نظرية المؤلف
في منتصف الخمسينات ثورت مجلة الأوراق السينمائية النقد السينمائي بمبدئها «فلسفة المؤلفين والتي شرعها ناقدها الشاب فرانسواز تروفو. هذا الموقف الجدلي أصبح نقطة التركيز في النقاش النقدي الذي انتشر فيما بعد في إنكلترا وأمريكا . لم يمض كثير من الوقت حتى أصبحت نظرية المؤلف نوعاً من نفـاط لتجمع المقاتلين وخاصة بين النقاد الشباب الذين كانوا يهيمنون على مجلات حية مثل (السينما) في إنكلترا و(الثقافة الفلمية) في أمريكا ومجلة الأوراق السينمائية التي تصدر باللغتين الفرنسية والانكليزية. في الواقع رغم وجود عدد من أفضل الكتاب في العقد التالي ممن كان يمتعض من النظرية إلا أن نظرية المؤلف هيمنت على أغلب النقد الجيد في الستينات وحتى أن أغلب المعارضين المتحمسين تأثر فيما بعد بها أصبحت التأليفية» في السينما إشارة تحد واحتقار تجاه المؤسسة الفلمية بكاملها في ذلك الوقت. في الواقع استطاعت النظرية بفضل صراخ العديد من ممارسيها أن تجرح كل النقاد الكبار والتقليديين تقريباً. حتى بازان مؤسس ومحرر (الأوراق السينمائية) كتب مقالاً يحذر فيه من تجاوزات النظرية كما كان يمارسها بعض محاوريها الشباب.
في الواقع أن السطور الرئيسية للنظرية ليست مزعجة بشكل خاص، على الأقل عندما نعود إليها في الماضي. لقد شعر كل من تروفو وكودار وشابرول وأصدقائهم من النقاد بالخوف من الحالة المحزنة التي وصلتها صناعة الفلم الفرنسي في ذلك الوقت كانت السينما بيد رجال الأعمال لا الفنانين. زد على ذلك أن تلك الأفلام التي كانت تمتدح غالباً لقيمتها الجمالية كان يهيمن عليها كتاب كانوا يعتبرون الخالق الرئيسي لأفضل الأفلام في الكثير الغالب كانت الأفلام «الفنية مجرد مواضيع طموحة مكتوبة من قبل ليبراليين . لبقين وإن كانوا مخلصين تناولت هذه الأفلام مواضيع كبيرة امتدحت في الأعم لأنها «جدية» وناضجة ولكنها كأفلام كانت مملة وثقيلة وقاصرة الخيال. كان المخرج يعتبر نوعاً من مساعد رجل أعمال تنفيذي عمله تفسيري في جوهره حيث كان يمسرح الإنتاج مثلما يقوم المخرج المسرحي بإخراج مسرحية .
المنظرون التأليفيون اقترحوا أن أعظم الأفلام هي التي تسيطر عليها الرؤية الشخصية للمخرج هذه الهيمنة يمكن رؤيتها من خلال فحص النتاج الكلي للمخرج المتميز بوحدة الموضوع والأسلوب إن مساهمة الكاتب - مادة الموضوع هي محايدة من الناحية الفنية إذ يمكن معالجتها بروعة أو بالحد الأدنى من الإمكانية. يجب الحكم على الأفلام على أساس «كيف» وليس ماذا». زعم النقاد التأليفيون مثل أغلب المنظرين الانطباعيين بأن الذي يجعل الفلم جيداً ليس مادة الموضوع كما هي وإنما (معالجة) مادة الموضوع وأن المخرج هو الذي يسيطر على المعالجة شريطة أن يكون مخرجاً جيداً مؤلفاً .
تحول هؤلاء النقاد إلى الأفلام الأمريكية كمقياس للجودة. تحولوا إلى أفلام الإثارة والغرب الأمريكي والعصابات والأفلام الموسيقية. الذي أعجبهم في هذه الأفلام هو حيويتها السردية وروحها الأسلوبية وروعتها الفنية. (١٠- ۱۹). أكثر هؤلاء الكتاب كانوا سيتفقون مع أوريين بانوفسكي الذي لاحظ أنه في الوقت الذي تكون فيه الأفلام التجارية دائما في خطر انتهائها بأن تصبح عاهرة فإن الأفلام الفنية المزعومة هي الأخرى في خطر مماثل من تنتهي عانساً . أغلب المؤلفين الأمريكيين من الذين امتدحهم هؤلاء النقاد عمل ضمن نظام الإستديو وهو نظام قضى على الأحلام الفنية للعديد من صانعي الأفلام الأقل شأناً. إن الذي أعجب به هؤلاء التأليفيون خاصة هو مدى الحيلة والدهاء اللذين يستطيع ممارستهما المخرج لكي يلتف على تدخل الإستديو وحتى على النصوص الهزيلة وذلك بواسطة تجربته الفنية إن مادة الموضوع في أفلام هتشكوك المرعبة وأفلام فورد عن الغرب الأمريكي كانت متنوعة جداً في إمكانياتها الفنية . ذلك فإن هذين المؤلفين استطاعا أن يتدبرا إنتاج أفلام عظيمة لأن الموضوع الحقيقي» كان يصل عن طريق الميزانسين والمونتاج وكل الوسائل الشكلية التي تحت تصرف المخرج عن طريق تحليل هذه الخيوط الموضوعية والأسلوبية التي تمتد عبر النتاج الكامل للمخرج فإننا نستطيع أن نصل إلى قرار بشأن رؤيته الفنية الشخصية، هذا وفقاً للتأليفيين. قبل مضي وقت طويل تجمعت فئات حول أكثر هؤلاء المخرجين شعبية على العموم كان هؤلاء سينمائيون أهملهم النقاد الجادون» في الواقع وهم: الفريد هتشكوك وجون فورد و هوارد هو كس ونيكولاس أندرسون وساميويل فولر على سبيل المثال (١٠ - ٢٠ ) .
إن مجرد سعة معرفتهم بتاريخ السينما جعلت هؤلاء النقاد يعيدون تقييم أكثر الأفلام الكبرى لمجموعة متنوعة من المخرجين في أحوال عديدة قام هؤلاء النقاد بتحويل أحكامهم النقدية بعكس الاتجاه جون فورد مثلاً أعجب النقاد المتعالين لانتاجيه الفنيين» مثل (المخبر) و(الهارب) اللذين كانا يخضعان لنصوص أدبية. إلا أن النقاد التأليفيين أصروا على أن أفلام الغرب الكلاسيكية مثل عربة (البريد) ولبست شريطاً أصفر و(اثنان ركبا معاً) و(الباحثون) هي أعلى فنياً من أفلام فورد المتظاهرة بالوعي الاجتماعي. كما أشاروا إلى ما هو عادي في الفلم والنقد الأدبي أي أن مادة الموضوع في العمل الفني ليست دائما دليلا يعتمد على قيمته .
نظر التأليفيون الفرنسيون إلى حقل النقد السينمائي على أنه مقدمة لصنع أفلامهم بأنفسهم وهذا ما فعله أغلبهم ابتداءً من أواخر الخمسينات . إلا أنه في إنكلترا أو أمريكا بقي أغلب النقاد التأليفيين في حقل النقد. على خلاف نظرائهم الفرنسيين كان هؤلاء أقل معرفة بمشاكل وتقنيات الإخراج السينمائي لذا فإنهم ركزوا على الجوانب الموضوعية والأسلوبية في الأفلام ذاتها. الذي كان بالنسبة للفرنسي شراً لا بد منه . نظام الإستديو - كاد الآن فضيلة أو على الأقل تحدياً. التأليفيون الأمريكيون ومنهم أندروساريس كانوا يهتمون بالتوتر بين رؤية الفنان الذاتية وذلك الصنف السينمائي من المهام الروتينية التي كان يكلف بها المخرجون من قبل رؤسائهم في هوليوود. وضع التأليفيون الإنكليز والأمريكيون تأكيداً رئيسياً على كيفية قيام المخرج بصنع محفظة نقود حريرية من أذن خنزيرة، وكيف يؤدي عمله تحت الضغط وأصر هؤلاء النقاد بحق أن الحرية الفنية الكاملة ليست دائما فضيلة . ولكن بالرغم مما قيل فإن ميكال انجلو ودكنز ورمبرانت من بين آخرين قبلوا أعمالاً فنية بتكليف من آخرين. (۱۰- ۲۱)
في منتصف الخمسينات ثورت مجلة الأوراق السينمائية النقد السينمائي بمبدئها «فلسفة المؤلفين والتي شرعها ناقدها الشاب فرانسواز تروفو. هذا الموقف الجدلي أصبح نقطة التركيز في النقاش النقدي الذي انتشر فيما بعد في إنكلترا وأمريكا . لم يمض كثير من الوقت حتى أصبحت نظرية المؤلف نوعاً من نفـاط لتجمع المقاتلين وخاصة بين النقاد الشباب الذين كانوا يهيمنون على مجلات حية مثل (السينما) في إنكلترا و(الثقافة الفلمية) في أمريكا ومجلة الأوراق السينمائية التي تصدر باللغتين الفرنسية والانكليزية. في الواقع رغم وجود عدد من أفضل الكتاب في العقد التالي ممن كان يمتعض من النظرية إلا أن نظرية المؤلف هيمنت على أغلب النقد الجيد في الستينات وحتى أن أغلب المعارضين المتحمسين تأثر فيما بعد بها أصبحت التأليفية» في السينما إشارة تحد واحتقار تجاه المؤسسة الفلمية بكاملها في ذلك الوقت. في الواقع استطاعت النظرية بفضل صراخ العديد من ممارسيها أن تجرح كل النقاد الكبار والتقليديين تقريباً. حتى بازان مؤسس ومحرر (الأوراق السينمائية) كتب مقالاً يحذر فيه من تجاوزات النظرية كما كان يمارسها بعض محاوريها الشباب.
في الواقع أن السطور الرئيسية للنظرية ليست مزعجة بشكل خاص، على الأقل عندما نعود إليها في الماضي. لقد شعر كل من تروفو وكودار وشابرول وأصدقائهم من النقاد بالخوف من الحالة المحزنة التي وصلتها صناعة الفلم الفرنسي في ذلك الوقت كانت السينما بيد رجال الأعمال لا الفنانين. زد على ذلك أن تلك الأفلام التي كانت تمتدح غالباً لقيمتها الجمالية كان يهيمن عليها كتاب كانوا يعتبرون الخالق الرئيسي لأفضل الأفلام في الكثير الغالب كانت الأفلام «الفنية مجرد مواضيع طموحة مكتوبة من قبل ليبراليين . لبقين وإن كانوا مخلصين تناولت هذه الأفلام مواضيع كبيرة امتدحت في الأعم لأنها «جدية» وناضجة ولكنها كأفلام كانت مملة وثقيلة وقاصرة الخيال. كان المخرج يعتبر نوعاً من مساعد رجل أعمال تنفيذي عمله تفسيري في جوهره حيث كان يمسرح الإنتاج مثلما يقوم المخرج المسرحي بإخراج مسرحية .
المنظرون التأليفيون اقترحوا أن أعظم الأفلام هي التي تسيطر عليها الرؤية الشخصية للمخرج هذه الهيمنة يمكن رؤيتها من خلال فحص النتاج الكلي للمخرج المتميز بوحدة الموضوع والأسلوب إن مساهمة الكاتب - مادة الموضوع هي محايدة من الناحية الفنية إذ يمكن معالجتها بروعة أو بالحد الأدنى من الإمكانية. يجب الحكم على الأفلام على أساس «كيف» وليس ماذا». زعم النقاد التأليفيون مثل أغلب المنظرين الانطباعيين بأن الذي يجعل الفلم جيداً ليس مادة الموضوع كما هي وإنما (معالجة) مادة الموضوع وأن المخرج هو الذي يسيطر على المعالجة شريطة أن يكون مخرجاً جيداً مؤلفاً .
تحول هؤلاء النقاد إلى الأفلام الأمريكية كمقياس للجودة. تحولوا إلى أفلام الإثارة والغرب الأمريكي والعصابات والأفلام الموسيقية. الذي أعجبهم في هذه الأفلام هو حيويتها السردية وروحها الأسلوبية وروعتها الفنية. (١٠- ۱۹). أكثر هؤلاء الكتاب كانوا سيتفقون مع أوريين بانوفسكي الذي لاحظ أنه في الوقت الذي تكون فيه الأفلام التجارية دائما في خطر انتهائها بأن تصبح عاهرة فإن الأفلام الفنية المزعومة هي الأخرى في خطر مماثل من تنتهي عانساً . أغلب المؤلفين الأمريكيين من الذين امتدحهم هؤلاء النقاد عمل ضمن نظام الإستديو وهو نظام قضى على الأحلام الفنية للعديد من صانعي الأفلام الأقل شأناً. إن الذي أعجب به هؤلاء التأليفيون خاصة هو مدى الحيلة والدهاء اللذين يستطيع ممارستهما المخرج لكي يلتف على تدخل الإستديو وحتى على النصوص الهزيلة وذلك بواسطة تجربته الفنية إن مادة الموضوع في أفلام هتشكوك المرعبة وأفلام فورد عن الغرب الأمريكي كانت متنوعة جداً في إمكانياتها الفنية . ذلك فإن هذين المؤلفين استطاعا أن يتدبرا إنتاج أفلام عظيمة لأن الموضوع الحقيقي» كان يصل عن طريق الميزانسين والمونتاج وكل الوسائل الشكلية التي تحت تصرف المخرج عن طريق تحليل هذه الخيوط الموضوعية والأسلوبية التي تمتد عبر النتاج الكامل للمخرج فإننا نستطيع أن نصل إلى قرار بشأن رؤيته الفنية الشخصية، هذا وفقاً للتأليفيين. قبل مضي وقت طويل تجمعت فئات حول أكثر هؤلاء المخرجين شعبية على العموم كان هؤلاء سينمائيون أهملهم النقاد الجادون» في الواقع وهم: الفريد هتشكوك وجون فورد و هوارد هو كس ونيكولاس أندرسون وساميويل فولر على سبيل المثال (١٠ - ٢٠ ) .
إن مجرد سعة معرفتهم بتاريخ السينما جعلت هؤلاء النقاد يعيدون تقييم أكثر الأفلام الكبرى لمجموعة متنوعة من المخرجين في أحوال عديدة قام هؤلاء النقاد بتحويل أحكامهم النقدية بعكس الاتجاه جون فورد مثلاً أعجب النقاد المتعالين لانتاجيه الفنيين» مثل (المخبر) و(الهارب) اللذين كانا يخضعان لنصوص أدبية. إلا أن النقاد التأليفيين أصروا على أن أفلام الغرب الكلاسيكية مثل عربة (البريد) ولبست شريطاً أصفر و(اثنان ركبا معاً) و(الباحثون) هي أعلى فنياً من أفلام فورد المتظاهرة بالوعي الاجتماعي. كما أشاروا إلى ما هو عادي في الفلم والنقد الأدبي أي أن مادة الموضوع في العمل الفني ليست دائما دليلا يعتمد على قيمته .
نظر التأليفيون الفرنسيون إلى حقل النقد السينمائي على أنه مقدمة لصنع أفلامهم بأنفسهم وهذا ما فعله أغلبهم ابتداءً من أواخر الخمسينات . إلا أنه في إنكلترا أو أمريكا بقي أغلب النقاد التأليفيين في حقل النقد. على خلاف نظرائهم الفرنسيين كان هؤلاء أقل معرفة بمشاكل وتقنيات الإخراج السينمائي لذا فإنهم ركزوا على الجوانب الموضوعية والأسلوبية في الأفلام ذاتها. الذي كان بالنسبة للفرنسي شراً لا بد منه . نظام الإستديو - كاد الآن فضيلة أو على الأقل تحدياً. التأليفيون الأمريكيون ومنهم أندروساريس كانوا يهتمون بالتوتر بين رؤية الفنان الذاتية وذلك الصنف السينمائي من المهام الروتينية التي كان يكلف بها المخرجون من قبل رؤسائهم في هوليوود. وضع التأليفيون الإنكليز والأمريكيون تأكيداً رئيسياً على كيفية قيام المخرج بصنع محفظة نقود حريرية من أذن خنزيرة، وكيف يؤدي عمله تحت الضغط وأصر هؤلاء النقاد بحق أن الحرية الفنية الكاملة ليست دائما فضيلة . ولكن بالرغم مما قيل فإن ميكال انجلو ودكنز ورمبرانت من بين آخرين قبلوا أعمالاً فنية بتكليف من آخرين. (۱۰- ۲۱)
تعليق