عناكب
Araneae - Aranéides
العناكب
العناكب Araneae رتبة من صف العنكبوتياتArachnida (أو Araneida) شعيبة subphylumكُلاَّبيات القرون Chelicerata شعبة مفصليات الأرجلArthropoda؛ تضم العناكب الحقيقية spidersوالرتيلات tarantulae، وتتميز بانقسام جسمها إلى جسم أمامي prosoma يقابل الصدرأسcephalothorax عند مفصليات الأرجل، وإلى جسم خلفي opisthosoma يقابل البطن abdomen عند مفصليات الأرجل الذي يختلف عن بطن باقي العنكبوتيات بأنه غير مُقَسَّم. يتصل هذان الجزآن بعضهما ببعض بخصر رفيع (الشكل 1).
الشكل (1) أقسام جسم العنكبوت |
يميز على الوجه الظهري للجسم الأمامي أربعة أشفاع من العيون، يختلف وضعها وترتيبها بحسب الأنواع والأجناس، كما يحمل الجسم الأمامي ستة أشفاع من اللواحق، هي شفع من القرون الكلابية chelicerae، وشفع من اللوامس القدمية pedipalps، وأربعة أشفاع من أرجل المشي.
يتوضع القرنان الكلابيان أمام الفم (الشكل 2)، ويحمل غدة سامة يلدغ بها فرائسه بالمخلب الذي ينتهي به كل من القرنين.
الشكل (2) عنكبوت الحدائق الشائع (إلى اليمين)، ومنظر أمامي للعنكبوت القفز يبين وضعية القرن الكلابي بالنسبة للرأس (إلى اليسار) |
وتتضخم في الذكر القطعة النهائية الحرة من اللامسة القدمية، وتتحول إلى عضو يساعد في عملية الاقتران يسمى العضو اللامسي palpal organ(الشكل3 ـ ب)، فيه انتفاخ إجاصي الشكل يحتوي على حويصل منوي ينتهي بقناة دافقة تبرز عند الاقتران لتوصيل النطاف إلى الفوهة التناسلية عند الأنثى
الشكل (3) اللامسة القدمية لدى العناكب (أ) العضو اللامسي عند ذكر العنكبوت (ب) |
الشكل (4) القصبة أومشط للعنكبوت (أ) ووجه بطني للعنكبوت يبين موقع المزود والمغزل (ب) |
الشكل (5) رجل المشي وعليها أعضاء السمع لدى العناكب |
يميز على مقدمة الوجه السفلي للبطن عدد من الفوهات التي تؤدي إلى أعضاء التنفس، التي تتمثل بالرئات الكتبية book lung والقصبات التي يختلف عددها وترتيبها بحسب المجموعات؛ فالرئات الكتبية أجواف تتصل بالخارج بفوهات تنفسية خارجية، فيها ثنيات من البشرة تحتوي على فجوات يدور الدم فيها. أما القصبات فلاتتفرع كما في الحشرات؛ بل تبقى مستقيمة، ولها البنية النموذجية المعروفة للقصبات، ويتقوَّى جدارها بشريط كيتيني حلزوني (الشكل 6).
الشكل (6) الأعضاء الداخلية للعنكبوت |
العناكب حيوانات لاحمة، يتغذى بعضها بالحشرات وحسب، لكن بعضها الآخر يهاجم الحيوانات الكبيرة التي يمكن أن تكون طيورة. ويكون الهضم عادة خارجياً، فالعنكبوت ينفث السم من الغدد السامة التي في قرونه الكلابية فيسري في جسم فريسته، ثم يُطلِق إنزيمات تذيب البروتين من غدده اللعابية. ثم ينتظر بعض العناكب حتى تهضم الأنظيماتُ (إنزيمات) الفريسةَ التي تذوب، ثم تمتص السائل الناتج، بينما يقوم بعضها بسحق الفريسة أولاً، فالحشرة التي تلتقطها شبكة العنكبوت تضغطها أجزاء فم هذا الأخير، فتخرج السوائل من بدنها قطرة بعد أخرى، ويتم امتصاص السائل كاملاً من جسم الحشرة في بضع ساعات، ثم يُطرَح الهيكل الكيتيني للحشرة فارغاً.
تكاثرها
يتألف الجهاز التناسلي عند الأنثى من مبيضين وقناتين ناقلتين للبيوض ورحم واحد ومهبل واحد، ينفتح في غطاء تناسلي epigynumيساعد على توجيه أعضاء الاقتران الذكرية، يستعمل شكله عادة في تصنيف هذه المجموعة من مفصليات الأرجل، ولدى الذكر عدد من الأنابيب الخصيوية تتوضع على الناحية السفلية من قاعدة الجسم الخلفي، مشكلة شفعاً من الخصي التي تمتد بقناة ناقلة للنطاف تنفتح على الخارج بفوهة ذكرية، كما في الأنثى، ويلحق بالجهاز الذكري العضو اللامسي الذي في ذروة اللامسة القدمية التي تعد عضو الاقتران عند الحيوان.
يبني الذكر شبكة صغيرة من الخيوط الحريرية قبل الاقتران، يرمي فوقها نِطافَه، التي لايلبث أن يمتصها بعضوه اللامسي، ثم ينطلق مفتشاً عن أنثى لتلقيحها. ويميز الذكر عند بعض العناكب الأنثى بمستقبِلات كيمياوية عند ملامسته لها أو ملامسة حبل النجاة الذي تتركه الأنثى وراءها، وقد يستطيع الذكرُ أن يميز الأنثى التي لامس خيطَها إن كانت ناضجة جنسياًٍ أو لا، وما يدل على أهمية المستقبلات الكيمياوية أن بعض الذكور تمارس نشاطاً غَزْلياً لشبكة كانت الأنثى قد غادرتها، كما أن العنكبوت المفترس من جنسTrochosa يقف عند خيطٍ نسجته أنثى تنتمي إلى نوع الذكر نفسه، ويهمل خيطاً نسجته أنثى تنتمي لنوع آخر.
وقد يقوم البصر والألوان بعمل مهم في النشاط الغزلي؛ إذ إن اللوامس القدمية أو الأرجل الملونة عند بعض العناكب تتحرك بصورة معينة تؤدي إلى هدوء الأنثى وعدم تحركها، وقد يسهم الجسم الخلفي أيضاً في مثل هذه الحركات، علماً أن هذه الأعضاء قد يتغير لونها أيضاً خلال الغزل. وتتقرب بعض الذكور إلى إناثها بقيامها بحركات قفز أو بالـ «التربيت» على جسمها الخلفي أو جسمها كاملاً، وبعد عمليات الغزل هذه ينجح الذكر في إيصال ذروة لامسته القدمية إلى الفوهة التناسلية ويحقن النِّطاف فيها. ويسرع الذكر هارباً بعد الاقتران، وفي بعض الأنواع يموت بعد الاقتران وأحياناً في أثنائه، وفي أنواع أخرى تقوم الأنثى بقتل الذكر وتلتهمه. تبقى النطاف في المجامع المنوية عند الأنثى حتى تضع هذه الأخيرة بيوضها التي تلقح وهي في طريقها إلى الفوهة الأنثوية.
تحيط معظم العناكب بيوضها الملقحة بشرنقة صغيرة، ويحمل العنكبوت Stegodyphus linectus شرنقته على أرجله الخلفية، ويحركها باستمرار وتتعرض سطوحها كافة إلى أشعة الشمس، وتحضن إناث بعض الأنواع الشرنقة، ولا تتركها، حتى من أجل التغذي، إلى أن يتم النقف. وتتسلق الصغار ـ عند بعض الأنواع ـ ظهور أمهاتها التي تحملها بضعة أيام.
المغازل ونسج الشباك
تحمل العناكب على الوجه السفلي من الطرف الخلفي من البطن ثلاثة أشفاع من المغازلspinnerets، يترتب بعضها خلف بعض (مغازل أمامية ومغازل متوسطة ومغازل خلفية)، تحتوي على غدد تفرز مادة حريرية. هذه المغازل مثقوبة بمئات من الثقوب المجهرية التي تتصل بأنابيب مجهرية تفرز مادة سائلة تعد بروتيناً صلباًscleroprotein يجمد مباشرة لدى ملامسته الهواء، مُـشَـكِّـلاً خيوطاً يستعملها الحيوان في بناء شبكاته المختلفة أو شرانقه.
وتُميز أنواع عدة من الغدد الحريرية في النوع الواحد، فهناك خمسة أنواع من الغدد؛ هي الغدد الأُنبورية (ampuliforme glands) وتشكِّل الخيوط الشعاعية في شبكة العنكبوت، وكذلك خيوط النجاة draglines التي تتركها العناكب المفترسة خلفها، وغدد متجمعة aggregate تشكِّلُ الخيوط الحلزونية والمادة اللزجة التي تغطي هذه الخيوط، وغدد أنبوبية tubuliforme تفرز شرانق البيوض، وهي لاتوجد لدى الذكور، وغدد سيفيةaciniforme تفرز «الحبال» التي تحيط بالفرائس التي تلتصق بالشبكة، وغدد إجاصية الشكلpyriforme تفرز المادة التي تلتصق بها خيوط الشبكة على الأرض. علماً أن بعض العناكب، كالعنكبوت القافز لا ينسج الشباك بل ينقضُّ على فريسته ويتغذى بها. وتجدر الإشارة إلى أن الخيوط التي ينسجها العنكبوت شديدة المتانة، فهي أقوى من خيوط الفولاذ بالقطر ذاته، وتأتي في الدرجة الثانية من المتانة بعد الكوارتز.
تتحسس العناكب التي تنسج شباكاً عادة بلمسها؛ إذ إن اهتزاز خيوط الشبكة ينبِّه الأشعار اللمسية المنتشرة على الأرجل، مما يساعدها في معرفة أن ثمة فريسة على الشبكة قد التصقت بها. أما الأنواع الصيادة فإنها تجد فرائسها بالإحساس البصري، إذ إنها تتمتع بإحساس بصري شديد، إذا ما قورنت بالعناكب الأخرى. ويُعتقد بأن الغاية الأساسية من المغازل هي حماية البيوض بنسج الشرانق حولها.
ويُميز عادة نموذجان أساسيان للشباك التي تنسجها العناكب؛ شباك أنبوبية، وشباك صفيحية دائرية (الشكل 7). فالنوع Atypus affinis يبني أنبوباً بطول 15ـ 20سم، يُبقي ثلثيه ضمن حفرة في الأرض، وتبقى البيضة والشرنقة في نهايته المغلقة، وأي حشرة تمر فوق النهاية المفتوحة تلتصق بالشبكة فيجرها الحيوان إلى داخل الأنبوب. أما الجنس Liphistus فإنه يبني شبكة صفيحية على النهاية المفتوحة من الأنبوب، تكون كبيرة نسبياً، فتزيد بذلك مساحة منطقة الاصطياد. وبعضها يصنع حفراً في الأرض ويكمن فيها، ويجهزها بغطاء، ثم يطبق على فريسته بعد دخولها الحفرة.
الشكل (7) نوعا شبكات العنكبوت الصفيحية والأنبوبية والحجر ذو الغطاء |
يميز في العناكب رتبتان: رتبة متوسطات المغازل Mesothelae، تضم العناكب الابتدائية ذات البطن المقَسَّم وتقع مغازلها في وسط البطن، ورتبة خلفيات المغازل Opisthothelae ذات البطن غير المقسم وتقع مغازلها في الطرف الخلفي من البطن؛ وتُقْسَم الأخيرة إلى رتيبتين: رتيبةMygalomorphes، ولها شفعان من الرئات الكتبية، وتضم الرتيلات (الشكل 8) والعناكب القناصة (الشكل2)، ورتيبة عنكبوتيات الشكلAraneomorphes، ولها شفع واحد من الرئات الكتبية (مع بعض الاستثناءات)، وتضم معظم العناكب.
الشكل (8) الرتيلاء Brachypelma vagans |
الشكل (9) الأرملة السوداء |
الشكل (9) العنكبوت الناسك البني |
حسن حلمي خاروف