تعيش الحيوانات في ارتباط وثيق مع الكائنات الحية الدقيقة، حيث تحمل بداخلها البكتيريا النافعة التي تواجه الالتهابات المسببة للأمراض. في دراسة نُشِرَت بدورية Plos Genetics كشف الباحثون بمعهد غولبنكيان للعلوم بالبرتغال IGC Instituto Gulbenkian de Ciencia أن البكتيريا التكافلية تلعب دورًا في تطور عائلها، كما تصف الطريقة التي تتكيف بها مع الأمراض.
يتضح لنا بفضل تطور البحث العلمي أن البكتيريا التي تعيش داخل الحيوانات تلعب دورًا هامًا في حياة عائليها. حيث تستطيع البكتيريا التكافلية التأثير على تطور العائل ووظائفه الحيوية وحتى سلوكه بل أنها قد ترفع من مقاومته للأمراض. لكن لم يُحَدد الباحثون من قبل مدى تأثير تطور تلك البكتيريا في تكيف عائلها مع الأمراض التي قد تصيبه. حتى قدم كل من ايليو ساكين Elio Sucena ولويس تيكسيرا Luis Teixeira قادة فريق البحث بمعهد IGC كل خبراتهم لحل هذا الغموض.
شملت التجارب ذبابة الفاكهة سوداء البطن Drosophila melanogaster والبكتيريا التكافلية الموجودة بها، المسماة الوبلخية Wolbachia وهي جنس من البكتيريا تصيب مفصليات الأرجل بالإضافة لبعض الديدان الأسطوانية، حيث تم تعريضهما لعدوى فيروسية. “أظهرت الأبحاث السابقة أن بكتيريا الوبلخية تستطيع حماية ذبابة الفاكهة من الفيروسات، كما أن وجود تنوع في سلالات تلك البكتيريا تمنح تنوعًا في مستويات الحماية. بالتالي، عند دراسة الذبابة التي تحمل أجيالا مختلفة من البكتيريا نستطيع بحث مدى التطور الحادث في كلا من البكتيريا وعائلها،” حسب ما أوضحه فيتور فاريا Vitor Faria ونيلسون مارتينيز Nelson Martins، أول الباحثين المشاركين في الدراسة.
بمقارنة عدد الذباب الذي استطاع التكاثر في وجود الفيروس مع مجموعة أخرى تطورت في بيئة خالية من الفيروسات، لاحظ الباحثون تغيرات واضحة في تركيبها البكتيري. وفر هذا التطور لأجيال بكتيريا الوبلخية حماية أكبر ضد العدوى الفيروسية حيث استطاعت الأجيال المتطورة الاستمرار على قيد الحياة من بين الذباب المعرض للفيروس، بينما اختفت الأجيال الأخرى التي لم تستطع التطور أو التكيف. تشير هذه النتائج إلى أن الانتقاء الطبيعي للبكتيريا ارتبط بمدى الفائدة التي وفرتها لعائلها. بعد انتهاء العدوى، تمكنت مجموعة الذباب التي حملت أجيالا متطورة من البكتيريا من النجاة بشكل أفضل والتكاثر بصورة أكبر من المجموعة التي حملت سلالات بكتيريا أقل تطورًا وبالتالي أقل حماية لعائلها. “يتصرف كلا من العائل والبكتيريا التكافلية الخاصة به كوحدة واحدة في مواجهة العدوى الممرضة، ويساهم تطور العوامل الوراثية لدى كليهما في تكيف العائل. نؤمن أننا قد نرى نتائج مشابهة مع البكتيريا وحيوانات أخرى.” حسب إيلو ساكينا.
” قد نضطر إلى أن نأخذ بعين الاعتبار الدور الذى تلعبه البكتيريا التكافلية في تطور العائل عند دراسة مختلف تفاعلات العائل مع مسببات الأمراض،» حسب لويس تيكسيرا. تعاون في هذه الدراسة، باحثو معهد IGC مع سارة ماجالهايس Sara Magalhães من مركز أبحاث البيئة و التطور والتغييرات البيئية Centre for Ecology, Evolution and Environmental Changes (Ce3C) بكلية العلوم جامعة لشبونة بالبرتغال، و كريستيان شتلوتريرChristian Schlöttere من معهد Institut für Populationsgenetik بفيينا عاصمة النمسا . تم تمويل البحث من قبل the Fundação para a Ciencia e a Tecnologia (FCT بالبرتغال وتمويل العلوم النمساوي.