عيناء (محمد قاسم، )
Abu al-Ayna (Mohammad ibn al-Qasim-) - Abu al-Ayna (Mohammad ibn al-Qasim-)
أبو العَيْناء (محمد بن القاسم ـ)
(191ـ 283هـ/ 807 ـ 896م)
أبو عبد الله، محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان، الهاشمي بالولاء، العلامة اللغوي الأخباري النديم الضرير، وأبو العيناء لقب أطلقه عليه أستاذه أبو زيد الأنصاري، كان أحول دميماً، ثم كُفَّ بصره في سن الأربعين، فعُدَّ من أشراف العميان. ولد بالأهواز، ونشأ بالبصرة، وانتقل إلى بغداد فسكنها، وكتب عنه أهلها، ثم ارتحل إلى «سر من رأى»، ولقي فيها المتوكل، وأقام بها.
حفظ القرآن الكريم في البصرة صغيراً، وتعلم الفرائض والفقه والحديث واللغة والأدب والأخبار والأشعار، وسمع من النبيل، وأبي عبيدة، والأصمعي، وأبي زيد، والعتبي، وغيرهم. وروى عنه: الصولي، والمرزباني، والأخفش، ووكيع.
اتصل بالخلفاء: المأمون، والمعتصم، والواثق بالله، والمتوكل، واتصل بالوزراء: ابن سهل، وابن خاقان، وابن فرُّخانشاه، وابن المدبِّر. ومن القضاة: يحيى بن أكثم، وأحمد بن داود. كما اتصل بأدباء عصره وكتابه: الصّفّار، وأبي علي البصير، وأبي هُذيل العلاّف، وأبي هفّان، وابن الجَهْم، وإسحاق الموصلي، والأخفش، والجاحظ.
كان آيةً في الذكاء، من أحفظ الناس، وأفصحهم لساناً، وأسرعهم جواباً، وأحضرهم نادرة وملحة، من ظرفاء الدنيا، وكان شاعراً مترسلاً وراوية للأخبار والحكايات، ولم يكن بالقوي في الحديث.
له أكثر من (400) نص منها (22) رسالة إخوانية ورمزية، وذكر النديم في الفهرست أن ابن طيفور جمع شعره في ثلاثين ورقة، وقد فقد هذا المجموع، غير أن المصادر حفظت منه (98) بيتاً في (29) مقطوعة.
صاحب نوادر وأخبار وروايات، احتلَّ بها مكانة أدبية رفيعة، وهذا ما دعا محمد بن مكرم الكاتب إلى القول: «من زعم أن عبد الحميد أكتب من أبي العيناء إذا أحس بكرم، أو شرع في طمع فقد ظلم».
ومنها أن المتوكل قال لأبي العيناء: «ما أشد شيء مرّ عليك في ذهاب بصرك؟ قال: فوات رؤيتك يا أمير المؤمنين، مع إجماع الناس على جمالك».
وقال أبو العيناء: «أتيت الخريبي فسألته أن يحدثني، فاستصغرني وقال: اذهب فتحفظ القرآن. قلت: قد حفظته. قال: اقرأ )واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ نُوْحٍ((يونس 17)، فقرأت العشر. فقال: أحسنت، اذهب فتعلم الفرائض. قلت: قد حفظتها. قال: فأيهما أقرب إليك: عمك أو ابن أخيك؟ قلت: ابن أخي. قال: ولم ذاك؟ قلت: لأن هذا من ولد أبي وهذا من ولد جدي. قال: أحسنت. اذهب فتعلم العربية. قلت: قد فعلت، وتعلمت منها ما فيه كفاية. قال: فلم قال عمر بن الخطاب حين طُعن: يالله، ياللمسلمين. قلت: لأن الأول للاستغاثة، والثاني نداء، فقال: لو كنت محدثاً أحداً في سنك لحدثتك».
وقال له أحمد بن سعيد الباهلي: «إني أصبت لباهلة فضيلة لا توجد في سائر العرب. قال: وماهي؟ قال: لا يصاب فيهم دعيٌّ. فقال: لأنه ليس فوقهم من يقبلهم، ولا دونهم أحد فينزلون إليه».
وقال له المتوكل: «أكان أبوك مثلك في البيان؟ قال: والله، يا أمير المؤمنين، لو رأيته لرأيت عبداً لك لا ترضاني عبداً له».
وقيل له: «بقي من يُلقى؟ قال: نعم، في البئر».
وقال يعتذر عن عماه:
قالوا: العمى منظر قبيح
قلت: لعمري بكم يهونُ
والله ما في الأنام حرٌّ
ـتأسى على فقده العيون
أقام أبو العيناء في بغداد مدة طويلة، ثم خرج يريد البصرة فركب في سفينة فيها ثمانون نفساً، فغرقت فلم يسلم منهم غيره، فلما وصل إلى البصرة مات فيها.
خير الله الشريف
Abu al-Ayna (Mohammad ibn al-Qasim-) - Abu al-Ayna (Mohammad ibn al-Qasim-)
أبو العَيْناء (محمد بن القاسم ـ)
(191ـ 283هـ/ 807 ـ 896م)
أبو عبد الله، محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان، الهاشمي بالولاء، العلامة اللغوي الأخباري النديم الضرير، وأبو العيناء لقب أطلقه عليه أستاذه أبو زيد الأنصاري، كان أحول دميماً، ثم كُفَّ بصره في سن الأربعين، فعُدَّ من أشراف العميان. ولد بالأهواز، ونشأ بالبصرة، وانتقل إلى بغداد فسكنها، وكتب عنه أهلها، ثم ارتحل إلى «سر من رأى»، ولقي فيها المتوكل، وأقام بها.
حفظ القرآن الكريم في البصرة صغيراً، وتعلم الفرائض والفقه والحديث واللغة والأدب والأخبار والأشعار، وسمع من النبيل، وأبي عبيدة، والأصمعي، وأبي زيد، والعتبي، وغيرهم. وروى عنه: الصولي، والمرزباني، والأخفش، ووكيع.
اتصل بالخلفاء: المأمون، والمعتصم، والواثق بالله، والمتوكل، واتصل بالوزراء: ابن سهل، وابن خاقان، وابن فرُّخانشاه، وابن المدبِّر. ومن القضاة: يحيى بن أكثم، وأحمد بن داود. كما اتصل بأدباء عصره وكتابه: الصّفّار، وأبي علي البصير، وأبي هُذيل العلاّف، وأبي هفّان، وابن الجَهْم، وإسحاق الموصلي، والأخفش، والجاحظ.
كان آيةً في الذكاء، من أحفظ الناس، وأفصحهم لساناً، وأسرعهم جواباً، وأحضرهم نادرة وملحة، من ظرفاء الدنيا، وكان شاعراً مترسلاً وراوية للأخبار والحكايات، ولم يكن بالقوي في الحديث.
له أكثر من (400) نص منها (22) رسالة إخوانية ورمزية، وذكر النديم في الفهرست أن ابن طيفور جمع شعره في ثلاثين ورقة، وقد فقد هذا المجموع، غير أن المصادر حفظت منه (98) بيتاً في (29) مقطوعة.
صاحب نوادر وأخبار وروايات، احتلَّ بها مكانة أدبية رفيعة، وهذا ما دعا محمد بن مكرم الكاتب إلى القول: «من زعم أن عبد الحميد أكتب من أبي العيناء إذا أحس بكرم، أو شرع في طمع فقد ظلم».
ومنها أن المتوكل قال لأبي العيناء: «ما أشد شيء مرّ عليك في ذهاب بصرك؟ قال: فوات رؤيتك يا أمير المؤمنين، مع إجماع الناس على جمالك».
وقال أبو العيناء: «أتيت الخريبي فسألته أن يحدثني، فاستصغرني وقال: اذهب فتحفظ القرآن. قلت: قد حفظته. قال: اقرأ )واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ نُوْحٍ((يونس 17)، فقرأت العشر. فقال: أحسنت، اذهب فتعلم الفرائض. قلت: قد حفظتها. قال: فأيهما أقرب إليك: عمك أو ابن أخيك؟ قلت: ابن أخي. قال: ولم ذاك؟ قلت: لأن هذا من ولد أبي وهذا من ولد جدي. قال: أحسنت. اذهب فتعلم العربية. قلت: قد فعلت، وتعلمت منها ما فيه كفاية. قال: فلم قال عمر بن الخطاب حين طُعن: يالله، ياللمسلمين. قلت: لأن الأول للاستغاثة، والثاني نداء، فقال: لو كنت محدثاً أحداً في سنك لحدثتك».
وقال له أحمد بن سعيد الباهلي: «إني أصبت لباهلة فضيلة لا توجد في سائر العرب. قال: وماهي؟ قال: لا يصاب فيهم دعيٌّ. فقال: لأنه ليس فوقهم من يقبلهم، ولا دونهم أحد فينزلون إليه».
وقال له المتوكل: «أكان أبوك مثلك في البيان؟ قال: والله، يا أمير المؤمنين، لو رأيته لرأيت عبداً لك لا ترضاني عبداً له».
وقيل له: «بقي من يُلقى؟ قال: نعم، في البئر».
وقال يعتذر عن عماه:
قالوا: العمى منظر قبيح
قلت: لعمري بكم يهونُ
والله ما في الأنام حرٌّ
ـتأسى على فقده العيون
أقام أبو العيناء في بغداد مدة طويلة، ثم خرج يريد البصرة فركب في سفينة فيها ثمانون نفساً، فغرقت فلم يسلم منهم غيره، فلما وصل إلى البصرة مات فيها.
خير الله الشريف