عمرو بن معد يكرب Amr ibn Ma’d Yakrib -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عمرو بن معد يكرب Amr ibn Ma’d Yakrib -

    عمرو معد يكرب

    Amr ibn Ma’d Yakrib - Amr ibn Ma’d Yakrib


    عمرو بن معد يكرب

    (…ـ 21هـ/… ـ643م)



    أبو ثور، عمرو بن معْد يكرب (أو معْدي كرب) بن عبد الله بن عمرو بن عُصم بن عمرو بن زُبيد الأصغر، من سعد العشيرة بن مذحج، فهو زبيدي مذحجي يماني، وذكر كنيته في شعره كقوله يوم القادسية:

    أنا أبو ثور وسيفي ذو النُّون

    أضربهم ضرْب غلام مجنونْ

    كان أبوه رئيس زبيد، ومنه آلت السيادة والرئاسة إلى ابنيه عبد الله ثم أخيه عمرو بعد مقتله، وأمه أسيلة بنت قيس من بني عِجْل من بني جَرْم، وأخته كبشة[ر] ذات قدرة ومكانة، وشعرها كان السبب في رجوع عمرو عن قبول دية أخيه عبد الله الذي قتلته بنو مازن، وزوجته الجُعْفية، التي رثته في أبيات لها يوم مات، أولها:

    لقد غادر الركب الذين تحمّلوا

    بُروذة شخصاً لا ضعيفاً ولاغمْرا

    ولم يعرف عن عقبه شيء بعده.

    عُدَّ عمرو فارس اليمن في الجاهلية، وفارس زُبيد وسيدها في الإسلام، وقد أرسله أمير الحيرة في وفد إلى كسرى، وكان مضرب المثل في الفروسية والشجاعة والإقدام وفيه قيل المثل: فارس ولا كعمرو، وذكرته الشعراء في ذلك، فهو صاحب غارات وأيام في الجاهلية والإسلام، قدّمه كثير من الناس على زيد الخيل. وقد ساعده على هذا كله صفاته الجسمية والنفسية العظيمة، فهو طويل جسيم تخطّ قدماه الأرض إذا ركب الفرس، وكان أمير المؤمنين عمر يقول إذا نظر إليه: «الحمد لله الذي خلقنا وخلق عَمْراً» تعجباً من عِظَم خلْقه، كان أكولاً يأكل ما يشبع ثلاثة رجال، وهو شديد قوي، وثمة حكايات حكايات نادرة عن قوته وبأسه، وكان عصي النفس تتملكه قسوة الجاهلية، اشتهر بسيفه الصمصامة[ر] الذي أهداه لخالد بن سعيد بن العاص، كما ذكره في شعره، قيل: أهداه لوالده سعيد، وظل متوارثاً في بنيه إلى أن صار إلى موسى الهادي، وهو أشهر سيوفه، وبه ضربت الأمثال عند الناس والشعراء، ومن سيوفه الأخرى ذو النون، والقلزم، وكذلك عُرف بعدد من الخيل كالبعيث والعطَّاف، والكاملة واليَعْسوف والعضواء.

    أسلم عمرو سنة 9هـ على الأرجح في وفد قومه المؤلف من عَشرة أشخاص، فله صحبة، وإن كان بعض القدماء قد نفاها عنه، وجعله في التابعين. ثم ارتد عن الإسلام في بداية خلافة أبي بكرt لأسباب شخصية تتلخص في تولية فروة بن مُسيْك المرادي مقاليد المسلمين في اليمن، إذ كان يرى أنه أولى بذلك، ولهذا سرعان ما رجع عن ردّته، وتاب عنها، فأرسله الخليفة إلى خالد ابن الوليد بالشام، فشهد معركة اليرموك مع قومه زُبيد الذين كانوا على ميمنة الجيش، وأبلى عمرو فيها بلاء حسناً، وفيها ذهبت إحدى عينيه.

    ودفع به أمير المؤمنين عمر وبطليحة بن خويلد الأسدي إلى سعد ابن أبي وقاص في أثناء معركة القادسية، وقد عُدّ كل واحد منهما بألف فارس، وطلب إليه أن يشاورهما في الأمر ولايوليهما شيئاً، وأبلى عمرو بلاءً لا نظير له في القادسية، إذ شدّ على رستم فضرب فيله فجذم عرقوبيه فسقط بعد ذلك عن فرسه فقتله، وهو الذي أشار على المسلمين بضرب خراطيم الفيلة، وقد أثنى عليه سعد ثناء عظيماً في كتابه إلى أمير المؤمنين. ثم شهد معركة نهاوَند فكان في جيش النعمان بن مُقَرّن، وهناك كانت نهاية حياته التي اختلف في شأنها كما اختلف في عمره؛ فقد رجّح بعض المحدثين ولادته نحو (75 ق.هـ) مما يعني أنه مات ولم يبلغ المئة، إذ مات في أواخر خلافة عمر سنة (21هـ) بمكان يقال له رُوذة بين الرّي وقُمْ، وقبره فيه، وقيل: لسعته حية فمات، وعُدّ في الشهداء لأنه كان في حال حرب، على حين ذهب آخرون إلى أنه قُتل، أو مات عطشاً بالقادسية والأرجح ما أثبتناه، ولا صحة ـ أيضاًـ لما قيل: إنه عاش إلى خلافة عثمان، أو امتد به العمر إلى خلافة معاوية، علماً بأن السجستاني لم يذكره في المعمرين.

    روى عمرو حديثاً واحداً في التلبية «لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك».

    جمع شعره أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني الكوفي(ت206هـ) ثم أبو عبد الله ابن الأعرابي (ت231هـ) ثم أبو سعيد السكّري(ت 275هـ)، ثم فقد الديوان، فجمع بعض المحدثين ما بقي من شعره وأولهم هاشم الطعّان في العراق سنة 1970م ثم مطاع الطرابيشي سنة 1974م بطبعة لمجمع اللغة العربية بدمشق.

    ظهر في شعره أثر العصبية القبلية واليمنية، كما كثرت فيه المهاجاة بينه وبين عدد من الشعراء في عصره كالعباس بن مرداس السّلمي وعامر بن الطفيل وفروة بن مسيك المرادي وكنّاز ابن صريم بن عمرو الجرمي.

    ومن هنا فإن شعره دار على مناسبات شتى ولاسيما ما يتعلق بالغارات والأيام والأخبار المتعلقة به وبقومه في الجاهلية والإسلام، كاليرموك والقادسية ونهاوند.

    فعمرو شاعر مخضرم، وخطيب مفلق، رماه الناس بالكذب في شعره، على حين شهد له ابن قتيبة بالصدق، وكان قد قال لأمير المؤمنين عمر:«اعلم يا أمير المؤمنين أني لم استحلّ الكذب في الجاهلية فكيف أستحله في الإسلام».

    ودار شعر عمرو على الحماسة والفخر والهجاء والحكمة والأدب وله شيء من الغزل التقليدي، وأكثر شعره مقطعات وإن وجدت قصائد طرقت موضوعها مباشرة أو قصائد ذات مطالع تقيلدية، وله أراجيز قصيرة وقليلة في الحماسة والفخر والمهاجاة.

    ومن شعره المشهور المطبوع بالحكمة والسائر مسرى المثال قوله:

    إذا لم تستطع شيئاً فدعْهُ

    وجاوزه إلى ما تستطيع

    وصِلْه بالزِّماع، فكلّ أمرٍ

    سما لك، أوسموت له ولوعُ

    وله شعر آخر في الحكمة والأدب سار على الألسنة، منه:

    ليس الجمال بمئزرٍ

    فاعلم وإن رُدّيت بردا

    إن الجمال معادن

    ومناقب أورثن حمدا

    فشعر عمرو قوي المتن، حسن التصوير، يتجه في قسم منه إلى الطابع الملحمي القصص، ألفاظه واضحة ودقيقة في دلالتها على معانيها، إذ قلّ فيها الغريب، وطبعت بطابع شعر الغزوات والفتوح.

    حسين جمعة
يعمل...
X