يُعدّ الغاليوم (Gallium) فلزًّا ليّنًا وفضيًّا يُستخدم بشكل رئيسي في الدارات الإلكترونية، وأنصاف النواقل والصمّامات الثنائية الباعثة للضوء (LED)، كما يُوظَّف في مقاييس الحرارة المرتفعة، ومقاييس الضغط الجوي، والمستحضرات الدوائية والاختبارات الطبية النووية، ولا يمتلك هذا العنصر أي قيمة بيولوجيّة معروفة.
ورغم كونه عنصرًا طبيعيًا، لا يوجد الغاليوم حرًا في الطبيعة، ولا يمكن العثور عليه بكميات مُعتبرة في أيٍّ من المعادن، بل يوجد بكميات قليلة في مركبات متنوعة، بما فيها خامات الزنك والبوكسيت، ويشكّل حوالي 0.0019% من قشرة الأرض وزنًا، وفق موقع (PeriodicTable.com).
يمكن الحصول على هذا العنصر بسهولة عن طريق الصهر، ولكن معظم الغاليوم التجاري يُستخلص كمنتج ثانوي لعملية إنتاج الألمنيوم والزنك، بحسب موقع كيميكول (Chemicool)، وتُعدّ أستراليا، وروسيا، وفرنسا وألمانيا أكثر الدول إنتاجًا للغاليوم.
خواص الغاليوم
- العدد الذري (عدد البروتونات في النواة): 31
- الرمز الذري (على الجدول الدوري للعناصر): Ga
- الوزن الذري الوسطي: 69.723 غ / مول
- الكثافة: 5.91 غ / سم۳
- الطور عند درجة حرارة الغرفة: صلب
- درجة الانصهار: 85.57فهرنهايت ( 29.76°م)
- درجة الغليان: 3,999 فهرنهايت (2,204 °م)
- عدد النظائر (وهي عناصر تتشابه بالذرات وتختلف بعدد النيترونات): 24 التي عُرف عمرها النصفي.
- النظائر الأكثر شيوعًا: نظيران Ga-69 مستقران (تبلغ نسبة توافرهما الطبيعي 60.1%)، والنظير Ga-71 (تبلغ نسبة توافره الطبيعي 39.9%).
فلزّ فريد
يُصنّف الغاليوم على الجدول الدوري ضمن مجموعة البور (المجموعة 13)، والتي تتضمّن البور نصف الفلزّ (B) وفلزّات الألمنيوم (Al)، والإنديوم (In)، والثاليوم (Tl) بالإضافة إلى الغاليوم، حسب مكتبة ليبريه-تيكستس للكيمياء على الإنترنت (Chemistry LiberTexts)، إذ يمتلك كل العناصر الخمسة السابقة ثلاثة إلكترونات في مستوى الطاقة الخارجي.
كما ينتمي الغاليوم للفلزات بعد الانتقالية، والتي تتوضّع بين الفلزات الانتقالية وأشباه الفلزّات (أو اللافلزّات) على الجدول الدوري، وتمتلك بعض خواص الفلزّات الانتقالية ولكنها تكون أكثر ليونةً وأقل ناقليةً عادةً، وتتضمن الفلزات بعد الانتقالية، بالإضافة إلى الغاليوم، بعض عناصر مجموعة البور –الألمنيوم، والإنديوم والثاليوم– إلى جانب القصدير (Sn)، والرصاص (Pb) والبزموت (Bi).
ويمتلك الغاليوم ميزات فريدة، فبالرغم مثلًا من كونه صلبًا عند درجة حرارة الغرفة (حوالي 77 فهرنهايت/ 22 سيليزيوس)، يبقى لينًا لدرجة تتيح إمكانية تقطيعه بسكّين، كما أن نقطة انصهاره منخفصة –أقل من 10 درجات فوق درجة حرارة الغرفة– وبالتالي يمكن لكتلة من الغاليوم أن تذوب بمجرد حملها باليدين نتيجة دفئهما، وعند إفلاتها ستتصلّب من جديد.
يغلي الغاليوم عند نقطة مرتفعة جدًا مقارنةً مع نقطة انصهاره المنخفضة تلك، ما يُكسبه إحدى أكبر القيم لنسبة نقطة الانصهار إلى الغليان الخاصة بالعناصر، وعند درجات الحرارة المنخفضة، يكون الغاليوم صلبًا وهشًّا يُكسر بسهولة، مشكّلًا قطعًا محارّية الهيئة، مثلما يتكسّر الزجاج (أي إنه لا يتّبع المستويات الطبيعية للتجزؤ).
استخدامات الغاليوم
يُستخدم الغاليوم بشكل رئيسي في الإلكترونيات، في الواقع يُوظّف نحو 95% من إنتاج هذا الفلزّ في صناعة زرنيخيد الغاليوم (GaAs)، وهو مركب يُستخدم في دارات الموجات المكروية وتحت الحمراء، وأنصاف النواقل، وإنارات الـ(LED) الزرقاء والبنفسجية، حسب موقع كيميستري إكسبليند (Chemistry Explained).
يستطيع زرنيخيد الغاليوم إنتاج ضوء ليزر مباشرة بالكهرباء، ويوظَّف في الألواح الشمسية، بما فيها تلك الموجودة على متجوّل استكشاف المريخ، من جهة أخرى يُستعمل مركب نتريد الغاليوم (GaN) كنصف ناقل في تقنية البلو-راي، والهواتف النقّالة وحساسات الضغط في المفاتيح التي تعمل باللمس.
يرتبط الغاليوم بسهولة مع معظم الفلزّات، ويُستخدم بسكل شائع في صناعة السبائك ذات نقطة الانصهار المنخفضة، ويُعدّ أحد الفلزات الأربعة (إلى جانب الزئبق، والروبيديوم، والسيزيوم) التي تتخذ الهيئة السائلة عند درجة حرارة الغرفة أو بالقرب منها، لكنّه أقلّها سميّة، ما يجعله الخيار الأكثر أمانًا وملاءمة للبيئة لمقاييس الحرارة العالية، ومقاييس الضغط الجوي، وأنظمة نقل الحرارة وأجهزة التسخين والتبريد.
لكن يصعب التعامل مع الغاليوم السائل لدى التصاقه بالزجاج، والبشرة، ومعظم المواد الأخرى (باستثناء الغرافيت، والكوارتز والتفلون)، كما أنه يتضخّم عند التجمد فلا يمكن حفظه بأوعية زجاجية.
كما يُستعمل الغاليوم في بعض المستحضرات الدوائية والأدوية المشعة، على سبيل المثال، يُستخدم النظير المشع Ga-67 كاختبار طبي نووي لتحرّي وجود التهاب، أو عدوى أو سرطان في الجسم.
بالإضافة إلى استخدام نترات الغاليوم في العديد من المستحضرات الطبية كعلاج لفرط كالسيوم الدم، وهو داء قد يؤدي لنمو أورام عظمية، كما اقتُرح الغاليوم كعلاج للسرطان، والأمراض المُعدية والالتهابية، ولكن التعرّض لكميات كبيرة منه قد يسبب تهيّجًا في الحلق أو الصدر، وقد تؤدي دخائنه لبعض الحالات الخطيرة، حسب موقع (Chemistry LibreTexts).
اكتشاف الغاليوم
توقّع الكيميائي والمخترع الروسي، ومؤسس الجدول الدوري للعناصر، ديميتري مندلييف (Dimitri Mendeleev) وجود الغاليوم قبل اكتشافه، وعلم أنه سيوجد تحت الألمنيوم على الجدول الدوري في الخانة 31، لذا أطلق عليه اسم «إيكا-ألمنيوم»، كما أشار موقع كيميكول.
اكتُشف هذا العنصر لأول مرة عام 1875، إذ اكتشفه الكيميائي الفرنسي بول-إيميل ليكوك دو بوابودران (Paul-Émile Lecoq de Boisbaudran)، والذي كان قد أمضى 15 عامًا في دراسة أطياف العناصر الكيميائية (الأطياف هي الخطوط التي تصدرها العناصر الكيميائية عندما تُسخّن)، حسب موقع كيميستري إكسبليند، وكانت هذه الطريقة موثوقة في تحديد العناصر المختلفة، نظرًا لإصدار كل منها طيفًا مميزًا خاصًا بها.
وتساءل ليكوك دو بوابودران عن احتمالية وجود العنصر الحادي والثلاثين في فلزّات الزنك، إذ يتجاور الزنك ذو الرقم الذري 30 مع الغاليوم على الجدول الدوري، وقد وجد بالفعل بعضًا من هذا العنصر في أغسطس/آب عام 1875 باستخدام مطياف، لكن بكميات قليلة، وقد أبلغ عن تكوّن طيف ذاك العنصر الجديد من شعاع بنفسجي ضيّق ومرئي بسهولة، حسب موقع كيميستري إكسبليند.
لاحقاً في العام ذاته، تمكّن ليكوك دو بوابودران من استحصال الغاليوم النقي بالتحليل الكهربي لهيدروكسيد الغاليوم في هيدروكسيد البوتاسيوم، وفق مختبر جيفرسون (Jefferson Lab)، بعد ذلك أعطى منقّبون ليكوك دو بوابودران عدة أطنان من خامة الزنك لإتمام بحثه، ومنها استطاع إنتاج بضع غرامات من الغاليوم شبه النقي، حسب موقع كيميستري إكسبليند، وقد اقترح الكيميائي ذاته اسم «غاليوم»، والذي يعود للمفردة اللاتينية «Gallia» التي تعني فرنسا.
هل تعلم؟
- لا يمكن حفظ الغاليوم السائل في أوعية زجاجية أو معدنية لأنه يتضخّم بنسبة 3.1% من وزنه عندما يتجمّد.
- يمتلك الغاليوم المجال السائل الأكبر من بين جميع الفلزات.
- يستخدم مرصد النترينو في إيطاليا كميات كبيرة من ثلاثي كلوريد الغاليوم لدراسة النترينوهات الشمسية التي تنتجها الشمس، علمًا أن النترينوهات عبارة عن جسيمات نشأت في الثانية الأولى من الكون –حتى قبل الذرات– وتُصنع باستمرار بواسطة تفاعلات نووية في الشمس والنجوم الأخرى، وذلك وفق جامعة ويسكونسون-ماديسون.
- يبدي الغاليوم، بشكله المُستخلَص الأنقى، لونًا فضيًا حيويًا، أما بشكله الصلب فيكون رماديًا مزرقًا.
- ومن الخواص الغريبة الأخرى للغاليوم إمكانية تبريده لدرجة فائقة بسهولة كبيرة، علمًا أن هذه العملية تنطوي عمومًا على تبريد المادة لدرجة أدنى من نقطة تجمّدها دون تحويلها إلى الحالة الصلبة.
- تستحوذ صناعة الإلكترونيات على حوالي 95% من استهلاك الغاليوم، حسب موقع (LibreTexts) ويمثّل زرنيخيد الغاليوم ونتريد الغاليوم ما يقارب 98% من استهلاك هذا العنصر في الولايات المتحدة الأمريكية.
- استُخدم الغاليوم في القنابل النووية لتثبيت البنية البلورية.
- إذا طُلي الغاليوم على الزجاج، سيتحول الأول لمرآة برّاقة.
- تفوق نقطة غليان الغاليوم نقطة انصهاره بأكثر من ثمانية أضعاف على المقياس المطلق، وهي أكبر نسبة بين الدرجتين على مستوى جميع العناصر.