مصري (عزيز علي)
Al-Masri (Aziz ibn Ali-) - Al-Masri (Aziz ibn Ali-)
المصري (عزيز بن علي ـ)
(1879 ـ 1965)
قائد عسكري، من طلائع رجال الحركة العربية، ينتمي إلى أسرة من البصرة تُعرف بآل عرفات، انتقل أحد أجداده من العراق إلى القفقاس للإقامة والتجارة في أواخر القرن الثامن عشر، وهناك ولد ونشأ والد عزيز واسمه علي، الذي أبلى بلاءً حسناً في الحرب التركية الروسية سنة 1877، وانتقل هذا إلى الأستانة فأقطعه السلطان عبد الحميد أرضاً في مصر فانتقل إليها، وبها ولد عزيز، وتعلم أولاً في القاهرة، ثم بالمدرسة الحربية في إصطنبول، وفي مدرسة أركان الحرب وتخرج فيها سنة 1904، وعُيّن في جيش مقدونية فاشترك في تأديب العصابات البلغارية والألبانية المتمردة على الدولة.
وتعرف هناك صغار الضباط المنتمين إلى جمعية الاتحاد والترقي السرية العاملة لإسقاط الحكم الاستبدادي الحميدي، انضم إلى جمعية «تركيا الفتاة»، ثم أوفد إلى اليمن سنة 1911 حيث اندحرت القوات التركية أمام قوات الإمام يحيى حميد الدين فاشترك في عقد الصلح بين الدولة العثمانية والإمام يحيى، ونشبت في تلك السنة حرب طرابلس الغرب، واحتل الإيطاليون ليبيا، فتطوع عزيز علي المصري للجهاد (1911-1913)، وعاد إلى الأستانة وأخذ يدعو إلى القومية العربية بعد أن تبينت له نوايا الاتحاديين لتتريك عناصر الدولة العثمانية، فأسس جمعية «العهد» السرية في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1913 وانضم إليه عدد كبير من الضباط العراقيين والعرب مثل: ياسين الهاشمي وطه الهاشمي، وجعفر العسكري وسليم الجزائري وغيرهم، كما أُسست في الوقت نفسه جمعيات عربية أخرى منها «المنتدى الأدبي» بقيادة عبد الكريم الخليل وأحمد عزت الأعظمي، وكانت أهداف تلك الجمعيات استخلاص حقوق العرب ومنح الولايات العربية إدارة لا مركزية ضمن الدولة التركية على أن يبقى السلطان عاهلاً وخليفة للمسلمين.
استقال عزيز علي المصري من الجيش التركي في 20 كانون الثاني/يناير 1914 ليتفرغ للعمل السياسي، لكن حكومة الاتحاد والترقي لم تلبث أن قبضت عليه في 9 شباط/فبراير بتهمة اختلاس أموال الدولة في حرب طرابلس الغرب وبث الفكرة القومية العربية والسعي إلى فصل العرب عن الدولة التركية.
وحكم عليه المجلس العرفي بمحكمة صورية انتهت بإعدامه، ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد، وعُفي عنه بعد وقت قصير على أثر الاحتجاجات العربية المتوالية، ومساعي السفارة البريطانية في إصطنبول بعدّه مصرياً، فأُبعد إلى مصر. ونشبت الحرب العالمية الأولى، ثم ثورة الملك حسين بن علي في الحجاز ودُعي ليكون وكيلاً لوزارة الحربية لدى الحسين، وأقام ثلاثة أشهر عنده، وعهد إليه بتنظيم جيش الثورة، لكنه لم يلبث أن اختلف مع الملك حسين فعاد إلى القاهرة في أوائل سنة 1917.
بعد أن أمضى عزيز علي المصري بضعة أشهر بالقاهرة أوجس الإنكليز منه ريبة، فخيّروه بالسفر إلى قطر محايد، فاختار إسبانيا وأقام في العاصمة مدريد، ثم هرب إلى ألمانيا وعاد إلى مصر وبقي بها من عام 1924 حتى عام 1940 وعيّنه محمد محمود باشا رئيس الوزراء المصري مديراً لمدرسة الإدارة والبوليس، ثم رقّي إلى رتبة أمير لواء وعيّن مفتشاً للجيش المصري في كانون الثاني 1937 فرئيساً لأركان الجيش برتبة فريق (آب/أغسطس 1939) حتى أحيل على التقاعد في تموز/يوليو 1940 بعد مضايقة الإنكليز له. ونشبت الحرب العالمية الثانية، واندلعت ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق، وقد حاول عزيز علي المصري الفرار من مصر سنة 1941 ولكنه قبض عليه وبقي معتقلاً إلى نهاية الحرب العالمية الثانية 1945.
ولما قامت الثورة المصرية اختير رئيساً لحزب العمال ( أيلول/سبتمبر 1952) ثم عُين وزيراً مفوضاً لمصر في موسكو (آذار/مارس 1953) ورُفع إلى رتبة سفير في نيسان/إبريل 1954 وعاد إلى القاهرة فتوفي بها.
وصفه عارفوه بقوة الإرادة والثبات على مبدئه السياسي والقومي، وقد دعا إلى الثقافة والدرس، كما وصف بالقائد الرائد الطموح والبطل الجريء المقدام، والرجولة الصادقة الجبارة… ويحلي هذا وذاك لسان عذب مبين، ورأي ناضج حصيف، وثقافة مكتملة الأسباب موفورة الحظوظ، صقلتها الأيام ومحصتها التجارب واطمأن لها الاختيار.
أحمد سعيد هواش
Al-Masri (Aziz ibn Ali-) - Al-Masri (Aziz ibn Ali-)
المصري (عزيز بن علي ـ)
(1879 ـ 1965)
قائد عسكري، من طلائع رجال الحركة العربية، ينتمي إلى أسرة من البصرة تُعرف بآل عرفات، انتقل أحد أجداده من العراق إلى القفقاس للإقامة والتجارة في أواخر القرن الثامن عشر، وهناك ولد ونشأ والد عزيز واسمه علي، الذي أبلى بلاءً حسناً في الحرب التركية الروسية سنة 1877، وانتقل هذا إلى الأستانة فأقطعه السلطان عبد الحميد أرضاً في مصر فانتقل إليها، وبها ولد عزيز، وتعلم أولاً في القاهرة، ثم بالمدرسة الحربية في إصطنبول، وفي مدرسة أركان الحرب وتخرج فيها سنة 1904، وعُيّن في جيش مقدونية فاشترك في تأديب العصابات البلغارية والألبانية المتمردة على الدولة.
وتعرف هناك صغار الضباط المنتمين إلى جمعية الاتحاد والترقي السرية العاملة لإسقاط الحكم الاستبدادي الحميدي، انضم إلى جمعية «تركيا الفتاة»، ثم أوفد إلى اليمن سنة 1911 حيث اندحرت القوات التركية أمام قوات الإمام يحيى حميد الدين فاشترك في عقد الصلح بين الدولة العثمانية والإمام يحيى، ونشبت في تلك السنة حرب طرابلس الغرب، واحتل الإيطاليون ليبيا، فتطوع عزيز علي المصري للجهاد (1911-1913)، وعاد إلى الأستانة وأخذ يدعو إلى القومية العربية بعد أن تبينت له نوايا الاتحاديين لتتريك عناصر الدولة العثمانية، فأسس جمعية «العهد» السرية في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1913 وانضم إليه عدد كبير من الضباط العراقيين والعرب مثل: ياسين الهاشمي وطه الهاشمي، وجعفر العسكري وسليم الجزائري وغيرهم، كما أُسست في الوقت نفسه جمعيات عربية أخرى منها «المنتدى الأدبي» بقيادة عبد الكريم الخليل وأحمد عزت الأعظمي، وكانت أهداف تلك الجمعيات استخلاص حقوق العرب ومنح الولايات العربية إدارة لا مركزية ضمن الدولة التركية على أن يبقى السلطان عاهلاً وخليفة للمسلمين.
استقال عزيز علي المصري من الجيش التركي في 20 كانون الثاني/يناير 1914 ليتفرغ للعمل السياسي، لكن حكومة الاتحاد والترقي لم تلبث أن قبضت عليه في 9 شباط/فبراير بتهمة اختلاس أموال الدولة في حرب طرابلس الغرب وبث الفكرة القومية العربية والسعي إلى فصل العرب عن الدولة التركية.
وحكم عليه المجلس العرفي بمحكمة صورية انتهت بإعدامه، ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد، وعُفي عنه بعد وقت قصير على أثر الاحتجاجات العربية المتوالية، ومساعي السفارة البريطانية في إصطنبول بعدّه مصرياً، فأُبعد إلى مصر. ونشبت الحرب العالمية الأولى، ثم ثورة الملك حسين بن علي في الحجاز ودُعي ليكون وكيلاً لوزارة الحربية لدى الحسين، وأقام ثلاثة أشهر عنده، وعهد إليه بتنظيم جيش الثورة، لكنه لم يلبث أن اختلف مع الملك حسين فعاد إلى القاهرة في أوائل سنة 1917.
بعد أن أمضى عزيز علي المصري بضعة أشهر بالقاهرة أوجس الإنكليز منه ريبة، فخيّروه بالسفر إلى قطر محايد، فاختار إسبانيا وأقام في العاصمة مدريد، ثم هرب إلى ألمانيا وعاد إلى مصر وبقي بها من عام 1924 حتى عام 1940 وعيّنه محمد محمود باشا رئيس الوزراء المصري مديراً لمدرسة الإدارة والبوليس، ثم رقّي إلى رتبة أمير لواء وعيّن مفتشاً للجيش المصري في كانون الثاني 1937 فرئيساً لأركان الجيش برتبة فريق (آب/أغسطس 1939) حتى أحيل على التقاعد في تموز/يوليو 1940 بعد مضايقة الإنكليز له. ونشبت الحرب العالمية الثانية، واندلعت ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق، وقد حاول عزيز علي المصري الفرار من مصر سنة 1941 ولكنه قبض عليه وبقي معتقلاً إلى نهاية الحرب العالمية الثانية 1945.
ولما قامت الثورة المصرية اختير رئيساً لحزب العمال ( أيلول/سبتمبر 1952) ثم عُين وزيراً مفوضاً لمصر في موسكو (آذار/مارس 1953) ورُفع إلى رتبة سفير في نيسان/إبريل 1954 وعاد إلى القاهرة فتوفي بها.
وصفه عارفوه بقوة الإرادة والثبات على مبدئه السياسي والقومي، وقد دعا إلى الثقافة والدرس، كما وصف بالقائد الرائد الطموح والبطل الجريء المقدام، والرجولة الصادقة الجبارة… ويحلي هذا وذاك لسان عذب مبين، ورأي ناضج حصيف، وثقافة مكتملة الأسباب موفورة الحظوظ، صقلتها الأيام ومحصتها التجارب واطمأن لها الاختيار.
أحمد سعيد هواش