كامل (مصطفى) واحد من مؤسسي نهضة مصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كامل (مصطفى) واحد من مؤسسي نهضة مصر

    كامل (مصطفي) Kamel (Moustafa-) - Kamel (Moustafa-)
    كامل (مصطفى ـ)

    (1291 ـ 1326هـ/1874 ـ 1908م)



    مصطفى كامل بن علي محمد نابغة مصر في عصره وأحد مؤسسي نهضتها الوطنية. ولد بحيّ الصَّليبة بمدينة القاهرة. وكان والده علي أفندي محمّد ضابطاً مهندساً، وهو مصري صميم، عمل في قصور الخديوي إسماعيل وابنه محمد توفيق، وتوفي بالقاهـرة سنة 1886. ووالدته السيدة حفيظة بنت اليوزباشي محمد فهمي، كانت ذات شخصية قويّة، ونفس أبيَّة، وكان لها تأثير واضح في تكوين ابنها الذي كان يَعدُّها الموجّهة الأكثر تأثيراً في حياته وسلوكه، وعنها أخذ صفات القوَّة والشجاعة والحـزم والإباء، توفيت سنة 1907 فحزن لموتها حزناً شديداً، وفقد بوفاتها ركناً مكيناً، وسيطر عليه الأسى حتى التحاقه بها بعد عام.


    عندما بلغ مصطفى الخامسة من عمره عهد به أبوه إلى الشيخ أحمد السّيد الذي علَّمه مبادئ القراءة والكتابة، وكان يتلقى دروسه في دار والده. وفي العام التالي 1880 أدخله والده مدرسة عباس باشا الأوّل، ثم نقله بعد سنتين إلى مدرسة السيدة زينب الابتدائية حيث بدا ذكاؤه ونبوغه وتفوّقه، وكان شديد الميل إلى دروس التاريخ.

    وعندما توفي والده سنة 1886، انتقلت الأسرة إلى منزل جـده لأمه، وتولى أخوه حسين باشا واصف كفالته ورعايته، وانتقل مصطفى كامل إلى مدرسـة القُربيّة القريبة؛ من سكنه الجديد.

    وفي العام التالي تخرَّج في هذه المدرسة بتفوق واضح ونال جائزة من الخديوي توفيق الذي حضر حفـل التخرج لطلبة المدرسـة.

    دخل مصطفى كامل المدرسة الثانوية (التجهيزيّة) سنة 1887، وفي تلك المرحلة ظهرت مواهبه العلمية والفكرية والوطنية، كما ظهرت موهبته الخطابية والصحفية، فأحبّه معظم الطلاب والمدرسين، حتى إن علي باشا مبارك وزير المعارف كان يجتمع به ويتبادل معه الأفكار في أمور التعليم والسياسة، وعن طريقه تعرّف مصطفى كامل في ذلك الوقت المبكر رجالَ الفكر والسياسة والأدب في مصر.

    نال مصطفى كامل شهادة الدراسة الثانوية (البكالوريا) صيف سنة 1891 فالتحق بمدرسة الحقوق الخديويّة، وفي العام التالي التحق بمدرسة الحقوق الفرنسية وجمع بين المدرستين.

    وفي سنة 1893 التحق بكلية الحقوق الفرنسية في تولوز بفرنسا، ونال منها شهادة الحقوق أواخر سنة 1894 وكانت نهاية المطاف في مشواره العلمي والدراسي.

    وكان في أثناء دراسته الجامعية كعادته وطنياً ثائراً، يقود الطلاب في المظاهرات، ويلقي عليهم خطاباته الرنانة المؤثرة، ويسهم في دعم الحركة الوطنية في الشارع المصري.

    تعدّ سنة 1895 بداية الكفاح الوطني المنظّم لمصطفى كامل الذي كانت شهرته قد تجاوزت مصر إلى أوربا والولايات المتحدة ودول العـالم الاسلامي، وفي ذلك العام قاد مصطفى كامل مظاهرات الاستنكار والاحتجاج التي قام بها الشعب المصري ضد اللورد كرومر Cromer، الذي أمر بتشكيل ما عرف بالمحاكم المخصوصة، وهي محاكم قضاتها إنكليز في غالبيتهم، ولاتخضع لأحكام القانون المصري، مهمتها الأولى محاكمة المصريين الذين يعتدون على الضباط والجنود الإنكليز، وهذه المحكمة هي التي نفذت سنة 1906 ما عرف بمجزرة دنشواي الوحشية. وفي سنة 1896 زار مصطفى كامل عواصم أوربا وختم زيارته بزيارة السلطان عبد الحميـد في اصطنبول، وفي سنة 1899 تأسست في القاهرة مدرسة مصطفى كامل في باب الشعرية وطبَّق فيها نظرياته في التربية والتعليم، وفي مطلع عام 1900 أصدر مصطفى كامل جريدة «اللواء» فكانت صوت الثوار في مصر ومن أكثر الصحف انتشاراً وشهرة وكانت في أربع صفحات ثم صارت في ثمان، وكان يكتب افتتاحية اللواء، ويشاركه في الكتابة إسماعيل وجدي وخليل مطران ومحمد فريـد وإسماعيل صبري وغيرهم. وكانت اللواء مدرسة مصريـة راقيـة في فن الصحافة، ومنبراً حُـّراً لكل الأحرار، وبعـد شهر واحد أصدر «مجلّة اللواء» وهي شهريـة تشتمل على أهم ما جـاء في جريدة اللواء طوال الشهر.

    وفي سنة 1904 أنعم عليه السلطان عبد الحميد برتبة الباشوية، وكان للرتب في ذلك الوقت تقدير عظيم في قلوب الناس، وهكذا أصبح يسمى وهو في الثلاثين مصطفى باشا كامل.

    وفي عام 1905 أصدر مصطفى كامل جريدة العـالم الإسـلامي، كما بدأ في خريف ذلك العام بالتفكير بإنشاء «نادي المدارس العليا» على أن يكون ملتقىً دائماً للمثقفين الوطنيين في مصر، وافتتح النادي رسمياً يوم 5 نيسان/إبريل 1906.

    وكانت تلك السنة سنة الحزن العام الذي شمل مصر بمختلف اتجاهاتها، بسبب حادثة دنشواي المأساوية التي وقعت يوم 13 حزيران/يونيو، ونفذت الأحكـام الوحشـيّة ظلمـاً بحق العشـرات من أبنـاء تلك القريـة عن طريق «المحكمة المخصوصـة»، وكان كرومر يريد بذلك إرهاب المصريين فلا يرفعون رؤوسهم بعدها أبداً، ولكن النتيجـة المباشرة لهذه المجزرة كانت توحيـد قوى الشعب المصري جميعاً ضد الاستعمار، وكان لمصطفى كامل دور مهم في تحريض الرأي العام الأوربي ضد الوجود الإنكليزي في مصر، وهو ما عجل برحيل كرومر في العام التالي.

    وفي ذلك العام دعا مصطفى كامل إلى مساهمة المصريين في إنشاء «الجامعـة المصريـة» وبدأ منذ ذلك التاريـخ العمل الفعلي لإخـراج هذه الجامعـة إلى الوجـود.

    يُعدّ عام 1907 من الأعوام الفاصلـة في حياة مصر ومصطفى كامل، ففي 2 آذار/مارس أصدر مصطفى كامل جريدتين باسم اللواء المصري إحداهما بالإنكليزيـة والأخرى بالفرنسـية. الأولى صباحية والأخرى مسائية. وكان الهدف من ذلك تعريف العالم الغربي بقضيـة مصر العادلـة، وفي نيسان استقال كرومر، أو أقيل، ولم ينس قبل رحيله أن يذكِّـر المصريين بأن الوجـود البريطاني في مصـر باقٍ إلى ماشاء الله، وكان لرحيله فرحـة عارمة عمّت البلاد واستمرت طويلاً، وأصبح مصطفى كامل بعد ذلك زعيم مصـر بلا منازع الأمـر الذي أدى مباشرة إلى ظهـور الحزب الوطني، حزب مصطفى كامل.

    وفي 27 تشرين أول/أكتوبر ألقى مصطفى كامل في أنصـاره أعضـاء الحزب الوطني خطاباً كان من أعظـم ما ألقى من خطب، وانتشرت بين المصريين فقرات كثيرة من هـذا الخطاب أصبحت شعارات وطنيـة ترددت سنين طويلـة، منهـا:

    ـ بلادي بلادي لك حبي وفؤادي.

    ـ لو لم أكن مصرياً لتمنيت أن أكون مصرياً.

    ـ إنّ من يتسامح بحقـوق بلاده مرَّةً واحـدةً يبقى أبـد الدهـر مزعزع العقيـدة والوجدان.

    ـ لا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحيـاة.

    وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1907، انتخب بالإجمـاع رئيسـاً للحـزب الوطني مدى الحيـاة، وقد ألقى يومـها آخـر خطاب له في مركـز الحـزب، ودخل داره دار اللواء ولم يخـرج منها بعـد ذلك حتى وافاه الأجـل المحتوم، وقد شيَّع إلى مثواه الأخـير بجـوار والدته في جنازة شعبية عارمة لم تشـهد لها مصـر من قبل مثيلاً، ورثاه حافظ ابراهيم وأحمد شوقي وخليل مطران وإسماعيل صبري، وأقيمت له مجالس العـزاء في كل مصـر، وكما يقول معاصـره جرجي زيدان: «إن خبر وفاته والحزن عليه امتد من مصـر إلى أوربـا، ووصل إلى الشـرق الأقصى...».

    ورغبـة منهم في تخليـد ذكراه، جمعـوا تبرعات وافـرة، وعملـوا له تمثالاً بالطول الكامـل في باريس سـنة 1910، أنجـزه المثّـال «سافين». وبعـد ثلاثين سنة كاملة، احتُفل بوضع هذا التمثال في ميدان «سوارس» بالقاهـرة وذلك يوم 14 أيار/مايو 1940، وعـرف الميـدان بعـد ذلك بميـدان مصطفى كامل.

    وفي العام نفسه تنادى عدد من السياسيين في مصـر، إلى ضرورة بناء ضريح فخم لمصطفى كامل، وأنجـز هذا الضريح في سـنة 1949، في ميدان صلاح الدين بالقلعة، ولكنّ لم ينقل إليـه جثمان الزعيـم.

    وفي يوم 10 شباط/فبراير 1953، في عهـد حكومـة الثورة، نُقـلت رفات مصطفى كامل ليلاً من مدفنـه في الإمام الشـافعي إلى غرفتـه التي توفي فيـها في دار اللواء. وفي عصـر اليوم التالي، شـيّعت الأمـة جنازته للمـرة الثانية من دار اللواء إلى مدفنـه الجديـد باحتفال شعبي مهيب.

    كاميليا أبو جبل
يعمل...
X