوديو، وكذلك مصورو الأعمال الدعائية و الإعلان. وتتجاوز كثافتها النقطية 10ميغابيكسل. وهي كاميرا أحادية العدسة العاكسة single-lens reflex camera SLR، وتتميز بقابلية تغيير العدسات وفق الغاية المرغوبة و طبيعة الصورة المطلوبة وبمزايا عديدة أخرى.
مع أن استخدام الكاميرات الرقمية سهل، ويمكن تحسين الصور الملتقطة بمعالجتها حاسوبياً؛ فإن القواعد التقليدية في التقاط الصور ظلت تأخذ مكانتها مع التصوير الرقمي، مثل كيفية ملء مساحة الصورة، واختيار الإضاءة المناسبة، والعلاقة بين عناصر الصورة.
ولكن ماذا يفعل من يملك كاميرا تقليدية عالية الجودة ويرغب في ممارسة التصوير الرقمي؟ في هذه الحالة يتوجب اقتناء ماسح ضوئي scanner، يمكن من تحويل الصور العادية إلى رقمية وتحميلها على الحاسوب. كما تلزم لهذه الغاية طابعة حاسوبية وبعض الورق الجيد للتصوير.
تستخدم الكاميرات الرقمية في مجالات كثيرة لعل أهمها التصوير الفضائي عن طريق السواتل، وفي المجال الطبي، والتصوير الفني في »الاستديوهات«، وفي التصوير الصحفي وأجهزة الإعلام لتميزها في سرعة نقل المعلومات الفورية إلى الجهات المعنية. ويتطور التصوير الرقمي بقفزات سريعة وإلى آفاق عدة، وخاصة في مجال زيادة الدقة والكثافة النقطية والسعة التخزينية، وتحسين التباين والتدرج الضوئي واللوني.
رهف الجلاد، فرج شماس
الكاميرات الرقمية
الكاميرا الرقمية digital camera آلة تصوير مصممة للعمل وفق مبدأ التصوير الرقمي digital photography، وهو طريقة لحفظ الصور بصيغ رقمية، أي في ملفات يمكن عرضها بوساطة الحاسوب، أو على شاشة الكاميرا ذاتها.
لمحة تاريخية
ظل التصوير الضوئي[ر] نحو 175عاماً معتمداً على مبدأ واحد هو رقاقة مطلية بمحلول حساس بالضوء تُظهّر كيمياوياً. وهو اليوم يصطدم بواقع التقانة المتطورة وينتقل إلى العالم الرقمي، وقد اضطر جميع صانعي الأفلام والكاميرات إلى الدخول في هذا المضمار مع كل ما يترتب على ذلك من تكاليف وخسائر. والواقع أن أفلام التصوير أصبحت مهددة بالانقراض والاختفاء كلية من الأسواق، إلا ما هو ضروري لاختصاص معين، وهو محدود جداً.
والكاميرا الرقمية التي ظهرت على علاقة وثيقة بالحاسوب والهواتف النقالة ليست سوى تقانة جزئية، فهي لم تظهر إلى الوجود لأنها فكرة مفيدة للصناعة، وإنما لأن التقانة وصلت إليها، ولأن ميزاتها اجتذبت كثيراً من المستخدمين.
مبدأ عمل الكاميرا
الكاميرا الرقمية لا تعدو كونها كاميرا تصوير عادية استبدل بالفيلم الحساس بالضوء ـ الذي يظهر كيمياوياً ـ رقاقة إلكترونية حساسة بالضوء، هي العنصر الأساسي في مكونات الكاميرا الرقمية، وتدعى تجهيزة مترابطة بالشحنة charge-coupled device (CCD). تتكون الرقاقة من ملايين المحسات sensors المستقبلة للضوء، ومن ثم تحوله إلى عناصر دقيقة تسمى بيكسلات pixels، بتوليد نبضات كهربائية في الأماكن التي تتعرض للضوء فتحولها إلى أرقام.
والبيكسل هو أصغر واحدة قياس للسطوع و اللون في الصورة. والمصطلح منحوت من كلمتي «picture element» (عنصر الصورة)، ومع أنه لم يكن ذا شأن في التصوير العادي فقد غدا مصطلحاً متداولاً منذ أن طُبق التدرج اللوني في الطباعة باستخدام النقاط اللونية؛ لإعطاء انطباع يقارب التدرج اللوني للصورة الأصلية. وهو الأسلوب الذي ابتكره وطبقه عدد من الفنانين الانطباعيين في القرن التاسع عشر. ورقاقات الأفلام العادية المطلية بهاليدات الفضة تقوم بالعمل نفسه في التصوير الضوئي حين تتعرض للضوء، وبعد التظهير كيمياوياً. أما في التصوير الرقمي فالأمر لايعدو كونه استخداماً للكهرباء بدلاً من الكيمياويات والأحبار والتصوير الزيتي. والفارق الرئيسي هنا يكمن في أن الإشارة الضوئية الساقطة على المحسات تعالج حسابياً بطرائق مختلفة. فالمعلومات التي يحددها البيكسل قابلة للإرسال والنقل والتعديل والاقتران مع بيكسلات أخرى، وقابلة لمعالجة الصورة بأكملها، وهذا ما يتميز به التصوير الرقمي، ويمتد من لحظة التقاط الصورة ومعالجتها في الحاسوب حتى صدورها في شكلها النهائي، حيث يمكن طبعها أو نشرها أو عرضها على الشاشة، وبثها على شبكة الإنترنت أو إرسالها إلى أي مستقبل.
الشكل (1)
ميكانيكية مصفوفة رقاقة الشحنات المضاعفة
الشكل (2)
مصفوفة تصفية اللون (أخضر أحمر أزرق)
تحتل التمييزية (المَيْز) resolution الأفضلية الأولى في التصوير الرقمي، فكلما كانت التمييزية أكبر كان التصوير أفضل، و هذا ما يميز نوعية الكاميرا. إذ إن كل طراز من الكاميرات يتميز بعدد البيكسلات التي يستطيع صف المجهزات المترابطة بالشحنة CCD التقاطها مقدرة بميغابيكسل (مليون بيكسل). وهو عبارة عن رقاقة من السيليكون تتكون عادة من صفوف من عناصر تدعى ديودات ضوئية سيليكونية silicon photo diods (spd) يدخر كل منها شحنة تتناسب وكمية الضوء الساقط عليها، وعناصر قياس الضوء هذه ليست جديدة، فهي مستخدمة منذ سنوات في منظومات قياس المسافة من خلال عدسات الكاميرات. أما استخدامها في تسجيل الصورة فيقتصر على ترتيب عدد منها بطريقة تمكن من قراءتها على التوالي. تُصَف هذه العناصر الضوئية في رقاقة الشحنات المضاعفة (تم التوصل إليها في مختبرات بل الأمريكية عام 1969) على شكل شبكة من سطور متوالية تقرأ شحناتها في كل سطر معا، وتحول إلى صيغة رقمية مع التكبير إلى السطر التالي، ثم تمحى من السطر السابق، فتتضاعف المعطيات وتتصل إلى آخر شحنة، وهو سبب تسميتها شحنات مضاعفة (الشكلان 1و2). بعد انتقال معطيات الصورة إلى وسيلة تخزين رقمية، هي بطاقة الذاكرة في الكاميرا، تتفرغ الرقاقة لالتقاط صورة جديدة.
تخزين المعطيات وبطاقة الذاكرة
في الكاميرا الرقمية يتم تحويل بيانات الصورة الملتقطة في قسم المعالجة من صيغتها التمثيلية إلى صيغة رقمية عن طريق مبدل تمثيلي رقمي analog digital converter، ومن ثم تحفظ في بطاقة ذاكرة قابلة للفك والتركيب. وهناك العديد من أنواع الذاكرات الرقمية لتخزين الملفات، وثمة كاميرات تتعامل مع أكثر من وسيلة منها. أما أكثر الذاكرات شيوعاً فهو «كومباكت فلاش» compact flash، وسمارت ميديا Smartmedia (وسائط ذكية)، ومايكرودرايف Microdrive (سواقة صغرية)، و«اصبع» ذاكرةMemorystick وdx وغيرها. وتصنع وسائط التخزين الرقمية بسعات مختلفة تراوح بين 8 ميغابايت و1غيغابايت.
تقوم أغلب الكاميرات الرقمية بحفظ الصور وفق واحد من أنساق الملفات الآتية:
ـJPEG: وهي اختصار لعبارة «مجموعة خبرات التصوير المشتركة» joint photogrphic experts group، ويعد أكثر الأنساق انتشاراً، ولاسيما لعرض الصور على الإنترنت، حيث تستعمل آلية ضغط صور متغيرة تستطيع التحكم بدرجة الضغط عند التخزين، و يمكن بالتالي الحصول على حجم ملف صغير جداً، غير أنه يقلل من جودة الصورة.
ـ TIFF: وهي اختصار لعبارة tag image file formatومعناها «صيغة اختصار ملف الصورة»، وقد صمم هذا النسق لحفظ الصور المستوردة من الماسح الضوئيscanner أو من برامج المعالجة، حيث يدعم عمقاً لونياً قيمته 24 بت حداً أقصى.
ـ المعطيات الخام(raw data) : يستخدم هذا النسق في بعض الكاميرات لحفظ البيانات الخام غير المعالجة أو المضغوطة في نسق يدعىCCD raw، وهذه البيانات تحتوي على كل شيء التقطته الكاميرا. حيث يقوم الحاسوب بدراستها وتحويلها إلى الصورة النهائية.
العدسات
الشكل (3) بطاقة تخزين المعطيات (الذاكرة)
لاتختلف عدسات الكاميرات الرقمية كثيراً عن عدسات الكاميرات العادية، غير أن استخدام العدسات العادية مع الكاميرات الرقمية يؤدي إلى تغيير بعدها البؤري، وبالتالي تغيير زاوية الرؤية.
صممت عدسات الكاميرات التقليدية لتتعامل مع شريحة الفيلم من قياس 23×35 ملم، وهو ما اصطلح على تسميته «كاميرات 35ملم». ولكن الرقاقة الضوئية في معظم الكاميرات الرقمية تأتي بمقاييس أقل من ذلك بكثير، كأن تكون 15×23ملم مثلاً. ومن هنا يحدث الفرق في مقدار زاوية الرؤية في العدسة، إذ تقل هذه الزاوية في الكاميرات الرقمية ويزيد بعدها البؤري على مثيلاتها في الكاميرات التقليدية. فعلى سبيل المثال، حين تستخدم العدسة المعيارية للكاميرات العادية «50ملم» مع الكاميرات الرقمية فإنها تكاد تصبح معادلة لعدسة 75 أو80 ملم. أما عدسة الزاوية العريضة ء35 wide angle ملم فتصبح عدسة معيارية 50 ملم عند تركيبها على كاميرا رقمية. إن الأمر مع الكاميرات الرقمية يشابه استخدام هذه الكاميرات محولاً بنسبة تكبير ×1.5، converter x15. وهو التأثير الذي يسببه صغر حجم الرقاقة الضوئية مقارنة بشريحة الفيلم.
الشاشة
للكاميرا الرقمية شاشة عرض كريستالية liquid crystal display (LCD) تمكن المصور من رؤية الصور التي يلتقطها، فإما أن يبقي عليها و يقوم بتخزينها، وإما أن يحذفها. والشاشة الكريستالية متعددة الوظائف، فهي تظهر جميع المعطيات التي يريدها المصور قبل التصوير وبعده، وتمكنه من تعديل اللقطة وحجمها ومعطياتها وبوضعيات مختلفة.
العناصر الأخرى
الشكل (4) كاميرا من الشريحة الابتدائية
تُزود الكاميرا الرقمية بفضل التقانة الرقمية والإلكترونية بكل العناصر التي تملكها الكاميرات العادية المتطورة، ولاسيما نافذة الرؤية، وآليات قياس المسافة، وضبط فتحة العدسة، ومدة التعريض والضوء السريع (الفلاش) flash light المبيت في الكاميرا، والمدخرات القابلة لإعادة الشحن وغيرها، إضافة إلى كثير من الميزات التي تتناسب مع نوعية الكاميرا ودرجة الدقة والمرونة المطلوبة منها، وكل ما يستطيع الحاسوب الصغير المزروع في بنيتها القيام به من تصحيح الإضاءة والسطوع والتباين ودرجة التلوين، والتحكم بمدة التعريض الضوئي، وإمكانات التأثيرات الخاصة، وتصوير الفيديو مع تسجيل الصوت، وعدسات التقريب المختلفة حتى درجة التقريب الصغري micro، بل حتى إمكان إضافة عدسات مساعدة للتصوير البعيد أو التصوير بزوايا عريضة.
ويتميز التصوير الرقمي بانتفاء تكاليف الأفلام وتظهيرها، وعناء مراجعة المخابر والتفتيش عن أفضلها. فهو يمكّن من مشاهدة الصور فور التقاطها، وإدخالها الفوري على الحاسوب، وإرسالها على شبكة الإنترنت، وسهولة تحرير الصور وتوليفها بسرعة، وإمكانية توليد صور عالية الجودة باستخدام أي طابعة ملونة تقريباًً، خلافاً للتصوير العادي الذي لاتعرف نتائجه إلا بعد الانتهاء من تظهير الفيلم وطبعه.
الشكل (5) كاميرا من الشريحة المتوسطة
الشكل (6) كاميرا من الشريحة المتوسطة
تنتشر الكاميرات الرقمية اليوم على نطاق واسع، ويمكن تصنيفها في ثلاث شرائح: كاميرات خفيفة، وكاميرات متوسطة، وكاميرات احترافية. وأهم ما يميز بين هذه الفئات الثلاث هو اختلاف المزايا والوظائف المعقدة التي تقدمها هذه الكاميرات، وفي مقدمتها دقة الصورة أو الكثافة النقطية، الممثلة في عدد البيكسلات على الرقاقة الحساسة. وتعطى الكثافة الضوئية عادة ببعدين (طول×عرض)، كأن يُقال 1800×1200 بيكسل، أو بإجمالي عدد البيكسلات على الرقاقة، كقولك 5.3ميغابيكسل (5.3مليون بيكسل). وتعد الكثافة النقطية المقياس الأساسي للحكم على جودة الكاميرا الرقمية فكلما زادت الكثافة النقطية أمكن الحصول على صور أعلى جودة. وبطبيعة الحال سيكون سعر هذه الكاميرا أعلى مما هو دونها في الدقة.
تعد السعة التخزينية للكاميرا المقياس الثاني للحكم على نوعيتها. وأغلب الكاميرات الرقمية تزود بوسائط خزن مستقلة. وهذا يعني أنه يمكن أن تستبدل ببطاقة التخزين بطاقة أخرى لدى امتلائها، أو تفريغها بتحميل الصور المخزنة في الحاسوب، وإعادة استخدامها من جديد. أماعدد الصور التي يمكن خزنها في البطاقة فيتوقف على سعتها التخزينية وعلى نسق جودة الصورة المستخدم. وإن اختيار نسق الجودة العالية في التقاط الصور يستهلك مساحة أكبر من سعة البطاقة التخزينية من نسق الجودة المتوسطة أو العادية.
ولدى التصوير وفق نسق الجودة العالية باستخدام الكاميرات الرقمية من فئة 6 ميغابيكسل وأكثر، فإن عدد الصور التي يمكن خزنها على وسيط واحد لا تتجاوز بضع صور باستخدام وسيط سعته 16 MB، ولكن هذا العدد يزيد كثيراً بازدياد سعة الوسيط. ويصبح من الضروري اقتناء وسائط خزن إضافية.
تناسب شريحة الكاميرات الابتدائية الاستعمالات العائلية كتصوير الرحلات والمناسبات البيتية وغيرها. فهي تعطي صوراً مقبولة يمكن طبعها بالمقاييس العادية (10×15سم) كما تصلح للإرسال عبر الإنترنت، ولترتيب «ألبومات» عائلية على أقراص مدمجة أو للعرض على شاشة التلفاز، وهذه الكاميرات رخيصة الثمن عادة، وذات كثافة نقطية منخفضة لاتتجاوز 3ميغابيكسل.
أما الشريحة المتوسطة فتلبي حاجة المصور المبتدئ في عالم التصوير الرقمي وهواة التصوير. وهذه الشريحة تضم كاميرات تراوح كثافتها النقطية ما بين 5ـ10ميغابيكسل ويمكن الحصول بوساطتها على صور مطبوعة جيدة بمقاييس قد تصل إلى 20×25سم.
أما الشريحة الاحترافية فيستخدمها المصورون المحترفون والمصورون الصحفيون ومصورو الاستوديو، وكذلك مصورو الأعمال الدعائية و الإعلان. وتتجاوز كثافتها النقطية 10ميغابيكسل. وهي كاميرا أحادية العدسة العاكسة single-lens reflex camera SLR، وتتميز بقابلية تغيير العدسات وفق الغاية المرغوبة و طبيعة الصورة المطلوبة وبمزايا عديدة أخرى.
مع أن استخدام الكاميرات الرقمية سهل، ويمكن تحسين الصور الملتقطة بمعالجتها حاسوبياً؛ فإن القواعد التقليدية في التقاط الصور ظلت تأخذ مكانتها مع التصوير الرقمي، مثل كيفية ملء مساحة الصورة، واختيار الإضاءة المناسبة، والعلاقة بين عناصر الصورة.
ولكن ماذا يفعل من يملك كاميرا تقليدية عالية الجودة ويرغب في ممارسة التصوير الرقمي؟ في هذه الحالة يتوجب اقتناء ماسح ضوئي scanner، يمكن من تحويل الصور العادية إلى رقمية وتحميلها على الحاسوب. كما تلزم لهذه الغاية طابعة حاسوبية وبعض الورق الجيد للتصوير.
تستخدم الكاميرات الرقمية في مجالات كثيرة لعل أهمها التصوير الفضائي عن طريق السواتل، وفي المجال الطبي، والتصوير الفني في »الاستديوهات«، وفي التصوير الصحفي وأجهزة الإعلام لتميزها في سرعة نقل المعلومات الفورية إلى الجهات المعنية. ويتطور التصوير الرقمي بقفزات سريعة وإلى آفاق عدة، وخاصة في مجال زيادة الدقة والكثافة النقطية والسعة التخزينية، وتحسين التباين والتدرج الضوئي واللوني.
رهف الجلاد، فرج شماس