عروق ااجناس بشريه (سلالات بشريه)
Human race - Espèce humaine
العروق أو الأجناس البشرية
قبل الحديث عن السلالات البشرية the races of mankind، لابد من التساؤل أولاً كيف نشأت السلالة؟ ومع الإقرار بأن الإنسان وحيد النشأة، بمعنى أنه نشأ من أب واحد، وهذا يعني أنه كان يتصف بصفات جسمانية متماثلة، ومهما كثر عدده في هذه الحال فلايجوز القول إن السلالة قد وجدت، لأن معنى كلمة السلالة تعني: «مجموعة من الناس متماثلة في صفاتها الجسمانية»، أو متشابهة في هذه الصفات على الأقل، ومن ثم فهي تتميز بهذه الصفات من المجموعات الأخرى من الناس. فكيف ظهرت السلالة إذاً؟
زادت أعداد الإنسان بعد خلقه، فانتشر في جهات كثيرة من العالم، ومادام قد انتشر في بيئات طبيعية مختلفة، فلابد لكل مجموعة تستقر في بيئة من البيئات، أن تكتسب صفات جسمانية تتلاءم معها. لكن تلك المجموعة لم يستقر بها المقام في بيئة واحدة، فحدث نتيجة ذلك أن اختلطت تلك المجموعة ذات الصفات الجسمانية المعينة بمجموعات أخرى ذات صفات أخرى، فصار في المكان الواحد جماعات ذات صفات جسمانية مختلفة.
هذا النوع من الاختلاط هو النوع البسيط الذي لم يتعد إقامة الناس مع بعضهم، ثم حدث بعد هذا اختلاط آخر، وهو الاختلاط بالزواج، فأصبحت الصفات الجسمانية تختلط مع بعضها اختلاطاً كلياً، وتدخل هنا عامل جديد هو عامل الوراثة، فالنسل يحمل عادة صفات الأبوين، ومعنى الأبوين هنا ليس الأبوين المباشرين وحسب، وإنما يحمل صفات من الأجداد، سواء أكانت عن طريق الأب أم عن طريق الأم.
خلاصة هذا، أن عوامل ثلاثة قد تدخلت في إنتاج ما يسمى السلالة أو الجنس أو العرق.
العامل الأول: الخلق الذي كوَّن السلالة أو الجنس.
العامل الثاني: الهجرة التي سبّبت الاختلاط البسيط.
العامل الثالث: الوراثة التي سبّبت اختلاطاً معقداً بالتناسل.
وكان من الممكن أن يظل تمييز الأفراد من بعضهم سهلاً لولا العامل الثالث الشديد التعقيد، والذي لم يتوصل الباحثون إلى فهم أثره إلا بعد دراسات طويلة [ر. الوراثة (علم ـ)].
هذه هي العوامل التي أدت إلى ظهور السلالة أو الجنس، وتعريف السلالة إذاً هو: «مجموعة من الناس تتشابه في صفاتها الجسمانية، وتختلف هذه الصفات عن المجموعات الأخرى».
وتجدر الإشارة إلى أن الصفات الثقافية، كمصنوعات الإنسان ولغته ودينه لاتدخل إطلاقاً في حساب الباحث عند تصنيف الناس إلى سلالات؛ فليس هناك ما يسمى بالسلالة الإنكليزية والسلالة المصرية، وليس هناك ما يسمى بالسلالة الإسلامية والسلالة المسيحية. فكل هذه الصفات ثقافية عرضية، قد يغيرها الإنسان بين يوم وليلة، أما الصفات الجسمانية التي تُتَخذ مقياساً لتصنيف الناس إلى سلالات، فهي صفات قد تبدو ثابتة، لاتتغير مهما غير الإنسان من بيئات طبيعية، ولكن الطفرات الوراثية[ر] ـ على قلتهاـ يمكن آن تحدث تغيرات مهمة في صفات الناس والمجموعات البشرية.
يتخذ الباحثون عدداً من الصفات مقياساً لتصنيف الناس إلى سلالات أو أجناس، وأغلبها صفات ظاهرة، يمكن مشاهدتها، وإدراكها بنظر الإنسان إليها، ومنها، لون البشرة والعيون وطول القامة وشكل الشعر وملامح الوجه وغيرها.
ومن هذه الصفات ما يحتاج إلى مقاييس، مثل شكل الرأس. وإن كانت لا تصلح صفة واحدة من هذه الصفات لاتخاذها مقياساً، فلو قُسم الناس بمقتضى لون البشرة إلى أبيض وأسود وأصفر، لتبين أنها تشمل طوال القامة وقصارها، عراض الرأس وطوالها. وكذلك إذا أخذ طول القامة مقياساً لوجد أن طوال القامة يضمون فيما بينهم ألواناً مختلفة، وكذلك الحال عند قصار القامة، يضاف إلى ذلك أن الصفات الجسمانية اختلطت في الوقت الحاضر اختلاطاً كبيراً، حتى أمكن القول إنه من المستحيل رؤية سلالة أو عرق نقي في الوقت الحاضر، ويعبر عن هذا بعض الكتاب بأن كلمة سلالة أو عرق ليس لها في الحقيقة معنى إلا في ذهن الباحث، أما في الطبيعة فإن هذه الكلمة لا وجود لها، اللهم إلا في أماكن العزلة التي يهيمن عليها أثر الوراثة، لعدم اختلاط الناس بعضهم ببعض، وفي هذه الأماكن فقط تُرى بعض الصفات الجسمانية النقية، وأماكن العزلة هي تلك الأماكن التي يرغب الناس عن سكناها مثل، المناطق الجبلية ومناطق المستنقعات ومناطق الغابات الكثيفة والمناطق الفقيرة (مناطق الجوع).
وفيما يأتي إحدى المحاولات في تصنيف الناس إلى سلالات وفق بعض الصفات الجسمانية، وتبين قيمة كل صفة من هذه الصفات، ومدى اعتماد الباحثين عليها في التصنيف.
لون البشرة
هي صفة ظاهرة، تسترعي انتباه الإنسان حينما ينظر إلى شخص من الأشخاص، واللون ينشأ من حبيبات صبغية خاصة في أعمق طبقات البشرة، فإذا زادت هذه الحبيبات مال اللون إلى السمرة، وإذا نقصت مال اللون إلى البياض. وهنا يختلف الباحثون في نشأة اللون، فبعضهم يرى أن اللون ينشأ نتيجة البيئة الطبيعة؛ فالذي يسكن في البيئات الحارة يكتسب اللون الأسود، والذي يسكن في البيئات الباردة يكتسب اللون الأبيض. وهناك رأي آخر يرى أن اللون ينشأ من تلقاء نفسه، وأنه منذ بداية الأمر وجد فيه أفراد بيض وأفراد سود، ثم تفرق الإنسان في جهات الأرض المختلفة، فسكن أقطاراً متفاوتة في درجة حرارتها، فالمجموعات التي سكنت المناطق ذات البيئات القاسية تعرضت لعامل البقاء للأصلح، فقلَّ وجود بعضها وازداد بعضها الآخر، مثل انتشار آصحاب اللون الأسود في المناطق الحارة.
ويصنف العلماء الإنسان في الوقت الحاضر إلى ثلاثة أصناف من حيث لون البشرة: أصحاب البشرة البيضاء، وأصحاب البشرة الصفراء، وأصحاب البشرة السوداء، وبالنظر إلى خريطة العالم، يتضح أن لون البشرة يتدرج نحو السمرة مع الاتجاه جنوباً، فتزداد المادة الملونة في هذا الاتجاه، فهي أقل ما تكون في شمالي أوربا، حيث البشرة البيضاء، ثم تزداد السمرة في جنوبي أوربا وحوض البحر المتوسط، ثم تأخذ المادة الملونة في الازدياد حتى تبدّى اللون الأسود في المنطقة الاستوائية وتحت الاستوائية. ومعنى هذا أن توزيع اللون يتواءم مع خطوط العرض، ومن المعروف أن الأقاليم المناخية تتوافق أيضاً مع خطوط العرض، ولعل هذا يشير إلى أن الرأي الذي يربط اللون بالمناخ رأي صحيح إلى حد كبير، وهذا الارتباط بين اللون والمناخ لايتمثل تماماً في نصف الكرة الجنوبي، كما أنه لايتمثل تماماً في الدنيا الجديدة (أمريكا وأوقيانوسيا). أما أنه لا يتمثل في نصف الكرة الجنوبي أتم التمثيل، فربما كان مرجعه إلى أن معظم المساحة في هذا النصف ماء، وأما أنه لايتمثل عامةً في الدنيا الجديدة، فمرجعه إلى أن معظم سكان الدنيا الجديدة من المهاجرين.
وعند دراسة السلالات الجنسية لابد من النظر إلى السكان الأصليين في الأقاليم، وليس إلى الهجرات الحديثة، وفيما عدا هذا، تظهر بعض العيوب في ربط لون البشرة بالمناخ، فهناك جهات في الوقت الحاضر متشابهة من الناحية المناخية، ومثال ذلك المنطقة الاستوائية في كل من أمريكا الجنوبية وإفريقيا وجزر الهند الشرقية، ومع ذلك، فقد لوحظ أن لون البشرة لسكان الأمازون يشبه لون القرفة، ولون البشرة أسود لدى سكان حوض الكونغو، وأصفر لدى سكان بورنيو، وهذا يعني وجود ثلاثة ألوان في بيئة مناخية واحدة. وللردّ على هذا يجب النظر إلى أصل هؤلاء السكان، هل هم يقطنون في هذه المناطق منذ أزمنة بعيدة، أم أن هجراتهم إليها قد تمت حديثاً؛ فسكان حوض الأمازون هم من الهنود الحمر الذين وصلوا إلى هذا الإقليم في وقت متأخر، أي إنهم اكتسبوا ألوانهم في بيئة أخرى تتناسب مع هذا اللون، ثم هاجروا إلى هذا الإقليم بعد أن ثبت عندهم هذا اللون.
أما سكان بورنيو فأصلهم مغول هاجروا إلى جزر الهند الشرقية من الشمال.
وهناك مثال آخر يسوقه بعضهم ضد النظرية القائلة بارتباط المناخ بالبيئة، يجسده السكان الأصليون لأستراليا وتسمانيا؛ إذ يميل لون بشرتهم إلى السواد، على الرغم من أن العروض التي يقيمون فيها عروض متوسطة بين 35 ْـ 42 ْ جنوب خط الاستواء، بل إن تسمانيا تقع على عروض أكثر بعداً عن خط الاستواء من أستراليا وسكانها أكثر سواداً من سكان أستراليا.
يُرد على هذا، بأن سكان تسمانيا وأستراليا هم من أصل واحد، كانوا ينتشرون في تلك المنطقة، حينما كانت تسمانيا ماتزال جزءاً من القارة الأصلية، ثم انفصلت تسمانيا عن أستراليا، وبطبيعة الحال لابد من أن يكون لون التسمانيين هو اللون الأساسي لهذه السلالة الجنسية، لأنها منطقة عزلة، أما لون الأستراليين فقد تأثر بالاختلاط، فأستراليا لم تفقد صلاتها بجنوب شرقي آسيا.
طول القامة
من المسلم به أن بعض الشعوب يتصف بطول القامة، وأن بعضها الآخر يتصف بقصرها، وقد يكون في حالة قزمية. وإذا كان هناك تفاوت في طول القامة في أفراد الشعب الواحد، إلا أنه ليس هناك أقزام في الشعوب الطويلة القامة، إلا إذا كان ذلك حالة مرضية، كذلك ليس هناك طوال القامة بين الأقزام. وقد اصطلح الباحثون على عدة مقاييس لطول القامة، تراوح بين الأقزام والأفراد الفارعي الطول.
وثمة تساؤل بعد ذلك عن أسباب اختلاف الناس في طول قامتهم؟
يبدو أن طول القامة مرتبط بعدة أمور، أهمها: المورثات التي يمتلكونها، والمناطق التي يقطنونها، هل هي مكشوفة أم غير مكشوفة؟ ومن أمثلة المكشوفة مناطق السهول والسهوب، ومن المناطق غير المكشوفة مناطق الغابات الكثيفة؛ ففي الأولى الهواء الطلق والضوء، وفي الثانية يسود الظلام وضيق المكان الذي يعيش فيه الناس. ومن الملاحظ أن البيئة المكشوفة تنتج القامة الطويلة، وغير المكشوفة تساعد على انتشار القامة القصيرة.
وقد لوحظ أن إحدى جماعات حوض الكونغو المسماة باتوا Batwa، وهي جماعة قزمية تقطن قرب نهر كاساي Kasai، تركت سكنى الغابة منذ عدة أجيال، ومارست حرفة الزراعة وحياة الاستقرار، فاستطالت قامة هذه الجماعة، وأصبحت فوق مستوى القزم العادي بكثير، ولو أنها لم تصل إلى قامة جيرانها البوشنغو Bushongo. وقد علل هذا بأن أشعة الشمس والهواء الطلق والحياة المنظمة كانت العوامل الرئيسة في هذا التغير، ومن الأمثلة على ذلك أيضاً الأسكيمو في الشمال، فإن قسوة البرودة عندهم، واضطرارهم إلى التكدس في مساكنهم معظم أيام السنة، جعلت قامتهم تميل إلى القصر.
أما المثال الثاني، وهو ارتباط طول القامة بالموارد الغذائية فهو ليس بخاف على أحد بأن نمو الجسم يتأثر بمقدار المادة الغذائية التي يتناولها الإنسان، وقد لاحظ علماء الإنسان أن سكان مقاطعة ليموزان Limousin في فرنسا، كانوا يميلون إلى القصر، وهذا يرجع إلى الفقر الشديد الذي كانت تعانيه تلك المقاطعة، ولوحظ كذلك أن العائلات التي تركت هذه المقاطعة ولجأت إلى مقاطعات أخرى أحسن حالاً، فإن القامة، بعد أجيال عديدة، أخذت في الطول، والخلاصة من هذا أن قصر القامة ليست صفة أصيلة عند سكان تلك المقاطعة، وإنما هي صفة عارضة، سببتها الظروف التي كانت عليها البيئة المحلية.
والعامل الثالث: هو تأخر سن البلوغ، وأوضح الأمثلة عن ذلك، سكان المناطق الباردة والمعتدلة في غربي أوربا، فقامة السكان في تلك البلاد تميل إلى الطول، ومرد ذلك إلى تأخر سن البلوغ عند تلك الجماعات، مما يعطي الجسم فرصة أكبر للنمو، إذ تميل الصفات الجسمية إلى الثبات بعد سن البلوغ.
شكل الرأس
يعد شكل الرأس من الصفات التصنيفية المهمة، لأنها من الصفات التي يمكن ملاحظتها بالمشاهدة إضافة إلى إمكان قياسها بدقة؛ إذ إنها لاتتأثر بالبيئة الطبيعية. فحينما يُنظر إلى الرأس من الأعلى، تظهر بعض الرؤوس عريضة، ويعبر عن هذه العلاقة بين مقدار طول الرأس وبين مقدار عرضها بالنسبة الرأسية، وتقاس أبعاد الرأس بوساطة آلة خاصة شبه الفرجار، وهي من الآلات الشائعة عند علماء الإنسان.
تقسم الرؤوس أو الجماجم إلى المجموعات الثلاث الآتية:
ـ رؤوس أو جماجم طويلة، إذا نقصت النسبة عن 75%.
ـ رؤوس أو جماجم متوسطة، إذا كانت النسبة بين 75 و80%.
ـ رؤوس أو جماجم عريضة، إذا زادت النسبة على 80%.
ويرى الباحثون أن النسبة الرأسية لا تفيد كثيراً في تقسيم النوع البشري إلى سلالات كبرى، لأن السلالات الكبرى الموجودة حالياً، يوجد بينها اختلافات شديدة في شكل الرأس، ولكن شكل الرأس يفيد في دراسة تكوين السلالات الجنسية الصغرى؛ ومثال ذلك أن السلالة القوقازية ليست متماثلة في شكل رأسها، بل فيها الطويل والمتوسط والعريض.
وقد لوحظ أن الإنسان عموماً يسير تدريجياً نحو عرض الرأس، وهذا ما تأكد من مقارنة السلالات الحديثة بالقديمة، فقد كانت الجماجم البليستوسينية تقريباً تمتاز بضيقها، ثم أخذت في العرض في أواخر العصر الجيولوجي.
وهناك صفات أخرى، تجدر الإشارة إليها، يُذكر منها شكل الوجه، الذي يتوافق عادة مع شكل الرأس، وشكل الأنف الذي يقسم عادة إلى عريض ومتوسط وضيق، فكل سلالة من سلالات العالم. تتصف بشكل خاص من أشكال الأنف، فالقوقازيون ضيقو الأنف، والزنوج عراض الأنوف، والمغوليون متوسطو الأنوف.
وكذلك شكل العين، وتقسم العيون عادة إلى عيون عالية أو كبيرة،وعيون متوسطة وعيون منخفضة أو صغيرة، ومن الجماعات ذات العيون العالية الهنود الحمر وسكان جزر جاوة وبولينيزيا، ومن الجماعات ذات العيون المتوسطة الأوربيون بصفة عامة وسكان شمالي إفريقيا وغربي آسيا، ومن الجماعات ذات العيون المنخفضة التسمانيون والأستراليون الأصليون والهوتنتوت والباسك. وهناك شكل شاذ من أشكال العين، هو الذي يمتاز به الآسيويون الصفر، والشعوب الخليطة المشتقة منهم، وتسمى هذه العيون بالعين المغولية، وفتحة هذه العين تكون مائلة، والزاوية الخارجية أعلى من الزاوية الداخلية، وشكل فتحة العين كمثلث غير متساوي الأضلاع، وهي أضيق من العين العادية، وتسمى أيضاً بالعين المائلة، أضف إلى ذلك ألوان العيون المختلفة وصفات عدة أخرى.
المجموعات الكبرى للسلالات
ربما كان تقسيم شعوب العالم إلى سلالات بمقتضى صفة واحدة، كشكل الأنف أو لون البشرة هو أسهل التقسيمات، ولكن مثل هذا التقسيم غير مقبول، لأنه يهمل الصفات الأخرى، ولذلك كان أفضل التقسيمات ما يراعي أكبر عدد ممكن من الصفات، ولاسيما الصفات الرئيسة، ولا بأس من التجاوز عن بعض الصفات الثانوية، ومع ذلك، فإن هذا التقسيم الأفضل الذي يقوم على أكبر عدد من الصفات ستتخلف عنه جماعات يتعذر إدماجها في أي سلالة من السلالات.
وبناء على ذلك، يمكن تقسيم العالم إلى ثلاث مجموعات جنسية كبرى، هي:
ـ مجموعة القوقازيين.
ـ مجموعة الزنوج.
ـ مجموعة المغول.
وينضوي تحت هذه المجموعات الثلاث نحو 99% من سكان العالم، أما النسبة الباقية وهي 1%، فيحوم الشك حول نسبتها إلى أي من هذه المجموعات، ولذلك يفضل الباحثون وضعها في مجموعة خاصة تسمى «مجموعة المذبذبين» الذين لا ينتمون إلى أي مجموعة، ومن أمثلة الجماعات التي تدخل تحت هذه المجموعة الأينوAinu والأستراليون الأصليون والبولينيزيون الذين يبدو أنهم نتيجة اختلاط بين سلالات من المجموعات السابقة.
مجموعة السلالات القوقازية Homo caucasicus
تتكون المجموعة القوقازية من أربعة أجناس، وهي:
ـ الجنس النوردي.
ـ الجنس الألبي.
ـ جنس البحر المتوسط.
ـ جنس الهندوس.
الأجناس الثلاثة الأولى تشغل ثلاثة نطاقات أفقية، من الغرب إلى الشرق، بالقارة الأوربية، وتزداد فيها سمرة البشرة والعين والشعر وقصر القامة من الشمال إلى الجنوب؛ أي من الجنس النوردي في الشمال إلى جنس البحر المتوسط في الجنوب.
وليس معنى هذا، أن الجنس الذي يحتل النطاق الأوسط، وهو الجنس الألبي، يمثل حالة انتقال بين الجنس النوردي في الشمال وجنس البحر المتوسط في الجنوب، وذلك لأن الجنس الألبي عريض الرأس، وهي صفة لاتوجد في الجنسين الآخرين، فكلا الجنسين النوردي والبحر المتوسط طويل الرأس.
أما الجنس الرابع من المجموعة القوقازية، وهو جنس الهندوس فهو ضيق الرأس شديد سمرة البشرة لا يختلف كثيراً عن جنس البحر المتوسط، وهو يكون أقصى الشعُب الشرقية من مجموعة الأجناس القوقازية.
والصفات العامة للمجموعة القوقازية هي الشعر المموج والبشرة التي تراوح بين البياض والسمرة، أما الرأس ففيها الطويل والمتوسط والعريض، والفك غير بارز، وعظام الخدين غير بارزة، والأنف ضيق والعين مستقيمة والأسنان صغيرة، والقامة تراوح بين المتوسط وفوق المتوسط.
مجموعة الأجناس المغولية: Homo mongolicus
تنقسم مجموعة الأجناس المغولية إلى ثلاث شعب، وهي:
ـ المغول الأصليون بشرقي آسيا.
ـ مغول الملايو وجزر الهند الشرقية.
ـ الهنود الحمر بأمريكا.
والفروق بين هذه الشعب الثلاث طفيفة، وتعد الشعبة الأولى أحدث صورة للجنس المغولي، تتمثل فيها أظهر صفات هذا الجنس، وهي العين المغولية أو العين المائلة، أما الصورة القديمة للجنس المغولي، فهي التي يمثلها اليوم مغول الملايو وهنود أمريكا. ويعد الأسكيمو شعبة من مغول أمريكا.
والصفات العامة للجنس المغولي هي الشعر المستقيم والبشرة الصفراء والرأس العريضة والفك المتوسط البروز وعظام الخدين البارزة والأنف المتوسط العرض والقامة المتوسطة (نحو 160سم).
مجموعة الأجناس الزنجية: Homo aethiopicus
تضم مجموعة الأجناس الزنجية شعبتين رئيسيتين، هما:
ـ الزنوج في إفريقيا وبابوا ونيوغينيا وملانيزيا.
ـ الأقزام.
والصفات العامة لمجموعة الأجناس الزنجية هي الشعر المجعد والبشرة السوداء والرأس بين الطويلة والعريضة والفك البارز وعظام الخدين غير بارزة والأنف شديد العرض والعين واسعة والأسنان كبيرة، تختلف الشعبتان في طول القامة، فالشعبة الأولى ذات قامة فوق المتوسط نحو 175سم والشعبة الثانية لاتتجاوز قامتها 150سم، ويكون الرأس عند الأقزام أميل إلى العرض بصفة عامة منها عند الزنوج.
ومن الملاحظ أن القرابة وثيقة بين زنوج إفريقيا وزنوج بابوا وميلانيزيا مع أن المحيط الهندي يفصل بينهم. ولعل أهم تشابه بين الإفريقي والميلانيزي الأنف المسطح، إلاّ أن شفتي البابواني والميلانيزي أقل غلظة من شفتي الإفريقي الأطول قامة منهما.
أما الشعبة الثانية من مجموعة الأجناس الزنجية، فهي تضم جماعة غربية في إفريقيا الاستوائية، وجماعة شرقية في جزر الفيلبيين وأندامان وشبه جزيرة الملايو ونيو غينيا، ويفصل بين الجماعتين المحيط الهندي أيضاً.
صفوح خير
Human race - Espèce humaine
العروق أو الأجناس البشرية
قبل الحديث عن السلالات البشرية the races of mankind، لابد من التساؤل أولاً كيف نشأت السلالة؟ ومع الإقرار بأن الإنسان وحيد النشأة، بمعنى أنه نشأ من أب واحد، وهذا يعني أنه كان يتصف بصفات جسمانية متماثلة، ومهما كثر عدده في هذه الحال فلايجوز القول إن السلالة قد وجدت، لأن معنى كلمة السلالة تعني: «مجموعة من الناس متماثلة في صفاتها الجسمانية»، أو متشابهة في هذه الصفات على الأقل، ومن ثم فهي تتميز بهذه الصفات من المجموعات الأخرى من الناس. فكيف ظهرت السلالة إذاً؟
زادت أعداد الإنسان بعد خلقه، فانتشر في جهات كثيرة من العالم، ومادام قد انتشر في بيئات طبيعية مختلفة، فلابد لكل مجموعة تستقر في بيئة من البيئات، أن تكتسب صفات جسمانية تتلاءم معها. لكن تلك المجموعة لم يستقر بها المقام في بيئة واحدة، فحدث نتيجة ذلك أن اختلطت تلك المجموعة ذات الصفات الجسمانية المعينة بمجموعات أخرى ذات صفات أخرى، فصار في المكان الواحد جماعات ذات صفات جسمانية مختلفة.
هذا النوع من الاختلاط هو النوع البسيط الذي لم يتعد إقامة الناس مع بعضهم، ثم حدث بعد هذا اختلاط آخر، وهو الاختلاط بالزواج، فأصبحت الصفات الجسمانية تختلط مع بعضها اختلاطاً كلياً، وتدخل هنا عامل جديد هو عامل الوراثة، فالنسل يحمل عادة صفات الأبوين، ومعنى الأبوين هنا ليس الأبوين المباشرين وحسب، وإنما يحمل صفات من الأجداد، سواء أكانت عن طريق الأب أم عن طريق الأم.
خلاصة هذا، أن عوامل ثلاثة قد تدخلت في إنتاج ما يسمى السلالة أو الجنس أو العرق.
العامل الأول: الخلق الذي كوَّن السلالة أو الجنس.
العامل الثاني: الهجرة التي سبّبت الاختلاط البسيط.
العامل الثالث: الوراثة التي سبّبت اختلاطاً معقداً بالتناسل.
وكان من الممكن أن يظل تمييز الأفراد من بعضهم سهلاً لولا العامل الثالث الشديد التعقيد، والذي لم يتوصل الباحثون إلى فهم أثره إلا بعد دراسات طويلة [ر. الوراثة (علم ـ)].
هذه هي العوامل التي أدت إلى ظهور السلالة أو الجنس، وتعريف السلالة إذاً هو: «مجموعة من الناس تتشابه في صفاتها الجسمانية، وتختلف هذه الصفات عن المجموعات الأخرى».
وتجدر الإشارة إلى أن الصفات الثقافية، كمصنوعات الإنسان ولغته ودينه لاتدخل إطلاقاً في حساب الباحث عند تصنيف الناس إلى سلالات؛ فليس هناك ما يسمى بالسلالة الإنكليزية والسلالة المصرية، وليس هناك ما يسمى بالسلالة الإسلامية والسلالة المسيحية. فكل هذه الصفات ثقافية عرضية، قد يغيرها الإنسان بين يوم وليلة، أما الصفات الجسمانية التي تُتَخذ مقياساً لتصنيف الناس إلى سلالات، فهي صفات قد تبدو ثابتة، لاتتغير مهما غير الإنسان من بيئات طبيعية، ولكن الطفرات الوراثية[ر] ـ على قلتهاـ يمكن آن تحدث تغيرات مهمة في صفات الناس والمجموعات البشرية.
يتخذ الباحثون عدداً من الصفات مقياساً لتصنيف الناس إلى سلالات أو أجناس، وأغلبها صفات ظاهرة، يمكن مشاهدتها، وإدراكها بنظر الإنسان إليها، ومنها، لون البشرة والعيون وطول القامة وشكل الشعر وملامح الوجه وغيرها.
ومن هذه الصفات ما يحتاج إلى مقاييس، مثل شكل الرأس. وإن كانت لا تصلح صفة واحدة من هذه الصفات لاتخاذها مقياساً، فلو قُسم الناس بمقتضى لون البشرة إلى أبيض وأسود وأصفر، لتبين أنها تشمل طوال القامة وقصارها، عراض الرأس وطوالها. وكذلك إذا أخذ طول القامة مقياساً لوجد أن طوال القامة يضمون فيما بينهم ألواناً مختلفة، وكذلك الحال عند قصار القامة، يضاف إلى ذلك أن الصفات الجسمانية اختلطت في الوقت الحاضر اختلاطاً كبيراً، حتى أمكن القول إنه من المستحيل رؤية سلالة أو عرق نقي في الوقت الحاضر، ويعبر عن هذا بعض الكتاب بأن كلمة سلالة أو عرق ليس لها في الحقيقة معنى إلا في ذهن الباحث، أما في الطبيعة فإن هذه الكلمة لا وجود لها، اللهم إلا في أماكن العزلة التي يهيمن عليها أثر الوراثة، لعدم اختلاط الناس بعضهم ببعض، وفي هذه الأماكن فقط تُرى بعض الصفات الجسمانية النقية، وأماكن العزلة هي تلك الأماكن التي يرغب الناس عن سكناها مثل، المناطق الجبلية ومناطق المستنقعات ومناطق الغابات الكثيفة والمناطق الفقيرة (مناطق الجوع).
وفيما يأتي إحدى المحاولات في تصنيف الناس إلى سلالات وفق بعض الصفات الجسمانية، وتبين قيمة كل صفة من هذه الصفات، ومدى اعتماد الباحثين عليها في التصنيف.
لون البشرة
هي صفة ظاهرة، تسترعي انتباه الإنسان حينما ينظر إلى شخص من الأشخاص، واللون ينشأ من حبيبات صبغية خاصة في أعمق طبقات البشرة، فإذا زادت هذه الحبيبات مال اللون إلى السمرة، وإذا نقصت مال اللون إلى البياض. وهنا يختلف الباحثون في نشأة اللون، فبعضهم يرى أن اللون ينشأ نتيجة البيئة الطبيعة؛ فالذي يسكن في البيئات الحارة يكتسب اللون الأسود، والذي يسكن في البيئات الباردة يكتسب اللون الأبيض. وهناك رأي آخر يرى أن اللون ينشأ من تلقاء نفسه، وأنه منذ بداية الأمر وجد فيه أفراد بيض وأفراد سود، ثم تفرق الإنسان في جهات الأرض المختلفة، فسكن أقطاراً متفاوتة في درجة حرارتها، فالمجموعات التي سكنت المناطق ذات البيئات القاسية تعرضت لعامل البقاء للأصلح، فقلَّ وجود بعضها وازداد بعضها الآخر، مثل انتشار آصحاب اللون الأسود في المناطق الحارة.
ويصنف العلماء الإنسان في الوقت الحاضر إلى ثلاثة أصناف من حيث لون البشرة: أصحاب البشرة البيضاء، وأصحاب البشرة الصفراء، وأصحاب البشرة السوداء، وبالنظر إلى خريطة العالم، يتضح أن لون البشرة يتدرج نحو السمرة مع الاتجاه جنوباً، فتزداد المادة الملونة في هذا الاتجاه، فهي أقل ما تكون في شمالي أوربا، حيث البشرة البيضاء، ثم تزداد السمرة في جنوبي أوربا وحوض البحر المتوسط، ثم تأخذ المادة الملونة في الازدياد حتى تبدّى اللون الأسود في المنطقة الاستوائية وتحت الاستوائية. ومعنى هذا أن توزيع اللون يتواءم مع خطوط العرض، ومن المعروف أن الأقاليم المناخية تتوافق أيضاً مع خطوط العرض، ولعل هذا يشير إلى أن الرأي الذي يربط اللون بالمناخ رأي صحيح إلى حد كبير، وهذا الارتباط بين اللون والمناخ لايتمثل تماماً في نصف الكرة الجنوبي، كما أنه لايتمثل تماماً في الدنيا الجديدة (أمريكا وأوقيانوسيا). أما أنه لا يتمثل في نصف الكرة الجنوبي أتم التمثيل، فربما كان مرجعه إلى أن معظم المساحة في هذا النصف ماء، وأما أنه لايتمثل عامةً في الدنيا الجديدة، فمرجعه إلى أن معظم سكان الدنيا الجديدة من المهاجرين.
وعند دراسة السلالات الجنسية لابد من النظر إلى السكان الأصليين في الأقاليم، وليس إلى الهجرات الحديثة، وفيما عدا هذا، تظهر بعض العيوب في ربط لون البشرة بالمناخ، فهناك جهات في الوقت الحاضر متشابهة من الناحية المناخية، ومثال ذلك المنطقة الاستوائية في كل من أمريكا الجنوبية وإفريقيا وجزر الهند الشرقية، ومع ذلك، فقد لوحظ أن لون البشرة لسكان الأمازون يشبه لون القرفة، ولون البشرة أسود لدى سكان حوض الكونغو، وأصفر لدى سكان بورنيو، وهذا يعني وجود ثلاثة ألوان في بيئة مناخية واحدة. وللردّ على هذا يجب النظر إلى أصل هؤلاء السكان، هل هم يقطنون في هذه المناطق منذ أزمنة بعيدة، أم أن هجراتهم إليها قد تمت حديثاً؛ فسكان حوض الأمازون هم من الهنود الحمر الذين وصلوا إلى هذا الإقليم في وقت متأخر، أي إنهم اكتسبوا ألوانهم في بيئة أخرى تتناسب مع هذا اللون، ثم هاجروا إلى هذا الإقليم بعد أن ثبت عندهم هذا اللون.
أما سكان بورنيو فأصلهم مغول هاجروا إلى جزر الهند الشرقية من الشمال.
وهناك مثال آخر يسوقه بعضهم ضد النظرية القائلة بارتباط المناخ بالبيئة، يجسده السكان الأصليون لأستراليا وتسمانيا؛ إذ يميل لون بشرتهم إلى السواد، على الرغم من أن العروض التي يقيمون فيها عروض متوسطة بين 35 ْـ 42 ْ جنوب خط الاستواء، بل إن تسمانيا تقع على عروض أكثر بعداً عن خط الاستواء من أستراليا وسكانها أكثر سواداً من سكان أستراليا.
يُرد على هذا، بأن سكان تسمانيا وأستراليا هم من أصل واحد، كانوا ينتشرون في تلك المنطقة، حينما كانت تسمانيا ماتزال جزءاً من القارة الأصلية، ثم انفصلت تسمانيا عن أستراليا، وبطبيعة الحال لابد من أن يكون لون التسمانيين هو اللون الأساسي لهذه السلالة الجنسية، لأنها منطقة عزلة، أما لون الأستراليين فقد تأثر بالاختلاط، فأستراليا لم تفقد صلاتها بجنوب شرقي آسيا.
طول القامة
من المسلم به أن بعض الشعوب يتصف بطول القامة، وأن بعضها الآخر يتصف بقصرها، وقد يكون في حالة قزمية. وإذا كان هناك تفاوت في طول القامة في أفراد الشعب الواحد، إلا أنه ليس هناك أقزام في الشعوب الطويلة القامة، إلا إذا كان ذلك حالة مرضية، كذلك ليس هناك طوال القامة بين الأقزام. وقد اصطلح الباحثون على عدة مقاييس لطول القامة، تراوح بين الأقزام والأفراد الفارعي الطول.
وثمة تساؤل بعد ذلك عن أسباب اختلاف الناس في طول قامتهم؟
يبدو أن طول القامة مرتبط بعدة أمور، أهمها: المورثات التي يمتلكونها، والمناطق التي يقطنونها، هل هي مكشوفة أم غير مكشوفة؟ ومن أمثلة المكشوفة مناطق السهول والسهوب، ومن المناطق غير المكشوفة مناطق الغابات الكثيفة؛ ففي الأولى الهواء الطلق والضوء، وفي الثانية يسود الظلام وضيق المكان الذي يعيش فيه الناس. ومن الملاحظ أن البيئة المكشوفة تنتج القامة الطويلة، وغير المكشوفة تساعد على انتشار القامة القصيرة.
وقد لوحظ أن إحدى جماعات حوض الكونغو المسماة باتوا Batwa، وهي جماعة قزمية تقطن قرب نهر كاساي Kasai، تركت سكنى الغابة منذ عدة أجيال، ومارست حرفة الزراعة وحياة الاستقرار، فاستطالت قامة هذه الجماعة، وأصبحت فوق مستوى القزم العادي بكثير، ولو أنها لم تصل إلى قامة جيرانها البوشنغو Bushongo. وقد علل هذا بأن أشعة الشمس والهواء الطلق والحياة المنظمة كانت العوامل الرئيسة في هذا التغير، ومن الأمثلة على ذلك أيضاً الأسكيمو في الشمال، فإن قسوة البرودة عندهم، واضطرارهم إلى التكدس في مساكنهم معظم أيام السنة، جعلت قامتهم تميل إلى القصر.
أما المثال الثاني، وهو ارتباط طول القامة بالموارد الغذائية فهو ليس بخاف على أحد بأن نمو الجسم يتأثر بمقدار المادة الغذائية التي يتناولها الإنسان، وقد لاحظ علماء الإنسان أن سكان مقاطعة ليموزان Limousin في فرنسا، كانوا يميلون إلى القصر، وهذا يرجع إلى الفقر الشديد الذي كانت تعانيه تلك المقاطعة، ولوحظ كذلك أن العائلات التي تركت هذه المقاطعة ولجأت إلى مقاطعات أخرى أحسن حالاً، فإن القامة، بعد أجيال عديدة، أخذت في الطول، والخلاصة من هذا أن قصر القامة ليست صفة أصيلة عند سكان تلك المقاطعة، وإنما هي صفة عارضة، سببتها الظروف التي كانت عليها البيئة المحلية.
والعامل الثالث: هو تأخر سن البلوغ، وأوضح الأمثلة عن ذلك، سكان المناطق الباردة والمعتدلة في غربي أوربا، فقامة السكان في تلك البلاد تميل إلى الطول، ومرد ذلك إلى تأخر سن البلوغ عند تلك الجماعات، مما يعطي الجسم فرصة أكبر للنمو، إذ تميل الصفات الجسمية إلى الثبات بعد سن البلوغ.
شكل الرأس
يعد شكل الرأس من الصفات التصنيفية المهمة، لأنها من الصفات التي يمكن ملاحظتها بالمشاهدة إضافة إلى إمكان قياسها بدقة؛ إذ إنها لاتتأثر بالبيئة الطبيعية. فحينما يُنظر إلى الرأس من الأعلى، تظهر بعض الرؤوس عريضة، ويعبر عن هذه العلاقة بين مقدار طول الرأس وبين مقدار عرضها بالنسبة الرأسية، وتقاس أبعاد الرأس بوساطة آلة خاصة شبه الفرجار، وهي من الآلات الشائعة عند علماء الإنسان.
تقسم الرؤوس أو الجماجم إلى المجموعات الثلاث الآتية:
ـ رؤوس أو جماجم طويلة، إذا نقصت النسبة عن 75%.
ـ رؤوس أو جماجم متوسطة، إذا كانت النسبة بين 75 و80%.
ـ رؤوس أو جماجم عريضة، إذا زادت النسبة على 80%.
ويرى الباحثون أن النسبة الرأسية لا تفيد كثيراً في تقسيم النوع البشري إلى سلالات كبرى، لأن السلالات الكبرى الموجودة حالياً، يوجد بينها اختلافات شديدة في شكل الرأس، ولكن شكل الرأس يفيد في دراسة تكوين السلالات الجنسية الصغرى؛ ومثال ذلك أن السلالة القوقازية ليست متماثلة في شكل رأسها، بل فيها الطويل والمتوسط والعريض.
وقد لوحظ أن الإنسان عموماً يسير تدريجياً نحو عرض الرأس، وهذا ما تأكد من مقارنة السلالات الحديثة بالقديمة، فقد كانت الجماجم البليستوسينية تقريباً تمتاز بضيقها، ثم أخذت في العرض في أواخر العصر الجيولوجي.
وهناك صفات أخرى، تجدر الإشارة إليها، يُذكر منها شكل الوجه، الذي يتوافق عادة مع شكل الرأس، وشكل الأنف الذي يقسم عادة إلى عريض ومتوسط وضيق، فكل سلالة من سلالات العالم. تتصف بشكل خاص من أشكال الأنف، فالقوقازيون ضيقو الأنف، والزنوج عراض الأنوف، والمغوليون متوسطو الأنوف.
وكذلك شكل العين، وتقسم العيون عادة إلى عيون عالية أو كبيرة،وعيون متوسطة وعيون منخفضة أو صغيرة، ومن الجماعات ذات العيون العالية الهنود الحمر وسكان جزر جاوة وبولينيزيا، ومن الجماعات ذات العيون المتوسطة الأوربيون بصفة عامة وسكان شمالي إفريقيا وغربي آسيا، ومن الجماعات ذات العيون المنخفضة التسمانيون والأستراليون الأصليون والهوتنتوت والباسك. وهناك شكل شاذ من أشكال العين، هو الذي يمتاز به الآسيويون الصفر، والشعوب الخليطة المشتقة منهم، وتسمى هذه العيون بالعين المغولية، وفتحة هذه العين تكون مائلة، والزاوية الخارجية أعلى من الزاوية الداخلية، وشكل فتحة العين كمثلث غير متساوي الأضلاع، وهي أضيق من العين العادية، وتسمى أيضاً بالعين المائلة، أضف إلى ذلك ألوان العيون المختلفة وصفات عدة أخرى.
المجموعات الكبرى للسلالات
ربما كان تقسيم شعوب العالم إلى سلالات بمقتضى صفة واحدة، كشكل الأنف أو لون البشرة هو أسهل التقسيمات، ولكن مثل هذا التقسيم غير مقبول، لأنه يهمل الصفات الأخرى، ولذلك كان أفضل التقسيمات ما يراعي أكبر عدد ممكن من الصفات، ولاسيما الصفات الرئيسة، ولا بأس من التجاوز عن بعض الصفات الثانوية، ومع ذلك، فإن هذا التقسيم الأفضل الذي يقوم على أكبر عدد من الصفات ستتخلف عنه جماعات يتعذر إدماجها في أي سلالة من السلالات.
وبناء على ذلك، يمكن تقسيم العالم إلى ثلاث مجموعات جنسية كبرى، هي:
ـ مجموعة القوقازيين.
ـ مجموعة الزنوج.
ـ مجموعة المغول.
قوقازي | مغولي |
زنجي | أسترالي أصلي |
مجموعة السلالات القوقازية Homo caucasicus
تتكون المجموعة القوقازية من أربعة أجناس، وهي:
ـ الجنس النوردي.
ـ الجنس الألبي.
ـ جنس البحر المتوسط.
ـ جنس الهندوس.
الأجناس الثلاثة الأولى تشغل ثلاثة نطاقات أفقية، من الغرب إلى الشرق، بالقارة الأوربية، وتزداد فيها سمرة البشرة والعين والشعر وقصر القامة من الشمال إلى الجنوب؛ أي من الجنس النوردي في الشمال إلى جنس البحر المتوسط في الجنوب.
وليس معنى هذا، أن الجنس الذي يحتل النطاق الأوسط، وهو الجنس الألبي، يمثل حالة انتقال بين الجنس النوردي في الشمال وجنس البحر المتوسط في الجنوب، وذلك لأن الجنس الألبي عريض الرأس، وهي صفة لاتوجد في الجنسين الآخرين، فكلا الجنسين النوردي والبحر المتوسط طويل الرأس.
أما الجنس الرابع من المجموعة القوقازية، وهو جنس الهندوس فهو ضيق الرأس شديد سمرة البشرة لا يختلف كثيراً عن جنس البحر المتوسط، وهو يكون أقصى الشعُب الشرقية من مجموعة الأجناس القوقازية.
والصفات العامة للمجموعة القوقازية هي الشعر المموج والبشرة التي تراوح بين البياض والسمرة، أما الرأس ففيها الطويل والمتوسط والعريض، والفك غير بارز، وعظام الخدين غير بارزة، والأنف ضيق والعين مستقيمة والأسنان صغيرة، والقامة تراوح بين المتوسط وفوق المتوسط.
مجموعة الأجناس المغولية: Homo mongolicus
تنقسم مجموعة الأجناس المغولية إلى ثلاث شعب، وهي:
ـ المغول الأصليون بشرقي آسيا.
ـ مغول الملايو وجزر الهند الشرقية.
ـ الهنود الحمر بأمريكا.
والفروق بين هذه الشعب الثلاث طفيفة، وتعد الشعبة الأولى أحدث صورة للجنس المغولي، تتمثل فيها أظهر صفات هذا الجنس، وهي العين المغولية أو العين المائلة، أما الصورة القديمة للجنس المغولي، فهي التي يمثلها اليوم مغول الملايو وهنود أمريكا. ويعد الأسكيمو شعبة من مغول أمريكا.
والصفات العامة للجنس المغولي هي الشعر المستقيم والبشرة الصفراء والرأس العريضة والفك المتوسط البروز وعظام الخدين البارزة والأنف المتوسط العرض والقامة المتوسطة (نحو 160سم).
مجموعة الأجناس الزنجية: Homo aethiopicus
تضم مجموعة الأجناس الزنجية شعبتين رئيسيتين، هما:
ـ الزنوج في إفريقيا وبابوا ونيوغينيا وملانيزيا.
ـ الأقزام.
والصفات العامة لمجموعة الأجناس الزنجية هي الشعر المجعد والبشرة السوداء والرأس بين الطويلة والعريضة والفك البارز وعظام الخدين غير بارزة والأنف شديد العرض والعين واسعة والأسنان كبيرة، تختلف الشعبتان في طول القامة، فالشعبة الأولى ذات قامة فوق المتوسط نحو 175سم والشعبة الثانية لاتتجاوز قامتها 150سم، ويكون الرأس عند الأقزام أميل إلى العرض بصفة عامة منها عند الزنوج.
ومن الملاحظ أن القرابة وثيقة بين زنوج إفريقيا وزنوج بابوا وميلانيزيا مع أن المحيط الهندي يفصل بينهم. ولعل أهم تشابه بين الإفريقي والميلانيزي الأنف المسطح، إلاّ أن شفتي البابواني والميلانيزي أقل غلظة من شفتي الإفريقي الأطول قامة منهما.
أما الشعبة الثانية من مجموعة الأجناس الزنجية، فهي تضم جماعة غربية في إفريقيا الاستوائية، وجماعة شرقية في جزر الفيلبيين وأندامان وشبه جزيرة الملايو ونيو غينيا، ويفصل بين الجماعتين المحيط الهندي أيضاً.
صفوح خير