في عام 1967، تمّ الكشف لأول مرة عن جسيمات مجهرية دقيقة (Microparticles- MPs) تنبثق من الغشاء البلازمي للخلايا الدموية، وهي عبارة عن حويصلات صغيرة ( قطرها بين ٥٠ نانومتر الى ١ ميكرومتر) و غير منواة، توجد في الدم كما في السوائل البيولوجية الأخرى في جسم الإنسان (اللعاب، البول …)، ويتم إنتاجها من خلال عملية فزيولوجية تدعى “الايماس الخلوي” أو الإخراج الخلوي Exocytosis التي تحدث بانتظام استجابةً لمؤثرات مختلفة (التفعيل الموت المبرمج للخلايا)؛ هذه الحويصلات لها أصول خلوية مختلفة مثل الصفيحات الدموية وكريات الدم الحمراء و المحبّبات والخلايا الليمفاوية والخلايا البطانية.
لقد اعتبرت هذه الحويصلات لفترة طويلة كفضلات خلوية، ولكنّها اليوم تعرف كجزيئات متخصصة تلعب ادواراً مهمة في العديد من العمليات البيولوجية (مثل التخثّر الدموي و الظواهر الالتهابية والتواصل الخلوي..)، كما أظهرت دراسات عديدة اختلافاً في تراكيزها في حالات سريرية معينة (الأمراض القلبية الوعائية و السرطان و العديد من الأمراض المعدية)، و حاليًّا توجد أهمية كبيرة لقياس كمية هذه الجزيئات كمؤشرات حيوية محتملة لبعض الأمراض ودراسة دورها في الإمراضية.
من الناحية التقنية، يصعب الكشف عن هذه الحويصلات بسبب عدة عوائق اهمّها الحجم النانومتري لهذه الحويصلات، نقص توافرها نسبياً في السوائل البيولوجية و كذلك تداخل خصائصها البيوكيميائية والفيزيائية مع جزيئات بيولوجية أخرى مما من شأنه حرف وتغيير نتيجة التحاليل.
حالياً، هناك العديد من الاساليب المستخدمة لدراسة هذه الحويصلات، إلا أن أياً منها لم تمكننا من دراسة هذه الجسيمات بشكل دقيق و كافٍ نظراً للصعوبات التي ذكرناها سابقاً، و ببساطة يمكننا ملاحظة ذلك من خلال الاختلاف في نتائج الدراسات مردّه الى عدم وجود اختبارٍ موحّد المعايير لقياس هذه الجسيمات بالإضافة إلى اختلاف ظروف المرحلة ما قبل التحليلية ( تجهيز العينات) و الذي يمكن ان يؤثر على المرحلة التحليلية.
لذلك، فان العديد من فرق البحث تعمل حالياً على تطوير تقنيات من شأنها قياس و دراسة هذه الحويصلات النانومترية بدقة، مما سوف يساعدنا في فهم عملها بشكلٍ اكبر و استخدامها كمؤشرات حيوية و اهدافٍ علاجية للعديد من الامراض.
هذه الورقة البحثية قام بإعدادها عضو مجلس إدارة أنا أصدق العلم سامح عبيد، وقد تمت المصادقة عليها بعد دراستها من الأقران (Peer review).