افريقيه (فن بدايي)
Africa - Afrique
الآثار والفنون
خلفت بعض القبائل الإفريقية المتفرقة في أنحاء القارة آثاراً فنية تتبدى في عدد كبير من المنحوتات والتماثيل والرسوم المصورة على الجدران أو الصخور المستوية، ويعود أقدم ما عثر عليه منها في إفريقية المدارية إلى القرن الثالث للميلاد، حيث عثر في بعض مكامن القصدير الحالية في نيجيرية على بعض الأدوات الفنية، وعلى أجزاء متنوعة من التيجان والتماثيل والمقاعد الحجرية التي تعود إلى حضارة نوك Nok، كما عثر في الجنوب الغربي من نيجيرية على بعض المقاعد المصنوعة من الكوارتزيت، والتماثيل الحجرية، وبعض الأدوات البرونزية التي تعود إلى ما بين القرنين الثامن والعاشر للميلاد، واكتشفت على الضفة اليسرى من نهر النيجر وفي شمالي إفريقية آثار ومخلفات حضارية كثيرة كالتماثيل المصنوعة من الطين المشوي التي تشبه التماثيل المكتشفة في مناطق غربي إفريقية، وعثر في المنطقة الممتدة بين بحيرة تشاد ونيجيرية والكمرون على مواقع أثرية فيها قطع من الطين المشوي والبرونز تعود إلى المدة الواقعة بين القرنين العاشر والسادس عشر للميلاد.
وأكثر الآثار والمخلفات القديمة المعروفة حتى اليوم في إفريقية هي التماثيل والآثار المحفورة على الخشب، أو المنحوتة في الحجر، أو الفخاريات المعروفة في غربي القارة خاصة، وكان الفنانون يختارون أشجاراً بعينها، وينتزعون لحاءها قبل الحفر عليها، ويستعملون لذلك أدوات متنوعة الأحجام والقياسات والأشكال، واستعمل الفنانون الذين قاموا بصنع التماثيل الطينية الجلود الجافة، وأنواعاً خاصة من أوراق الأشجار لزيادة نعومة جسم التمثال بإمرار هذا الجلد أو الورق على التمثال قبل أن يشوى أو يجف، واستعملوا العاج في هذه الصناعة أيضاً.
وأما صناعة الخزف والفخار فقد اختصت بها النساء، وظهرت بعض التماثيل الفخارية المطلية بطبقة رقيقة من الشمع، وكانت معدودة في الصناعات الراقية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء.
فن العمارة
لم تُكْشف الأبنية الحجرية القديمة في إفريقية إلا في جنوبي القارة (زمبابوي). أما بقية أنحاء القارة فكانت منازلها تبنى من الأخشاب وبعض المواد الفخارية أو الطينية أو الجلدية. ويعدّ الفخار مادة أساسية في بناء بيوت المناطق المدارية، والخيزران في المناطق الاستوائية. وتمتاز هذه المنازل ببساطتها، مع شيء من التنوع في أشكالها الخارجية ومظاهرها، وقد صنفها بول ميرتيب في أربع مجموعات رئيسية: فهناك نموذج تكون فيه الجدران والسقوف مؤلفة من قطعة وحيدة، وقد تتخذ المنازل شكلاً مستطيلاً أو مربعاً، وقد تكون مشيدة فوق أربعة أعمدة مرفوعة، في المناطق الرطبة أو الزراعية، وتبنى هذه المنازل عادة على نحو دائري، وبسقوف مخروطية الشكل، أو على هيئة مكعبات، وبسقوف مستوية، كما في المناطق السودانية الجافة أو مناطق شعب دوغون بمالي، وقد تتعدد طبقات هذه المنازل في المدن التجارية التي نشأت في القرون الوسطى مثل مدن جينه وكانو وتمبكتو، كما ظهرت أنواع أخرى من المنازل أو الأبنية العسكرية المحمية من الهجمات المعادية، وذلك بإحاطتها بأسوار دفاعية وخنادق عميقة وعريضة ومتاريس حجرية وترابية، فضلاً عن وجود كثير من القرى والمدن المحاطة بأسوار للحراسة والدفاع ولمنع الغرباء من الدخول إليها، وقد انتشر هذا الطراز في مناطق الغابون خاصة.
أما القصور الملكية فقد امتازت باتساعها وزخرفتها ورسومها الجدارية الملونة، وأهمها قصور زعماء الباميكلة في الكمرون، كما اتصفت الأبنية الدينية بتواضعها وبساطتها عند الجماعات غير الإسلامية، وكثيراً ما كانت الاجتماعات الدينية تعقد في العراء. أما العواصم فكانت في أغلب الأحيان قرى كبيرة، تختفي وتتهدم مع انقراض السلالة المالكة التي أنشأتها، من دون أن تخلف آثاراً محددة، مما يجعل من العسير تحديد مواقعها بعد اندثارها، كما وجدت بعض المدن المهمة التي نشأت مبكرة، واستمرت في تطورها حتى اليوم، كما في بعض المدن النيجيرية التي أقامتها قبائل اليوروبا التي سكن زعماؤها القلاع والحصون والقصور وتحيط بها مدينة صغيرة لا يُتبع في بنائها وتأسيسها مخطط واضح ومميز.
وكانت الرسوم في إفريقية في عصور ما قبل التاريخ تصوّر على الصخور أو الواجهات الحجرية الملساء كما في جبال تيبستي وهضاب جنوبي الصحراء الكبرى، واستمر هذا الأسلوب في الرسم حتى أواخر القرن التاسع عشر، إذ استخدمته قبائل البوشمن في جنوبي القارة، في حين استخدم الدانش والفيري في ساحل العاج والبيديوغو في غينية والإيبو في نيجيرية الجدران لرسم اللوحات المتنوعة، كما استخدمت قبائل الماغبيتوس جلود الحيوانات لرسم هذه اللوحات، وقلما تستخدم سقوف المنازل لهذا الغرض.
الموسيقى
للموسيقى الإفريقية خصائص متميزة، وأدوات خاصة، وتقاليد عريقة. وقد درج الباحثون على إطلاق اسم الموسيقى الإفريقية على الموسيقى التي يؤلفها الأفارقة الأصليون جنوب الصحراء الكبرى ويؤدونها، ويستثنى من هذا التعريف الموسيقى المتأثرة بأصول أجنبية واضحة والمقتبسة عن موسيقى الأمريكتين وأوربة والموسيقى الشرقية السائدة في بعض مناطق إفريقية. ويمكن القول إن الموسيقى الإفريقية هي الموسيقى التقليدية الموروثة التي تختص بها القارة الإفريقية، تنتقل سماعاً بلا انقطاع، وتتطور باستمرار كلما أضاف العازفون إليها عناصر جديدة أو أسقطوا منها عناصر سابقة من دون أن يخرجوا بها عن الأطر المحددة لها والمقبولة محلياً. والتراث الإفريقي غني بالعناصر الموسيقية فلا يوجد مجتمع واحد في إفريقية كلها ليس له موسيقى خاصة به، وهي موسيقى معقدة إلى درجة ما متعددة الإيقاع ومتعددة الأصوات والأنغام. وهي كذلك موسيقى شعبية ويستعصي على الموسيقيين الأفارقة إدراك المبادئ المجردة لموسيقاهم هذه، إلا أن إسهام كل أعضاء المجتمع الإفريقي من غير تردد في أي نشاط موسيقي يدل على وجود مبادئ مشتركة غير مكتوبة أو منظومة تسهم في إغناء تراثهم الموسيقي. وقد تكون للرجال موسيقاهم وللنساء موسيقاهن، وثمة ألوان أخرى دينية أو طقسية أو خاصة، وهناك أنواع من الرقص والغناء تقتصر على المناسبات والاحتفالات. وللموسيقى في غربي القارة مكانة متميزة، تتعدد فيها الآلات وخاصة الآلات الإيقاعية. وأهم آلات الموسيقى الإفريقية الطبل بأنواعه وأشكاله المختلفة، وقد مهر الأفارقة في استخدامه إلى أبعد الحدود.
محمد وليد الجلاد
الفن البدائي الإفريقي
لما كان المقصود من هذا البحث الحديث عن فنون إفريقية قبل أن تقع تحت تأثير الفتوحات الأجنبية المتعددة، وكان الغالب في تلك الحقبة من الزمن عدم وجود حدود ثابتة بين المجتمعات الإفريقية، وكانت أسماء المناطق، وكذلك ما نشأ معها من دول، متعددة ومتداخلة في حالات كثيرة، فإن من المناسب عند الكتابة عن هذه الفنون الانطلاق من التقسيمات السياسية القائمة اليوم ليكون القارئ على بيّنة من المكان الذي ظهر فيه الفن الذي يتناوله البحث، ومن المناسب كذلك الوقوف في نهاية هذا البحث عند نقاط التشابه بين الآثار الفنية هنا وهناك لإعطاء فكرة عما يتميز به الفن الإفريقي البدائي.
1 ـ الفن الإفريقي البدائي في أقطار إفريقية الغربية
مالي Mali: ترجع أصول الجماعات المعروفة باسم تلّيم Tellem ودوغون Dogon وبمبارة Bambara إلى المنطقة المسماة اليوم مالي، وتفاعلت مع بيئتها وطبيعتها وأفادت من توافر المواد الأولية في إبداع روائعها الفنية.
وقد حلت جماعات دوغون محل جماعات تلّيم وحافظت على تراثها الفني القبلي في الغابات المنتشرة فوق صخور باندياغارا Bandiagara قرب مدينة تمبكتو. وتعدّ قبيلة دوغون من أهم قبائل إفريقية في ميدان فن النحت الذي يعود فضل إبداع معظم روائعه إلى فئة «الحدادين»، مما يفسر أثر تقنية مهنتهم في النحت الخشبي وخطوطه القاسية بحسب رأي وليم فاغ William Fagg في كتابه «المنحوتات الإفريقية». وكانت الكهوف التي استخدمتها قبيلة دوغون مقابر لموتاهم خير مساعد في المحافظة على المنحوتات الخشبية الجميلة.
يحتفظ مجتمع بمبارة بأساطير طريفة تدل على محاولات الإنسان البدائي القديم الوصول إلى المعرفة واكتشاف أسرار هذا الكون الصاخب والغامض. ومن أطرف تلك الأساطير أسطورة رب المياه فارو Faro الذي خرج من الخواء وانتصر على بمبا Pemba رب الأرض، وأخذ ينشر الحياة الحضارية في العالم.
إن الروائع الحديدية المكتشفة في مالي تدل على خبرة مجتمع بمبارة في ميادين هذه الصناعة وعلى مهارتهم اليدوية وذوقهم الفني ومتطلبات مجتمعهم من الفن. وتدل روائع صناعة الفخار المكتشفة في موقع موبتي Mopti على مدى إدراك ذلك الصانع الفنان إمكانات مادة الصلصال. وتجدر الإشارة إلى أهمية الأقنعة والتماثيل وتنوعها ووظائفها في الحياة الروحية والاجتماعية. ومن أشهر الروائع الفنية التي أبدعها فنانو مالي:
ـ تمثال زوجين جالسين وقد وضع أحدهما يده على كتف الآخر.
ـ تمثال نومّو Nommo
Africa - Afrique
الآثار والفنون
خلفت بعض القبائل الإفريقية المتفرقة في أنحاء القارة آثاراً فنية تتبدى في عدد كبير من المنحوتات والتماثيل والرسوم المصورة على الجدران أو الصخور المستوية، ويعود أقدم ما عثر عليه منها في إفريقية المدارية إلى القرن الثالث للميلاد، حيث عثر في بعض مكامن القصدير الحالية في نيجيرية على بعض الأدوات الفنية، وعلى أجزاء متنوعة من التيجان والتماثيل والمقاعد الحجرية التي تعود إلى حضارة نوك Nok، كما عثر في الجنوب الغربي من نيجيرية على بعض المقاعد المصنوعة من الكوارتزيت، والتماثيل الحجرية، وبعض الأدوات البرونزية التي تعود إلى ما بين القرنين الثامن والعاشر للميلاد، واكتشفت على الضفة اليسرى من نهر النيجر وفي شمالي إفريقية آثار ومخلفات حضارية كثيرة كالتماثيل المصنوعة من الطين المشوي التي تشبه التماثيل المكتشفة في مناطق غربي إفريقية، وعثر في المنطقة الممتدة بين بحيرة تشاد ونيجيرية والكمرون على مواقع أثرية فيها قطع من الطين المشوي والبرونز تعود إلى المدة الواقعة بين القرنين العاشر والسادس عشر للميلاد.
وأكثر الآثار والمخلفات القديمة المعروفة حتى اليوم في إفريقية هي التماثيل والآثار المحفورة على الخشب، أو المنحوتة في الحجر، أو الفخاريات المعروفة في غربي القارة خاصة، وكان الفنانون يختارون أشجاراً بعينها، وينتزعون لحاءها قبل الحفر عليها، ويستعملون لذلك أدوات متنوعة الأحجام والقياسات والأشكال، واستعمل الفنانون الذين قاموا بصنع التماثيل الطينية الجلود الجافة، وأنواعاً خاصة من أوراق الأشجار لزيادة نعومة جسم التمثال بإمرار هذا الجلد أو الورق على التمثال قبل أن يشوى أو يجف، واستعملوا العاج في هذه الصناعة أيضاً.
وأما صناعة الخزف والفخار فقد اختصت بها النساء، وظهرت بعض التماثيل الفخارية المطلية بطبقة رقيقة من الشمع، وكانت معدودة في الصناعات الراقية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء.
فن العمارة
لم تُكْشف الأبنية الحجرية القديمة في إفريقية إلا في جنوبي القارة (زمبابوي). أما بقية أنحاء القارة فكانت منازلها تبنى من الأخشاب وبعض المواد الفخارية أو الطينية أو الجلدية. ويعدّ الفخار مادة أساسية في بناء بيوت المناطق المدارية، والخيزران في المناطق الاستوائية. وتمتاز هذه المنازل ببساطتها، مع شيء من التنوع في أشكالها الخارجية ومظاهرها، وقد صنفها بول ميرتيب في أربع مجموعات رئيسية: فهناك نموذج تكون فيه الجدران والسقوف مؤلفة من قطعة وحيدة، وقد تتخذ المنازل شكلاً مستطيلاً أو مربعاً، وقد تكون مشيدة فوق أربعة أعمدة مرفوعة، في المناطق الرطبة أو الزراعية، وتبنى هذه المنازل عادة على نحو دائري، وبسقوف مخروطية الشكل، أو على هيئة مكعبات، وبسقوف مستوية، كما في المناطق السودانية الجافة أو مناطق شعب دوغون بمالي، وقد تتعدد طبقات هذه المنازل في المدن التجارية التي نشأت في القرون الوسطى مثل مدن جينه وكانو وتمبكتو، كما ظهرت أنواع أخرى من المنازل أو الأبنية العسكرية المحمية من الهجمات المعادية، وذلك بإحاطتها بأسوار دفاعية وخنادق عميقة وعريضة ومتاريس حجرية وترابية، فضلاً عن وجود كثير من القرى والمدن المحاطة بأسوار للحراسة والدفاع ولمنع الغرباء من الدخول إليها، وقد انتشر هذا الطراز في مناطق الغابون خاصة.
أما القصور الملكية فقد امتازت باتساعها وزخرفتها ورسومها الجدارية الملونة، وأهمها قصور زعماء الباميكلة في الكمرون، كما اتصفت الأبنية الدينية بتواضعها وبساطتها عند الجماعات غير الإسلامية، وكثيراً ما كانت الاجتماعات الدينية تعقد في العراء. أما العواصم فكانت في أغلب الأحيان قرى كبيرة، تختفي وتتهدم مع انقراض السلالة المالكة التي أنشأتها، من دون أن تخلف آثاراً محددة، مما يجعل من العسير تحديد مواقعها بعد اندثارها، كما وجدت بعض المدن المهمة التي نشأت مبكرة، واستمرت في تطورها حتى اليوم، كما في بعض المدن النيجيرية التي أقامتها قبائل اليوروبا التي سكن زعماؤها القلاع والحصون والقصور وتحيط بها مدينة صغيرة لا يُتبع في بنائها وتأسيسها مخطط واضح ومميز.
وكانت الرسوم في إفريقية في عصور ما قبل التاريخ تصوّر على الصخور أو الواجهات الحجرية الملساء كما في جبال تيبستي وهضاب جنوبي الصحراء الكبرى، واستمر هذا الأسلوب في الرسم حتى أواخر القرن التاسع عشر، إذ استخدمته قبائل البوشمن في جنوبي القارة، في حين استخدم الدانش والفيري في ساحل العاج والبيديوغو في غينية والإيبو في نيجيرية الجدران لرسم اللوحات المتنوعة، كما استخدمت قبائل الماغبيتوس جلود الحيوانات لرسم هذه اللوحات، وقلما تستخدم سقوف المنازل لهذا الغرض.
الموسيقى
للموسيقى الإفريقية خصائص متميزة، وأدوات خاصة، وتقاليد عريقة. وقد درج الباحثون على إطلاق اسم الموسيقى الإفريقية على الموسيقى التي يؤلفها الأفارقة الأصليون جنوب الصحراء الكبرى ويؤدونها، ويستثنى من هذا التعريف الموسيقى المتأثرة بأصول أجنبية واضحة والمقتبسة عن موسيقى الأمريكتين وأوربة والموسيقى الشرقية السائدة في بعض مناطق إفريقية. ويمكن القول إن الموسيقى الإفريقية هي الموسيقى التقليدية الموروثة التي تختص بها القارة الإفريقية، تنتقل سماعاً بلا انقطاع، وتتطور باستمرار كلما أضاف العازفون إليها عناصر جديدة أو أسقطوا منها عناصر سابقة من دون أن يخرجوا بها عن الأطر المحددة لها والمقبولة محلياً. والتراث الإفريقي غني بالعناصر الموسيقية فلا يوجد مجتمع واحد في إفريقية كلها ليس له موسيقى خاصة به، وهي موسيقى معقدة إلى درجة ما متعددة الإيقاع ومتعددة الأصوات والأنغام. وهي كذلك موسيقى شعبية ويستعصي على الموسيقيين الأفارقة إدراك المبادئ المجردة لموسيقاهم هذه، إلا أن إسهام كل أعضاء المجتمع الإفريقي من غير تردد في أي نشاط موسيقي يدل على وجود مبادئ مشتركة غير مكتوبة أو منظومة تسهم في إغناء تراثهم الموسيقي. وقد تكون للرجال موسيقاهم وللنساء موسيقاهن، وثمة ألوان أخرى دينية أو طقسية أو خاصة، وهناك أنواع من الرقص والغناء تقتصر على المناسبات والاحتفالات. وللموسيقى في غربي القارة مكانة متميزة، تتعدد فيها الآلات وخاصة الآلات الإيقاعية. وأهم آلات الموسيقى الإفريقية الطبل بأنواعه وأشكاله المختلفة، وقد مهر الأفارقة في استخدامه إلى أبعد الحدود.
محمد وليد الجلاد
الفن البدائي الإفريقي
لما كان المقصود من هذا البحث الحديث عن فنون إفريقية قبل أن تقع تحت تأثير الفتوحات الأجنبية المتعددة، وكان الغالب في تلك الحقبة من الزمن عدم وجود حدود ثابتة بين المجتمعات الإفريقية، وكانت أسماء المناطق، وكذلك ما نشأ معها من دول، متعددة ومتداخلة في حالات كثيرة، فإن من المناسب عند الكتابة عن هذه الفنون الانطلاق من التقسيمات السياسية القائمة اليوم ليكون القارئ على بيّنة من المكان الذي ظهر فيه الفن الذي يتناوله البحث، ومن المناسب كذلك الوقوف في نهاية هذا البحث عند نقاط التشابه بين الآثار الفنية هنا وهناك لإعطاء فكرة عما يتميز به الفن الإفريقي البدائي.
1 ـ الفن الإفريقي البدائي في أقطار إفريقية الغربية
مالي Mali: ترجع أصول الجماعات المعروفة باسم تلّيم Tellem ودوغون Dogon وبمبارة Bambara إلى المنطقة المسماة اليوم مالي، وتفاعلت مع بيئتها وطبيعتها وأفادت من توافر المواد الأولية في إبداع روائعها الفنية.
وقد حلت جماعات دوغون محل جماعات تلّيم وحافظت على تراثها الفني القبلي في الغابات المنتشرة فوق صخور باندياغارا Bandiagara قرب مدينة تمبكتو. وتعدّ قبيلة دوغون من أهم قبائل إفريقية في ميدان فن النحت الذي يعود فضل إبداع معظم روائعه إلى فئة «الحدادين»، مما يفسر أثر تقنية مهنتهم في النحت الخشبي وخطوطه القاسية بحسب رأي وليم فاغ William Fagg في كتابه «المنحوتات الإفريقية». وكانت الكهوف التي استخدمتها قبيلة دوغون مقابر لموتاهم خير مساعد في المحافظة على المنحوتات الخشبية الجميلة.
|
نحت خشبي يمثل زوجين من الأجداد (جمهورية مالي ـ القرن الثاني عشر) |
إن الروائع الحديدية المكتشفة في مالي تدل على خبرة مجتمع بمبارة في ميادين هذه الصناعة وعلى مهارتهم اليدوية وذوقهم الفني ومتطلبات مجتمعهم من الفن. وتدل روائع صناعة الفخار المكتشفة في موقع موبتي Mopti على مدى إدراك ذلك الصانع الفنان إمكانات مادة الصلصال. وتجدر الإشارة إلى أهمية الأقنعة والتماثيل وتنوعها ووظائفها في الحياة الروحية والاجتماعية. ومن أشهر الروائع الفنية التي أبدعها فنانو مالي:
ـ تمثال زوجين جالسين وقد وضع أحدهما يده على كتف الآخر.
ـ تمثال نومّو Nommo