[ATTACH=JSON]n113425[/ATTACH]
واجهت الحياة الكثير من المشاكل والعقبات عند تشكّل الأرض قبل ما يقارب 4 مليارات سنة.
حينها، لم يكن غلافنا الجوي يحتوي على أي أوكسجينٍ تقريبًا، وكانت هناك فترةٌ تغيّر المناخ فيها وصار سيئًا للغاية لدرجة أنّ التماسيح كانت تسبح في القطب الشمالي، وبالطبع، قُضي على الديناصورات القديمة بواسطة كويكب.
لم تنجُ الحياة التي مرّت بفتراتٍ من السراء والضراء فقط، بل وازدهرت أيضًا؛ ذلك لأن الحياة لديها القدرة الرائعة على التطور من خلال الطفرات الجينية العشوائية واختيار أولئك الذين يتمتعون بأعلى درجات التكيّف.
وبفضل براعة الطبيعة، طوّرت بعض الأسماك بروتيناتٍ مُضادة للتجمد للسباحة في المياه المتجمدة، في حين كانت لبلح البحر جيناتٌ تُنتج غراءً يساعدها على التمسّك بالصخور تحت الماء.
من المدهش أنَّه يمكن للطبيعة أن تجد هذه الأنواع من الحلول، ولكن كما اتَّضح، يمكن للبشر ذلك أيضًا.
تذهب جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2018 والتي أُعلن عنها في (3 أكتوبر) للعلماء الذين استخدموا قوة التطور، إذ حصلت فرانسس أرنولد من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا على الجائزة لـ «التطور الموجّه للإنزيمات».
وفاز -وبشكلٍ منفصل- جريج وينتر من جامعة كامبردج وجورج بي سميث من جامعة ميسوري في كولومبيا لأجل «عرض الفيروسات البكتيرية للببتيدات والأجسام المضادة».
لقد ركّز عمل أرنولد على الإنزيمات؛ وهي محور العمل في الخلايا البشرية.
إنّ الإنزيمات مواد كيميائية معقدة قادرة على أداء وظائف محدّدة للغاية مثل تركيب السكّريات.
حاول الكيميائيون قبل أرنولد تكوين إنزيماتٍ اصطناعية تؤدّي المهام التي يريدها البشر؛ كإنتاج دواءٍ يكون تصنيعه مُكلفًا في المصانع، ولكنّ تعقيد الإنزيمات -الذي يساعدها على أن تكون جيدةً في مهمتها- أربك الكيميائيين الذين يحاولون تقليد قدرات الطبيعة.
كانت لأرنولد فكرةٌ مختلفة؛ فبدلًا من إنتاج إنزيماتٍ صناعية فكّرت بإدخال طفراتٍ للجينات التي تُنتج الإنزيمات.
فإذا أّعطيت الكثير من الخلايا أنواعًا مختلفة من الطفرات فستنتج جميعها نُسخًا مختلفة قليلًا من الإنزيمات، عندها، يمكن اختيار الإنزيم الذي يؤدّي مهمةً أفضل بقليل للنوع المقصود واستخدامه لإدخال المزيد من الطفرات، بهذه الطريقة -وبعد كل جيل- يمكن تصميم الإنزيم ببطء ليتوافق مع طلبنا.
استخدم العديد من الأشخاص منذ التسعينيات تقنيات أرنولد بمن فيهم أرنولد نفسها من أجل إنشاء إنزيماتٍ لا يمكنها إنتاج الأدوية فحسب، بل ومواد كيميائية لم تكن موجودةً من قبل.
وقد سمح لنا استخدام هذه الإنزيمات أيضًا بتقليل استخدام المواد الكيميائية الضارة، وتستخدم أرنولد نفسها إنزيماتٍ لتحويل السكريات إلى كحول يمكن استخدامه كوقودٍ حيويّ، وهو بديلٌ يمكن أن يساعدنا على التخلّص من الوقود الأحفوري كما يمكن أن يخفّض الانبعاثات.
في غضون ذلك، اتّخذ كلٌّ من سميث ووينتر منهجًا مختلفًا بعض الشيء لاستخدام التطور.
أوّلًا، أوجد سميث صنف الفيروسات التي امتلكت القدرة على غزو البكتيريا والاستيلاء على آلياتها، ثم استخدم وينتر قدرة الفيروسات من أجل المصلحة البشرية.
لدى جهاز المناعة البشري شيءٌ يعادل جهاز توجيه الصواريخ: وهو جزيئاتٌ على شكل حرف y تُسمى الأجسام المضادة ودائمًا ما تكون هذه الأجسام المضادة مُترقّبة من أجل بروتيناتٍ مُحدّدة تكون وراء العمليات التي تُسبّب الضرر.
وبمجرّد أن تعثر على مُثيري الاضطرابات تضع الأجسام المضادة علامةً عليها وتُحرّر قوّة جهاز المناعة من أجل أن يحاربها.
استخدم وينتر اكتشاف سميث لإنشاء أجسامٍ مضادة يمكنها إيجاد عددٍ أكبر من البروتينات المُسبّبة للأمراض، وبدلًا من استهداف البروتينات التي تفرزها الفيروسات غيّر ونتر التركيب الوراثي للفيروسات ودفعها إلى تشكيل مكتباتٍ لملياراتٍ من الأجسام المضادة على شكل حرف y عليها، ثم انتقى الأجسام المضادة التي تستهدف البروتينات الأكثر ضررًا والتي كان يتّبعها.
ومنذ ذلك الحين، سوّق وينتر أحد الأجسام المضادة (أداليموماب*) كعلاجٍ للالتهاب المفصلي الروماتويدي، بينما أنشأ آخرون أجسامًا مضادة يمكنها تحييد (إبطال مفعول) المواد السامة التي تُسبّب الجمرة الخبيثة ويمكنها أيضًا إبطاء مرض الذئبة (مرض المناعة الذاتية).
إنَّ الأكثر من ذلك لا يزال تحت التطوير، والذي يمكن أن يصبح علاجًا من أجل مرض ألزهايمر.
وكما أوضحت لجنة التحكيم في نوبل فإنّ التطور المباشر للإنزيمات وعرض الفيروسات البكتيرية للأجسام المضادة سمح لفرانس أرنولد وجورج سميث وكريك وينتر أن يحقّقوا أكبر فائدةٍ للجنس البشري ويضعوا الأساس لثورةٍ في الكيمياء.
أداليموماب: بروتينٌ يُعطى عن طريق الحقن يثبط عملية الالتهاب في الجسم عن طريق منع عمل عامل نخر الورم (ألفا).
واجهت الحياة الكثير من المشاكل والعقبات عند تشكّل الأرض قبل ما يقارب 4 مليارات سنة.
حينها، لم يكن غلافنا الجوي يحتوي على أي أوكسجينٍ تقريبًا، وكانت هناك فترةٌ تغيّر المناخ فيها وصار سيئًا للغاية لدرجة أنّ التماسيح كانت تسبح في القطب الشمالي، وبالطبع، قُضي على الديناصورات القديمة بواسطة كويكب.
لم تنجُ الحياة التي مرّت بفتراتٍ من السراء والضراء فقط، بل وازدهرت أيضًا؛ ذلك لأن الحياة لديها القدرة الرائعة على التطور من خلال الطفرات الجينية العشوائية واختيار أولئك الذين يتمتعون بأعلى درجات التكيّف.
وبفضل براعة الطبيعة، طوّرت بعض الأسماك بروتيناتٍ مُضادة للتجمد للسباحة في المياه المتجمدة، في حين كانت لبلح البحر جيناتٌ تُنتج غراءً يساعدها على التمسّك بالصخور تحت الماء.
من المدهش أنَّه يمكن للطبيعة أن تجد هذه الأنواع من الحلول، ولكن كما اتَّضح، يمكن للبشر ذلك أيضًا.
تذهب جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2018 والتي أُعلن عنها في (3 أكتوبر) للعلماء الذين استخدموا قوة التطور، إذ حصلت فرانسس أرنولد من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا على الجائزة لـ «التطور الموجّه للإنزيمات».
وفاز -وبشكلٍ منفصل- جريج وينتر من جامعة كامبردج وجورج بي سميث من جامعة ميسوري في كولومبيا لأجل «عرض الفيروسات البكتيرية للببتيدات والأجسام المضادة».
لقد ركّز عمل أرنولد على الإنزيمات؛ وهي محور العمل في الخلايا البشرية.
إنّ الإنزيمات مواد كيميائية معقدة قادرة على أداء وظائف محدّدة للغاية مثل تركيب السكّريات.
حاول الكيميائيون قبل أرنولد تكوين إنزيماتٍ اصطناعية تؤدّي المهام التي يريدها البشر؛ كإنتاج دواءٍ يكون تصنيعه مُكلفًا في المصانع، ولكنّ تعقيد الإنزيمات -الذي يساعدها على أن تكون جيدةً في مهمتها- أربك الكيميائيين الذين يحاولون تقليد قدرات الطبيعة.
كانت لأرنولد فكرةٌ مختلفة؛ فبدلًا من إنتاج إنزيماتٍ صناعية فكّرت بإدخال طفراتٍ للجينات التي تُنتج الإنزيمات.
فإذا أّعطيت الكثير من الخلايا أنواعًا مختلفة من الطفرات فستنتج جميعها نُسخًا مختلفة قليلًا من الإنزيمات، عندها، يمكن اختيار الإنزيم الذي يؤدّي مهمةً أفضل بقليل للنوع المقصود واستخدامه لإدخال المزيد من الطفرات، بهذه الطريقة -وبعد كل جيل- يمكن تصميم الإنزيم ببطء ليتوافق مع طلبنا.
استخدم العديد من الأشخاص منذ التسعينيات تقنيات أرنولد بمن فيهم أرنولد نفسها من أجل إنشاء إنزيماتٍ لا يمكنها إنتاج الأدوية فحسب، بل ومواد كيميائية لم تكن موجودةً من قبل.
وقد سمح لنا استخدام هذه الإنزيمات أيضًا بتقليل استخدام المواد الكيميائية الضارة، وتستخدم أرنولد نفسها إنزيماتٍ لتحويل السكريات إلى كحول يمكن استخدامه كوقودٍ حيويّ، وهو بديلٌ يمكن أن يساعدنا على التخلّص من الوقود الأحفوري كما يمكن أن يخفّض الانبعاثات.
في غضون ذلك، اتّخذ كلٌّ من سميث ووينتر منهجًا مختلفًا بعض الشيء لاستخدام التطور.
أوّلًا، أوجد سميث صنف الفيروسات التي امتلكت القدرة على غزو البكتيريا والاستيلاء على آلياتها، ثم استخدم وينتر قدرة الفيروسات من أجل المصلحة البشرية.
لدى جهاز المناعة البشري شيءٌ يعادل جهاز توجيه الصواريخ: وهو جزيئاتٌ على شكل حرف y تُسمى الأجسام المضادة ودائمًا ما تكون هذه الأجسام المضادة مُترقّبة من أجل بروتيناتٍ مُحدّدة تكون وراء العمليات التي تُسبّب الضرر.
وبمجرّد أن تعثر على مُثيري الاضطرابات تضع الأجسام المضادة علامةً عليها وتُحرّر قوّة جهاز المناعة من أجل أن يحاربها.
استخدم وينتر اكتشاف سميث لإنشاء أجسامٍ مضادة يمكنها إيجاد عددٍ أكبر من البروتينات المُسبّبة للأمراض، وبدلًا من استهداف البروتينات التي تفرزها الفيروسات غيّر ونتر التركيب الوراثي للفيروسات ودفعها إلى تشكيل مكتباتٍ لملياراتٍ من الأجسام المضادة على شكل حرف y عليها، ثم انتقى الأجسام المضادة التي تستهدف البروتينات الأكثر ضررًا والتي كان يتّبعها.
ومنذ ذلك الحين، سوّق وينتر أحد الأجسام المضادة (أداليموماب*) كعلاجٍ للالتهاب المفصلي الروماتويدي، بينما أنشأ آخرون أجسامًا مضادة يمكنها تحييد (إبطال مفعول) المواد السامة التي تُسبّب الجمرة الخبيثة ويمكنها أيضًا إبطاء مرض الذئبة (مرض المناعة الذاتية).
إنَّ الأكثر من ذلك لا يزال تحت التطوير، والذي يمكن أن يصبح علاجًا من أجل مرض ألزهايمر.
وكما أوضحت لجنة التحكيم في نوبل فإنّ التطور المباشر للإنزيمات وعرض الفيروسات البكتيرية للأجسام المضادة سمح لفرانس أرنولد وجورج سميث وكريك وينتر أن يحقّقوا أكبر فائدةٍ للجنس البشري ويضعوا الأساس لثورةٍ في الكيمياء.
أداليموماب: بروتينٌ يُعطى عن طريق الحقن يثبط عملية الالتهاب في الجسم عن طريق منع عمل عامل نخر الورم (ألفا).