طبقًا لدراسةٍ أعدها الخبراء فى جامعة إيست أنغليا ” University of East Anglia”، فإنّ الظواهر المناخية المتطرّفة والمتكرّرة بشكل متواتر باتت تشكّل تهديدًا على أعداد الفراشات فى المملكة المتحدة، ويمكن أن يُعَزَى إليها قلّة أعداد الفراشات التي ذُكِرْتَ مؤخرًا.
حَلَّلَ الباحثون تأثير الظواهر المناخية المتطرّفة على أعداد الفراشات، وأظهرت الدراسة أن أعداد الفراشات تتأثّر بهذه الظروف تأثيرًا كبيرًا إيجابيًا وسلبيًا، ولا زالت التساؤلات عمّا إذا كان التأثير الإيجابي لهذه الظروف يفوق التأثير السلبي لها.
ورغم أنّه بات معروفًا أنه يمكن لتغيّرات المناخ أن تؤثّر على النظم الإيكولوجية، ولكن لا يُعَرفُ إلا القليل عن تأثير الظواهر المناخية المتطرّفة قصيرة المدّة كموجات الحر أو هطول الأمطار الغزيرة أو موجات الجفاف.
وأوضح مُعدّ الدراسة وطالب الدكتوراه أوسجير ماكديرموت لونج “Osgur McDermott-Long” فى كلية العلوم البيئية في جامعة إيست أنجليا قائلًا: “هذه أوّل دراسةٍ تفحص تأثير الأحوال المناخية المتطرّفة على دورة حياة الفراشات فى المملكة بدءًا من طور البيضة إلى طور البلوغ، أردنا التعرف على المراحل الحياتية الحسّاسة وأن نكشف الدور الذى تلعبه سمات الدورة الحياتية فى حساسية الأجناس للظروف المناخية المتطرفة”.
حَلَّلَ الباحثون بيانات نظام مراقبة الفراشات التابع للمملكة المتحدة (UKBMS)، وهو نظام يتضمّن حزم بيانات عالية الجودة عن الكمّيات المتوفّرة من الفراشات بالمملكة والتي تمّ جمعها من أكثر من 1800 موقع من كافّة أنحاء البلاد على مدى 37 عامًا لدراسة آثار الطقس وظواهره المتطرّفة (كالجفاف وزيادة هطول الأمطار وموجات الحر والبرد) على أعداد الفراشات.
ودرس الفريق أنواع الفراشات الموجودة بالمملكة سواء هذه الفراشات التي تضع بيضها مرة واحدة كل عام أو تلك التي تضع البيض أكثر من مرة سنويًا، ووجد أن الفراشات متعددة الفقس هى أكثرها ضعفًا، وبوجه عام يسبّب ارتفاع درجات الحرارة تغييرًا فى أعداد الفراشات أكثر من هطول الأمطار
وشرحت الدكتورة المشاركة في إعداد الدارسة ،آلدينا فرانكو “Aldina Franco”، قائلة: “كشفت هذه الدراسة نتيجة جديدة، وهى أن هطول الأمطار الغزيرة أضرّ ربع أنواع الفراشات التى كانت داخل الشرنقات، فيما يبقى الضرر الأكبر هو ذلك الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة شتاءً، وهو الذى أثّر تأثيرًا ضارًا على أكثر من نصف الأنواع الموجودة فى المملكة، وقد يُعزى هذا إلى زيادة إصابتها بالأمراض أو إلى زيادة ارتفاع الحرارة خلال فصل الشتاء، والذى يُعْجّلُ بخروج الفراشات أو يرقاتها من سباتها الشتوي في وقت مبكّر جدًا، ومن ثَمَّ تموت الفراشات بعد عودتها إلى طقس أكثر برودة”.
وإضافة إلى الآثار السلبية، وجد الباحثون أنّ الأحوال المناخية المتطرّفة قد تفيد الفراشات فى بعض الأطوار حيث أن ارتفاع درجة الحرارة يزيد أعداد الفراشات البالغة لأكثر من ثلث الأنواع فى المملكة .
وأضاف الدكتور فرانكو قائلًا: “النتيجة التي توصّلنا إليها هى نتيجة متوقعة ،بالنظر إلى أن الفراشات كائنات محبة للدفء،وقد يكون هناك تاثيرٌ متباين لأعوامٍ كان صيفها وشتاؤها متطرّفين، وعلى سبيل المثال كان هذا العام مريعًا للفراشات، وعلى الرغم من أن الصيف كان حارًا، إلا أنّ أعداد الفراشات كانت منخفضة بشكل كبير، وتشير دراستنا إلى أنه يمكن أن يكون هذا ناجمًا عن الآثار الضارة المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة فى فصل الشتاء. على سبيل المثال، ربما تكون قلة الأعداد المسجلة لفراشة السلحفاة الصغيرة وفراشة الفاصلة، وفراشة حارس البوابة، وفراشة الطاووس الزرقاء، ناجمة عن الاستجابة السلبية لارتفاع درجة الحرارة في الشتاء”.
ووضح لونج قائلًا: “أظهرت الدراسة أنّ الفراشات فى المملكة المتحدة لديها حساسية، لم تكن معروفةً لنا من قبل، للأحوال المناخية المتطرّفة، والتي أصبحت شائعة بسبب التغيّر المناخي وتشير بعض هذه الآثار، كارتفاع درجة الحرارة في الشتاء، بما لا يرقى إليه الشك، إلى أن أعداد الفراشات في خطرٍ في المستقبل، وبالرغم من ذلك، فقد رأينا أن الحرارة وحتى المناخ الصيفي القاسي قد يفيد الفراشات فى الواقع وثمّة حاجة إلى مزيدٍ من البحث لمعرفة عمّا إذا كانت آثار الشتاء الضارة تفوق منافع الصيف الدافئ”.
وأوضح الدكتور توم بريرتون “Tom Brereton”، من هيئة حماية الفراشات ومشارك فى الدراسة، قائلًا: “إذا أردنا تخفيف آثار الأحوال المناخية المتطرّفة على الفراشات ضمن جهود حمايتها، فنحن بحاجة خاصةً إلى معرفة الظروف الملائمة التي يمكن أن تعيش بها فراشات المملكة خلال طورها اليافع وطور العذراء وخلال طور سباتها الشتوي”.