ا
عتاد جيمس ويبر James Webber أن يركض حافيَ القدمين منذ 12 عامًا. إذ أراد العثور على شغفٍ جديدٍ بعد أن تأكَّد أنَّ مسيرته المهنية في الصياغة بمساعدة الحاسوب لم تكن مناسبةً له. وفي نهاية المطاف، قادته قدماه الحافيتان إلى جامعة أريزونا University of Arizona، حيث التحق كطالب دكتوراه في كلية علم الإنسان.
كان ويبر مهتمًا بدراسة آليات الركض، ولكن كما يقول المثل، لا بد من تعلُّم المشي قبل أن تتمكن من الركض، وهذا، إذا جاز التعبير، هو ما كان يفعله ويبر Webber خلال بحثه.
تبحث دراسته الأخيرة حول المشي، والتي نُشرت في دورية البيولوجيا التجريبية Journal of Experimental Biology، على وجه التحديد، لماذا يسير البشر بخطوةٍ تبدأ بالكعب وتنتهي بالأصابع، في حين أنَّ العديدَ من الحيوانات، مثل الكلاب والقطط، تمشي بواسطة الالتفاف حول كُرات أقدامهم.
وهذا السؤال مثيرٌ للاهتمام من وجهة نظر ويبر على وجه الخصوص، لأنَّ أولئك الذين يمارسون الركض حفاة القدمين، أو »الركض الطبيعي« يحطُّون على منتصف أو كرات أقدامهم بدلًا من الكعب عند الركض، وهي خطوةٌ تبدو غير طبيعيةٍ عند المشي.
في الواقع، قمنا نحن البشر إلى حدٍّ ما بتحديد طريقة سيرنا، ولكن يمكن اعتبار أسلوبنا الذي يبدأ بالكعب مثيرًا للفضول.
يقول ويبر: »البشر هم مشاةٌ فعالين جدًا، ويُعَدُّ امتلاك أرجلٍ طويلةٍ عنصرًا أساسيًا لهذه الكفاءة لدى كل أنواع الثدييات.« ويضيف: »يقف الكلاب والقطط على كرات أقدامهم، ويرفعون كعوبهم في الهواء، فقد تكيفوا لامتلاك ساقٍ أطول، ولكنَّ البشر قاموا بأمرٍ مختلف. فقد أخفضنا كُعوبَ أقدامِنا على الأرض، وهذا من المفترض أن يجعل أرجلنا أقصر مما كان يمكن أن يكون لو كنا نقف على أصابعنا، وكانت هذه معضلةً بالنسبة لنا (العلماء).« ومع ذلك، تفسر دراسة ويبر لماذا يعمل أسلوب الخطوة بضرب الكعب لدينا بشكلٍ جيدٍ جدًا، وأنَّ هذا الأمر يعود إلى طول الأطراف: فالمشي الذي بيدأ بالكعب يخلق »ساقين أطول افتراضيًا«، كما يقول.
نحن نتحرك مثل نواسٍ بشري
عندما يمشي البشر، بحسب ويبر، فإنهم يتحركون مثل نواسٍ يتأرجح مقلوبًا، إذ يتأرجح الجسم أساسًا فوق نقطة التقاء القدم بالأرض أدناه. وحين نخطوا خطوةً، ينتقل مركز الضغط على طول القدم، من الكعب إلى أصابع القدمين، فالنقطة المحورية الحقيقية للنواس المقلوب تكون وسط القدم وبفعاليةِ عِدَّة سنتيمتراتٍ تحت الأرض. هذا، في جوهره، يزيد من طول »الساقين الافتراضيتين« تحت الأرض، مما يجعلها أطول من أرجلنا الحقيقية.
كما يشرح ويبر: «البشر يهبطون على كعوبهم، ويضغطون باتجاه أصابع أقدامهم. أنت تهبط في نقطةٍ واحدة، ثم تدفع باتجاه نقطةٍ أخرى تقع بحوالي 8 إلى 10 بوصة بعيدًا عن النقطة التي بدأت منها. إذا قمت بتوصيل هذه النقاط لتنشئ نقطةً محورية، فإنها ستقع تحت الأرض، وجوهريًا، سينتهي بك الأمر مع نوعٍ جديدٍ من طول الطرف. ميكانيكيًا، كأنه لديك ساقًا أطول بكثيرٍ مما كنت تتوقع.»
توصّل ويبر ومستشاره والمؤلف المشارك، عالم الأنثروبولوجيا من جامعة أريزونا ديفيد ريتشلينDavid Raichlen، إلى هذا الاستنتاج بعد متابعة المشاركين في الدراسة على جهاز المشي في مختبر الميكانيكا الحيوية التطوري في الجامعة. كانوا يبحثون عن الاختلافات بين أولئك الذين طُلِب منهم المشيُ بشكلٍ طبيعي والذين طُلِب منهم المشيُ على الأصابع أولًا. ووجد الباحثون أن الذين مشوا على أصابعهم أولًا كانوا أبطأ، واحتاجوا بذل جهدٍ أكبر ب10% من أوئك الذين مشوا خطواتٍ تقليدية، وكانت الأطراف لدى الذين مشوا خطواتٍ تقليدية، أطول ب15 سم من أطراف الذين مشوا على أصابعهم أولًا.
»إنَّ الطول الزائد ل »الطرف الافتراضي« أطولُ مما لو طُلِب منهم فقط الوقوف على أصابع أقدامهم، لذلك يبدو أنَّ البشر قد عثروا على طريقةٍ جديدةٍ لزيادة طول الأطراف لديهم ليصبحوا أكثر كفاءةً في المشي من مجرد الوقوف على أصابع الأقدام.« ويضيف ويبر »ما زال الأمر يعود إلى طول الطرف، وهذا لأنه أكثر من مجرد بُعدِ الورك عن الأرض، فأقدامنا تلعب دورًا هامًا، نتجاهله في كثيرٍ من الأحيان. «
عندما قام الباحثون بزيادة سرعة جهاز المشي للانتقال من المشي إلى الركض، وجدوا أنَّ الذين مشوا على أصابع أقدامهم أولًا انتقلوا إلى الركض بسرعاتٍ أقلَّ من الذين مشوا بشكلٍ طبيعي، مما يبين أنَّ المشي على أصابع القدمين أولًا أقلُّ كفاءةً بالنسبة للبشر.
كان لدى أسلاف الإنسان القديم أقدامٌ طويلةٌ جدًا
لا عجب أنَّ البشر مصمِّمين على أساليبهم عندما يتعلق الأمر بالمشي على الكعب أولًا، فنحن نقوم بذلك منذ فترةٍ طويلة. ويعرف العلماء من خلال آثار أقدامٍ محفوظةٍ في الرماد البركاني في لاتولي، تنزانيا، أنَّ أشباه البشر القدماء hominins كانوا يمارسون المشي من الكعب إلى أصابع القدمين قبل 3.6 مليون سنة.
تغيرت أقدامنا على مر السنين، ولكن يبدو أن ثنائيات الحركة (الحيوانات التي تمشي على قدمين) كان لديها أقدام قاسية وكانت نسبيًا أطول بكثير مما لدينا اليوم، نحو 70% من طول عظم الفخذ، مقارنةً مع 54% لدى البشر المعاصرين. هذا من شأنه أن يساعدهم على أن تكون مشيتهم سريعةً وفعالة.
بينما تمسَّك البشر المعاصرون بنمط المشي على الكعب أولًا، ويعتقد ويبر أنَّ أقدامنا قد أصبحت أقصر، نسبيًا، كما أصبحنا أفضل في الركض لملاحقة الفريسة.
يقول ويبر: «إذا كانت لديك قدمٌ طويلةٌ جدًا وتحتاج إلى قوة دفعٍ شديدةٍ إلى الوراء في نهاية قدمك للانتقال إلى الخطوة التالية، فذلك يضيف الكثير من عزم الدوران والانحناء. ولذا فإنَّ الفكرة هي أننا عندما انتقلنا إلى أنشطة الركض، تقلَّصت أقدامنا لأنه ربما لم يكن مهمًا أن نكون مشاةً فائقي السرعة، بقدر ما أصبح من المهم أن نكون عدّائين جيدين حقًا.»
عتاد جيمس ويبر James Webber أن يركض حافيَ القدمين منذ 12 عامًا. إذ أراد العثور على شغفٍ جديدٍ بعد أن تأكَّد أنَّ مسيرته المهنية في الصياغة بمساعدة الحاسوب لم تكن مناسبةً له. وفي نهاية المطاف، قادته قدماه الحافيتان إلى جامعة أريزونا University of Arizona، حيث التحق كطالب دكتوراه في كلية علم الإنسان.
كان ويبر مهتمًا بدراسة آليات الركض، ولكن كما يقول المثل، لا بد من تعلُّم المشي قبل أن تتمكن من الركض، وهذا، إذا جاز التعبير، هو ما كان يفعله ويبر Webber خلال بحثه.
تبحث دراسته الأخيرة حول المشي، والتي نُشرت في دورية البيولوجيا التجريبية Journal of Experimental Biology، على وجه التحديد، لماذا يسير البشر بخطوةٍ تبدأ بالكعب وتنتهي بالأصابع، في حين أنَّ العديدَ من الحيوانات، مثل الكلاب والقطط، تمشي بواسطة الالتفاف حول كُرات أقدامهم.
وهذا السؤال مثيرٌ للاهتمام من وجهة نظر ويبر على وجه الخصوص، لأنَّ أولئك الذين يمارسون الركض حفاة القدمين، أو »الركض الطبيعي« يحطُّون على منتصف أو كرات أقدامهم بدلًا من الكعب عند الركض، وهي خطوةٌ تبدو غير طبيعيةٍ عند المشي.
في الواقع، قمنا نحن البشر إلى حدٍّ ما بتحديد طريقة سيرنا، ولكن يمكن اعتبار أسلوبنا الذي يبدأ بالكعب مثيرًا للفضول.
يقول ويبر: »البشر هم مشاةٌ فعالين جدًا، ويُعَدُّ امتلاك أرجلٍ طويلةٍ عنصرًا أساسيًا لهذه الكفاءة لدى كل أنواع الثدييات.« ويضيف: »يقف الكلاب والقطط على كرات أقدامهم، ويرفعون كعوبهم في الهواء، فقد تكيفوا لامتلاك ساقٍ أطول، ولكنَّ البشر قاموا بأمرٍ مختلف. فقد أخفضنا كُعوبَ أقدامِنا على الأرض، وهذا من المفترض أن يجعل أرجلنا أقصر مما كان يمكن أن يكون لو كنا نقف على أصابعنا، وكانت هذه معضلةً بالنسبة لنا (العلماء).« ومع ذلك، تفسر دراسة ويبر لماذا يعمل أسلوب الخطوة بضرب الكعب لدينا بشكلٍ جيدٍ جدًا، وأنَّ هذا الأمر يعود إلى طول الأطراف: فالمشي الذي بيدأ بالكعب يخلق »ساقين أطول افتراضيًا«، كما يقول.
نحن نتحرك مثل نواسٍ بشري
عندما يمشي البشر، بحسب ويبر، فإنهم يتحركون مثل نواسٍ يتأرجح مقلوبًا، إذ يتأرجح الجسم أساسًا فوق نقطة التقاء القدم بالأرض أدناه. وحين نخطوا خطوةً، ينتقل مركز الضغط على طول القدم، من الكعب إلى أصابع القدمين، فالنقطة المحورية الحقيقية للنواس المقلوب تكون وسط القدم وبفعاليةِ عِدَّة سنتيمتراتٍ تحت الأرض. هذا، في جوهره، يزيد من طول »الساقين الافتراضيتين« تحت الأرض، مما يجعلها أطول من أرجلنا الحقيقية.
كما يشرح ويبر: «البشر يهبطون على كعوبهم، ويضغطون باتجاه أصابع أقدامهم. أنت تهبط في نقطةٍ واحدة، ثم تدفع باتجاه نقطةٍ أخرى تقع بحوالي 8 إلى 10 بوصة بعيدًا عن النقطة التي بدأت منها. إذا قمت بتوصيل هذه النقاط لتنشئ نقطةً محورية، فإنها ستقع تحت الأرض، وجوهريًا، سينتهي بك الأمر مع نوعٍ جديدٍ من طول الطرف. ميكانيكيًا، كأنه لديك ساقًا أطول بكثيرٍ مما كنت تتوقع.»
توصّل ويبر ومستشاره والمؤلف المشارك، عالم الأنثروبولوجيا من جامعة أريزونا ديفيد ريتشلينDavid Raichlen، إلى هذا الاستنتاج بعد متابعة المشاركين في الدراسة على جهاز المشي في مختبر الميكانيكا الحيوية التطوري في الجامعة. كانوا يبحثون عن الاختلافات بين أولئك الذين طُلِب منهم المشيُ بشكلٍ طبيعي والذين طُلِب منهم المشيُ على الأصابع أولًا. ووجد الباحثون أن الذين مشوا على أصابعهم أولًا كانوا أبطأ، واحتاجوا بذل جهدٍ أكبر ب10% من أوئك الذين مشوا خطواتٍ تقليدية، وكانت الأطراف لدى الذين مشوا خطواتٍ تقليدية، أطول ب15 سم من أطراف الذين مشوا على أصابعهم أولًا.
»إنَّ الطول الزائد ل »الطرف الافتراضي« أطولُ مما لو طُلِب منهم فقط الوقوف على أصابع أقدامهم، لذلك يبدو أنَّ البشر قد عثروا على طريقةٍ جديدةٍ لزيادة طول الأطراف لديهم ليصبحوا أكثر كفاءةً في المشي من مجرد الوقوف على أصابع الأقدام.« ويضيف ويبر »ما زال الأمر يعود إلى طول الطرف، وهذا لأنه أكثر من مجرد بُعدِ الورك عن الأرض، فأقدامنا تلعب دورًا هامًا، نتجاهله في كثيرٍ من الأحيان. «
عندما قام الباحثون بزيادة سرعة جهاز المشي للانتقال من المشي إلى الركض، وجدوا أنَّ الذين مشوا على أصابع أقدامهم أولًا انتقلوا إلى الركض بسرعاتٍ أقلَّ من الذين مشوا بشكلٍ طبيعي، مما يبين أنَّ المشي على أصابع القدمين أولًا أقلُّ كفاءةً بالنسبة للبشر.
كان لدى أسلاف الإنسان القديم أقدامٌ طويلةٌ جدًا
لا عجب أنَّ البشر مصمِّمين على أساليبهم عندما يتعلق الأمر بالمشي على الكعب أولًا، فنحن نقوم بذلك منذ فترةٍ طويلة. ويعرف العلماء من خلال آثار أقدامٍ محفوظةٍ في الرماد البركاني في لاتولي، تنزانيا، أنَّ أشباه البشر القدماء hominins كانوا يمارسون المشي من الكعب إلى أصابع القدمين قبل 3.6 مليون سنة.
تغيرت أقدامنا على مر السنين، ولكن يبدو أن ثنائيات الحركة (الحيوانات التي تمشي على قدمين) كان لديها أقدام قاسية وكانت نسبيًا أطول بكثير مما لدينا اليوم، نحو 70% من طول عظم الفخذ، مقارنةً مع 54% لدى البشر المعاصرين. هذا من شأنه أن يساعدهم على أن تكون مشيتهم سريعةً وفعالة.
بينما تمسَّك البشر المعاصرون بنمط المشي على الكعب أولًا، ويعتقد ويبر أنَّ أقدامنا قد أصبحت أقصر، نسبيًا، كما أصبحنا أفضل في الركض لملاحقة الفريسة.
يقول ويبر: «إذا كانت لديك قدمٌ طويلةٌ جدًا وتحتاج إلى قوة دفعٍ شديدةٍ إلى الوراء في نهاية قدمك للانتقال إلى الخطوة التالية، فذلك يضيف الكثير من عزم الدوران والانحناء. ولذا فإنَّ الفكرة هي أننا عندما انتقلنا إلى أنشطة الركض، تقلَّصت أقدامنا لأنه ربما لم يكن مهمًا أن نكون مشاةً فائقي السرعة، بقدر ما أصبح من المهم أن نكون عدّائين جيدين حقًا.»