مطروح (يحيي عيسي)
Ibn Matrouh (Yahya ibn Issa-) - Ibn Matrouh (Yahya ibn Issa-)
ابن مطروح (يحيى بن عيسى ـ)
(592 ـ 650هـ/ 1195 ـ 1252م)
جمال الدين يحيى بن عيسى بن مطروح، أبو الحسين، صاحب الشعر الرائق، والخلال الحميدة، جمع بين الفضل والمروءة، والأخلاق الحميدة الرضية.
ولد بأسيوط، وأقام بقوص دار العلم والأدب وقتها، وبها نشأ، وأخذ عن العلماء والأدباء فيها.
ربطت الصداقة بين ابن مطروح والشاعر الغزلي البهاء زهير، الذي استمع إلى شعره، وشجعه على نظم الشعر.
وقد سعى البهاء زهير لدى حاكم قوص مجد الدين اللمطي إلى تعيين ابن مطروح في ديوان الحاكم، وأفلح في ذلك. ولما سخط عليهما مجد الدين ارتحلا إلى القاهرة، فاتصل يحيى بن عيسى بخدمة السلطان الكامل وغيره من أمراء بني أيوب كالأشرف موسى، ثم التحق بخدمة الملك الصالح نجم الدين أيوب عندما كان نائباً عن أبيه الكامل في دمشق. فلما أصبح سلطان البلاد عيَّن ابن مطروح ناظراً في الخزانة سنة 639هـ، ثم عينه سنة 643هـ وزيراً له على دمشق لإدارة شؤونها. لكنه ما لبث أن تنكر له، وغضب عليه؛ لما رأى من سوء الإدارة، فعزله من منصبه، فعاد ابن مطروح إلى القاهرة حزيناً، ولزم داره حتى وفاته سنة 650هـ، حيث دفن بسفح المقطم.
عُرف عنه أنه فزع إلى الله في آخر حياته، وراح يكثر من الاستغفار لذنوبه، لعل الله يخفف عنه، ويدخله في رحمته التي وسعت كل شيء، دل على ذلك بيتان من الشعر وجدا تحت رأسه، وهما:
أتجزعُ للموت هذا الجزع
ورحمةُ ربِّك فيها الطمع
ولو بذنوب الورى جئتهُ
فرحمته كلَّ شيء تسع
لابن مطروح ديوان شعري مطبوع بالقسطنطينية، أسقط منه الشاعر مدائحه في الملك الصالح، إذ عزَّ عليه عزله من منصبه، فانتصف لنفسه بحذف تلك القصائد المدحيَّة.
وقد تنوعت أغراض شعره، ولكن يغلب على شعره الغزل الوجداني، الذي مال فيه ابن مطروح إلى استخدام الرمز في التعبير عن وجده، من خلال اتخاذ التغزل بالبدويات رمزاً لمحبوباته، وهو يريد بصنيعه هذا تقليد شعراء الغزل العذري وخاصة الشاعر الغزلي مجنون ليلى. وقد رمز ابن مطروح لحبه ومعاناته فيه برامة في نجد وظبائها الساحرات الأعين.
وشعره الغزلي يعبر عن شدة حبه ووجده المشوب بالحنان والشوق الذي يزخر به الشعر الغزلي العفيف، وما فيه من مرارة ولوعة وسقم، وهو لا يرى قيمة للحياة من دون الحب والسهاد فيه، وضنى الجسم والنحول.
وتميز غزله بالرقة والعذوبة، وخفة الظل الظاهرة في حلاوة شعره، وسلامته، يقول:
بدويةٌ كم دونها من ضارب
بالسيف مرهوب السُّطا لم يُؤمَنِ
ألبسْتني يا هاجري ثوب الضنا
وأخذْتني ياتاركي من مأمني
رسم الشاعر لصاحبته صورة زاهية، حاكى فيها من سبقه من شعراء الغزل، فهي فاتنة، منعمة، عفيفة، يغار البدر من حسنها تحاكي غصون البان في لدونتها وتثنيها، وغيرها من المعاني الغزلية، وهو متأثر بالدرجة الأولى برقة غزل أستاذه البهاء زهير.
خليل غريري
Ibn Matrouh (Yahya ibn Issa-) - Ibn Matrouh (Yahya ibn Issa-)
ابن مطروح (يحيى بن عيسى ـ)
(592 ـ 650هـ/ 1195 ـ 1252م)
جمال الدين يحيى بن عيسى بن مطروح، أبو الحسين، صاحب الشعر الرائق، والخلال الحميدة، جمع بين الفضل والمروءة، والأخلاق الحميدة الرضية.
ولد بأسيوط، وأقام بقوص دار العلم والأدب وقتها، وبها نشأ، وأخذ عن العلماء والأدباء فيها.
ربطت الصداقة بين ابن مطروح والشاعر الغزلي البهاء زهير، الذي استمع إلى شعره، وشجعه على نظم الشعر.
وقد سعى البهاء زهير لدى حاكم قوص مجد الدين اللمطي إلى تعيين ابن مطروح في ديوان الحاكم، وأفلح في ذلك. ولما سخط عليهما مجد الدين ارتحلا إلى القاهرة، فاتصل يحيى بن عيسى بخدمة السلطان الكامل وغيره من أمراء بني أيوب كالأشرف موسى، ثم التحق بخدمة الملك الصالح نجم الدين أيوب عندما كان نائباً عن أبيه الكامل في دمشق. فلما أصبح سلطان البلاد عيَّن ابن مطروح ناظراً في الخزانة سنة 639هـ، ثم عينه سنة 643هـ وزيراً له على دمشق لإدارة شؤونها. لكنه ما لبث أن تنكر له، وغضب عليه؛ لما رأى من سوء الإدارة، فعزله من منصبه، فعاد ابن مطروح إلى القاهرة حزيناً، ولزم داره حتى وفاته سنة 650هـ، حيث دفن بسفح المقطم.
عُرف عنه أنه فزع إلى الله في آخر حياته، وراح يكثر من الاستغفار لذنوبه، لعل الله يخفف عنه، ويدخله في رحمته التي وسعت كل شيء، دل على ذلك بيتان من الشعر وجدا تحت رأسه، وهما:
أتجزعُ للموت هذا الجزع
ورحمةُ ربِّك فيها الطمع
ولو بذنوب الورى جئتهُ
فرحمته كلَّ شيء تسع
لابن مطروح ديوان شعري مطبوع بالقسطنطينية، أسقط منه الشاعر مدائحه في الملك الصالح، إذ عزَّ عليه عزله من منصبه، فانتصف لنفسه بحذف تلك القصائد المدحيَّة.
وقد تنوعت أغراض شعره، ولكن يغلب على شعره الغزل الوجداني، الذي مال فيه ابن مطروح إلى استخدام الرمز في التعبير عن وجده، من خلال اتخاذ التغزل بالبدويات رمزاً لمحبوباته، وهو يريد بصنيعه هذا تقليد شعراء الغزل العذري وخاصة الشاعر الغزلي مجنون ليلى. وقد رمز ابن مطروح لحبه ومعاناته فيه برامة في نجد وظبائها الساحرات الأعين.
وشعره الغزلي يعبر عن شدة حبه ووجده المشوب بالحنان والشوق الذي يزخر به الشعر الغزلي العفيف، وما فيه من مرارة ولوعة وسقم، وهو لا يرى قيمة للحياة من دون الحب والسهاد فيه، وضنى الجسم والنحول.
وتميز غزله بالرقة والعذوبة، وخفة الظل الظاهرة في حلاوة شعره، وسلامته، يقول:
بدويةٌ كم دونها من ضارب
بالسيف مرهوب السُّطا لم يُؤمَنِ
ألبسْتني يا هاجري ثوب الضنا
وأخذْتني ياتاركي من مأمني
رسم الشاعر لصاحبته صورة زاهية، حاكى فيها من سبقه من شعراء الغزل، فهي فاتنة، منعمة، عفيفة، يغار البدر من حسنها تحاكي غصون البان في لدونتها وتثنيها، وغيرها من المعاني الغزلية، وهو متأثر بالدرجة الأولى برقة غزل أستاذه البهاء زهير.
خليل غريري