في عام 1975 قام كل من (هوكينغ -Hawking ) و(وبيكنستين -Bekenstein ) بربط مهم بين الترموديناميك، ميكانيكا الكم والثقوب السوداء حيث توقعوا بأن الثقوب السوداء سوف تشع بعيداً، لكنهم ما لبثوا أن أدركوا أن هذا التوقع ولّد مشكلة فقد في المعلومات والتي أصبحت منذ حينها مسألةً مهمة في الجاذبية الكمومية.
لكي نفهم لماذا تعتبر مسألة فقد المعلومات مشكلة، نحتاج في البداية أن نفهم ما هي هذه المسألة؟
ليكون لدينا نظام كمومي في حالة سليمة نقوم برميه في ثقب أسود ثم ننتظر قليلاً من الوقت حتى يتلاشى الثقب بشكل كافٍ ليعود إلى كتلته السابقة – قبل رمي أي شيء فيها – ما نبدأ به هو الحالة السليمة وكتلة الثقب الأسود M، وما ننتهي به هو الحالة الحرارية وثقب أسود بكتلة M.
يبدو أننا أوجدنا بذلك طريقةً لتحويل الحالة النقية إلى الحالة الحرارية، ولكن المفاجئ هو أن الحالة الحرارية هي حالة مشوشة «ميكانيا كمية بمصفوفة كثيفة بدلاً من موجة تابعة».
بالتحويل من الحالة المشوشة إلى الحالة السليمة أو النقية فإنه يجب التخلص من بعض المعلومات، في مثالنا هذا أخذنا حالة تم وصفها عن طريق مجموعة من القيم والمعاملات ومجموعة كبيرة من الأرقام، وقمنا بتحويلها إلى الحالة التي يتم وصفها بدرجة الحرارة أي برقم واحد، كل التراكيب الباقية ضاعت في عملية التحويل.
بالمصطلح التقني فإن الثقب الأسود قام بعملية تحويل غير وحدوي على حالة النظام، كما يمكن أن نتذكر أن التحوّل الغير وحدوي ليس من الممكن أن يحصل بشكل طبيعي في النظرية الكمية لأنه يفشل في المحافظة على الاحتمالية، حيث أنه بعد التحوّل الغير وحدوي فإن مجموع احتمالات كل النتائج الممكنة لتجربةٍ ما يمكن أن يكون إما أكبر أو أصغر من الواحد 1.
وفي مواجهة هذا التحوّل تفشل ميكانيكا الكم، ونقع بذلك في مأزق هل بالفعل لا تتلائم الثقوب السوداء مع نظرية الكم، أم أنه قد فاتنا شيء في تجاربنا الفكرية.
ربما لا تكون الثقوب السوداء هي نفسها بعد أن تبخرت إلى الكتلة M وقد كانت كتلة حالتها البدائية M، أو ربما يوجد ارتباط متقن في أشعة (هوكينغ – Hawking) التي نفتقدها، ولكن ذلك يدعم المعلومات التي نفتقدها عن الحالة السليمة.
هذه إذًا هي مشكلة فقد المعلومات في الثقب الأسود، وحقيقة فقد المعلومات تنعكس على الطبيعة الحرارية للأشعة المنبثقة، ولكن أي نظام حراري يمكن أن يكون له كمية معلومات وفقاً لقانون (Gibbs – جيبس dE = S dT) وبذلك نستطيع أن نحسب كمية المعلومات في الثقب الأسود عن طريق إدراك حقيقة أنه يمكن لنا أن نحسب درجة حرارة الثقب الأسود – اعتماداً على حقيقة أن الأشعاع الكمي حراري- أظن أن هذا ما يقصده الناس عندما يقولون أن كمية المعلومات في الثقب الأسود هي المسؤولة عن فقد المعلومات.
أنا سأقولها بالطريقة المعاكسة، إن فقد المعلومات في الثقب الأسود هو المسؤول عن كمية المعلومات فيه، الحقيقة البسيطة في هذا الموضوع أنهما ذات الشيء ولكن بطريقة مختلفة.
بقيت ملاحظتين لننتهي، أولاً يمكن أن نظن أن الطبيعة الحرارية للثقب الأسود حتمية بما أنها مشعة، ولكن ذلك ليس صحيحاً، في معظم هذه العمليات الاشعاعية الكمية فإن طيف الاشعاع لا يملك «اشعاع بلانك». إذا كان ذلك ينطبق على الثقب الأسود أيضاً فإننا لن نكون قادرين على تحديد درجة الحرارة أو كمية المعلومات في الثقب، بتلك الحالة فإن الناس لن يكونو قادرين على تصديق كلام (بيكنستين – Bekenstein) وبدلاً من ظاهرة فقد المعلومات فإننا سنكون ما زلنا نتساءل كيف يمكن أن نجعل الثقوب السوداء تتلائم مع القانون الثاني.
الطيف الحراري لأشعة (هوكينغ -Hawking ) يعتبر أحد أهم النتائج المكتشفة في الفيزياء الحديثة والتي هي – من وجهة نظري – طريقة أخرى لنقول أن شيئاً عميقاً وغير مفهوم يحصل.
الملاحظة الثانية تعتبر جانبًا مهمًا، بينما يعطينا «قانون جيبس» كمية المعلومات الصحيحة وفقاً لـ(هوكينغ وبينكستين) من خلال درجة الحرارة التي يتم حسابها، لم يكن هناك أحد حتى عدة أشهر مضت قادراً على شرح كمية المعلومات «الأنتروبيا» من الناحية الميكانيكية الاحصائية، والميكانيكية الكمية.
في الحقيقة فقد تم إثبات أنّ الجاذبية التقليدية غير كافية لحساب هذه الأنتروبيا.
تعتبر هذه نتيجةً عميقة، حيث أن كمية المعلومات «الأنتروبيا الديناميكية الحرارية» يتم الحصول عليها في المرحلة التقليدية – في الحقيقة ووفقاً لبعض المميزات التي أشك بأنها مرتبطة بالجاذبية اللاخطية، فهي تقليدية بشكل أساسي – وبذلك فإننا في مواجهة خيارين مربكين، الخيار الأول «الأنتروبيا الديناميكية الحرارية» ليس لديها دائماً قاعدة ميكانيكية أحصائية.
الخيار الثاني أن الجاذبية ليست تفاعلًا أساسيًا ولكنها إلى حدٍ ما نتيجة مركبة لبعض النظريات الأساسية المؤكدة.
الخيار الثاني ليس مربكاً بالنسبة للباحثين ولكنه في الواقع يمثل وجهة نظرهم تمامًا، وعلى نحوٍ مثير للإهتمام فإنه منذ بداية العام انتقل الباحثون إلى النزاع حول بداية وأصل كمية المعلومات في الثقب الأسود، وقد تبين أنه بالرجوع إلى بعض النتائج القديمة حول الأقطاب في بعض نظريات الحقول بأنهم قادرين على عدّ الحالات المرافقة التي يمكن أن تشارك في صنف «غير فيزيائي» محدد للثقب الأسود لكتلة معينة.
«الأنتروبيا» أو كمية المعلومات هي نفسها في معادلة (بيكنستين) للمساحة، وقد أكد لي الخبراء أنه سوف يتم توسيع ذلك إلى نماذج فيزيائية أكثر في المستقبل، إنها وجهة نظر مثيرة للإهتمام حقيقةً إذا نجحت.