عياض بن موسى القاضي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عياض بن موسى القاضي

    عياض موسي قاضي

    Ayad ibn Mousa al-Qadi - Ayad ibn Mousa al-Qadi

    عياض بن موسى القاضي
    (476 ـ 544هـ/1083ـ 1149م)

    أبو الفضل، عياضُ بنُ موسى بنِ عياضٍ بنِ عمرون اليحصبيُّ الأندلسي السبتي. إمامُ، علامةُ، حافظُ، كان عالم المغربِ وأحد مشايخِ العلماء المالكية. بلغت شهرته الآفاق، وصنف التصانيف المفيدة التي ظلّت أهمَّ المراجع وأوثقها عند المهتمين بالدراسات الإسلامية. وعاصر دولتي المرابطين والموحدين.
    واليحصبيُّ نسبةً إلى يحصب بن مالك، وهي قبيلة من حِمْيَرَ مِنْ عرب اليمن. فهو عربيُّ الأصل والأرومة. استقر أحد أجداده قديماً في الأندلس، ثمّ تحوَّل جَدُّه الثاني عمرون من الأندلس إلى فاس، ثمّ سكن سبتة. وبها ولد القاضي وقد هيّأها موقعها الجغرافي لأن تكون ملتقى العلماء القادمين إليها من الشرق والغرب، ومركزاً ثقافياً مميَّزاً. وقد أسهم هذا الجو العلمي في تكوين ثقافة القاضي وعلمه، مما ساعده أيضاً على بلوغ ما بلغه من منزلةٍ ومكانةٍ ما تحلَّى به من صفات جليلة، فقد نشأ على العِفَّة والصِّيانة، وكان محمودَ الأقوال والأفعال، موصوفاً بالنبل والفهم، طالباً للعلم، حريصاً عليه، صبوراً، حليماً، جميل العشرة، جواداً، سمحاً، كثير الصدقة، دؤوباً على العمل، صُلباً في الحق.
    رحل إلى الأندلس سنة 507هـ، فأخذ العلم بقرطبة ومرسية وغيرهما، ثم عاد إلى بلده سبتة سنة 508هـ، فأجلسه أهلُها للمناظرة عليه في المُدَوَّنة، وهو ابن ثلاثين سنة أو نَيِّف عليها، ثم أُجلس للشورى. ولما بلغ الخامسة والثلاثين وُلِّي قضاء سبتة مدة طويلة حُمِدت سيرته فيها وشكرت، ثم نقل إلى قضاء غرناطة في سنة 531هـ ولم يطل أمره بها، ثم وُلِّي قضاء سبتة ثانية.
    وقد قُيِّض لـه أن يأخذ عن عدد كبير من جِلَّة الشيوخ في سبتة والمشرق بالسماع أو الإجازة. وقد اجتمع له منهم نحو مئة شيخ، منهم أبو عبد الله التميمي وأبو علي الصَّدَفي، وأبو علي الغسَّاني. وممن أخذ عنه ابنه القاضي أبو عبد الله محمد، وأبو القاسم ابن بَشْكُوال.
    حاز من الرئاسة في بلده والرِّفعة ما لم يحزه أحد قطُّ من أهلها، وما زاده ذلك إلا تواضعاً وخشية من الله تعالى. ولما تولَّى الموحدون أمور المغرب والأندلس بايعهم، ثم ثار في أهل سبتة سنة 543هـ فأخمد عبد المؤمن بن علي ثورتهم. ثم راجع أهل سبتة طاعتهم فتقبَّلَ منهم؛ وأمره بسكنى مراكش.
    قال ابن فرحون: «كان القاضي أبو الفضل إمامَ وقته في الحديث وعلومه، عالماً في التفسير وجميع علومه، فقيهاً، أصولياً، عالماً بالنحو واللغة، وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، بصيراً بالأحكام عاقداً للشروط، حافظاً لمذهب مالك رحمه الله تعالى، شاعراً مجيداً، ريَّانً من الأدب، خطيباً بليغاً».
    وقال الحافظ ابن الأبّار: «كان لا يُدْرَك شأوه، ولا يبلغ مداه في العناية بصناعة الحديث وتقييد الآثار، وخدمة العلم، مع حسن التفنن والتصرف الكامل في فهم معانيه، إلى اضطلاعه بالأدب وتحقّقه بالنظم والنثر، ومهارته بالفقه، وينبوع المعرفة، ومعدن الإفادة، وإذا عُدَّتْ رجالات المغرب فضلاً عن الأندلس حُسب فيهم صدراً».
    أسهم القاضي في إثراء المكتبة الإسلامية بمؤلفاتٍ قيمةٍ في فنون متعددة، قال الذهبي: «استبحر من العلوم، وجمع وألَّفَ، وسارت بتصانيفه الرُّكبان». وقد ذكر المؤرخون له من الكتب ما يقارب الثلاثين في مختلف العلوم من حديث وفقه وعقيدة وسيرة وفي القضاء والسياسة وتراجم الرجال والتاريخ وفي اللغة والأدب، أهمها «إكمال المعلم بفوائد مسلم»؛ وهو شرح جليل على صحيح مسلم، كَمَّل به كتاب «المعلم» لشيخه المازَري، و«بغية الرائد فيما في حديث أمِّ زَرْعٍ من الفوائد»، شرح فيه حديث أمِّ زَرْعٍ، وبيَّنَ ما فيه من أحكامٍ فقهيةٍ وفنون بلاغية، و«الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السَّماع» من أقدم مراجع علم مصطلح الحديث، و«مشارق الأنوار على صحاح الآثار» وموضوعه تقويم الألفاظ الغريبةِ والمشكلة الواردة في أحاديث الصحيحين والموطأ، وشرحها، وضبطها، وضبط الأسماء والكنى والأنساب، وأسماء الأماكن والبلدان، و«التنبيهات المستنبطة في شرح مشكلات المدوَّنة والمختلطة» من أعظم ما ألفه في الفقه، وعليه الاعتماد في حلَّ ألفاظ المدوّنة، و«الإعلام بحدود قواعد الإسلام» كتيب صغير، ألَّفه للمتعلِّمين من الأطفال. وكتاب «العقيدة»، و«الشفا بتعريف حقوق المصطفى» أشهر كتب القاضي وأجلُّها. وموضوعه سيرة المصطفىr، كما اختصر كتاب «شـرف المصطفى» لعبد الملك بن محمد النيسابوري الواعظ (ت 406هـ)، و«أجوبته فيما نزل في أيام قضائه من نوازل الأحكام» جمعها ابنه محمد، وضمَّ إليها شيئاً من علمه وسمّاها: «مذاهب الحكام في نوازل الأحكام»، و«سرُّ السّراة في أدب القضاة»، و«ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك» موسوعة ضخمة في طبقات فقهاء المالكية، حوت أكثر من ألف وخمسمئة ترجمة، و«الغنية» ترجم فيه لشيوخه وسماعاته عليهم، و«الجامع في التاريخ» جمع فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب، واستوعب فيه أخبار سبتة وعلمائها، و«تاريخ المرابطين» انتهى فيه إلى سنة540هـ، و«غنية الكاتب وبغية الطالب في الصدور والترسُّل»، وديوان خطبه، وديوان شعره. توفي بمراكش ودفن بباب إيلان.
    أحمد الزبيبي
يعمل...
X