كتب جو سيتشل، البروفيسور في علم الأنتروبولوجي في «جامعة دورهام» على The Conversation في 19 كانون الثاني/يناير 2017: «الرئيسيات جديرة بالملاحظة والاهتمام، فقد اعتدنا على الشمبانزي، القردة، الليمور ذو الذيل الحلقي، لكن هل سمعت يومًا بقردة الترسير ذات العيون الكبيرة؟
أو ليمور كليس الصوفي؛ المسمَّى على اسم الممثل البريطاني جون كليس؟
أو الدوك ذو الساق الحمراء الخرافي؟
ماذا عن الواكاري الأصلع ذو الرأس الأحمر مخيف المظهر؟
وهل تعرف أن رئيسيات القردة يمكن أن تكون صغيرة بحجم الفئران؟
يوجد حوالي 504 نوعًا منها، الشيء الذي جعل من الرئيسيات واحدة من أكبر مجموعات الرئيسيات.
بعضها نشيط خلال النهار، وهذا القسم المألوف بالنسبة لنا، ولكن البقية فلا يظهرون إلا ليلًا.
بعضها يأكل الفواكه، وبعضها يأكل الأوراق، ومازال البعض منها يأكل الحشرات، والبعض يصطاد لأجل اللحم.
يأكل أحد الأنواع فطر المشروم بشكل أساسي، وتتغذى أنواع أخرى على غيرها من الرئيسيات.
تعيش الرئيسيات غالبًا في الغابات المطيرة المدارية، وثلثا هذه الأنواع يمكن أن توجد في البرازيل، مدغشقر، إندونيسيا أو في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويمكن أيضًا أن تتواجد في المروج الخضراء، والجبال الثلجية والصحاري، وبعض منها يترعرع في مدننا.
يمكن أن تعيش الرئيسيات منعزلةً، في مجتمعات كبيرة ومعقدة، أو في أي من هذه البيئات.
يعلق بعضها على الأشجار وبهذه الميزة تظهر وكأنها تطير، ولكن غيرها من الأنواع تبدو وكأنها لا تتحرك كثيرًا. وبعضها يغني بشكل ثنائي.
العديد منها ملوَّن بشكل مميز.
بعضها جميل؛ وغيرها قبيح.
ولكن بجميعها ساحرة.
درستُ الرئيسيات عشرين سنة، ومازلت أتفاجئ وأبتهج بالاكتشافات الجديدة.
مثل اليوم الذي رأيت فيه إناث قردة تهاجم ذكرًا أكبر منها حجمًا بثلاثة أضعاف، أو عندما تعلّمت أنَّ بعض الرئيسيات تدفن نفسها في الأرض من أجل السُّبات، وأن الكبوشين يطحن الحريش (كثير أرجل؛ من مفصليات الأرجل) ليستخدمها كمادة طاردة للحشرات.
تعد الرئيسيات مهمّة أيضًا للغابات المطيرة المدارية؛ تأبير الأشجار ونثر بذورها عبر مخازن الكربون الحيوية هذه.
وهم الأقارب البيولوجيين الأقرب إلينا نحن البشر، وننظر إليهم لكي نفهم تطورنا.
أخبار سيئة تخص الرئيسيات:
خلال السنتين الماضيتين، كنت جزءًا من مجموعة عالمية من أخصائيي علم الرئيسيات الذين قيّموا حالة حماية كل الأنواع الـ504 هذه.
ونُشرت نتائجنا الآن في دورية Science Advances.
الأخبار سيئة، الرئيسيات في مشكلة رهيبة، حوالي 60% من الأنواع مهدد بالإنقراض و75% تنخفض أعدادها.
وبدون أي تحرّك حيال ذلك، ستزداد هذه الأرقام؛ وأنواع أكثر ستختفي للأبد.
هذا الوضع الكئيب هو خطأ من صنع أيدينا، الرئيسيات مهددة بالإنقراض بسبب خسارتها لمسكنها الطبيعي عندما تقطع أشجاره من أجل الخشب، أو عندما تُحول إلى حقول أو مزارع للماشية.
يمكن أيضَا أن تُصطاد من أجل اللحم، أو لتزويد التجارة غير الشرعية بالحيوانات الأليفة والأعضاء الجسدية.
تشييد الطرقات، استخراج النفط والغاز، التنقيب عن المعادن، التلوث، المرض والتغير المناخي، كل ذلك يزيد من قائمة المخاطر بتأثيرها مجتمعةً عادة.
لقد طرت فوق الأراضي الزراعية التي حلت محل الغابات المدارية، ووقفت بين البقايا المتفحمة التي كانت موطنًا للرئيسيات، قدتُ سيارتي على الطرق المشيدة حديثًا ورأيت رئيسيات ميتة للبيع، وتُبضَّع في الأسواق التي تبيع لحوم الطرائد.
لقد رأيت صغار قردة مقبوض عليهم حديثًا، مهيَّأ للموت ببطء على الرغم من الجهود المبذولة من البشر المهتمين بهم، عملت على إنقاذ الحيوانات والتفكير بمستقبلهم، لقد سافرت في أنهار الغابات المطيرة بصعوبة، لكنها كانت مُلوّثة بالتنقيب غير الشرعي والخفي.
عبرت بمخيمات الصيادين ليلًا في الغابات المحمية، ومشيت في الغابات الخامدة، الخالية من الحيوانات.
الناس الذين يعيشون في هذه المناطق لا يخططون لإفناء أنواع الرئيسيات.
تكلمتُ مع الناس الذين أُجبروا على صرف انتباههم حول الموضوع لأنهم يجنون موارد رزقهم من الحياة البرية؛ بما فيها الرئيسيات؛ مع صيادين يصطادون لإطعام عوائلهم ولكسب الأموال من أجل تكاليف مدارس أبنائهم، أو لفواتير الرعاية الصحية؛ ومع صيادي أسماك يصطادون الرئيسيات لإطعام عوائلهم عندما لا تتوافر الأسماك.
الخطر هذا نتيجة لإشكال سياسي، وعدم استقرار اقتصادي واجتماعي؛ إجرام أرغن، فساد وسياسة تفضّل المنفعة قصيرة الأمد على الاستدامة طويلة الأمد.
من الصعب أن تكون إيجابيًّا عندما تواجه انقراضًا لأقرب أقربائنا يقوده البشر.
الوضع حرج، لكن نحن، الكتاب الـ31 للتقرير الجديد، والمرؤوس من قبل أليخاندرو إسترادا من جامعة: (Nacional Autónoma de México)، وبول أ. غاربر من جامعة إلينوي (University of Illinois)، نؤمن بأن الوضع ما يزال قابلا للعكس.
لتجنب انقراض الرئيسيات، يحتاج البشر لأن يكونوا موجهين لأساليب الاستدامة، سواء كانت بشكل محلي (إيجاد طرق للمزارعين لكي يتعايشوا مع الرئيسيات التي تعتاش على محاصيلهم)؛ أو عالميًّا: (إيقاف إزالة الأشجار).
لا توجد إجابة وحيدة.
يجب أن تتأقلم سياسات الحماية مع كل بلد، وموطن أو نوع، وأن تعتمد على الطبيعة الحقيقية لكل مشكلة، هذه مهمة صعبة.
لكن أملنا جاء من المشاريع الاستثنائية والناس غير العاديون حول العالم، مثل Virunga rangers الذين يعرضون حياتهم للخطر (والموت) في سبيل حماية حيوانات الغوريلا وغيرها من الرئيسيات في جمهورية الكونغو الديموقراطية أو Fundacion Pro-Conservation Primates Panamenos؛ منظمة مهتمة بالحفاظ على قردة الباناما.
تكمن الحلول في الإنصاف العالمي، وتحمّل مسؤولية وآثار أفعالنا، لا يمكننا تجاهل الكوارث البشرية والسياسية في البلدان الأخرى.
نحتاج إلى أن نصل إلى الملائمة بين حاجات البشر والرئيسيات معًا في سياساتٍ لمنفعة الأرض، مراقبة جمهرة الرئيسيات، التخفيف من التجارة غير الشرعية.
من الممكن حبس بعض الجماعات لإنقاذ الأنواع التي على حافة الإنقراض، لكن إذا خسرنا موطنهم الطبيعي، فلا يوجد أمل من ذلك.
لتقليل الضغط على الرئيسيات ومواطنهم الأصلية، علينا أن نخفّض الحاجة للخشب الصلب المداري، زيت جوز النخيل، فول الصويا، المطاط، والوقود الأحفوري، والتشجيع على استخدام المصادر المستدامة.
هذه ليست أخبارًا، لكن بإمكاننا جعل الاستهلاك المفرط وغير الضروري على حساب وجود الأنواع الأخرى أمرًا غير مقبول.
كل مستهلك يتخذ قرار حيال ذلك يمكن أن يكون له أثر عالمي.
من ناحية أخرى، علينا أن نفهم أن الحيوانات البرية ليست ملائمة حيوانات أليفة (الفكرة في كلمة “برية”).
بيولوجيًّا، الانقراض ظاهرة طبيعية، أنواع تتطور، وأنواع أخرى تنقرض.
من آن لآخر في تاريخ الأرض، مَحتِ الانقراضات الجماعية عددًا كبيرًا من الأنواع عالميًّا.
على أية حال، لا يمكن أن نقبل أن نكون نحن، كنوع من هذه الرئيسيات، نكون السبب في انقراض الآخرين في الوقت الذي ما زال فيه بإمكاننا منع ذلك.