الدادائية
كانت فترة العشرات والعشرينات تمثل أكثر الفترات إثارة لتجارب الموجة الطليعية في الفنون كان الدافع لاكتشاف قنوات التعبير الفني متحمساً بصورة خاصة في باريس حيث كانت تعتبر العاصمة الطليعية في العالم. لقد انتعشت في حقل الفنون التشكيلية المدارس المختلفة التي تنتهي بالحروف (ISM) ربما كانت أهمها المدرسة التكعيبية (Cubism) التي طورت فكرة التمزق ليس في الرسم والنحت وحدهما بل في الأدب والسينما أيضاً. بعد الحرب العالمية الأولى تفشت نغمة جديدة في الموجة الطليعية - نغمة تعكس روح التشاؤم والانخداع وحتى العدمية في بعض الحالات.
لقد تطورت الدادائية من هذا الوسط الفني والاجتماعي. لقد شكل الرسامون والكتاب والمثقفون هذه الحركة كاحتجاج عنيف ضد «الحضارة» التي اعتبروها مسؤولة عن جلب الحرب العالمية الثانية. باستخدام النكتة واللامعقول وغير المألوف سلاحاً رئيسياً لها أراد هؤلاء المهاجمون للمعتقدات العامة أن يمزقوا هيكل القيم التقليدية التي أرادوا أن يبدلوها ويمجدوا مكانها اللانظام والتطير والروح الفوضوية. كان الدادائيون ضد الثقافة ولا علاقة لهم بالأخلاق وضد الجماليات. لقد استبعدوا كل الممنوعات الاجتماعية من جنسية وفنية وشخصية رفضوها باحتقار إن الذي كان يقيمه الدادائيون كثيراً هو العفوية شبه الطفولية غير المقيدة.
كان الدادائيون يعتقدون بأن الثقافة التقليدية والفنون الجميلة مفلسة أراد هؤلاء الرومانسيون في جوهرهم وكفرقة مرحة من المجانين أن يذهلوا البرجوازية بهجومهم المرح الواسع على القلاع الثقافية للطبقة الوسطى. سخر الدادائيون باستمرار من فكرة الانسجام الكلاسيكي الذي تقدمه المؤسسة الفنية وذلك لكراهيتهم للنقاء الشديد للفن العالي». لقد خاضت الحركة الجديدة في جماليات هدامة وكان هجوم مواجهة يبدأ ضد «الاحترام» و«الذوق الجيد» في الفن أراد الدادائيون أن يخلقوا فناً كاملاً جديداً حراً مرتجلاً وغير مؤدب ومضحك
(۹ ،۷) كانوا يشعرون أن الفن يجب أن يكون ثورة جهنمية. لا داعي للقول أن الكثير من الناس أعتقد بأنهم كانوا مجانين .
ليس من الصعب معرفة لماذا تحول العديد منهم إلى السينما كقناة للتعبير الفلم بعد كل هذا كان وسطاً جديداً لا يقف وراءه تقليد جمالي وليس هنالك كيان من «القواعد» النقدية الرسمية تحد من تطوره. أضف إلى ذلك أن الفلم كان وسطاً شعبياً لما يزل منسلخاً عن الطبقات بشكل قاطع وجماهيره الغالبة من الطبقة العاملة كان الدادائيون يسرون كثيراً وبصورة خاصة بمشاهد الطراد المجنون في أفلام ماك سنيت التي كانوا يعتقدون بأنها كانت انعكاساً كاملاً لسخافات الحياة المضحكة (۹-۸). السينما كانت أيضاً فن اختيار ونظراً لكون الدادائيين يحتقرون التقنيات التقليدية و«الصفاء» الفني فإنهم أثيروا بإمكانيات هذه الوسيلة التجريبية. كل ما كان يمكن تصويره قذف إلى الفلم وإذا ما كان الشيء مقبولاً فلا شيء يهم .
القصص هي يوجد فيها أسباب القليل من الدادائيين استخدم البناء السردي في فلمه إذ أنه كان يعتقد أن الحبكة تستند إلى نوع من التماسك والمنطق. أضف إلى ذلك أن امتداد للأدب والدراما في السينما يمكن المونتاج صانعي الفلم من تقديم مشاهد غير مربوطة بطريقة متسلسلة حيث لا ونتائج. لذا فإن المخرج يستطيع أن يخلق عالماً بلا «معنى». في الواقع رفض الدادائيون كل الأفكار العضوية في الفن. ليس هناك قصص» هذا ما أعلنه جين آبشتاين عام ۱۹۲۱ وأضاف هنالك فقط مواقف بدون ذيل أو رأس بدون بداية أو وسط أو نهاية. لقد استمر الموقف المضاد للعضوية في السينما الطليعية حتى يومنا هذا. فمثلاً جمع أحد صانعي الأفلام للسينما السرية آلاف الأقدام من الفلم حتى يتمكن عندما يريد أن يضع فلا أن «يقتطع» كما زعم بعض الأقدام ببساطة مثلما يقطع «المقانق».
رغم التضمينات الفلسفية المكفهرة للدادائية فإن أفلامها يمكن أن تكون سارة وحتى مضحكة خلال أوائل العشرينات كانت معارض هذه الأفلام أكثر إثارة من الأفلام نفسها، على سبيل المثال في عام ١٩٢٣ كلف مان راي وهو مصور فوتوغرافي يعمل في باريس لكي ينتج فلا لوظيفة دادائية. قام راي بطبخ فلم العودة إلى العقل الذي تم صنعه بواسطة رش مواد على طلاء الفلم (مثل الأزرار والدبابيس وغيرها كما أدخل لقطات لامرأة عارية ترقص أمام شباك بينما يقوم ضوء الشمس والظلال بصنع أشكال تجريدية على جسمها المتلوي. ربط هذه اللقطات على عجل بواسطة صمغ محلي. في التجمع نفسه كان الشعراء يصرخون أبياتهم الغامضة بأعلى أصواتهم وكانت هنالك «فرقة» من صفارات الإنذار والأجراس تقرع وظل فلم راي يتمزق عند كل موقع ربط أثار الفلم في النهاية صخباً وهاج الأعضاء المجتمعون وقاموا بتمزيق قاعة الاجتماع وإذا ما حسبنا كل شيء كما لاحظ المؤرخ السينمائي آرثر نايت فإن تلك اعتبرت أمسية دادائية ناجحة جداً.
ربما كان أشهر أفلام الدادائية هو فلم رينيه كلير (بين الفصول) وفلم فرناند ليجيه الباليه الميكانيكي وكلاهما أنتج عام ١٩٢٤ . كتب نص فلم كلير الشاعر والمنظر الدادائي فرانسيس بيكابيا وقد كان جزء من وحي القلم هو أفلام الطراد المشهورة لماك سينيت نرى موكب جنازة بالسرعة البطيئة والتأكيد هو على الوقار والتلكف في المناسبة. وفجأة تتدحرج عربة الكف.
بسرعة ويتلو ذلك ملاحقة سريعة الحركة ومضحكة جداً للكفن الهارب يركض وراءه السادة البرجوازيون المحترمون وهم يلهثون. أما ليجير وهو من الرسامين التكعيبيين الأوائل فقد كان أكثر اهتماماً بالتجريد في الفلم. (الباليه الميكانيكي هو «رقصة مرئية الأشياء عادية عتلات وعجلات وقدور وقلايات وخفاقات بيض) تأخذ أشكالاً تجريديه (۹,۹) يتكون الفلم في جوهره من سلسلة من الحركات المنوعة ورغم إن هنالك لقطات كثيرة منثورة بين طيات الفلم لامرأة تصعد سلما بتعب تعاد ثلاث وعشرين مرة إلا إن المرأة لا تصل القمة أبداً وقد يكون ذلك أو لا يكون رمزياً . في برلين وفي نفس الفترة تقريباً كان عدد من الفنانين يجرب
التجريد في الفلم أشهرهم هو هانز ريختر الذي قدم للبطولة ما سماه الفلم المطلق الذي ليس فيه محتوى حقيقي وإنما يتكون من أشكال «بحتة». بالتعاون مع رفاقه فايلكنك أكيلينك وأوسكار فيشينكر أصر ريختر على إن الأقرباء الطبيعيين للفلم ليس الأدب والدراما وإنما الفن التجريدي والرقص والموسيقى التجريديين كانت أفلامهم تحتوي على أشكال وانسجة ونماذج غير تشخيصية مصممة وفق إيقاع في مهرجان صوري لعلاقات شكلية متغيرة. كانت عناوين أفلامهم غالباً موسيقية ومحايدة بشكل مقصود. كان فلم ريختر إيقاع (۲۱) (۹ - ۱۰) وفلم أكيلينك (السمفونية المائلة) من بين الأفلام الأولى التقليد أستمر طويلاً من الأفلام التجريدية ضمن الحركة الطليعية. استخدم فنانون آخرون الموسيقى كوحي الصورهم في فلم اسطوانة ٩٥٧ مثلاً حاولت الفرنسية جيرمين دولاك أن تترجم مقطوعة شوبان المسماة برليود رقم ٦ إلى نماذج شكلية مرثية (تجريدية في أغلبها).
كانت فترة العشرات والعشرينات تمثل أكثر الفترات إثارة لتجارب الموجة الطليعية في الفنون كان الدافع لاكتشاف قنوات التعبير الفني متحمساً بصورة خاصة في باريس حيث كانت تعتبر العاصمة الطليعية في العالم. لقد انتعشت في حقل الفنون التشكيلية المدارس المختلفة التي تنتهي بالحروف (ISM) ربما كانت أهمها المدرسة التكعيبية (Cubism) التي طورت فكرة التمزق ليس في الرسم والنحت وحدهما بل في الأدب والسينما أيضاً. بعد الحرب العالمية الأولى تفشت نغمة جديدة في الموجة الطليعية - نغمة تعكس روح التشاؤم والانخداع وحتى العدمية في بعض الحالات.
لقد تطورت الدادائية من هذا الوسط الفني والاجتماعي. لقد شكل الرسامون والكتاب والمثقفون هذه الحركة كاحتجاج عنيف ضد «الحضارة» التي اعتبروها مسؤولة عن جلب الحرب العالمية الثانية. باستخدام النكتة واللامعقول وغير المألوف سلاحاً رئيسياً لها أراد هؤلاء المهاجمون للمعتقدات العامة أن يمزقوا هيكل القيم التقليدية التي أرادوا أن يبدلوها ويمجدوا مكانها اللانظام والتطير والروح الفوضوية. كان الدادائيون ضد الثقافة ولا علاقة لهم بالأخلاق وضد الجماليات. لقد استبعدوا كل الممنوعات الاجتماعية من جنسية وفنية وشخصية رفضوها باحتقار إن الذي كان يقيمه الدادائيون كثيراً هو العفوية شبه الطفولية غير المقيدة.
كان الدادائيون يعتقدون بأن الثقافة التقليدية والفنون الجميلة مفلسة أراد هؤلاء الرومانسيون في جوهرهم وكفرقة مرحة من المجانين أن يذهلوا البرجوازية بهجومهم المرح الواسع على القلاع الثقافية للطبقة الوسطى. سخر الدادائيون باستمرار من فكرة الانسجام الكلاسيكي الذي تقدمه المؤسسة الفنية وذلك لكراهيتهم للنقاء الشديد للفن العالي». لقد خاضت الحركة الجديدة في جماليات هدامة وكان هجوم مواجهة يبدأ ضد «الاحترام» و«الذوق الجيد» في الفن أراد الدادائيون أن يخلقوا فناً كاملاً جديداً حراً مرتجلاً وغير مؤدب ومضحك
(۹ ،۷) كانوا يشعرون أن الفن يجب أن يكون ثورة جهنمية. لا داعي للقول أن الكثير من الناس أعتقد بأنهم كانوا مجانين .
ليس من الصعب معرفة لماذا تحول العديد منهم إلى السينما كقناة للتعبير الفلم بعد كل هذا كان وسطاً جديداً لا يقف وراءه تقليد جمالي وليس هنالك كيان من «القواعد» النقدية الرسمية تحد من تطوره. أضف إلى ذلك أن الفلم كان وسطاً شعبياً لما يزل منسلخاً عن الطبقات بشكل قاطع وجماهيره الغالبة من الطبقة العاملة كان الدادائيون يسرون كثيراً وبصورة خاصة بمشاهد الطراد المجنون في أفلام ماك سنيت التي كانوا يعتقدون بأنها كانت انعكاساً كاملاً لسخافات الحياة المضحكة (۹-۸). السينما كانت أيضاً فن اختيار ونظراً لكون الدادائيين يحتقرون التقنيات التقليدية و«الصفاء» الفني فإنهم أثيروا بإمكانيات هذه الوسيلة التجريبية. كل ما كان يمكن تصويره قذف إلى الفلم وإذا ما كان الشيء مقبولاً فلا شيء يهم .
القصص هي يوجد فيها أسباب القليل من الدادائيين استخدم البناء السردي في فلمه إذ أنه كان يعتقد أن الحبكة تستند إلى نوع من التماسك والمنطق. أضف إلى ذلك أن امتداد للأدب والدراما في السينما يمكن المونتاج صانعي الفلم من تقديم مشاهد غير مربوطة بطريقة متسلسلة حيث لا ونتائج. لذا فإن المخرج يستطيع أن يخلق عالماً بلا «معنى». في الواقع رفض الدادائيون كل الأفكار العضوية في الفن. ليس هناك قصص» هذا ما أعلنه جين آبشتاين عام ۱۹۲۱ وأضاف هنالك فقط مواقف بدون ذيل أو رأس بدون بداية أو وسط أو نهاية. لقد استمر الموقف المضاد للعضوية في السينما الطليعية حتى يومنا هذا. فمثلاً جمع أحد صانعي الأفلام للسينما السرية آلاف الأقدام من الفلم حتى يتمكن عندما يريد أن يضع فلا أن «يقتطع» كما زعم بعض الأقدام ببساطة مثلما يقطع «المقانق».
رغم التضمينات الفلسفية المكفهرة للدادائية فإن أفلامها يمكن أن تكون سارة وحتى مضحكة خلال أوائل العشرينات كانت معارض هذه الأفلام أكثر إثارة من الأفلام نفسها، على سبيل المثال في عام ١٩٢٣ كلف مان راي وهو مصور فوتوغرافي يعمل في باريس لكي ينتج فلا لوظيفة دادائية. قام راي بطبخ فلم العودة إلى العقل الذي تم صنعه بواسطة رش مواد على طلاء الفلم (مثل الأزرار والدبابيس وغيرها كما أدخل لقطات لامرأة عارية ترقص أمام شباك بينما يقوم ضوء الشمس والظلال بصنع أشكال تجريدية على جسمها المتلوي. ربط هذه اللقطات على عجل بواسطة صمغ محلي. في التجمع نفسه كان الشعراء يصرخون أبياتهم الغامضة بأعلى أصواتهم وكانت هنالك «فرقة» من صفارات الإنذار والأجراس تقرع وظل فلم راي يتمزق عند كل موقع ربط أثار الفلم في النهاية صخباً وهاج الأعضاء المجتمعون وقاموا بتمزيق قاعة الاجتماع وإذا ما حسبنا كل شيء كما لاحظ المؤرخ السينمائي آرثر نايت فإن تلك اعتبرت أمسية دادائية ناجحة جداً.
ربما كان أشهر أفلام الدادائية هو فلم رينيه كلير (بين الفصول) وفلم فرناند ليجيه الباليه الميكانيكي وكلاهما أنتج عام ١٩٢٤ . كتب نص فلم كلير الشاعر والمنظر الدادائي فرانسيس بيكابيا وقد كان جزء من وحي القلم هو أفلام الطراد المشهورة لماك سينيت نرى موكب جنازة بالسرعة البطيئة والتأكيد هو على الوقار والتلكف في المناسبة. وفجأة تتدحرج عربة الكف.
بسرعة ويتلو ذلك ملاحقة سريعة الحركة ومضحكة جداً للكفن الهارب يركض وراءه السادة البرجوازيون المحترمون وهم يلهثون. أما ليجير وهو من الرسامين التكعيبيين الأوائل فقد كان أكثر اهتماماً بالتجريد في الفلم. (الباليه الميكانيكي هو «رقصة مرئية الأشياء عادية عتلات وعجلات وقدور وقلايات وخفاقات بيض) تأخذ أشكالاً تجريديه (۹,۹) يتكون الفلم في جوهره من سلسلة من الحركات المنوعة ورغم إن هنالك لقطات كثيرة منثورة بين طيات الفلم لامرأة تصعد سلما بتعب تعاد ثلاث وعشرين مرة إلا إن المرأة لا تصل القمة أبداً وقد يكون ذلك أو لا يكون رمزياً . في برلين وفي نفس الفترة تقريباً كان عدد من الفنانين يجرب
التجريد في الفلم أشهرهم هو هانز ريختر الذي قدم للبطولة ما سماه الفلم المطلق الذي ليس فيه محتوى حقيقي وإنما يتكون من أشكال «بحتة». بالتعاون مع رفاقه فايلكنك أكيلينك وأوسكار فيشينكر أصر ريختر على إن الأقرباء الطبيعيين للفلم ليس الأدب والدراما وإنما الفن التجريدي والرقص والموسيقى التجريديين كانت أفلامهم تحتوي على أشكال وانسجة ونماذج غير تشخيصية مصممة وفق إيقاع في مهرجان صوري لعلاقات شكلية متغيرة. كانت عناوين أفلامهم غالباً موسيقية ومحايدة بشكل مقصود. كان فلم ريختر إيقاع (۲۱) (۹ - ۱۰) وفلم أكيلينك (السمفونية المائلة) من بين الأفلام الأولى التقليد أستمر طويلاً من الأفلام التجريدية ضمن الحركة الطليعية. استخدم فنانون آخرون الموسيقى كوحي الصورهم في فلم اسطوانة ٩٥٧ مثلاً حاولت الفرنسية جيرمين دولاك أن تترجم مقطوعة شوبان المسماة برليود رقم ٦ إلى نماذج شكلية مرثية (تجريدية في أغلبها).
تعليق