عميره (احمد عبد الله ،)
Ibn Umirah (Ahmad ibn Abdullah-) - Ibn Umirah (Ahmad ibn Abdullah-)
ابن عُمَيْرَة (أحمد بن عبد الله ـ)
(580 ـ 658هـ/1184 ـ 1260م)
أبو المطّرف أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن عميرة المخزومي الشقري البَلَنْسِيّ، العالم القاضي الأديب.
ولد في جزيرة «شُقْر» قرب «بلنسية» من بلاد الأندلس، ونشأ بها فوجهه والده نحو تحصيل العلم، وأقرأه القرآن الكريم والحديث الشريف ومبادئ علوم العربية، فآنس في نفسه رغبة شديدة في العلم، جعلته ينتقل بين بلاد الأندلس، يأخذ عن أشياخها، ثم ارتحل إلى بلاد المغرب وأكمل رحلته إلى بلاد المشرق، فتلقى العلم عن أعيان عصره في العلوم المختلفة ونال إجازاتهم.
كان في أول أمره شديد العناية برواية الحديث الشريف حتى عرف به، ثم نظر في الفقه وأصوله والفلسفة وعلم الكلام، وألمّ باللغة والنحو والتاريخ والطب، ومال إلى الأدب، فنظم ونثر، وصار من أعلام عصره وأعيان أهل المغرب والأندلس، وبعد عودته من رحلة تحصيل العلم استقر في جزيرة شُقْر، وحاز مكانة كبيرة فيها، فجاءه طلبة العلم يأخذون عنه العلوم المختلفة، فأجاز كثيراً ممن أصبحوا أعلام المغرب والأندلس، وتقلب بين حواضر الأندلس يكتب لحكامها، ويتولى القضاء فيها، ويفيد طلبة العلم، حتى إذا سقطت «بلنسية» بأيدي الإسبان، غادر الأندلس إلى المغرب، وعمل في الكتابة لحكامها وتولى القضاء في نواحيها، ثم استوطن «بجاية» يقرئ فيها ويدرس إلى أن استدعاه أمير تونس المستنصر الحفصي (647ـ 675هـ) وولاه القضاء في بعض بلدانها، وصار جليساً له حتى وفاته.
عرف ابن عميرة بحسن الخلق وعلو الهمة ونهوضه إلى قضاء حوائج الناس، فنال حب العامة والخاصة واحترامهم على الرغم من حرصه الشديد على الاتصال بالرؤساء وخدمتهم ونيل أُعطياتهم.
واشْتُهِرَ بأدبه، فكان شاعراً مكثراً، وناثراً غزير الكتابة، ومعظم شعره في المدح والغزل والإخوانيات وإظهار معاناة الغربة والتشوق إلى مرابع صباه. أما نثره فتغلب عليه الرسائل المطولة إلى الحكام وإلى أقرانه من العلماء والأدباء.
اتسم أدبه بالصنعة البديعية السائدة في عصره، واستخدم ثقافته الواسعة في أداء مقاصده شعراً ونثراً، فكان يصدر في أدبه عن التفكير المنظم القائم على المنطق والجدل وإطالة النظر في المعاني والتراكيب حتى بلغ حد التكلف والتلاعب في الألفاظ.
ولابن عميرة مصنفات كثيرة، منها كتاب «التبيان في علم الكلام» وكتاب «التنبيه على المغالطة والتنويه» وكتاب «التنبيهات على ما في التبيان لابن الزملكاني من التمويهات» وكتاب «تعقيب على كتاب المعالم في أصول الفقه للإمام الرازي» وكتاب في فاجعة المرية وسقوطها. وقد جُمع شعره وإنشاؤه في مجلدين سمِّيا «بغية المستطرف وغنية المستظرف من كلام إمام الكتابة ابن عميرة أبي المُطّرف».
من شعره قوله:
يا غائباً سلبتني الأُنس غـيبتـه
فكيف صبري وقد كابدت بينهما
دعواي أنك في قلبي يعارضها
شوقي إليك فكيـف الجمع بينهمـا
وله من رسالة إلى سلطان تونس:
«الحضرة العلية، أبقى الله الإسلام بها قرير العين قريب الناصر، وقرن مساعيها بيمن الطائر ونُجْح الموارد والمصادر، ولازالت مآثرها سائرة مع المنجد والغائر، زارية على الماضي والغابر، وآثارها حُجّة للمفاخر بما ترك الأول للآخر …».
محمود سالم
Ibn Umirah (Ahmad ibn Abdullah-) - Ibn Umirah (Ahmad ibn Abdullah-)
ابن عُمَيْرَة (أحمد بن عبد الله ـ)
(580 ـ 658هـ/1184 ـ 1260م)
أبو المطّرف أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن عميرة المخزومي الشقري البَلَنْسِيّ، العالم القاضي الأديب.
ولد في جزيرة «شُقْر» قرب «بلنسية» من بلاد الأندلس، ونشأ بها فوجهه والده نحو تحصيل العلم، وأقرأه القرآن الكريم والحديث الشريف ومبادئ علوم العربية، فآنس في نفسه رغبة شديدة في العلم، جعلته ينتقل بين بلاد الأندلس، يأخذ عن أشياخها، ثم ارتحل إلى بلاد المغرب وأكمل رحلته إلى بلاد المشرق، فتلقى العلم عن أعيان عصره في العلوم المختلفة ونال إجازاتهم.
كان في أول أمره شديد العناية برواية الحديث الشريف حتى عرف به، ثم نظر في الفقه وأصوله والفلسفة وعلم الكلام، وألمّ باللغة والنحو والتاريخ والطب، ومال إلى الأدب، فنظم ونثر، وصار من أعلام عصره وأعيان أهل المغرب والأندلس، وبعد عودته من رحلة تحصيل العلم استقر في جزيرة شُقْر، وحاز مكانة كبيرة فيها، فجاءه طلبة العلم يأخذون عنه العلوم المختلفة، فأجاز كثيراً ممن أصبحوا أعلام المغرب والأندلس، وتقلب بين حواضر الأندلس يكتب لحكامها، ويتولى القضاء فيها، ويفيد طلبة العلم، حتى إذا سقطت «بلنسية» بأيدي الإسبان، غادر الأندلس إلى المغرب، وعمل في الكتابة لحكامها وتولى القضاء في نواحيها، ثم استوطن «بجاية» يقرئ فيها ويدرس إلى أن استدعاه أمير تونس المستنصر الحفصي (647ـ 675هـ) وولاه القضاء في بعض بلدانها، وصار جليساً له حتى وفاته.
عرف ابن عميرة بحسن الخلق وعلو الهمة ونهوضه إلى قضاء حوائج الناس، فنال حب العامة والخاصة واحترامهم على الرغم من حرصه الشديد على الاتصال بالرؤساء وخدمتهم ونيل أُعطياتهم.
واشْتُهِرَ بأدبه، فكان شاعراً مكثراً، وناثراً غزير الكتابة، ومعظم شعره في المدح والغزل والإخوانيات وإظهار معاناة الغربة والتشوق إلى مرابع صباه. أما نثره فتغلب عليه الرسائل المطولة إلى الحكام وإلى أقرانه من العلماء والأدباء.
اتسم أدبه بالصنعة البديعية السائدة في عصره، واستخدم ثقافته الواسعة في أداء مقاصده شعراً ونثراً، فكان يصدر في أدبه عن التفكير المنظم القائم على المنطق والجدل وإطالة النظر في المعاني والتراكيب حتى بلغ حد التكلف والتلاعب في الألفاظ.
ولابن عميرة مصنفات كثيرة، منها كتاب «التبيان في علم الكلام» وكتاب «التنبيه على المغالطة والتنويه» وكتاب «التنبيهات على ما في التبيان لابن الزملكاني من التمويهات» وكتاب «تعقيب على كتاب المعالم في أصول الفقه للإمام الرازي» وكتاب في فاجعة المرية وسقوطها. وقد جُمع شعره وإنشاؤه في مجلدين سمِّيا «بغية المستطرف وغنية المستظرف من كلام إمام الكتابة ابن عميرة أبي المُطّرف».
من شعره قوله:
يا غائباً سلبتني الأُنس غـيبتـه
فكيف صبري وقد كابدت بينهما
دعواي أنك في قلبي يعارضها
شوقي إليك فكيـف الجمع بينهمـا
وله من رسالة إلى سلطان تونس:
«الحضرة العلية، أبقى الله الإسلام بها قرير العين قريب الناصر، وقرن مساعيها بيمن الطائر ونُجْح الموارد والمصادر، ولازالت مآثرها سائرة مع المنجد والغائر، زارية على الماضي والغابر، وآثارها حُجّة للمفاخر بما ترك الأول للآخر …».
محمود سالم