مصطفى رعدون
27 أبريل 2020 ·
حاذق وذكي ،،
من إختار موقع مدينة أفامية العاصي ،،،،
جبار وعنيد من إختار هذا المكان لذلك الصرح التاريخي ،
و مفكر وعبقري من إختار تلك التلة ، لتكون موضع تلك المدينة الخالدة ،
ذواق ومحب ذلك الذي كرس جهوده الجبارة ليستثمر أفضال الطبيعة البكر
برواسيها الرائعات ، وسهلها البديع ، وتلالها السامقات ، وبهجتها المتجددة على مر الفصول ،
لقد سخر الطبيعة ليزيد في الموقع جمالا على جمال ،
وجعل الشارع الرئيسي الكبير في أفامية ( 1850متر )
موازيا لتلك السلسلة الجبلية التي تملأ العين زرقة تحت قبة السماء ،
فأغنى الموقع بروح موسيقية ، حيث أشبع النظر بصور متناسقة لا نشاز فيها ،
و يعرف قيمة هذه الكلمات من تمرس في العمارة والتصميمات الهندسية ،
حيث للعمارة روح ، يحس بها مصممها ومتذوقها ،
وجعل للقلعة مركزا مرموقا ضمن تصميم المدينة الموسعة ،
فقد كانت مسكونةلآلاف السنين الخوالي ، قبل أن يتم توسيع المدينة شرقا ،
في بداية المائة الثالثة قبل الميلاد ، متربعة على تلة عاشور ،
تلك التلة المحمية طبيعيا ،
بالوديان من ثلاث جهات ، عدا الجهة الشمالية ،
فعمد إلى ضخامة السور المطل شمالا
ووزع أبوابها السبعة على كل الجهات ،
ومستفيدا من ذلك الدرع الجبلي الضخم والطبيعي ، الذي يفصل بين الساحل والداخل ،
ووعورة المرور فيه ، وتلك المفازات التي تفصل المكان عن محيطها من الحواضر ، ،،
أغناها بالماء المتدفق في قناة العاشق من نبع عين الزرقاء بسلمية ،
بالرغم من وجود الماء أسفل التلة الكبيرة ،
ليستريح من عناء النقل ، فقد تجمعت :
كل عوامل نشوء المدن الناجحة في هذا الموقع الجميل ،
بالإضافة لهوائه العليل ، وغزارة أمطاره ، وخصوبة أرضه ، وتنوع مزروعاته ، وتوفر مراعيه ، وكثرة مصايفه وشواتيه ،
ووقوعه على طريق الحرير التجاري ، الذي يربطه بمدن العالم الكبير
شرقا وغربا ، وشمالا وجنوبا ،
فإن مقالع الحجارة الكلسية القاسية الدلوميتية المطلوبة للبناء قريبة جدا من الموقع ،
وفي تناول اليد ، وهي في مرتفع يسهل إيصال حجارتها بأقل عناء ممكن ،،،
واحدة من الحقائق فقط ،
،،،لم يحسب حسابها ،،
وهي أن المنطقة غير مستقرة زلزاليا ،
وهو ما يعرف بالإنهدام العربي الإفريقي ،
وهذا الفالق الزلزالي هو من أودى بحياة المدينة في عام 1157 م. ،، وما تلاها من هزات أرضية شديدة ،
قهرت المدينة وأخرجتها من عالم الحياة ،
إلى عوالم التاريخ السرمدية ،،،
مصطفى رعدون -2020- 4 -27