بصائر جديدة ربما تساعد في حل مفتاح الأسرار المتعلقة بحماية الميتاكوندريا.
تحضِّر النباتات والحيوانات خلاياها الجنسية بالعديد من الطرق المختلفة-لكن لا أحد يعلم لماذا.
يعتقدالآن فريق من باحثي المملكة المتحدة بأنها قد حلّت اللغز. يعدّ البشر والحيوانات أنفسهم بشكل جيد للجنس قبل أن تحدث العملية في وقت ما. في المراحل الأولى من حياة الجنين، تبدأ خلايانا الجنسية بالتطور. تلك هي الخلايا التي ستتطور لتشكل النطفة والبويضة، ذات العدد النصفي من الكروموزومات غير المتوقعة. عند الإناث، تُنحّى البيوض جانباً و تحتجز إلى حين الحاجة إليها. بعد البلوغ، في حين ينتج الذكور النطاف بشكل مستمر خلال الحياة، لكن يتشكل خط من الخلايا الجنسية المتخصصة مبكراً والذي ينتج عنه النطاف.
إلّا أنّ النباتات، المرجان والاسفنج، لاتمتلك خطط خلوية كهذه. فهي تطوّر في البدء خلايا جسمية فقط، تحوي كل منها على المحتوى الكامل من االكروموزومات. عندما يحين موعد التزاوج، فإنّها تنتج خلاياها الجنسية أو الأمشاج، وفقاً للحاجة، والتي يتم تشكيلها من خلايا جذعية من النسيج البالغ.
ماسبب الاختلاف؟
وفقاً ل” نك لاين” أخصائي الكيمياء الحيوية، في جامعة كلية لندن، فالحيوانات الأكثر تعقيداً تخلق خط خلايا جنسية مخصص لضمان جودة الميتاكوندريا- بنى متخصصة بإنتاج الطاقة داخل الحلايا، تتوضع خارج النواة وتمتلك جيناتها الخاصة.
مشكلة الطفرة
طرح لاين ومساعدوه في العمل موضوعهم، من خلال نموذج رياضي نُشر في العشرين من ديسمبر. وفقاً للفريق، المشكلة بالنسبة للإنسان وغيره من الحيوانات المعقدّة، هي أنَّ الخلايا البالغة يُسمَح لها بالانقسام بشكل متكرر في العضو النامي قبل أن يتحول بعضها إلى خلية جنسية، وربما تقوم الميتاكوندريا الخاصة بها بمراكمة الطفرات الجينية والأخطاء بشكل سريع. بعض الأمشاج ربما تحصل على حِمل كبير من هذه الطفرات الميتاكوندرية، مما يؤدي إلى نسل ذو نسج رديئة الجودة. يُجنِّب الإنتاج المبكر للبيوض المحتاجة من الوقوع في هذه المشكلة.
طُرحَت فكرة “حماية” DNA الميتاكوندريا في البيوض الهامدة سابقاً. إلّا أنّ هنالك مشكلة في ذلك التصوّر: فبعض الطفرات مفيدة للميتاكوندريا. الطفرة هي محرِّك التطور، حيث تمكِّن النمط الجيني الميتاكوندري (الصالح) من النهوض.
الأمشاج المتشكلة من خلايا بالغة متضاعفة، تمتلك تنوعا مفيدا. يمكن أن يحافظ التطور على الطفرات الجيدة، ويقلل السيئة منها، محسِّناً في النهاية جودة الميتاكوندريا. هناك توازن حرج بين إيجابيات ومساوئ امتلاك خط خلايا جنسية. كيف يمكن أن تحصل على تنوع كافٍ بين الأمشاج حتى يحصل التطور، دون تراكم الطفرات التي ربما تخرب المتعضية التي تشكلت من هذه الأمشاج؟
مخاطرة التطوّر
قدّم النموذج الّذي ابتكره لاين وزملائه- الذي نُشر في PLoS Biology – تفسيرا قويا عن سبب إيجاد المتعضيات المتباينة لتسويات مختلفة.
في الحيوانات الأكثر تعقيداً معدّل الخطأ في نسخة جين الميتاكوندريا، مرتفع نسبياً. الحل الأفضل في تلك الحالة، هو حدوث تدفق محدود من الانقسام الخلوي، لتشكيل طلائع الأمشاج الأنثوية، معطياً العديد من خطوط الخلايا الجنسية المطلوبة، ومن ثم عزل معظمها لتشكيل اختيار عشوائي من المتغيرات.
تدعى هذه العملية الرَّتق atresia، تتواجد في العديد من المتعضيات متضمنةً الإنسان، إلّا أنّ وظيفتها قد حيّرت العلماء.
حالما يتم الحصول على تجمُّع متباين بدقة من الأمشاج الأنثوية، يتوقف حدوث الانقسام أكثر، بحيث لا تحدث خطورة تراكم طفرات ميتاكوندرية كثيرة خلال التطوّر.
بعض الطفرات تتراكم في النطاف بالفعل، وهي تخضع لدورات انقسام خلوية أكثر بكثير بالمقارنة مع البيوض.
إلّا أنّها ليست بتلك المسألة، لأنّ ميتاكوندريا النطاف تُرمى عند تخصيب البيوض، وبالتالي فهي لا تعبر إلى الجيل القادم. لكن، في النباتات والحيوانات الأساسية كالمرجان والإسفنج، معدّل الخطأ في انتساخ جين الميتاكوندريا قليل نسبياً.
في هذه الحالة، تكون الحاجة أقل لتجنُّب جينات الميتاكوندريا المنتسَخة، وبالتالي فالأمشاج المتشكلة لاحقاً خلال التطوّر، تحمل فوائد التنوّع الجيني بعيداً عن خطورة الميتاكوندريا رديئة الجودة.
في المقام الأول، يبقى التساؤل عن وجود تفاوت في معدلات خطأ الانتساخ لغزاً. ربما يكون بسبب التغيرات بآلية التغذية، كما قاد التنوّع في الحيوانات الأولية- من التغذية بالارتشاح إلى الافتراس المتحرك- إلى زيادة في النشاط الهوائي، وبالتالي الحاجة إلى أوكسجين أكثر وميتاكوندريا أكثر داخل الخلية، وهذا يرفع معدل الخطأ بالانتساخ.
اختبار الصعوبات
العمل الجديد هو ” دراسة مثيرة للتفكير” يقول إيان جونستون أخصائي الرياضيات الحيوية في جامعة بريمينغام في المملكة المتحدة. ” مسألتهم معقولة، وبالأحرى مبدعة “. إلّا أنه أشار بأنّ معدّل الخطأ في انتساخ DNA الميتاكوندريا- حتى ضمن النوع الواحد- ليست مفروضة، هي أيضاً يمكن أن تتغير تحت ضغط انتقائي.
يفسِّر النموذج نواحٍ شتى متعددة من التكاثر الجنسي، يقول لاين، لكنّ اختباره يعتبر تحدياً.” ليس هناك تجربة ممكنة يمكن أن تعطي نظرة واسعة الامتداد في التاريخ الطبيعي “، ويقول أيضا ” فقط الفرضية و النمذجة تمتلك القوة لإدراكها “.
على أية حال، يقول جونستون بأنّ النموذج مختبَر جزئياً، وعلى الأقل قابل للتنفيذ. ويقول أيضاً “اكتشاف متعضيات بمعدل مرتفع لخطأ الانتساخ والتي لم تحتجز خط خلايا جنسية، أو أخرى بمعدل خطأ منخفض والتي تمتلك خط خلايا جنسية، والتي تعطي دليلا ضد هذه الفرضية”.
يضيف لاين أيضاً بأنه ينبغي أن يكون من الممكن استخدام النموذج لخلق تنبؤ حول العلاقة بين الرتق والتنوع الميتاكوندري في الأمشاج. هذه التنبؤات يمكن مضاهاتها مع معطيات من متعضيات حقيقية.