يوسف العظمة Al-Azma (Yusuf-)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوسف العظمة Al-Azma (Yusuf-)


    عظمه (يوسف)

    Al-Azma (Yusuf-) - Al-Azma (Yusuf-)

    العظمة ( يوسف ـ)
    (1884ـ 1920)

    ولد يوسف العظمة في حي الشاغور بدمشق، لأسرة كبيرة وعريقة، وكان أبوه موظفاً في دائرة مالية دمشق، ولما بلغ من العمر ست سنوات توفي والده ، فكفله شقيقه الأكبر عزيز. دخل يوسف إحدى مدارس دمشق الابتدائية، ومنها انتقل عام 1893 إلى المدرسة الرشدية العسكرية التي كانت تقع في حي «البحصة» بدمشق، ثم إلى المدرسة الإعدادية العسكرية عام 1897، والتي كان مقرها في جامع دنكز، وانتقل عام 1900 إلى المدرسة الحربية العسكرية «قله لي» في اصطنبول، وفي العام التالي دخـل المدرسة الحربية العالية «حربية شهانة» وتخرج فيها برتبـة «ملازم ثـان» سنة 1903، ورفّع إلى رتبة «ملازم أول» سنة 1905، ثم إلى رتبة «نقيب» سنة 1907 بعد أن قام بدورة أركان حرب محلية في اصطنبول، وفي أواخر عام 1909 أوفد في بعثة دراسية إلى ألمانيا حيث درس في مدرسة «أركان الحرب العليا» مدة سنتين (1909ـ 1911) عاد بعدها إلى الأستانة، وعُيَّن ملحقاً عسكرياً في المفوضية العثمانية العليا في القاهرة.
    شارك الشهيد يوسف العظمة في حرب البلقان عام 1912، وفي عام 1917 عيَّن مساعداً لأنور باشا المفتش العام للجيش العثماني، وشارك في الحرب العالمية الأولى تحت قيادة القائد التركي حلمي باشا في منطقة الروميلي (مقاطعة كليسة)، وعُين في أواخر الحرب رئيس أركان حرب الفيلق الأول الذي دافع عن الدردنيل حتى نهاية الحرب.
    بقي العظمة في تركيا إلى أن سمع بتشكيل الحكومة العربية في دمشق فاستقال من منصبه في الجيش التركي ـ على الرغم من زواجه من سيدة تركية رزق منها بفتاة اسمها «ليلى» وهي طفلته الوحيدة ـ والتحق بالجيش العربي في دمشق.
    بعد التحاقه بالجيش العربي الفيصلي، عيّن العظمة ضابط ارتباط في بيروت، حيث استخدم الشفرة لأول مرة في مكتب الحكومة العربية هناك، وبعد إعلان الملكية نُقل من بيروت، وعُين رئيساً لأركان حرب القوات العربية ـ بعد ترقيته إلى رتبة «عميد»، ثم عند تشكيل وزارة هاشم الأتاسي الدفاعية ـ في 3 أيار/مايو/1920 أسندت إليه وزارة الحربية، فعكف على تنظيمها وتقوية الجيش العربي اليافع، وقام بإجراء عرض عسكري في دمشق لتقوية الروح المعنوية في الجيش ولدى السكان، ولكن الأقدار لم تمهله لإكمال تنظيم هذا الجيش وتقويته.
    وحينما أخذت الحكومة الفرنسية تعد لتنفيذ الانتداب الذي أقره مؤتمر ڤرساي ـ حسب تقسيمات اتفاقية «سايكس ـ بيكو» ـ وكأنه عملية احتلال عسكرية كاملة، عقدت هدنة مع تركيا، وأرسلت قوات عديدة إلى الشرق وفوضت الجنرال «غورو» مفوضها السامي بإرسال إنذار نهائي إلى الملك فيصل، وفي يوم 14 تموز/يوليو/1920 وجّه الجنرال «غورو» إنذاراً خطياً إلى الملك فيصل تضمّن:
    ـ وضع السكك الحديدية بتصرف الفرنسيين مطلقاً.
    ـ التعامل بالعملة التي فرضتها فرنسا.
    ـ حلّ الجيش العربي وإلغاء التجنيد الإجباري.
    ـ قبول الانتداب الفرنسي.
    ومع الرفض الشعبي والاستياء الشديد من الإنذار، إلا أن الملك فيصل وحكومته قررّا قبول الإنذار لسببين مهمين:
    ـ نزولاً عند نصيحة اللورد الإنجليزي اللنبي عند استشارته؛ إذ أشار بسرعة القبول لتفويت الفرصة التي يسعى إليها غورو بدخول دمشق دخول الفاتحين.
    ـ ضعف الذخائر والأسلحة لدى الجيش العربي.
    قُبل الإنذار، ولم يقبل يوسف العظمة به، وأصَّر على الدفاع عن الوطن وعدم الرضوخ للمطالب الفرنسية، وصمم على الدافع عن دمشق وهو يعرف أنه سيستشهد، فقال لساطع الحصري وهو يودعه: «إني أترك ابنتي الوحيدة ليلى أمانة في أعناقكم».
    وأرسل الملك فيصل برقية إلى غورو في بيروت لإعلامه بقبول الإنذار، فردّ غورو بأن المقصود بالإنذار ليس القبول فحسب، بل تنفيذ شروطه كاملةً قبل منتصف ليل 21 تموز 1920، وفي الحقيقة لم يكن هناك مبرر لهذا الرد، لأن الحكومة العربية بدأت بتنفيذ الشروط وتسريح الجيش على الرغم من رفض «المؤتمر السوري» الذي عقد جلسة استثنائية يوم 19 تموز، وسحب الثقة من الحكومة، إلا أن الملك فيصل أرسل مذكرة جديدة إلى غورو عن طريق المعتمد الفرنسي في دمشق الكولونيل كوس، فلم يرسل كوس المذكرة إلى غورو، واكتفى بإرسال برقية، ولكن البرقية تأخرت بسبب تعطل خطوط البرق، فتذرع غورو بتأخرها، وأصدر الأمر إلى جيشه بالتحرك نحو دمشق.
    حشد يوسف العظمة القوات العربية من حلب إلى مرجعيون، وقسَّم جبهته إلى ثلاث مناطق: الأولى منطقة حلب، والثانية منطقة حمص ـ تلكخ، والثالثة مجدل عنجر ـ مرجعيون مع علمه أن معركته معروفة النتائج لفقدان تكافئ القوى، وبدأ العظمة يَحثّ الناس على الخروج إلى ميسلون لصد العدو، فتراكض جمع غفير إلى هناك مسلحين بالبنادق والمسدسات القديمة والسيوف وحتى بالمقالع؛ لينضموا إلى فلول الجيش التي حاول العظمة جمعها قبل إتمام أمر تسريحه الذي صدر سابقاً استجابة للإنذار.
    لم يعد هناك بد من خوض معركة غير متكافئة بين الجيش الفرنسي المجهز بأحدث أسلحة العصر والبالغ عدد أفراده 9000 جندي بقيادة الجنرال غوابيه ـ وهو حفيد أحد القادة الصليبيين الذين جاؤوا لغزو سورية في الحملة الصليبية الثانية عام (1147م ) ـ وبين 8000 جندي، نصفهم على الأقل من المتطوعين والمسلحين بأسلحة قديمة، من دون دبابات أو طائرات أو تجهيزات ثقيلة.
    خرج العظمة ليتولّى قيادة الجيش في ميسلون في يوم 23 تموز 1920 واجتمع بالضباط الذين لم يتم تنفيذ أمر تسريحهم وأبلغهم أن الحرب لابد قائمة. وعرض على قادته خطته الدفاعية ـ الهجومية، والتي تتلخص في تنظيم خط دفاعي في وسط الجبهة على جانبي الطريق (القلب)، مع فرز وحدات حقيقية إلى يمين الجبهة ويسارها لحماية الجناحين (الجناح الأيمن والجناح الأيسر)، إضافة إلى وضع ألغام محلية الصنع على الطرق المؤدية إلى المنطقة.
    وتمركز العظمة في مركز قيادة الجبهة في أعلى مرتفع يشرف على الجبهة بكاملها، وبعد أن أدى صلاة الصبح يوم 24 تموز بدأ بالاستعداد لخوض المعركة التي استمرت من الفجر حتى الظهر.
    كانت حال المعركة حسنة حتى الساعة التاسعة حينما بدأت المدفعية الفرنسية بالتغلب على المدفعية العربية، وبدأت الدبابات الفرنسية بالتقدم باتجاه الخط الأمامي العربي في دفاع القلب، وعوّل العظمة على الألغام المدفونة لإيقاف تقدّم هذه الدبابات، إلا أن الألغام لم تقم بعملها ولم تؤثر؛ فأسرع إليها يبحث، فإذا بأسلاكها قد قطّعت، وأخذت الطائرات الفرنسية تلقي بحممها على القوات العربية، وتمكن الفرنسيون من تحقيق نصر غير شريف؛ لكثرة عددهم وقوة تسليحهم على الرغم من استبسال المجاهدين في الدفاع عن الكرامة العربية. وفي أثناء المعركة وبعد نفاد الذخائر نزل العظمة من مكمنه على جانب الطريق حيث يوجد مدفع عربي سريع الطلقات، وأمر رقيب المدفع بإطلاق النار على الدبابات المتقدمة، فما كان من أحد رماتها إلا أن أطلق ناره باتجاههما فسقطا شهيدين في الساعة العاشرة والنصف من صباح 24 تموز. استشهد العظمة في معركة الكرامة التي خاضها دفاعاً عن شرفه العسكري وشرف بلاده، فانتهت حياته وحياة الحكومة العربية التي تأسست في دمشق يوم 18 آذار/مارس/1920، وانتهت في 24 تموز 1920.
    ويبقى الشهيد البطل يوسف العظمة رمزاً للمقاومة القومية ضد الاستعمار، ويكفيه فخراً أنه أول وزير دفاع عربي يخوض معركة ويستشهد فيها.
    محمد أحمد
يعمل...
X