ربما حان الوقت للقرود ليقفوا مع أنفسهم، فمحاولتهم التزاوج مع نوع من غير فصيلتهم، يمر بجوارهم غير متحمّس لهم، هو أمر غير جيد على الإطلاق.
وعلى الرغم من أنَّ محاولة الاقتران هذه بعيدة كل البعد عن العنف الذي عانته طيور البطريق في القطب الجنوبي عندما تحرشت بها جنسيًا حيوانات الفقمة ذات الفراء، قبل أن تأكلها حية.
إنه أمر غريب ومحرج يجعلنا نريد فقط أن ندع القرد وشأنه.
وقد صور الفيلم علماء فرنسيون في غابة أشجار الأرز الكثيفة في جزيرة ياكوشيما اليابانية، وظهر هذا السلوك الغريب عندما حاول قرد ياباني ذكر من فصيلة المكاك الصعود على اثنتين من إناث سيكا الغزلان قبل أن ينزلق بإذلال.
وتصرّح الجارديان أنَّ هذه هي المرة الثانية التي تسجّل فيها علاقة بين حيوانين يعودان لأنواع مختلفة، يمارسان التزاوج.
ويظهر القرد في إحدى اللقطات أدناه، وقد اعتلى أنثى الغزال وقذف سائله على ظهرها، قبل أن ينظف نفسه بشكل طبيعي تحت شجرة قريبة.
ونرى أنثى الغزال وهي تزيل الدليل (السائل المنوي) بطريقة لا مبالية تجعلنا نتساءل فيما إذا كان هذا الموقف مألوفًا للجميع.
ونشاهد في اللقطات اللاحقة، القرد وهو يطارد اثنين من القرود الأخرى، اللذين اقتربا كثيرًا من أنثى الغزال، كي لا يقف أحد بينه وبين شريكه الجنسي غير الراغب به.
فماذا يحدث في هذا الفيلم بالتحديد؟
اعتقد الباحثون الذين قادتهم ماري بيليه ” Marie Pelé” من جامعة ستراسبورغ في فرنسا، بعد أنْ سجلوا هذا السلوك، أنَّ ارتفاع الهرمونات هو ما دفع القرد للسعي وراء أنثى غزال سيكا.
وبسبب وضعه الاجتماعي المتدني ضمن فصيلته، عدَّ الباحثون هذا القرد ذكرًا “هامشيًا”، إذْ يقع على هامش الدائرة الاجتماعية، وربما لن يتمكّن من إيجاد أنثى قرد ليتزاوج معها إن حاول.
وقد صرّح أحد أعضاء الفريق سوير سيدريك ” Sueur Cédric” لمجلّة نيو ساينتست: «سيكون مثيرًا للاهتمام أن نتابع مراقبة ذكور قرود المكاك اليابانية في جزيرة ياكوشيما، لأنّ هذه الأنواع عرفت بعرضها السلوكيات الثقافية وتعاليم المجتمع، وبسبب حرمان بعض الذكور من إناث فصيلتهم، يمكن لهذه الذكور المهمّشة أن تكون قد تعلّمت من المجتمع التفاعلَ جنسيًا مع سيكا الغزلان لتخفيف إحباطها الجنسي».
ويظهر رد الفعل الطفيف الذي اتخدته أنثى الغزال أنّ هذه الإناث إمّا معتادة على محاولات القرود المهمّشين التزاوج معها، أو أنَّ سلوك القرد مشابه لبعض التفاعلات “الأكثر براءة” التي تحدث بين النوعين.
وتذكر ماري بيليه أنّ هذا يمكن أن يكون أيضًا مظهرًا من مظاهر سلوك اللعب المعروفة بين قرود المكاك اليابانية والغزلان.
والخبر السار أنه في حين قد نجح القرد في التخلّص من بعض التوتر بعد ما فعله، لم يكن في ذلك خسارة كبيرة لأنثى الغزال، فقد ذكر فريق الدراسة قائلًا: «السلوك الذي أبدته أنثى الغزال عندما لعقت السائل المنوي للقرد يوحي بأنَّ هذا السائل مصدر جيد للبروتين».