عياد (راغب)
Ayyad (Ragheb-) - Ayyad (Ragheb-)
عياد (راغب ـ)
(نحو 1892ـ 1982)
راغب عياد رسام ومصور من جيل الرعيل الأول في حركة الفن التشكيلي المصري المعاصر، وهو الجيل الذي أعقب الرائد الأول محمود مختار، وضم أسماء بارزة ومهمة إلى جانب عياد منها: أحمد صبري ويوسف كامل ومحمد حسن ومحمود سعيد ومحمد ناجي، إضافة إلى مجموعة من السيدات.
ولد عياد بحي الفجالة بالقاهرة. التحق بمدرسة الفنون الجميلة المصرية سنة 1908 وتخرج فيها سنة 1911، ثم عمل مدرساً للرسم بمدرسة الأقباط الكبرى بالقاهرة. وخصص له مرسم ببيت الفنانين في حي القلعة، وكان يتردد عليه أحياناً زميله يوسف كامل. وفي أحد اللقاءات أجمع الصديقان على ضرورة تطوير حياتهما الفنية بالسفر إلى إيطاليا ومتابعة دراسة الفن فيها، فاتفق الاثنان على أن يقوم أحدهما بالتديس بدل الآخر في مصر ليسافر الثاني إلى إيطاليا للدراسة، مزوداً براتب شهري لتغطية نفقات هذه الدراسة.
سافر الفنان يوسف كامل، وراح الفنان راغب عياد يرسل إليه مرتباً شهرياً. ولما انتهت دراسة الفنان كامل، سافر الفنان عياد في الإجازة الصيفية إلى إيطاليا، حيث التقى الصديقان وأمضيا الإجازة سوياً، ثم عاد الفنان يوسف كامل إلى مصر ليقوم بالتدريس مكان زميله ويرسل إليه مرتباً شهرياً.
حكاية هذين الفنانين وصلت إلى الزعيم الوطني سعد زغلول، ثم إلى البرلمان المصري عن طريق ويصا واصف باشا الذي دعا إلى تشجيع الفنون، وفتْحِ اعتماد سنوي لذلك في ميزانية وزارة المعارف، فوافق المجلس على طلبه، وتم إيفاد بعثة للفنون الجميلة إلى روما كان بينها يوسف كامل وراغب عياد. وأرسل محمد حسن إلى إنكلترا، وأحمد صبري إلى فرنسا. عام 1925، وأمضى راغب عياد في إيطاليا خمس سنوات حصل فيها على ثلاثة دبلومات في فن التصوير الزيتي والزخرفة وفن الديكور المسرحي.
بعد عودة راغب عياد إلى مصر، عُين مدرساً في كلية الفنون التطبيقية، أي في مجال التعليم الصناعي، مدة سبع سنوات، وذلك ضمن خطة وضعتها الإدارة الأجنبية لمصر، لتشتيت الخبرات العلمية والفنيّة المتأهلة في الخارج وبعثرتها وإبعادها عن الوسط الفني، والاختصاصات التي درستها وتفوقت فيها، بغية إضعافها وتحجيم الفائدة منها.
في سنة 1937 شهدت مصر انتفاضة كبرى في مجلس النواب احتجاجاً على تغلغل الخبرات الفنيّة والعلميّة الأجنبية في مرافق الدولة الرسمية، مطالبة بالاستبدال بها الخبرات الوطنية المتأهلة في الخارج. فنقل الفنان راغب عياد إلى مدرسة الفنون الجميلة العليا وظل فيها حتى عام 1950 تولى بعدها منصب مدير متحف الفن الحديث، وأنجز في أثنائها المتحف المؤقت لزميله الفنان الرائد محمود مختار. وفي عام 1955 أحيل عياد على التقاعد.
تتسم التجربة الفنية للفنان عياد بالتحرر من الأطر والتقاليد الأكاديمية الصارمة، على الرغم من نشأته ضمن إطار المدرسة القديمة، وقد تركزت موضوعات أعماله على الإنسان والزهور والطبيعة، ثم طالت موضوعات أخرى مختلفة. نهل في ثقافته الفنية البصرية من التراث المصري القديم، وتحوّلت تدريجياً موضوعات لوحاته إلى الحياة الشعبية المصريّة الرافلة بالحيوية والنشاط والبساطة المتناهية، فرسم الفلاحين والفلاحات وحيواناتهم والأسواق والأعياد والمناسبات والاحتفالات الشعبيّة الكثيرة التي ينفرد بها الشعب العربي في مصر، وذلك بصيغة فنية واقعية يغلب عليها نوع من التعبيريّة والرمزيّة الغنية في أبعادهما التشكيلية والدلاليّة. وقد أقام الفنان راغب عياد على امتداد حياته الفنية ستةً وثلاثين معرضاً فردياً، في أكثر من دولة، أبرز فيها التراث الفني والثقافي والاجتماعي المصري العريق والأصيل من خلال لغة اللوحة الفنية الواضحة، والمقروءة، والقادرة على مخاطبة الآخر، في أي مكان من العالم، دون وساطة أو ترجمة.
في أثناء دراسته للفنون في إيطاليا، تعلق الفنان راغب عياد بالمجتمع الإيطالي، وتعرّف الفنانة إيما كالي فتزوجها. وللعلاقات الطيبة التي ربطته بهذه الدولة، منحته إيطاليا عام 1936 وسام الشرف برتبة فارس، وحصل على جائزة الدولة المصرية التقديرية في الفنون عام 1965.
إلى جانب إنتاج عياد للوحة الفنية بتقاناتها وموضوعاتها المختلفة، زخرف جدران فندق «شبرد» القديم بمناظر مستوحاة من الفن المصري القديم، تميزت بالإتقان والذوق الرفيع. كما زيّن وزخرف الكثير من المباني الأخرى التي استوحى عناصرها من كتاب ألف ليلة وليلة متماهية بالأسلوب والصيغ الفنية الإيطالية، وكان أسلوبه يتميز بالشاعرية والإتقان.
وللفنان عياد تجربة متميزة في تزيين الكنائس القبطية المصرية وزخرفتها، وإنتاج الأيقونة المشحونة بالروحانية والصوفية والنقاء. وأعماله في هذا المجال موزعة اليوم في أكثر من كنيسة في مصر.
مزج الفنان راغب عياد في غالبية أعماله بين الثقافة المصرية القديمة ونبض البيئة الشعبية وروح العصر، فكان فناناً ملتزماً بأرضه وشعبه وعصره وفنه. وقد توفي عن عمر ناهز التسعين عاماً.
محمود شاهين
Ayyad (Ragheb-) - Ayyad (Ragheb-)
عياد (راغب ـ)
(نحو 1892ـ 1982)
راغب عياد رسام ومصور من جيل الرعيل الأول في حركة الفن التشكيلي المصري المعاصر، وهو الجيل الذي أعقب الرائد الأول محمود مختار، وضم أسماء بارزة ومهمة إلى جانب عياد منها: أحمد صبري ويوسف كامل ومحمد حسن ومحمود سعيد ومحمد ناجي، إضافة إلى مجموعة من السيدات.
ولد عياد بحي الفجالة بالقاهرة. التحق بمدرسة الفنون الجميلة المصرية سنة 1908 وتخرج فيها سنة 1911، ثم عمل مدرساً للرسم بمدرسة الأقباط الكبرى بالقاهرة. وخصص له مرسم ببيت الفنانين في حي القلعة، وكان يتردد عليه أحياناً زميله يوسف كامل. وفي أحد اللقاءات أجمع الصديقان على ضرورة تطوير حياتهما الفنية بالسفر إلى إيطاليا ومتابعة دراسة الفن فيها، فاتفق الاثنان على أن يقوم أحدهما بالتديس بدل الآخر في مصر ليسافر الثاني إلى إيطاليا للدراسة، مزوداً براتب شهري لتغطية نفقات هذه الدراسة.
سافر الفنان يوسف كامل، وراح الفنان راغب عياد يرسل إليه مرتباً شهرياً. ولما انتهت دراسة الفنان كامل، سافر الفنان عياد في الإجازة الصيفية إلى إيطاليا، حيث التقى الصديقان وأمضيا الإجازة سوياً، ثم عاد الفنان يوسف كامل إلى مصر ليقوم بالتدريس مكان زميله ويرسل إليه مرتباً شهرياً.
حكاية هذين الفنانين وصلت إلى الزعيم الوطني سعد زغلول، ثم إلى البرلمان المصري عن طريق ويصا واصف باشا الذي دعا إلى تشجيع الفنون، وفتْحِ اعتماد سنوي لذلك في ميزانية وزارة المعارف، فوافق المجلس على طلبه، وتم إيفاد بعثة للفنون الجميلة إلى روما كان بينها يوسف كامل وراغب عياد. وأرسل محمد حسن إلى إنكلترا، وأحمد صبري إلى فرنسا. عام 1925، وأمضى راغب عياد في إيطاليا خمس سنوات حصل فيها على ثلاثة دبلومات في فن التصوير الزيتي والزخرفة وفن الديكور المسرحي.
بعد عودة راغب عياد إلى مصر، عُين مدرساً في كلية الفنون التطبيقية، أي في مجال التعليم الصناعي، مدة سبع سنوات، وذلك ضمن خطة وضعتها الإدارة الأجنبية لمصر، لتشتيت الخبرات العلمية والفنيّة المتأهلة في الخارج وبعثرتها وإبعادها عن الوسط الفني، والاختصاصات التي درستها وتفوقت فيها، بغية إضعافها وتحجيم الفائدة منها.
في سنة 1937 شهدت مصر انتفاضة كبرى في مجلس النواب احتجاجاً على تغلغل الخبرات الفنيّة والعلميّة الأجنبية في مرافق الدولة الرسمية، مطالبة بالاستبدال بها الخبرات الوطنية المتأهلة في الخارج. فنقل الفنان راغب عياد إلى مدرسة الفنون الجميلة العليا وظل فيها حتى عام 1950 تولى بعدها منصب مدير متحف الفن الحديث، وأنجز في أثنائها المتحف المؤقت لزميله الفنان الرائد محمود مختار. وفي عام 1955 أحيل عياد على التقاعد.
راغب عياد: "من الحياة الشعبية" زيتي (مصر 1965) |
في أثناء دراسته للفنون في إيطاليا، تعلق الفنان راغب عياد بالمجتمع الإيطالي، وتعرّف الفنانة إيما كالي فتزوجها. وللعلاقات الطيبة التي ربطته بهذه الدولة، منحته إيطاليا عام 1936 وسام الشرف برتبة فارس، وحصل على جائزة الدولة المصرية التقديرية في الفنون عام 1965.
إلى جانب إنتاج عياد للوحة الفنية بتقاناتها وموضوعاتها المختلفة، زخرف جدران فندق «شبرد» القديم بمناظر مستوحاة من الفن المصري القديم، تميزت بالإتقان والذوق الرفيع. كما زيّن وزخرف الكثير من المباني الأخرى التي استوحى عناصرها من كتاب ألف ليلة وليلة متماهية بالأسلوب والصيغ الفنية الإيطالية، وكان أسلوبه يتميز بالشاعرية والإتقان.
وللفنان عياد تجربة متميزة في تزيين الكنائس القبطية المصرية وزخرفتها، وإنتاج الأيقونة المشحونة بالروحانية والصوفية والنقاء. وأعماله في هذا المجال موزعة اليوم في أكثر من كنيسة في مصر.
مزج الفنان راغب عياد في غالبية أعماله بين الثقافة المصرية القديمة ونبض البيئة الشعبية وروح العصر، فكان فناناً ملتزماً بأرضه وشعبه وعصره وفنه. وقد توفي عن عمر ناهز التسعين عاماً.
محمود شاهين