السينما الشاعرية
المرحلة الثانية من مراحل حركة السينما الطليعية كانت في جوهرها فترة تقوية وتوسع متواضع . تم إنتاج أفلام ممتازة خلال هذه الفترة، إلا أنها تميل في معظمها إلى تطوير المواضيع والتقنيات التي تم استكشافها أصلا من قبل الدادائيين والسرياليين خلال الثلاثينات أنتج عدد قليل نسبياً عدد قليل نسبياً من الأفلام التجريبية تحول العديد من صانعي الأفلام للحقبة السابقة إلى إنتاج الفلم التسجيلي الذي كان يبدو وسيلة فنية أكثر ملائمة خلال فترة الركود. عندما استولى النازيون على السلطة خلال هذه الفترة هاجر الكثير من التجريبيين الألمان إلى أقطار أخرى مع نهاية الحرب العالمية الثانية تحول بعض من أكثر صانعي الأفلام الأوربيين موهبة في السينما الطليعية إلى الولايات المتحدة. وذلك يفسر بعض الشيء بروز نيويورك وسان فرانسيسكو كعاصمتين جديدتين للسينما الطليعية .
استمر كل من ريختر وفيشينكر اللذين حوّلا إلى أمريكا تجاربهما في التجريد رغم أن أفلام ريختر أصبحت أكثر سريالية مع مرورو الزمن. بعض من أجرأ الأفلام الكارتونية ابتدعها نورمان ماكلارن وماري آلن بوت خلال الثلاثينات في فلم الكاميرا تقول وووبي - ۱۹۳۵ طور ماكلارن بأسلوبه في رسم الفعل تقنيات جديدة للمؤثرات الخاصة. فلم (الكوكتيل الملون - ١٩٣٥) كان استكشافاً للون الرمزي في أفلام الرسوم المتحركة. فلم (اليكرو) - ۱۹۳۹ الذي كان أول فلم صنع الصوت فيه بواسطة الرسم المباشر على طلاء الفلم (۹، ۱۷)استمرت أفلام بوت في خطى أفلام جيرمين دولاك. كانت أفلام الايقاع بالضوء - (١٩٣٦) و(سنكرون رقم ٢ - ١٩٣٦) وبارا بولا - (۱۹۳۸) كلها «سمفونيات مرئية لأشكال تجريدية وأشياء عادية جعلت تبدو كتجريدات وقطعت بصورة إيقاعية مع تأليف موسيقية كلاسيكية. إن عمل بوت هو واحد من أطول الأعمال في السينما الطليعية ابتداء من هذه الفترة وحتى منتصف الستينات وانتهاء بفلمها الطويل المعد عن رواية جويس في خطى فنيكانز ١٩٦٥ الذي يعتبره البعض رائعتها .
خلال الأربعينات تم إنتاج أفضل الأفلام التجريدية في سان فرانسيسكو. صنع هاري سميث الذي لم تكن أعماله منتشرة كثيراً في ذلك من الأفلام غير التشخيصية الملفتة للنظر. بدأ جوردان بيلسون عمله عام ١٩٤٧ رغم أن أعظم أعماله أنتجت خلال الستينات. جون وجيمس وتني عملا أيضاً في سان فرانسيسكو بعضاً من أكثر أفلامهما تجديداً خلال هذه الفترة ليست على كل حال كل الأفلام الطليعية التي أنتجت في هذه المدينة تجريدية. على سبيل المثال قام الشاعر والكاتب المسرحي جيمس بر اوتن بعمل عدد من الأفلام التي كانت سخرية لطيفة بأفكار فرويد التي تدهورت وأصبحت قوالب مكررة في هذه الفترة.
إلا أن تأثير فرويد بقي قوياً في الموجة الطليعية وبشكل ملحوظ في أفلام ويلارد ماس وسدني بيترسون ومايا ديرن في الواقع ربما كان الدفع الرئيسي في الفترة الشاعرية التجريبية هو فرويدياً رغم أن بعضاً من نظريات أيضاً أخذت باكتساب هيمنة وخاصة تأكيداته على الأسطورة والطقوس. في الكثير من الأفلام التجارية لفترة الأربعينات (فلم (المأخوذ) لألفريد هتشكوك مثال جيد على ذلك كان العالم النفسي «يوضح» حتى السلوك الإجرامي في القتل بواسطة قذف سيل من الفرويديات السهلة وتكون هذه عادة في الدقائق القليلة الأخيرة من الفكرة الأخيرة للفلم. مثل هذه التوضيحات كانت تشتمل عموماً على عقبة» من نوع ما في الطفولة والتي ما أن يزيحها العالم النفساني العالم بكل شيء حتى تجعل المريض «سليما» في الحال. لقد استخدم هتشكوك هذه اللعبة حتى في عام ١٩٦٤ في فلمه (مارني). في (سايكو) على أية حال تتم السخرية بذكاء من «شرح سطحي لعالم نفساني .
كانت السينما الطليعية تميل إلى تُجنب هذا النوع من التبسيط السهل. كانت الأفكار الفرويدية واليونغوية تستخدم بطريقة أكثر تعقيداً لتقترح الدوافع الممكنة لا أن تقدم الحلول الذكية استكشاف العقل الباطن لم يكن في أغلبه مثيراً في هذه الأفلام رغم إن الخيبة الجنسية كانت لا تزال الموضوع المهيمن. كانت مواضيع القلق المستمر والبحث عن الشخصية والحاجة
للهروب هي الشائعة في السينما الطليعية للاربعينات وأوائل الخمسينات وخاصة في أعمال مايا ديرن التي ربما كانت الأكثر تأثيراً والأكبر شهرة كصانعة أفلام تجريبية في تلك الفترة.
فلم ديرن خيوط ما بعد الظهر - ١٩٤٣ كان سريالياً قوياً في تأثيره وقدم المخرجة نفسها بدور البطلة المرتعدة المدمنة
(۹- ۱۸) تغمر الفلم مسحة من كابوس وإحساس بالرعب الحالك وخلل عقلي متزايد عندما يزداد إحساس امرأة شابة بالاختلاف بواسطة سلسلة من الأحداث التافهة فيما يبدو في أعمالها الأخيرة استكشفت ديرن إمكانات الرقص والسينما مازجة الوسطين التعبيريين في قدرة فنية عالية كما في أعمالها (دراسة في التصيميم الحركي للكاميرا) (١٩٤٥) و(طقوس في زمن مشوه - ٢٩٤٦) و(تأملات حول العنف - (١٩٤٨ هذه الأفلام المتأخرة مدينة من ناحية الموضوع إلى يونغ وفرويد وتميل إلى الطقوس في تأكيدها.
كانت ديرن منظرة مهمة للسينما الطليعية. لقد كتبت وتكلمت باستمرار عن فوائد الأفلام الشخصية وتفوقها على الأفلام القياسية التي تنتجها هوليود. كانت تميز بين السينما الشاعرية والأفلام التجارية بالدرجة الأولى من خلال البناء. الأفلام الشخصية مثل القصيدة الغنائية تكون تحقيقات «عمودية» الموضوع أو موقف. أي أن صانع الفلم لا يهتم بما يحدث قدر اهتمامه بما يثيره الموقف من مشاعر أو ما يعنيه يهتم المخرج بسبر أعماق وطيات المعنى في لحظة معلومة. ولا يهتم الفلم الشاعري بالحركة كما هي وإنما يهتم بالمضمون الميتافيزقي للحركة.
الأفلام الخيالية من الجانب الآخر تشبه الروايات والمسرحيات - فهي في جوهرها «أفقية» التطور. مخرج الفلم السردي يستخدم الأبنية المخططة ويجب أن يقفز من موقف لآخر ومن مشاعر الأخرى. ليس لديه الوقت الكافي ليستكشف دلالات عاطفة أو فكرة معلومة إذ عليه أن يجعل فلمه يتحرك إلى أمام باستمرار. إن صانع الفلم الشاعري يهمل قيود الزمان والمكان في حين يجب أن يهتم المخرج السردي على الأقل في فترته أكثر من ملاحظة بعض الأعراف الزمانية والمكانية التي تبتز الكثير من الزمن على شاشته.
كانت ديرن تؤمن بأنه في بعض الحالات يستحيل - رغم الصعوبة - الجمع بين هذين النوعين من الأبنية في المسرحيات الأكثر تميزاً لشكسبير مثلاً تقوم الأفعال بتحريك الدراما في مستوى أفقي من التطور. ولكن هذا الفعل المتقدم يتوقف بعض الأحيان وبذلك يسمح للكاتب الدرامي في استكشاف شعور معلوم ضمن نوع من الفراغ خارج الزمان المناجاة الشكسبيرية إلقاء في جوهرها استكشاف عمودي لفكرة أو عاطفة أو على وجه أدق تشبه مقطع الآريا (وهي تهويمة غنائية خارج الإيقاع المشدود) في الأوبرا التي تعلق الزمان والمكان والحركة مؤقتاً. كانت ديرن تعتقد بأنه في الفلم - نجد بعض الأحيان مجموعة من (الأريا) والقطع الجاهزة التي تستخدم الأبنية الأفقية غير المشدودة من ذلك مشهد سلالم الأوديسا المشهور في فلم آیزنشتاین بوتومكين على سبيل المثال. الممثل كلامه مع نفسه هي هذه المقاطع من المناجاة والأريات والقصائد العمودية هي التي يحاول
المرحلة الثانية من مراحل حركة السينما الطليعية كانت في جوهرها فترة تقوية وتوسع متواضع . تم إنتاج أفلام ممتازة خلال هذه الفترة، إلا أنها تميل في معظمها إلى تطوير المواضيع والتقنيات التي تم استكشافها أصلا من قبل الدادائيين والسرياليين خلال الثلاثينات أنتج عدد قليل نسبياً عدد قليل نسبياً من الأفلام التجريبية تحول العديد من صانعي الأفلام للحقبة السابقة إلى إنتاج الفلم التسجيلي الذي كان يبدو وسيلة فنية أكثر ملائمة خلال فترة الركود. عندما استولى النازيون على السلطة خلال هذه الفترة هاجر الكثير من التجريبيين الألمان إلى أقطار أخرى مع نهاية الحرب العالمية الثانية تحول بعض من أكثر صانعي الأفلام الأوربيين موهبة في السينما الطليعية إلى الولايات المتحدة. وذلك يفسر بعض الشيء بروز نيويورك وسان فرانسيسكو كعاصمتين جديدتين للسينما الطليعية .
استمر كل من ريختر وفيشينكر اللذين حوّلا إلى أمريكا تجاربهما في التجريد رغم أن أفلام ريختر أصبحت أكثر سريالية مع مرورو الزمن. بعض من أجرأ الأفلام الكارتونية ابتدعها نورمان ماكلارن وماري آلن بوت خلال الثلاثينات في فلم الكاميرا تقول وووبي - ۱۹۳۵ طور ماكلارن بأسلوبه في رسم الفعل تقنيات جديدة للمؤثرات الخاصة. فلم (الكوكتيل الملون - ١٩٣٥) كان استكشافاً للون الرمزي في أفلام الرسوم المتحركة. فلم (اليكرو) - ۱۹۳۹ الذي كان أول فلم صنع الصوت فيه بواسطة الرسم المباشر على طلاء الفلم (۹، ۱۷)استمرت أفلام بوت في خطى أفلام جيرمين دولاك. كانت أفلام الايقاع بالضوء - (١٩٣٦) و(سنكرون رقم ٢ - ١٩٣٦) وبارا بولا - (۱۹۳۸) كلها «سمفونيات مرئية لأشكال تجريدية وأشياء عادية جعلت تبدو كتجريدات وقطعت بصورة إيقاعية مع تأليف موسيقية كلاسيكية. إن عمل بوت هو واحد من أطول الأعمال في السينما الطليعية ابتداء من هذه الفترة وحتى منتصف الستينات وانتهاء بفلمها الطويل المعد عن رواية جويس في خطى فنيكانز ١٩٦٥ الذي يعتبره البعض رائعتها .
خلال الأربعينات تم إنتاج أفضل الأفلام التجريدية في سان فرانسيسكو. صنع هاري سميث الذي لم تكن أعماله منتشرة كثيراً في ذلك من الأفلام غير التشخيصية الملفتة للنظر. بدأ جوردان بيلسون عمله عام ١٩٤٧ رغم أن أعظم أعماله أنتجت خلال الستينات. جون وجيمس وتني عملا أيضاً في سان فرانسيسكو بعضاً من أكثر أفلامهما تجديداً خلال هذه الفترة ليست على كل حال كل الأفلام الطليعية التي أنتجت في هذه المدينة تجريدية. على سبيل المثال قام الشاعر والكاتب المسرحي جيمس بر اوتن بعمل عدد من الأفلام التي كانت سخرية لطيفة بأفكار فرويد التي تدهورت وأصبحت قوالب مكررة في هذه الفترة.
إلا أن تأثير فرويد بقي قوياً في الموجة الطليعية وبشكل ملحوظ في أفلام ويلارد ماس وسدني بيترسون ومايا ديرن في الواقع ربما كان الدفع الرئيسي في الفترة الشاعرية التجريبية هو فرويدياً رغم أن بعضاً من نظريات أيضاً أخذت باكتساب هيمنة وخاصة تأكيداته على الأسطورة والطقوس. في الكثير من الأفلام التجارية لفترة الأربعينات (فلم (المأخوذ) لألفريد هتشكوك مثال جيد على ذلك كان العالم النفسي «يوضح» حتى السلوك الإجرامي في القتل بواسطة قذف سيل من الفرويديات السهلة وتكون هذه عادة في الدقائق القليلة الأخيرة من الفكرة الأخيرة للفلم. مثل هذه التوضيحات كانت تشتمل عموماً على عقبة» من نوع ما في الطفولة والتي ما أن يزيحها العالم النفساني العالم بكل شيء حتى تجعل المريض «سليما» في الحال. لقد استخدم هتشكوك هذه اللعبة حتى في عام ١٩٦٤ في فلمه (مارني). في (سايكو) على أية حال تتم السخرية بذكاء من «شرح سطحي لعالم نفساني .
كانت السينما الطليعية تميل إلى تُجنب هذا النوع من التبسيط السهل. كانت الأفكار الفرويدية واليونغوية تستخدم بطريقة أكثر تعقيداً لتقترح الدوافع الممكنة لا أن تقدم الحلول الذكية استكشاف العقل الباطن لم يكن في أغلبه مثيراً في هذه الأفلام رغم إن الخيبة الجنسية كانت لا تزال الموضوع المهيمن. كانت مواضيع القلق المستمر والبحث عن الشخصية والحاجة
للهروب هي الشائعة في السينما الطليعية للاربعينات وأوائل الخمسينات وخاصة في أعمال مايا ديرن التي ربما كانت الأكثر تأثيراً والأكبر شهرة كصانعة أفلام تجريبية في تلك الفترة.
فلم ديرن خيوط ما بعد الظهر - ١٩٤٣ كان سريالياً قوياً في تأثيره وقدم المخرجة نفسها بدور البطلة المرتعدة المدمنة
(۹- ۱۸) تغمر الفلم مسحة من كابوس وإحساس بالرعب الحالك وخلل عقلي متزايد عندما يزداد إحساس امرأة شابة بالاختلاف بواسطة سلسلة من الأحداث التافهة فيما يبدو في أعمالها الأخيرة استكشفت ديرن إمكانات الرقص والسينما مازجة الوسطين التعبيريين في قدرة فنية عالية كما في أعمالها (دراسة في التصيميم الحركي للكاميرا) (١٩٤٥) و(طقوس في زمن مشوه - ٢٩٤٦) و(تأملات حول العنف - (١٩٤٨ هذه الأفلام المتأخرة مدينة من ناحية الموضوع إلى يونغ وفرويد وتميل إلى الطقوس في تأكيدها.
كانت ديرن منظرة مهمة للسينما الطليعية. لقد كتبت وتكلمت باستمرار عن فوائد الأفلام الشخصية وتفوقها على الأفلام القياسية التي تنتجها هوليود. كانت تميز بين السينما الشاعرية والأفلام التجارية بالدرجة الأولى من خلال البناء. الأفلام الشخصية مثل القصيدة الغنائية تكون تحقيقات «عمودية» الموضوع أو موقف. أي أن صانع الفلم لا يهتم بما يحدث قدر اهتمامه بما يثيره الموقف من مشاعر أو ما يعنيه يهتم المخرج بسبر أعماق وطيات المعنى في لحظة معلومة. ولا يهتم الفلم الشاعري بالحركة كما هي وإنما يهتم بالمضمون الميتافيزقي للحركة.
الأفلام الخيالية من الجانب الآخر تشبه الروايات والمسرحيات - فهي في جوهرها «أفقية» التطور. مخرج الفلم السردي يستخدم الأبنية المخططة ويجب أن يقفز من موقف لآخر ومن مشاعر الأخرى. ليس لديه الوقت الكافي ليستكشف دلالات عاطفة أو فكرة معلومة إذ عليه أن يجعل فلمه يتحرك إلى أمام باستمرار. إن صانع الفلم الشاعري يهمل قيود الزمان والمكان في حين يجب أن يهتم المخرج السردي على الأقل في فترته أكثر من ملاحظة بعض الأعراف الزمانية والمكانية التي تبتز الكثير من الزمن على شاشته.
كانت ديرن تؤمن بأنه في بعض الحالات يستحيل - رغم الصعوبة - الجمع بين هذين النوعين من الأبنية في المسرحيات الأكثر تميزاً لشكسبير مثلاً تقوم الأفعال بتحريك الدراما في مستوى أفقي من التطور. ولكن هذا الفعل المتقدم يتوقف بعض الأحيان وبذلك يسمح للكاتب الدرامي في استكشاف شعور معلوم ضمن نوع من الفراغ خارج الزمان المناجاة الشكسبيرية إلقاء في جوهرها استكشاف عمودي لفكرة أو عاطفة أو على وجه أدق تشبه مقطع الآريا (وهي تهويمة غنائية خارج الإيقاع المشدود) في الأوبرا التي تعلق الزمان والمكان والحركة مؤقتاً. كانت ديرن تعتقد بأنه في الفلم - نجد بعض الأحيان مجموعة من (الأريا) والقطع الجاهزة التي تستخدم الأبنية الأفقية غير المشدودة من ذلك مشهد سلالم الأوديسا المشهور في فلم آیزنشتاین بوتومكين على سبيل المثال. الممثل كلامه مع نفسه هي هذه المقاطع من المناجاة والأريات والقصائد العمودية هي التي يحاول
تعليق