اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف: الكتابة مجرد قلق وإدمان
علاء زريفة 1 مايو 2023
هنا/الآن
مكتبة روسيا الوطنية في "يوم الكتاب العالمي"/سان بطرسبرغ(20/4/2018/الأناضول)
شارك هذا المقال
حجم الخط
احتفل العالم في الثالث والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، حيث اختير هذا التاريخ من اليونيسكو سنة 1995 لتشجيع القراءة، والتذكير بحقوق المؤلفين الذين أثروا الحضارة والثقافة الإنسانية جمعاء بما أبدعوه. هذا التاريخ يقترن بتواريخ وفاة كتاب وأدباء عالميين كبار، أمثال وليام شكسبير، وسرفانتيس، وفلاديمير نابوكوف، وغيرهم.
عربيًا وسوريًا، تعد هذه مناسبة للتذكير بفضل الكتاب، وإعادة الاعتبار لدورهم الثقافي والفكري والتعريف بحقوقهم، سواء من رحلوا، أو من يعيشون بيننا، والذين غالبًا ما تتسم العلاقة بينهم وبين الناشر بـ"المأزومة" بالنسبة لكثيرين. فتطفو إلى العلن، ووسائل التواصل الاجتماعي، اليوم، مشادات كلامية واتهامات متبادلة حول انتهاك حقوق الملكية الفكرية والمادية، وغلبة السمة التجارية و"التسليع" في التعامل مع الإنتاج الثقافي عمومًا.
بهذه المناسبة الهامة، حاورنا عددًا من المثقفين السوريين للوقوف على واقع صناعة الكتاب والعلاقة بين الكتاب والناشرين، وإلى أي مدى تمارس مؤسسات كاتحاد الناشرين السوريين، واتحاد الكتاب العرب في دمشق دورها في تنظيم العلاقة بين الطرفين، ودعم الكتاب السوري وتسويقه، وحماية حق المؤلف المادي والمعنوي، وإلى أي مدى يعد العمل الإبداعي اليوم "عملًا خاسرًا" لكلا الطرفين.
الشِّعر منبوذ ولا أحد يتبناهُ نشرًا
الشاعر السوري الكردي المقيم في القامشلي، غمكين مراد، يقدم لنا تصورًا شعريًا لحالة المؤلف عمومًا، وحالة النشوة الأولى التي يشعر بها عند محاولة نشر عمله، وخيبة الأمل اللاحقة، قائلًا: "أولُ ما بدر إلى مُخيلتي حين اقتحمت فكرة النشر رأسي، وشغف الكتاب نشرًا رُوحي، أن دار النشر جنةٌ بحورياتٍ من كتب، وأن القائمين عليها ملائكةُ روح يهيمون لذةً بانتشاء الكلمة وخلقها لحياةٍ من عدم. في ما بعد، حين دخلت عالم النشر، وتدخلت شياطين التفاصيل، كانت الدار رأسُ مالٍ بفائض القيمة الزائدة من الكلمات، وتوزن الكلمات لتُثقَل مقاديرها، ومن ثم يأتي هامش الرّوح على الصفحات".
رغم الطابع الاستهلاكي الذي يصفه لحال النشر المعروف اليوم إلا أنه يؤكد إيمانه بضرورة أن ينشر الكاتب، أو الشاعر، نتاجه، حتى لو كان مجرد تطيّر فردي لا طائل منه: "ورُغمًا عن كُلّ الأمور التي كانت أحيانًا تكون صادمة من حيث الكم من الكلمات، أي بمعنى أن تنسلخ الكلمة عن روحها لتُناسب رُزمات الكتاب نشرًا، إلا أنّ هاجس وشغف النشر، وخروج الروح لتُحلِّق داخل أرواح غيركَ يُضفي كُل الحب والعفوية ويتناسى غيرها".
وخاتمًا مداخلته بالحديث عن واقع النشر شعرًا، يقول صاحب مجموعة "الروح أوسع من أن يلبسها جسد": "الشِّعر نثريًا منبوذ إلا بمقابل، لا أحد يتبناهُ نشرًا، حيث لا قُراء يستهلكون الشعر، وتبقى الدواوينُ والمجموعات رهينة الانتظار حتى تمرُ غيمة جوع الكلمات".
لا يمكن وصف العلاقة بالمأزومة
تعترض عفراء هدبا، صاحبة دار نشر دلمون الجديدة في دمشق، على وصف العلاقة بين الكتاب ودور النشر أعلاه بـ"المأزومة"، بقدر ما تحاول تفنيدها لصالح كلا الطرفين قائلةً: "لا يمكن وصف العلاقة ما بين الكاتب والنشر بالمأزومة. المسألة نسبية، وترتبط بالمعايير التي تضعها دور النشر لتبنّي عمل ما على مستوى المحتوى والتكلفة. وغالبًا ما يخضع الأمر للتجربة، فإذا ما تحققت أهداف الناشر ورؤية الكاتب في العمل المطبوع، وكانت النتائج مرضية للطرفين، فإن هذه التجربة تتكرر، والتعاون يترسخ، بعد أن تلتقي وجهات نظر كلا الطرفين".
وتحاول هدبا أن تحدد بعض المعايير التي يجب أن تتسم بها هذه العلاقة "الإشكالية": "ومن المعايير التي لا تحيد عنها دور النشر العريقة جودة المحتوى، ومدى ملاءمته لتوجهات الدار وسياستها التسويقية، واسم الكاتب إذا كان محل ثقة، ما يحمي حقوق الطرفين. أما إذا لم تأت النتائج على ما بناه الطرفان من توقعات أحدهما، أو كليهما، أو إذا أخل أحدهما بالشروط الفنية والتقنية التسويقية بالنسبة للناشر، أو بالمعايير الأخلاقية والقيمية والوفاء بالالتزامات المادية، والتي تقوم غالبًا على الشراكة بالنسبة للكاتب... فلا شك في أن خلافات ستقع، وربما تتحول إلى نزاعات وقضايا تستدعي تدخل القضاء في بعض الحالات".
وتحيل هدبا المسؤولية التسويقية عن العمل الإبداعي لكلا الفريقين، وإيصاله إلى القارئ، فتقول: "في ما يتعلق بسطوة الطابع التجاري على عمل بعض دور النشر، فمن يتحمل مسؤوليتها كل من الكاتب والنشر، فكلاهما شريكان في تسويق أعمال لا تليق بتطلعات القارئ، وتهدف بالدرجة الأولى إلى الربح متجاوزة المعايير المعتمدة للعمل المتكامل على مستوى الشكل والمضمون".
وفي ضوء تجربتها الخاصة في عالم النشر منذ سنوات، وإلى أي مدى ترى في هذا العمل ـ مهما بلغت جودته الفنية والأدبية ـ "عملًا خاسرًا" في ظل سطوة التقنيات الحديثة، ودور الكتاب حاليًا في مقاومة محاولات قتل الورق على حساب عبودية الصورة الرقمية اليوم تقول: "الحديث عن الخسائر المحتملة، أو المترتبة على مهنة الطباعة والنشر، هو ذو شجون لا يتسع المقام للخوض فيه، خاصة في ظل ظروف ضاغطة اقتصاديًا ورقابيًا أحيانًا، ما يجعل العمل في هذا المجال مغامرة غير محسوبة النتائج، وتنطوي على خسارة غالبًا إذا ما تحدثنا عن جانب الربح فقط، أما على المستوى المعنوي فمتعة إصدار مؤلف متكامل ونوعي لا تضاهيها متعة أخرى، وتنحسر معها الخسائر إلى درجة الصفر إذا ما حقق المنشور الهدف المنشود منه، ووجد طريقه بيسر وسهولة إلى يدي القارئ النوعي والجاد أيضًا".
الأمل لا يزال موجودًا
باللغة المتفائلة التي تقدمها الأستاذة عفراء هدبا على مضض، يقول عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب في دمشق الأرقم الزعبي: "تحسين واقع الكتاب مرتبط بجملة متغيرات، لعل أهمها موضوع المحتوى الفكري والإبداعي للكتاب، وقضايا ذات صلة بحقوق المنتج الفكري الإبداعي الذي قد يكون بشكل كتاب، أو قالب آخر، مثل فيلم، أو مسلسل، أو الترجمة لبرنامج، أو أغنية... حقوق المؤلف ليست مرتبطة بالناشر فقط، لأن محتوى الكتاب قد يتحول إلى قالب آخر... وفي غياب قانون واضح ينظم العلاقة بين الكاتب والناشر تبقى قضية الاتهامات مشتعلة، ونحن في حاجة إلى قانون ناظم يحوي آلية واضحة".
وعن دور الاتحاد اليوم في هذه الصناعة، وحمايتها، وصيانة حقوق القائمين عليها، كتابًا وناشرين، يتابع الزعبي قائلًا: "اتحاد الكتاب، ووزارة الثقافة، يدفعان مكافأة الكاتب عند توقيع عقد الحقوق مع الكاتب مباشرة. مدة العقد خمس سنوات، وإذا بيع الكتاب قبل هذه المدة تعود الحقوق للكاتب بعد تقديمه طلبًا... علمًا أن وزارة الثقافة تقدم مكافأة تعادل ضعفي ما يقدمه الاتحاد، كون الوزارة لها اعتمادات مخصصة من ميزانية الدولة، بعكس الاتحاد الذي يعتمد على موارده الخاصة".
ويفرق بين دور الاتحاد كمؤسسة راعية للإبداع الثقافي، متحدثًا عن لجنة قيد التشكيل تُعنى بحقوق المؤلفين في وزارة الثقافة السورية قائلًا: "اتحاد الكتاب جهة إبداعية ونقابية مسؤولة مع وزارة الثقافة كجهة حكومية رسمية عن تطوير القوانين الخاصة بحماية حقوق المؤلف خاصة وحقوق الملكية الفكرية عامة... هنالك لجنة مشكلة من قبل وزيرة الثقافة لهذا الغرض. نتمنى أن توفق وتباشر بعملها".
في ختام حديثه، وصف الزعبي واقع حال النشر في سورية منتقدًا سياسات دور النشر عمومًا، وضياع جهد الكتاب والشعراء الذين يدفعون من لقمة معيشتهم لقاء نشر كتبهم، فقال: "أغلب دور النشر الخاصة لا تقيم وزنًا لموضوع حقوق المؤلف، ولكساد بيع الكتاب، وبات المؤلف يساهم بنصف تكاليف طباعة الكتاب، ويأخذ مئة نسخة تمثل كامل حقوق المؤلف... والخلاصة: لا يوجد عائد مالي يشجع على الكتابة، فالكتابة قلق وإدمان بعيدًا عن الاعتبارات الأخرى... الكاتب في مجتمعنا ينال كثيرًا من الاحترام، والقليل من المال؛ وأحيانًا لا ينال حتى القليل منهما، ولا سيما عندما يغرد خارج المألوف".
علاء زريفة 1 مايو 2023
هنا/الآن
مكتبة روسيا الوطنية في "يوم الكتاب العالمي"/سان بطرسبرغ(20/4/2018/الأناضول)
شارك هذا المقال
حجم الخط
احتفل العالم في الثالث والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، حيث اختير هذا التاريخ من اليونيسكو سنة 1995 لتشجيع القراءة، والتذكير بحقوق المؤلفين الذين أثروا الحضارة والثقافة الإنسانية جمعاء بما أبدعوه. هذا التاريخ يقترن بتواريخ وفاة كتاب وأدباء عالميين كبار، أمثال وليام شكسبير، وسرفانتيس، وفلاديمير نابوكوف، وغيرهم.
عربيًا وسوريًا، تعد هذه مناسبة للتذكير بفضل الكتاب، وإعادة الاعتبار لدورهم الثقافي والفكري والتعريف بحقوقهم، سواء من رحلوا، أو من يعيشون بيننا، والذين غالبًا ما تتسم العلاقة بينهم وبين الناشر بـ"المأزومة" بالنسبة لكثيرين. فتطفو إلى العلن، ووسائل التواصل الاجتماعي، اليوم، مشادات كلامية واتهامات متبادلة حول انتهاك حقوق الملكية الفكرية والمادية، وغلبة السمة التجارية و"التسليع" في التعامل مع الإنتاج الثقافي عمومًا.
بهذه المناسبة الهامة، حاورنا عددًا من المثقفين السوريين للوقوف على واقع صناعة الكتاب والعلاقة بين الكتاب والناشرين، وإلى أي مدى تمارس مؤسسات كاتحاد الناشرين السوريين، واتحاد الكتاب العرب في دمشق دورها في تنظيم العلاقة بين الطرفين، ودعم الكتاب السوري وتسويقه، وحماية حق المؤلف المادي والمعنوي، وإلى أي مدى يعد العمل الإبداعي اليوم "عملًا خاسرًا" لكلا الطرفين.
الشِّعر منبوذ ولا أحد يتبناهُ نشرًا
الشاعر السوري الكردي المقيم في القامشلي، غمكين مراد، يقدم لنا تصورًا شعريًا لحالة المؤلف عمومًا، وحالة النشوة الأولى التي يشعر بها عند محاولة نشر عمله، وخيبة الأمل اللاحقة، قائلًا: "أولُ ما بدر إلى مُخيلتي حين اقتحمت فكرة النشر رأسي، وشغف الكتاب نشرًا رُوحي، أن دار النشر جنةٌ بحورياتٍ من كتب، وأن القائمين عليها ملائكةُ روح يهيمون لذةً بانتشاء الكلمة وخلقها لحياةٍ من عدم. في ما بعد، حين دخلت عالم النشر، وتدخلت شياطين التفاصيل، كانت الدار رأسُ مالٍ بفائض القيمة الزائدة من الكلمات، وتوزن الكلمات لتُثقَل مقاديرها، ومن ثم يأتي هامش الرّوح على الصفحات".
"يقول صاحب مجموعة "الروح أوسع من أن يلبسها جسد": "الشِّعر نثريًا منبوذ إلا بمقابل، لا أحد يتبناهُ نشرًا، حيث لا قُراء يستهلكون الشعر" |
رغم الطابع الاستهلاكي الذي يصفه لحال النشر المعروف اليوم إلا أنه يؤكد إيمانه بضرورة أن ينشر الكاتب، أو الشاعر، نتاجه، حتى لو كان مجرد تطيّر فردي لا طائل منه: "ورُغمًا عن كُلّ الأمور التي كانت أحيانًا تكون صادمة من حيث الكم من الكلمات، أي بمعنى أن تنسلخ الكلمة عن روحها لتُناسب رُزمات الكتاب نشرًا، إلا أنّ هاجس وشغف النشر، وخروج الروح لتُحلِّق داخل أرواح غيركَ يُضفي كُل الحب والعفوية ويتناسى غيرها".
وخاتمًا مداخلته بالحديث عن واقع النشر شعرًا، يقول صاحب مجموعة "الروح أوسع من أن يلبسها جسد": "الشِّعر نثريًا منبوذ إلا بمقابل، لا أحد يتبناهُ نشرًا، حيث لا قُراء يستهلكون الشعر، وتبقى الدواوينُ والمجموعات رهينة الانتظار حتى تمرُ غيمة جوع الكلمات".
لا يمكن وصف العلاقة بالمأزومة
تعترض عفراء هدبا، صاحبة دار نشر دلمون الجديدة في دمشق، على وصف العلاقة بين الكتاب ودور النشر أعلاه بـ"المأزومة"، بقدر ما تحاول تفنيدها لصالح كلا الطرفين قائلةً: "لا يمكن وصف العلاقة ما بين الكاتب والنشر بالمأزومة. المسألة نسبية، وترتبط بالمعايير التي تضعها دور النشر لتبنّي عمل ما على مستوى المحتوى والتكلفة. وغالبًا ما يخضع الأمر للتجربة، فإذا ما تحققت أهداف الناشر ورؤية الكاتب في العمل المطبوع، وكانت النتائج مرضية للطرفين، فإن هذه التجربة تتكرر، والتعاون يترسخ، بعد أن تلتقي وجهات نظر كلا الطرفين".
وتحاول هدبا أن تحدد بعض المعايير التي يجب أن تتسم بها هذه العلاقة "الإشكالية": "ومن المعايير التي لا تحيد عنها دور النشر العريقة جودة المحتوى، ومدى ملاءمته لتوجهات الدار وسياستها التسويقية، واسم الكاتب إذا كان محل ثقة، ما يحمي حقوق الطرفين. أما إذا لم تأت النتائج على ما بناه الطرفان من توقعات أحدهما، أو كليهما، أو إذا أخل أحدهما بالشروط الفنية والتقنية التسويقية بالنسبة للناشر، أو بالمعايير الأخلاقية والقيمية والوفاء بالالتزامات المادية، والتي تقوم غالبًا على الشراكة بالنسبة للكاتب... فلا شك في أن خلافات ستقع، وربما تتحول إلى نزاعات وقضايا تستدعي تدخل القضاء في بعض الحالات".
وتحيل هدبا المسؤولية التسويقية عن العمل الإبداعي لكلا الفريقين، وإيصاله إلى القارئ، فتقول: "في ما يتعلق بسطوة الطابع التجاري على عمل بعض دور النشر، فمن يتحمل مسؤوليتها كل من الكاتب والنشر، فكلاهما شريكان في تسويق أعمال لا تليق بتطلعات القارئ، وتهدف بالدرجة الأولى إلى الربح متجاوزة المعايير المعتمدة للعمل المتكامل على مستوى الشكل والمضمون".
"إذا ما تحققت أهداف الناشر ورؤية الكاتب في العمل المطبوع، وكانت النتائج مرضية للطرفين، فإن هذه التجربة تتكرر، والتعاون يترسخ" |
وفي ضوء تجربتها الخاصة في عالم النشر منذ سنوات، وإلى أي مدى ترى في هذا العمل ـ مهما بلغت جودته الفنية والأدبية ـ "عملًا خاسرًا" في ظل سطوة التقنيات الحديثة، ودور الكتاب حاليًا في مقاومة محاولات قتل الورق على حساب عبودية الصورة الرقمية اليوم تقول: "الحديث عن الخسائر المحتملة، أو المترتبة على مهنة الطباعة والنشر، هو ذو شجون لا يتسع المقام للخوض فيه، خاصة في ظل ظروف ضاغطة اقتصاديًا ورقابيًا أحيانًا، ما يجعل العمل في هذا المجال مغامرة غير محسوبة النتائج، وتنطوي على خسارة غالبًا إذا ما تحدثنا عن جانب الربح فقط، أما على المستوى المعنوي فمتعة إصدار مؤلف متكامل ونوعي لا تضاهيها متعة أخرى، وتنحسر معها الخسائر إلى درجة الصفر إذا ما حقق المنشور الهدف المنشود منه، ووجد طريقه بيسر وسهولة إلى يدي القارئ النوعي والجاد أيضًا".
الأمل لا يزال موجودًا
باللغة المتفائلة التي تقدمها الأستاذة عفراء هدبا على مضض، يقول عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب في دمشق الأرقم الزعبي: "تحسين واقع الكتاب مرتبط بجملة متغيرات، لعل أهمها موضوع المحتوى الفكري والإبداعي للكتاب، وقضايا ذات صلة بحقوق المنتج الفكري الإبداعي الذي قد يكون بشكل كتاب، أو قالب آخر، مثل فيلم، أو مسلسل، أو الترجمة لبرنامج، أو أغنية... حقوق المؤلف ليست مرتبطة بالناشر فقط، لأن محتوى الكتاب قد يتحول إلى قالب آخر... وفي غياب قانون واضح ينظم العلاقة بين الكاتب والناشر تبقى قضية الاتهامات مشتعلة، ونحن في حاجة إلى قانون ناظم يحوي آلية واضحة".
وعن دور الاتحاد اليوم في هذه الصناعة، وحمايتها، وصيانة حقوق القائمين عليها، كتابًا وناشرين، يتابع الزعبي قائلًا: "اتحاد الكتاب، ووزارة الثقافة، يدفعان مكافأة الكاتب عند توقيع عقد الحقوق مع الكاتب مباشرة. مدة العقد خمس سنوات، وإذا بيع الكتاب قبل هذه المدة تعود الحقوق للكاتب بعد تقديمه طلبًا... علمًا أن وزارة الثقافة تقدم مكافأة تعادل ضعفي ما يقدمه الاتحاد، كون الوزارة لها اعتمادات مخصصة من ميزانية الدولة، بعكس الاتحاد الذي يعتمد على موارده الخاصة".
ويفرق بين دور الاتحاد كمؤسسة راعية للإبداع الثقافي، متحدثًا عن لجنة قيد التشكيل تُعنى بحقوق المؤلفين في وزارة الثقافة السورية قائلًا: "اتحاد الكتاب جهة إبداعية ونقابية مسؤولة مع وزارة الثقافة كجهة حكومية رسمية عن تطوير القوانين الخاصة بحماية حقوق المؤلف خاصة وحقوق الملكية الفكرية عامة... هنالك لجنة مشكلة من قبل وزيرة الثقافة لهذا الغرض. نتمنى أن توفق وتباشر بعملها".
في ختام حديثه، وصف الزعبي واقع حال النشر في سورية منتقدًا سياسات دور النشر عمومًا، وضياع جهد الكتاب والشعراء الذين يدفعون من لقمة معيشتهم لقاء نشر كتبهم، فقال: "أغلب دور النشر الخاصة لا تقيم وزنًا لموضوع حقوق المؤلف، ولكساد بيع الكتاب، وبات المؤلف يساهم بنصف تكاليف طباعة الكتاب، ويأخذ مئة نسخة تمثل كامل حقوق المؤلف... والخلاصة: لا يوجد عائد مالي يشجع على الكتابة، فالكتابة قلق وإدمان بعيدًا عن الاعتبارات الأخرى... الكاتب في مجتمعنا ينال كثيرًا من الاحترام، والقليل من المال؛ وأحيانًا لا ينال حتى القليل منهما، ولا سيما عندما يغرد خارج المألوف".