معلومات وحقائق عن عنصر الزرنيخ

من زمن الإمبراطوريّة الرومانيّة وحتّى العصر الفيكتوري، كان الزرنيخ يُعتَبَر “ملك السموم” وكذلك “سمّ الملوك”.






التاريخ مليء بقصص كل من العائلة المالكة والعامّة الذين ينفّذون عمليّات اغتيال لتحقيق مكاسب شخصيّة باستخدام مركّباتٍ عديمة الرائحة، لا طعم لها، أوبعبارةٍ أخرى، المركّب المثاليّ للتسميم هو الزرنيخ.

ولكنّ حتّى مع سمعته كمادّة قاتلة، لا يزال الزرنيخ يحتلّ مكانًا مهمًا جدًا في العالم الطبيعيّ.
المادة الكيميائيّة الطبيعيّة


في الجدول الدوريّ للعناصر، الزرنيخ هو رقم 33.

تحتوي ذرة الزرنيخ على 33 إلكترونًا و33 بروتونًا مع خمسة إلكترونات تكافؤ (تلك التّي يمكن أن تشارك في تكوين روابط كيميائيّة مع إلكترونات أخرى) في مدارها الخارجيّ.






هو مركب معدنيّ بلوريّ يتواجد في قشرة الأرض، ولكنّه نادرًا ما يتواجد في شكله الحر.

يمكن العثور عليه عادةً في المعادن، مثل “Arsenopyrite” و”Realgar” و”Orpiment”، حسب”Minerals education coalition”.

(أرسينوبيريت – Arsenopyrite) – (FeAsS)، وهو كبريتيد الحديد والزرنيخ، يُسمى أيضًا “mispickel”، وهو الشكل المعدنيّ الأكثر شيوعًا للحصول على الزرنيخ، حسب “Los Alamos”.

اكتُشِفَ الزرنيخ في وقتٍ مبكّر من القرن الرابع قبل الميلاد، عندما أشار أرسطو إلى واحدة من كبريتيداته كـ “sandarach”، أو الرصاص الأحمر، حسب “Chemicool”.






أعاد ألبرتوس ماغنوس – الفيلسوف الألمانيّ والكيميائيّ – عزل العنصر في عام 1250.

مصدر كلمة الزرنيخ هو من الكلمة الفارسية “zarnikh” التّي تعني (رهج أصفر – yellow orpiment) ، والتّي اعتمدها اليونانيون كـ “arsenikon”، وفقًا لمختبر لوس ألاموس الوطنيّ.

ترتبط الكلمة أيضًا بالكلمة اليونانيّة “arsenikos” وتعني “الرجوليّ” أو “القويّ”، لذلك أصبحت الكلمة اللاتينيّة له “الزرنيخوم”.

تحت الضغط الجويّ القياسيّ، يتصعَّد الزرنيخ، أيّ يتبدّل مباشرةً من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازيّة دون المرور بالحالة السائلة.






لكنّه، يتحول إلى حالته السائلة عند وضعه تحت ضغطٍ عالٍ.

للزرنيخ عدد من الأشكال، أو التآصلات. الأكثر شيوعًا هو الرماديّ المعدنيّ، متبوعًا باللون الأصفر ثمّ الأسود.

الزرنيخ الرماديّ – وهو الشكل الوحيد المُستخدم في الصناعة – هو الزرنيخ الأكثر ثباتًا بين الثلاثة، وأقوى موصل للكهرباء.

يتواجد بشكل طبيعيّ في البيئة في كل من الأشكال العضويّة (ذرات الزرنيخ الملتصقة بالكربون)، والأشكال غير العضويّة (بدون كربون).






يتواجد الزرنيخ غير العضويّ – وهو النوع الأكثر وفرة – مع العديد من العناصر الأخرى، وخاصةً الكبريت والأكسجين والكلور.

الزرنيخ غير العضويّ هو النوع المرافق للتأثيرات الصحيّة الضارة بالبشر.
حقائق

• العدد الذريّ (عدد البروتونات في النواة): 33.
• الرمز الذريّ (على الجدول الدوريّ للعناصر): As.
• الوزن الذريّ (متوسط ​​كتلة الذرة): 74.92160.
• الكثافة: 5.776 جرام لكل سنتيمتر مكعّب.
• الحالة في درجة حرارة الغرفة: صلبة.
• نقطة الانصهار: 1,502.6 درجة فهرنهايت (817 درجة مئويّة).
• نقطة الغليان: 1,117.4 فهرنهايت (603 درجة مئويّة).
• عدد النظائر (ذرّات من نفس العنصر مع عدد مختلف من النيوترونات): 33؛ 23 – معروفي أنصاف العمر -، 1 مستقرّة.
• النظائر الأكثر شيوعًا: As-75 (وفرة طبيعيّة 100٪).

مخاطر الزرنيخ


حتّى بغياب الإقحام الأحمق، لا يزال الزرنيخ يشكّل خطرًا، عند تسريب مستويات قاتلة منه إلى مياه الناس أو طعامهم أو الهواء.

ويتمثّل القلق الأكبر في مياه الشرب، وفي بعض الأماكن، يكون خطر التلوث بالزرنيخ مرتفعًا بشكل خاص.






في عام 2001، اعتمدت وكالة حماية البيئة (EPA) مستوى أقل للزرنيخ في مياه الشرب.

استبدل معيار الزرنيخ الجديد البالغ 10 أجزاء في البليون (ppb) المستوى القديم البالغ 50 جزء في البليون.

قال بروس أ. ستانتون، الأستاذ بقسم علم الأحياء الدقيقة والمناعة في كلية جيزل للطب في جامعة دارتموث في نيو هامبشاي: «يمكن العثور على الزرنيخ في مياه الآبار، في العديد من الولايات، عند مستويات أعلى من معيار (EPA) بمقدار 10 أجزاء من البليون».

وقال أيضًا: «الزرنيخ في مياه الآبار أعلى من معيار وكالة حماية البيئة في واحد من كل خمسة آبار في نيوهامبشير والعديد من الولايات الأخرى بما في ذلك ماين، وميشيغان، وكاليفورنيا، ونيو مكسيكو، وأريزونا، وكولورادو، ونيفادا».






بالنسبة للغذاء، حوّلت إدارة الغذاء والدواء (FDA) اهتمامها مؤخرًا نحو الأرز، لأنّه يميل إلى امتصاص الزرنيخ بسهولة أكبر من المحاصيل الأخرى.

وبما أنّ الأرز هو الغذاء الرئيسي للعديد من الرضّع والأطفال الصغار، فإنّ إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة راقبت عن كثب محاصيل الأرز من أجل السلامة، وضمان بقاء مستويات الزرنيخ غير العضويّ في حبوب الأرز للأطفال تحت 100 جزء في البليون (ppb).

كما اقترحت إحدى الدراسات التّي نُشِرَت في (مجلة التغذية – Nutrition Journal) أنّ أنواعًا أخرى من الأطعمة – بما في ذلك النبيذ الأبيض والبيرة و(كرنب بروكسل – Brussels sprouts) – قد ترتبط بمستويات أعلى من الزرنيخ عند البشر أيضًا.

اتخذت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة (FDA) خطواتٍ لمراقبة عصير التفاح أيضًا.


مشاكل صحيّة


التسمم بالزرنيخ يمكن أن يسبب جميع أنواع المشاكل الصحيّة.

يمكن أن تسبب الجرعة الكبيرة منه المرض والوفاة على الفور، في حين يرتبط التعرّض على المدى الطويل بارتفاع معدّلات الإصابة بسرطان الجلد، والمثانة، والرئتين، فضلًا عن أمراض القلب، وفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة (FDA).

وصرّح ستانتون: «في المستويات الموجودة في مياه الآبار في الولايات المتحدة (10-100 جزء في البليون)، فإنّ ابتلاع مياه الآبار التّي تحتوي على الزرنيخ يقلل من نسبة الذكاء كما توجد العديد من الآثار الصحيّة الأخرى، بما في ذلك العيوب الخلقيّة».

«والخبر السار هو إمكانيّة كشف الزرنيخ في مياه الآبار عن طريق اختبارات غير مكلفة، كما يمكننا حماية أنفسنا من التعرض للزرنيخ في هذه المياه عن طريق (الترشيح – Zero Water tabletop water filters) وغيرها من الطرق».


من العناصر الغذائيّة الأساسيّة


لباراسيلسوس مقولة مشهورة – وهو فيلسوف ألماني سويسريّ في القرن السادس عشر وأخصائيّ في علم السموم – مرة واحدة مشهورة: «كل الأشياء هي السمّ، ولا شيء بدون السمّ. فقط الجرعة تسمح للشيء بأن لا يكون سامًا».

ولكنّ هل يمكن أن يكون العنصر السامّ ضروريًا للحياة؟

مجموعة متنامية من الأدلة تقول نعم.

قد تكون بعض المعادن السامّة – لكنّ بكمياتٍ ضئيلة – موادًا غذائيةً أساسيّة، وفقًا لتحليل في مجلة “EMBO Reports”.






في الواقع، وجد العلماء أنّ الجسم يحتاج الزرنيخ – بمستوى 0.00001% – لتنمو وتحافظ على جهاز عصبيّ صحيّ، حسب “Chemicool”.
هل تعلم؟


في وقت مبكر من 82 قبل الميلاد، حاول الدكتاتور الرومانيّ لوسيوس كورنيليوس سولا إنهاء سلسلة من حالات التسمم بالزرنيخ عن طريق تمرير قانون ليكس كورنيليا – أول قانون معروف ضد التسمم – وفقًا لجامعة دارتموث.

في عام 1836، طوّر كيميائيّ بريطانيّ يدعى جيمس مارش أخيرًا اختبارًا يمكنه الكشف عن كميات ضئيلة من الزرنيخ في كل من الغذاء والبقايا البشريّة. بدأ وباء التسمم بالزرنيخ في التلاشي أخيرًا.

على الرغم من عدم ثبوتها، هناك شائعة مستمرة حول تسمم نابليون بونابرت ببطء بالزرنيخ على يدَي شخص من حاشيته، مما أدّى في النهاية إلى وفاته في عام 1821.






رغم تشخيص موته بسبب حالة متقدمة من سرطان المعدة، ما زال الكثيرون يعتقدون أنّ الزرنيخ لعب دورًا في وفاته.

لعلّ أشهر المُسَممين بالزرنيخ هم عائلة بورجيا – وهي عائلة استولت على السلطة في إيطاليا – والتّي سرعان ما أصبح التسمم بالزرنيخ هو استراتيجيتها للقضاء على الأثرياء والبارزين، كما اعتُبِرَت العائلة الأقوى خلال عصر النهضة.

في العصر الفيكتوريّ، كان الزرنيخ الأبيض، أو ثالث أكسيد الزرنيخ (As2O3) مُتاحًا على نطاقٍ واسع، كما كان يُباع في متاجر البقالة. كانت النساء تأكل أو تفرك الزرنيخ الممزوج بالخل أو الطباشير في جلدهن كمعزز للجلد، محاولات إظهار جلدهن شاحبًا ليبدو أنّهن لم يعملن في الحقول.
الاستخدام الزراعيّ


وبما أنّ الزرنيخ هو مادة سامّة قويّة، فإنّ المزارعين – بالإضافة إلى الحكومة الأمريكيّة، في أوائل القرن العشرين – اعتقدوا أنّه سيكون من الجيّد تصنيع سمًّا للقوارض ومبيدات حشريّة للمحاصيل منه.






لقد استغرق الأمر عدّة عقود لكي يدرك الجميع ما مخاطر رشّ هذه المادة الكيميائيّة المسببة للسرطان على الإمدادات الغذائيّة.

في ثمانينيات القرن العشرين، تمّ حظر جميع هذه المبيدات الحشريّة الزرنيخيّة في النهاية، لكنّ بعض المخلّفات لا تزال باقية في التربة اليوم، وفقًا لما ذكرته “The Lead Group”.

بدءاً من أربعينيات القرن العشرين، تمّ استخدام المواد الحافظة الخشبيّة المعالجة بالزرنيخ – مثل الزرنيخ النحاسي الكرومي (CCA) -على نطاق واسع لمنع تعفُّن الخشب.

على الرغم من أنّ هذه المواد الحافظة ما زالت غير محظورة رسميًا، إلّا أنّ المصنّعين توقفوا طواعيةً عن إنتاج المنتجات الخشبيّة المعالجة بالزرنيخ في عام 2003، وفقًا لوكالة حماية البيئة.




الاستخدامات الطبيّة


في عام 1786، قدّم طبيب بريطاني يدعى توماس فاولر عقاره القائم على الزرنيخ المعروف باسم حلّ فاولر.

كان العلاج شائعًا لعلاج آفات الجلد، مثل (الصداف – psoriasis).

لسوء الحظ، أصبح واضحًا أنّ الأشخاص الذين استخدموا هذا المنتج كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان، خاصةً في المكان الذي طُبِّقَ العلاج عليه.

وقد تمّ إيقاف استخدامه في الفترة ما بين ثلاثينيات وخمسينيات القرن العشرين، وفقًا لما ذكرته جامعة دارتموث.






في عام 1910، طوّر عالم الصيدلة الألماني بول إرليخ عقار (سالفارزان – Salvarsan)، المعروف أيضًا باسم (آرسفينامين – arsphenamine)، باعتباره علاجًا لمرض (الزهري – syphilis) – مرض استوطن وكان غير قابل للشفاء في ذلك الوقت -.

كان الدواء فعّالًا بشكلٍ لا يُصدّق لعلاج مرض الزهري حتى أصبح البنسلين مُتاحًا في أربعينيات القرن العشرين، حسب “Chemical & Engineering News”.

كان تطوير إرليخ لسالفرسان الخطوة الأولى نحو العلاج الكيميائيّ المستهدف.

ثالث أكسيد الزرنيخ هو دواء فعّال جدًا يُستخدم لعلاج الأشخاص المصابين بابيضاض الدم النقويّ الحاد، وفقًا لستانتون.




الاستخدامات الصناعيّة


في بعض الأحيان يتمّ تصنيع سبائك الزرنيخ مع الرصاص لتشكيل معادن أكثر صلابةً ودقّة. كما تشمل بعض الاستخدامات لبطاريات السيارات و(الطلقات – bullets).

حتّى وقت قريب، استُخدِمَ الزرنيخ عادةً في صناعة الزجاج. ومع ذلك، بسبب الضغط من وكالة حماية البيئة (EPA) والبيئيين، معظم مصنعي الزجاج توقفوا عن استخدام الزرنيخ.
وفقًا للمختبر الوطني لوس ألاموس:


يُستخدم الزرنيخ غالبًا كعامل مقاومة للأجهزة الصلبة مثل الترانزستورات.

يُستخدم زرنيخ الغاليوم في أشعة الليزر والتّي تُحوّل الكهرباء إلى ضوءٍ متماسك.






تمّ استخدام مركبات الزرنيخ، مثل (أخضر باريس – Paris green)، وزرنيخات الكالسيوم وزرنيخات الرصاص، كمبيدات حشريّة وفي سمومٍ أخرى.

يُستخدم الزرنيخ في الألعاب الناريّة لإعطاء لونٍ إضافيّ للهب.

الزرنيخ يُحسّن كرويّة طلقة الرصاص.