في الفترة الأخيرة، عزز نقص مُدخرات الطاقة التقليدية والاحتباس الحراري والتلوث البيئي المتزايد بشكل كبير البحث عن مصادر طاقة بديلة. يُعتبر الهيدروجين H2 حامل طاقة بديل وذلك لادخاره الكبير للطاقة، درجة تسخينه المنخفضة والانبعاثات غير الملوِّثة.
لزيادة الاستدامة بإنتاج الطاقة، قام علماء من جامعة تامبيري للتكنولوجيا في فينلندا بدراسة جديدة لإنتاج الهيدروجين بيولوجيًّا، وذلك بعمليات التخمير الأنزيمية، مستخدمين بذلك نفايات عضوية كركائز في العمليات الحيوية.
في الكائنات الحية هناك مركبات تقوم بتحفيز العمليات الحيوية داخل العضوية، تزيد من سرعتها، تنقصها، أو تثبطها (توقفها)، وتتدخل في استقلاب كل الجزيئات، تدعى الأنزيمات. الإنزيم المفتاحي الذي يدخل في استقلاب جزيء الهيدروجين هو إنزيم الهيدروجيناز Hydrogenases.
حسنًا، لإنتاج الهيدروجين علينا أن نزيد نشاط هذه الإنزيمات. الهيدروجيناز حساس للأوكسجين O2، حيث يمتلك ذرات الحديد والنيكل في الموقع الفعال للإنزيم وعند ارتباط الأوكسجين بها يتحفز الإنزيم وتزداد فعاليته.
ماذا يفعل إنزيم الهيدروجيناز؟
كيميائيًّا، يقوم الهيدروجيناز بتحفيز التفاعل المعكوس للهيدروجين إلى بروتونات وإلكترونات H2 ↔ 2H+ + 2e−. وبالتالي يتم إنتاج المزيد من الهيدروجين، فالهيدروجيناز يميل إلى زيادة جزيئات الهيدروجين على حساب إنقاص البروتونات، لكن عند ارتباط الأوكسجين بذرات النيكل والحديد أو أحدهما في الموقع الفعال للإنزيم، يتحفّز الإنقاص العكوس للبروتونات.
تم تطوير أدوات المراقبة هذه لدراسة العلاقة بين أنزيمات الهيدروجيناز ذات مواقع فعالة بذرات الحديد من جهة وإنتاج الهيدروجين بيولوجيًّا من جهة أخرى في المفاعلات الحيوية على مستوى الـDNA والـRNA.
نعود للدراسة، قدم العلماء أدوات جزيئية جديدة لمراقبة عمل أنزيم الهيدروجيناز (ذرات الحديد بالموقع الفعّال) عند المطثّيّات Clostridium (وهي جنس جراثيم غير هوائية مُجبرة، فالأوكسجين سامّ بالنسبة لها) على مستوى البروتين. تم العمل في أوساط طبخ هوائية وغير هوائية (لتثبيط وتفعيل الهيدروجيناز ذو ذرات الحديد، على التوالي) العاثيات أظهرت احتوائها على أضداد تعمل على 9 قطع دنا (شدفات) فعالة، تحدد هذه القطع فعالية الإنزيم لإنتاج الهيدروجين أو البروتونات عند المطثّيات.
يقول مؤلفو الدراسة: “من خلال دراسة التآثر بين الهيدروجيناز والضد، لاحظنا أنَّه على الرغم من أن الضد المرتبط يقلل فعالية الأنزيم التحفيزية، كان من السهل استبقاء تشكل الهيدروجين من أنزيمات الهيدروجيناز المعرضة للأوكسجين.”.
هذه أول دراسة تعلن عن جيل ناجح من الأضداد المأشوبة القادرة على تمييز أنزيمات الهيدروجيناز الجرثومية اللاهوائية. هذه الأضداد مفيدة جدًّا من أجل المراقبة على مستوى البروتينات عندما تستخدم مع أدوات مراقبة جزيئية أخرى. الدراسات على هذه الأضداد والتفاعلات مهمة جدًّا بالتطبيقات البيوتكنولوجية مثل مراقبة تأثير شدة الأوكسجين على أنزيم الهيدروجيناز.
عبر تفعيل آليات تنشيط الهيدروجيناز في المطثيات، يمكن الإستفادة من ذلك في إنتاج الهيدروجين الذي يُعد أحد أهم حوامل الطاقة في الطبيعة.