البكتيريا (الملوية البوابية)( Helicobacter pylori) هيَ جراثيم تسبب التهاب غشاء المعدة والقرحات الهضمية، كما تعد عامل خطورة لسرطان المعدة، .ومرتبطة بلمفومات mucosa-associated lymphoid tissue (MALT).
عندما تلامس البكتريا الملويَّة الخلايا المفرِزَة للمخاط في الطبقة المُخاطية في المعدة، تولِّد كميات كبيرة من الأمونيا (اليوريا) بواسطة إنزيم اليورياز الخاص بهذه الجراثيم والمقتَرِن باستجابة التهابية تؤدي إلى أذية الطبقة المخاطية وحدوث التهاب المعدة والقرحات الهضمية.
تعد البكتيريا الملوية البوابية من الجراثيم التي تعيش في جسم الإنسان بشكل طبيعي (الفلورا)، والمسكن الطبيعي لها في معدة الإنسان وتصل غالبًا عن طريق الفم. (1)
لكن، كيف تصمد هذه البكتريا في بيئة حامضية كالمعدة؟
قام البروفيسور( فريدريك فيرير) (Frédéric Veyrier )في بحث حديث، بالتعاون مع فريق البروفيسور (هيلد دي روسيه )Hilde De Reuse) )في معهد (باستر) (Institut Pasteur)، بالكشف عن المفاتيح الوراثية الأساسية لإمرَاضيَّةِ هذهِ البكتريا، ومثل بقية الأحياء الدقيقة، يخضع هذا العامل المُمْرِض لتعديلات وراثية خلال مسار التطور مكّنَتهُ من التأقُّلم مع بيئته.
في الواقع، النيكل هو المفتاح التطوري الذي مكّن بكتيريا الملوية البوابية من العيش في بيئة المعدة شديدة الحموضة. يلعب هذا المعدن دورَ عاملٍ مساعدٍ لبروتينين أساسيين، واحد منهم هو انزيم اليورياز، الذي يُعدّل من حموضة المعدة.
بناءً على ذلك، يحتاج العامل الممرض إلى نظام نقل فعّال للنيكل لاستيطان المعدة.
من خلال فحص الجينوم الداخلي للجرثومة، حدَّد فريق البحث ناقل جديد للنيكل، ويبدو أنه مهم في اكتساب الجرثومة للمعدن. فَما إن يدخل النيكل إلى الخلية الجرثومية، حتى يبدأ بتنظيم تصنيع إنزيم اليورياز، والذي يُعدّل بدوره الحمض داخل المعدة.
يشفَّر الجين المسئول عن هذا البروتين مع عدد من الجينات الأخرى لبروتينات تشارك في التوازن الداخلي للنيكل، وقدِ اكتسبت الجراثيم هذه الجينات منذ زمنٍ طويل عبر النقل الوراثي الأفقي.
تلعب المعادن عادةً الدور المفتاحي في العملية الإمراضية للجراثيم، والحالة نفسها عندَ بقية الأحياء الدقيقة، بما فيها (البكتيريا القولونية)( Escherichia coli)، حيث يلعب الحديد دورًا مهمًّا في قدرتها على إصابة المضيف بالعدوى. على أية حال، أدى التبدُّل الوراثي إلى تعديلات في توازن المعادن في خلايا البكتيريا الملوية البوابية، الشيء الذي مكَّنَها من التأقلم مع البيئة المَعِدِيَّة، وهذا شيء فريد جدًّا.
من ناحية أخرى، يجب أن تمكّن الدراسات الوراثية الباحثين من تحديد الجينَات الأخرى التي اكتسبتها الجراثيم خلال مسيرتها التَّطَوُّرِيَّة، والتي أعطتها المميزات التي تحتاجها للاستيطان في جسم مُضِيفِهَا والتسبب بالمرض.
يمكننا بطريقةٍ ما أن نعتبر هذه الجينَات مراسيل من الماضي.
سيستخدم هذا العمل البحثي لتطوير استراتيجيات لمحاربة هذه المُمرِضات. (2)