تقوم أوراق الأشجار بتسخير الطاقة من الشمس لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الكربوهيدرات التي تغذي الأنشطة الخلوية النباتية بالطاقة، ظل العلماء على مدى عقود يعملون على ابتكار عملية مشابهة لعملية التمثيل الضوئي لإنتاج وقود يمكن تخزينه في وقت لاحق.
يبدو مفهوم الأوراق الاصطناعية ذا أهمية كبيرة، يمكن أن يحل هذا تحديًا كبيرًا للطاقة الشمسية وطاقة الرياح ما يوفر طريقة لتخزين الطاقة عند غياب الشمس أو انقطاع الرياح.
وقد ساهم العديد من الباحثين على مر السنين في تطوير شكل من أشكال التمثيل الضوئي الاصطناعي؛ إذ تقوم المحفزات التي تتنشط بواسطة ضوء
الشمس بفصل جزيئات الماء لإنتاج الأكسجين والهيدروجين، ويعدّ الهيدروجين مادة كيميائية قيمة لمجموعة واسعة من التقنيات المستدامة.
الخطوة الأقرب إلى التمثيل الضوئي الفعلي ستكون باستخدام الهيدروجين في تفاعل اختزال يتم فيه تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى هيدروكربونات،
هذا النظام يستخدم فقط ثاني أكسيد الكربون والماء وضوء الشمس لإنتاج الوقود، مثل الورقة الحقيقية بالضبط.
وقد يكون هذا الإنجاز ثوريًا مما يتيح إنشاء نظام مغلق يتم فيه تحويل ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الاحتراق إلى وقود بدلًا من إضافة غازات الاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي.
يسعى العديد من الباحثين إلى تحقيق ذلك الهدف. في الآونة الأخيرة، أظهرت مجموعة من الباحثين أنه من الممكن الجمع بين عملية فصل الماء وعملية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود في نظام واحد بكفاءة عالية.
في عام 2016 توصل كل من دانيال نوسيرا (Daniel G. Nocera) وباميلا سلفر (Pamela A. Silver) من جامعة هارفارد إلى إمكانية صنع الوقود السائل (خاصة كحولات الفيوزل Fusel Alcohols) التي تتجاوز بكثير قابلية الورقة الطبيعية في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الكربوهيدرات.
يستخدم هذا النظام 1% فقط من الطاقة التي يتلقاها من الشمس لصنع الجلوكوز (Glucose)، فقد حقق النظام الاصطناعي كفاءة تقارب 10% في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود، أي ما يعادل سحب 180 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون من الهواء لكل كيلو واط في الساعة من الكهرباء المتولدة.
وقد دمج الباحثون تقنية غير عضوية لفصل جزيئات الماء بواسطة الشمس (المصممة لاستخدام مواد متوافقة حيويًا وتجنب تكوين مركبات سامة)، مع ميكروبات صُمّمت خصيصًا لإنتاج الوقود في نظام واحد.
ما يلفت النظر أن هذه البكتريا المهندَسة أيضيًا قد أنتجت مجموعة متنوعة واسعة من الوقود والمنتجات الكيميائية الأخرى حتى بوجود تراكيز منخفضة من ثاني أكسيد الكربون.
هذه الطريقة جاهزة للتوسّع لدرجة أن المحفزات تحتوي بالفعل على معادن رخيصة، يمكن الحصول عليها بسهولة، لكن الباحثين ما زالوا بحاجة إلى زيادة إنتاج الوقود بشكل كبير.
يقول نوسيرا أن الفريق يعمل على إعداد النماذج الأولية للتقنية، وهو في إطار مناقشات الشراكة مع العديد من الشركات.
يمتلك نوسيرا رؤية أكبر للتقنية الأساسية، بالإضافة إلى إنتاج الهيدروجين والوقود الغني بالكربون بطريقة مستدامة، فقد أوضح أن تجهيز النظام ببكتيريا معدلة مختلفة أيضيًا يمكن أن ينتج سمادًا قائمًا على النيتروجين الموجود في التربة. وهي طريقة تزيد من غلة المحاصيل في المناطق التي لا تتوفر فيها الأسمدة التقليدية بسهولة.
تستخدم البكتيريا الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون لتشكيل بلاستيك بيولوجي يعمل كوقود، بمجرد أن يحتوي الميكروب على ما يكفي من البلاستيك البيولوجي، فإنه لم يعد بحاجة إلى أشعة الشمس لذلك يمكن دفنه في التربة.
بعد سحب النيتروجين من الهواء فإن الميكروب يستغل الطاقة والهيدروجين المتواجد في البلاستيك البيولوجي لتكوين الأسمدة.