عويف قوافي
Uwayf al-Qawafi - Uwayf al-Qawafi
عُوَيف القوافي
(… ـ 100هـ/… ـ 718م)
عوُيف بن معاوية بن عُقبة بن حِصْن ابن حذيفة بن بدر، من فزارة بن ذبيان، لقبّ عُويف القوافي ببيت قاله، وهو:
سأكذبُ منْ قد كان يزعم أنني
إذا قلتُ قولاً لا أُجيد القوافيا
لا تُعرف سنة ولادته ومكانها، ولكنه كان من سكان الكوفة مما يرجح ولادته فيها، وكان من أشراف بني حذيفة فيها في العهد الأموي. وفد إلى دمشق، مركز الخلافة، غير مرة لمدح الخلفاء والأمراء والسادة.
ولا يعرف شيء عن أسرته سوى أن له أختاً تزوجها عُييْنه بن أسماء بن خارجة ثم طلقها من غير سبب، فصار عويف مراغماً له قائلاً: الحرّة لاتطلق بغير ما بأس. ولمّا حبس الحجاج بن يوسف الثقفي عُيينه لجبايات كانت عليه توجّع له عويف، وتناسى حقده عليه وظهرت في شعره النزعة القبلية، وقال فيه قصيدة رواها المبرد في «الكامل»، وصاحب الأغاني، ومنها:
منع الرّقاد ـ فما يُحسُّ رقادُ
خبرُ أتاك ونامت العُوّاد
خبر أتاني عن عُيينة مُوجعٌ
ولمثله تتصّدع الأكباد
شارك عويف في أحداث عصره، فقيل: إنه قتل عُريجة بن مصاد الكلبي، وهجا بني مُرة لتركهم نُصرة القيسية في حرب (مرج راهط) سنة 64هـ، بين القبائل القيسية والكلبية، على حين كانت مُرَّة تقتتل مع بني حِنّ ابن عُذْرة، ومنه قوله:
كنا لكم يا مُرّ أُمّاً حفِيّةً
وكنتم لنا يا مُرّ بوّاً مُجَلّدا
ولما غدر حميد بن الحريث بن بحدل ببني فزارة وقتل منهم مئة ونيفاً في منتصف رمضان سنة 71هـ، رثاهم عويف رثاء مُرّاً، منه:
ألا ليت أنّي صادفتني منيتي
ولم أرَ قتلى العام يا أُمّ أسْلما
ولم أرَ قتلي لم تدَعْ لي بعدها
يَدَينِ، فما أرجو من العيش أجذما
وتذكر المصادر أن عويف القوافي وفد إلى دمشق فمدح عمر بن عبد العزيز بتوليه الخلافة سنة 99هـ، ورثى في القصيدة نفسها سليمان بن عبد الملك فجمع بين المدح والرثاء، ومما قاله في عمر:
قد ابتلى الله بخير خَلْقه
ألقى إلى خير قريشٍ وَسْقَه
ياعمَرَ الخير المُلقى وفقَهُ
سُمِّيتَ بالفاروق فافرُقْ فَرْقهُ
كان عويف شاعراً شريفاً مُقلاً من شعراء الدولة الأموية مدح بعض خلفاء بني أمية وأمرائهم تكسباً، ومدح طلحة بن عبد الله بن عوف إعجاباً فأجاد في الحالين. وكان هجّاء بارعاً، ولهجائه وقع مرّ على المهجو، ومن أَمَرِّه ما قاله في بني مُرّة، ومنه:
اللؤم أكرم من وَبْر ووالده
واللؤم أكرم من وَبْر وما ولدا
قوم إذا جرّ جاني قومهم أمِنوا
من لؤم أحسابهم أن يُقْتلوا قَودا
ولمّا كان لهجائه مثل هذا الأثر فقد اشترى منه جرير بن عبد الله البجليّ أعراض قومه في خبر مشهور حكاه صاحب الأغاني.
من أشعاره البديعة في ذم الجبن والفرار من المعركة قوله:
وما أُمّكم تحت الخوانق والقنا
بثكلى، ولا زهراء من نسوة زُهْر
ألستم أقلّ الناسِ عند لوائهم
وأكثرهم عند الذّبيحة والقِدْرِ
يمتاز شعره بغلبة المقطعات عليه، والقصائد القصيرة التي تطرق موضوعها مباشرة، وكلها تعد من شعر المناسبات والأحداث، وما يجعلها أقرب إلى التسجيل للواقع ومشكلاته سواء كانت من الشعر أم من الرجز، وإن ندر هذا لديه.
وعلى الرغم من تأثر الشاعر بصور الشعراء القديمة، وبألفاظ القرآن وتراكيبه فإنه استطاع تركيبها بأسلوب مثير ولافت للنظر، يدل على بداهة واقتدار في نسج الصور الموشاة، ومن ذلك قوله:
وإنك إذ تغتال عرضك ظالماً
لكالحامل الأوزارَ ِوزْراً على ِوْزرِ
وقوله:
ولمّا رأى المجد استعيرت ثيابه
تردّى رداءً واسع الذيل واتّزرْ
إذا قيلت العوراء أغضى كأنه
ذليل بلا ذلٍ ولو شاء لانتصر
وشعره قريب من النفس؛ لوضوح ألفاظه ودقتها، وحسن متون تراكيبه، وجمال تصويره، وقدرته على التأثير.
وقد جمع شعره نوري حمودي القيسي في مطلع الثمانينات من القرن العشرين في الجزء الثالث من مجموعة (شعراء أمويون).
حسين جمعة
Uwayf al-Qawafi - Uwayf al-Qawafi
عُوَيف القوافي
(… ـ 100هـ/… ـ 718م)
عوُيف بن معاوية بن عُقبة بن حِصْن ابن حذيفة بن بدر، من فزارة بن ذبيان، لقبّ عُويف القوافي ببيت قاله، وهو:
سأكذبُ منْ قد كان يزعم أنني
إذا قلتُ قولاً لا أُجيد القوافيا
لا تُعرف سنة ولادته ومكانها، ولكنه كان من سكان الكوفة مما يرجح ولادته فيها، وكان من أشراف بني حذيفة فيها في العهد الأموي. وفد إلى دمشق، مركز الخلافة، غير مرة لمدح الخلفاء والأمراء والسادة.
ولا يعرف شيء عن أسرته سوى أن له أختاً تزوجها عُييْنه بن أسماء بن خارجة ثم طلقها من غير سبب، فصار عويف مراغماً له قائلاً: الحرّة لاتطلق بغير ما بأس. ولمّا حبس الحجاج بن يوسف الثقفي عُيينه لجبايات كانت عليه توجّع له عويف، وتناسى حقده عليه وظهرت في شعره النزعة القبلية، وقال فيه قصيدة رواها المبرد في «الكامل»، وصاحب الأغاني، ومنها:
منع الرّقاد ـ فما يُحسُّ رقادُ
خبرُ أتاك ونامت العُوّاد
خبر أتاني عن عُيينة مُوجعٌ
ولمثله تتصّدع الأكباد
شارك عويف في أحداث عصره، فقيل: إنه قتل عُريجة بن مصاد الكلبي، وهجا بني مُرة لتركهم نُصرة القيسية في حرب (مرج راهط) سنة 64هـ، بين القبائل القيسية والكلبية، على حين كانت مُرَّة تقتتل مع بني حِنّ ابن عُذْرة، ومنه قوله:
كنا لكم يا مُرّ أُمّاً حفِيّةً
وكنتم لنا يا مُرّ بوّاً مُجَلّدا
ولما غدر حميد بن الحريث بن بحدل ببني فزارة وقتل منهم مئة ونيفاً في منتصف رمضان سنة 71هـ، رثاهم عويف رثاء مُرّاً، منه:
ألا ليت أنّي صادفتني منيتي
ولم أرَ قتلى العام يا أُمّ أسْلما
ولم أرَ قتلي لم تدَعْ لي بعدها
يَدَينِ، فما أرجو من العيش أجذما
وتذكر المصادر أن عويف القوافي وفد إلى دمشق فمدح عمر بن عبد العزيز بتوليه الخلافة سنة 99هـ، ورثى في القصيدة نفسها سليمان بن عبد الملك فجمع بين المدح والرثاء، ومما قاله في عمر:
قد ابتلى الله بخير خَلْقه
ألقى إلى خير قريشٍ وَسْقَه
ياعمَرَ الخير المُلقى وفقَهُ
سُمِّيتَ بالفاروق فافرُقْ فَرْقهُ
كان عويف شاعراً شريفاً مُقلاً من شعراء الدولة الأموية مدح بعض خلفاء بني أمية وأمرائهم تكسباً، ومدح طلحة بن عبد الله بن عوف إعجاباً فأجاد في الحالين. وكان هجّاء بارعاً، ولهجائه وقع مرّ على المهجو، ومن أَمَرِّه ما قاله في بني مُرّة، ومنه:
اللؤم أكرم من وَبْر ووالده
واللؤم أكرم من وَبْر وما ولدا
قوم إذا جرّ جاني قومهم أمِنوا
من لؤم أحسابهم أن يُقْتلوا قَودا
ولمّا كان لهجائه مثل هذا الأثر فقد اشترى منه جرير بن عبد الله البجليّ أعراض قومه في خبر مشهور حكاه صاحب الأغاني.
من أشعاره البديعة في ذم الجبن والفرار من المعركة قوله:
وما أُمّكم تحت الخوانق والقنا
بثكلى، ولا زهراء من نسوة زُهْر
ألستم أقلّ الناسِ عند لوائهم
وأكثرهم عند الذّبيحة والقِدْرِ
يمتاز شعره بغلبة المقطعات عليه، والقصائد القصيرة التي تطرق موضوعها مباشرة، وكلها تعد من شعر المناسبات والأحداث، وما يجعلها أقرب إلى التسجيل للواقع ومشكلاته سواء كانت من الشعر أم من الرجز، وإن ندر هذا لديه.
وعلى الرغم من تأثر الشاعر بصور الشعراء القديمة، وبألفاظ القرآن وتراكيبه فإنه استطاع تركيبها بأسلوب مثير ولافت للنظر، يدل على بداهة واقتدار في نسج الصور الموشاة، ومن ذلك قوله:
وإنك إذ تغتال عرضك ظالماً
لكالحامل الأوزارَ ِوزْراً على ِوْزرِ
وقوله:
ولمّا رأى المجد استعيرت ثيابه
تردّى رداءً واسع الذيل واتّزرْ
إذا قيلت العوراء أغضى كأنه
ذليل بلا ذلٍ ولو شاء لانتصر
وشعره قريب من النفس؛ لوضوح ألفاظه ودقتها، وحسن متون تراكيبه، وجمال تصويره، وقدرته على التأثير.
وقد جمع شعره نوري حمودي القيسي في مطلع الثمانينات من القرن العشرين في الجزء الثالث من مجموعة (شعراء أمويون).
حسين جمعة