التَّذوق، الشَّم، الرُّؤية، السَّمع، اللَّمس تلك هي حواسُّك الخمس بالإضافة إلى إحساسِ تواجُدِك في الفراغ، نعم؛ فهناك على الأقلِّ ستُّ حواسٍ لكلِّ شخصٍ فينا، وهناك دراسةٌ جديدةٌ تشير إلى أنَّ آخر هذه الحواس ما يدعى باستقبال الحس العميق أو (proprioception) كما يسميها العلماء، وتشير الدراسة إلى أنَّهُ يمكن أن تكون لها أساسات في جيناتك.
استقبال الحس العميق تعتمدُ على فهم دماغك لكيفية تواجدِكَ في الفراغ، فعندما يُخبر رجلُ الشُّرطة الشخصَ المخمورَ بوضع إصبعه على أعلى أنفه فهو بذلك يختبرُ حاسةَ استقبال الحس العميقِ لديه.
اقترحت دراسة سابقة أجريت على الفئران أنَّهُ يوجد جينٌ معينٌ يطلق عليه ((PIEZO2 يلعب دور في هذه الحاسة، فطبقاً للدِّراسة؛ إن جين ( (PIEZO2 يعطي الأوامرَ للخلايا لإنتاجِ ما يسمَّى ببروتين الإحساس الميكانيكي أو “mechanosensitive”. إن الإحساس الميكانيكي هو القدرة على الإحساس بالقوة، مثل الإحساس بالضغط على الجلد على سبيل المثال، فهذا يعد من حاسة استقبال الحس العميق وفقا للدراسة.
ولفهم عمل هذا الجين على البشر، وفقا للدراسة التي نشرت في يوم الاربعاء الواحد والعشرين من سبتمبر في مجلة نيو انغلاند للطب، قام الباحثون بالمعاهد الوطنية للصحة (NIH) بجلب اثنين من المرضى الشباب الذين يملكون طفرةً جينيةً نادرةً جداً في هذا الجين، كان المرضى يعانون أيضاً من مشاكل في المفاصل والعمود الفقري كما أوضحت الدراسة.
وقد تضمنت الدراسة، الطلب من المرضى أن يقوموا بإجراء عدة اختبارات تتعلق بالحركة والتوازن. في إحدى هذه الاختبارات على سبيل المثال وجد الباحثون أن المرضى كانوا يواجهون تحديًا صعبًا في المشي وهم معصوبو الاعين.
في اختبار آخر، طُلِبَ من المرضى أن يصلوا إلى هدف معين أمامهم وهم مفتوحي الأعين، ثم طلبِ نفس الطلب مع إغلاقها، بالمقارنة مع الناس الذين لا يحملون هذه الطفرة في جينهم، فقد كان من الصعب على المرضى أن يصلوا إلى الهدف عندما كانوا مغلَقِي الأعين.
اختبارات أخرى أظهرت أنَّ المرضى معصوبي الأعين الذين يحملون الطفرة كان لديهم مشاكل في تحديد اتجاه حركة أيديهم وأرجلهم عندما كانَ يُحَرِّكُهَا لَهُم الباحثون، وأيضًا واجهوا مشاكل أكثر في الإحساس باهتزاز شوكة رنانة موضوعة على بشرتهم، مقارنة بأولئك المشاركين العاديِّين.
قال أحد المرضى في تجربة مختلفة: «إنَّ الإحساسَ بشخصٍ كانَ ينظفُ جلدَهُ من السَّاعد بدا شائكًا ومزعجًا، على عكس الشعور اللطيف المُعتاد»
قال الكسندر شيسلر “Alexander Chesler” _ باحث رئيسي في المركز الوطني للصحة التكاملية والتكميلية والمؤلف الرئيسي للدراسة_: «أنَّ النتائجَ أشارت إلى أنَّ المرضى الذين يحملون الطفرة في الجينPIEZO2، يعتبَرون “عميانَ-لمس” (وهي حالة تكون فيها حاسة اللمس بالأيدي ضعيفة جدا فلا يقدرون أن يميِّزُوا الأشياءَ باللَّمسِ جيدًا).
وقال شيسلر أيضا: «إن الجين PIEZO2 لدى المرضى يمكن أن يكون معطلًا، وبذلك لا تستطيع خلاياهم العصبية تحديد اللمس أو حركة الأطراف بشكل جيد».
ولكن وفقًا للدِّرَاسة فإنَّ أجزاءَ المرضى الأخرى كالجهاز العصبي يعملون بشكل جيد على أيَّةِ حال، فهم كما قال الباحثون، يشعُرونَ بالألم, الحكة، والتغيرات الحرارية بشكل طبيعي، كما أنَّ عقولَهم وقدراتهم المعرفيةَ مماثلًة للنَّاسِ الآخرين.
وقد استنتجَ الباحثونَ أن الجينPIEZO2 ارتبط مع أمراض العضلات والعظام الوراثية في دراسات سابقة.
وفي الدراسة الجديدةِ، رجَّحَ الباحِثونَ أنَّهُ ربَّما يكون الجين بحاجة الى نمو طبيعي في الهيكل العظمي وتطوره، وهناك تفسير آخر محتمل كَتَبَهُ الباحثون يُظهِر أنَّ حاسةَ اللَّمس واستقبال الحسِّ العميق يلعبانِ دوراً في تطورِ الهيكلِ العَظمِي.