تزيكا فيرتوف والتقليد الإنطباعي
بعد ثورة عام ۱۹۱۷ في روسيا تقدم الكثير من السينمائيين السوفييت الشباب ليعرضوا خدماتهم للمجتمع الجديد من بين هؤلاء كان دزيكا فيرتوف البولوني المولد الذي كان يجرب في الأشكال والنظريات التسجيلية في نفس الوقت الذي كان فيه فلاهرتي ينتج .نانوك كان فيرتوف مثل آیزنشتاین متحمساً للإمكانيات الواسعة للفلم كأداة في حقل التعليم والدعاية للثورة. المجتمع الجديد يحتاج إلى أشكال جديدة في التعبير. اعتقد فيرتوف بالإضافة إلى ذلك أن المجتمع المكون من أكثرية ساحقة من العمال والفلاحين الأميين بحاجة إلى تثقيف حول الكفاح التاريخي للعمال وحول مثل الثورة. كان فيرتوف يؤمن بأن الفلم التسجيلي يمكن أن يحمل هذه الرسالة أفضل من أشكال الفن الأخرى وإن الأفلام التسجيلية يجب أن تكون ثورية في التقنيات إضافة إلى مادة الموضوع.. كتب مرة الفن ليس مرآة تعكس الكفاح التاريخي ولكنه سلاح لذلك الكفاح.
كان فيرتوف يعتقد بأن الأفلام الخيالية هي ضد الثورة. واعتبرها تشکیلات من الدراما والأدب البورجوازي التقليدي إنما مجهزة بأمثلة سينمائية. الأفلام الخيالية كانت مجرد ترهات جمالية» وفقاً لمشاعر فيرتوف إذ إنها تهيء الهرب من الحقيقة لا مواجهتها المادة الخام للسينما يجب أن تكون العالم المادي والأشياء والأماكن والناس الحقيقيين. إن إعادة خلق الحقيقة ستزيفها حتما وتحولها إلى خيال حتى إذا ما سعى صانع الفلم بإخلاص لكي تكون موثقة. إن الممثل الذي يتقمص شخصية فلاح سوف يبدو للمشاهد كفلاح بالضبط وليس المادة الأصيلة انتقد فيرتوف حتى أعمال آيزنشتاين في إعادة بناء التاريخ وأدان كل الأفلام الممثلة وسماها أفيونا كما دعا كل ذلك أفلام ممثلة بلباس وثائقي . (٦ - ١٥ ) .
إلا أن فيرتوف مثل بقية الإنطباعيين اعتقد بأن صانع الفلم لا يسجل فقط الحقيقة الخارجية بل يستغلها. يجب أن ما تحت السطح المشوش للعالم الخارجي لكي يكتشف الحقائق التي تحتها إن التسجيلي الثوري يجب أن يشير إلى الدروس الأيديولوجية في أفلامه موضحاً العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي لا تبدو ظاهرة في كل وقت وخاصة في المجتمعات الرأسمالية. يجب أن يكشف عمن ينتج البضائع وعمن يستهلكها وعمن يستفيد منها فعلا يجب أن يزيل الغشاوة عن النظم الاجتماعية ويعري تلك التي لا تخدم حاجات الناس ويمتدح التي تفعل ذلك .. إن الحقيقة كثيرة التعقيد والتشعب بالنسبة لفهم أولئك الذين لا يحملون تثقيفاً في الأيديولوجية الثورية. لذلك فإن الفنان التسجيلي يستخدم العالم الحقيقي كمجرد خزين المعلومات غير منظمة شبه فيرتوف بلورة الأقدام الخام لهذا الواقع بعملية رصف الطابوق، إذ إن الطابوقة بمفردها تقطع الفلم عديمة الفائدة إلا أن الفنان التسجيلي يستخدم هذا «الطابوق» لتشييد البناء السينمائي. فعندما يقوم بالاختيار والتفسير والتدخل في الأقدام الخام فإنه يساعد العمال والفلاحين في النظر إلى الواقع من خلال وعي ثوري جديد.
كان فيرتوف مثل آیزنشتاین وبودوفكين يؤمن بأن أساس الفن السينمائي هو المونتاج. بالنظر لتأثره بالقطع المتقابل المعقد وفقاً للمضمون الذي قام به كريفيث في فلم (تعصب) فقد اعتقد فيرتوف بأن المونتاج يمكن أن العناصر التي تبدو غير مرتبطة في الحياة. في الواقع يستطيع المونتاج أن يقارن أية نقطتين في الكون بدون اعتبار لتقييدات الزمان والمكان. ولقد ذهب فيرتوف أبعد من آيزنشتاين فقد شعر بأن الاستمرارية في الفلم يجب أن تكون وفقاً للمضمون بصورة كاملة وإن اللقطات يجب أن تربط بصورة شاعرية وليست «منطقية» كما في الأفلام الخيالية والأفلام الوثائقية التقليدية يوحد . ( ٦ - ١٦)
كان يشعر بأن الفنان السينمائي مثل الشاعر هو في جوهره مازج للصور. لقد قام فيرتوف في الواقع بالقليل جداً التصوير الفعلي بنفسه ولذلك فلم يؤكد كثيراً على جانب الميزانسين من العملية السينمائية. ابتداءً بفلم الذكرى السنوية لثورة أكتوبر (۱۹۱۸)) الذي بلغ طوله ثلاث ساعات وهو أول فلم سوفييتي طويل قام فيرتوف بسلسلة من التجارب في المونتاج أصبحت جريئة بشكل متزايد في عام ۱۹۲۲ أوجد سلسلة إخبارية بعنوان الحقيقة - الفلمية كانت ذاتية بلا حياء قامت سلسلة الحقيقة الفلمية ليس فقط بإعلام الطبقة البروليتارية بالأحداث المعاصرة و إنما بتثقيف الجمهور في الوقت ذاته حول كيفية النظر إلى الأحداث منظور ثوري .
كما أن فيرتوف لم يقم بمونتاج أفلامه بأسلوب واحد. كانت فكرته عن المونتاج مرتبطة عموماً بطبيعة مادة موضوعه كانت قصائده السينمائية المزعومة مثلاً تميل إلى الغنائية مثلما كانت «سمفونياته السينمائية الرجل ذو الكاميرا السينمائية أفضل أعمال فيرتوف المعروفة تمت منتجتها وفقاً لإيقاعات مختلفة. يميل الفلم إلى البطء النسبي في المشاهد التي تقدم الموسكوفيين وهم يستيقظون صباحاً. وبعد أن تتسارع حركة الناس في عملهم تسرع اللقطات لتقارب في طولها الثانيتين أو الأربع عند قمة العمل نجد بعض اللقطات أقل من ثانية في الطول.
جرب فيرتوف بشكل واسع حتى أكثر من آيزنشتاين نوعاً من المونتاج المبني على الاستعارة في فلم الرجل ذو الكاميرا السينمائية مثلا استخدم موضوعاً مكرراً للعين خلال الفلم ليخلق مجموعة من المقارنات المخيفة. تشبه العين الإنسانية بعدسة آلة التصوير وذلك ما دعاه فيرتوف «العين السينمائية». في مشهد الصباح الإفتتاحي نرى شرائح الشبابيك ترتفع والبوابات الضخمة لمخابيء الطائرات ترتفع وكأنها أجفان فولاذية ضخمة. صورة امرأة تغتسل وضعت إلى جوار صورة رجل يغسل بضاعته وصورة عمال يصنعون الشبابيك امرأة ترتدي ثوباً تقارن بمصور يضع عدسة جديدة على آلة تصويره، قطع الشعر يشبه بقطع الفلم وماكنات الخياطة تشبه بماكنات المونتاج كل هذه المقارنات صورية بحتة إذ إن الفلم صامت ولا يحتوي على عنوان أبداً.
طالما أن السينما تمزج الصور بسهولة فقد اعتبر فيرتوف السينما الفن الشعري الأخير. إلا أنه مثل بقية المخرجين السوفييت امتدح أيضاً وبحماس الجوانب الميكانيكية لصناعة الفلم واعتبرها الفن التكنولوجي الختامي أيضاً. ربما لم يؤثر شيء في صانعي الأفلام السوفييت مثلما أثر هذا الامتزاج بين الفن والعلم الخيال والحقيقة المادية الشعور والواقع كان فيرتوف يعتقد بأن الخواص العلمية لعملية التصوير هي ذاتها التي أوجدت بعضاً من أكثر التأثيرات الممكنة شاعرية في السينما. على خلاف أكثر التسجيليين كان فيرتوف يعتقد بأن صانعي الأفلام غير الخيالية يجب أن يستخدموا المدى .
بعد ثورة عام ۱۹۱۷ في روسيا تقدم الكثير من السينمائيين السوفييت الشباب ليعرضوا خدماتهم للمجتمع الجديد من بين هؤلاء كان دزيكا فيرتوف البولوني المولد الذي كان يجرب في الأشكال والنظريات التسجيلية في نفس الوقت الذي كان فيه فلاهرتي ينتج .نانوك كان فيرتوف مثل آیزنشتاین متحمساً للإمكانيات الواسعة للفلم كأداة في حقل التعليم والدعاية للثورة. المجتمع الجديد يحتاج إلى أشكال جديدة في التعبير. اعتقد فيرتوف بالإضافة إلى ذلك أن المجتمع المكون من أكثرية ساحقة من العمال والفلاحين الأميين بحاجة إلى تثقيف حول الكفاح التاريخي للعمال وحول مثل الثورة. كان فيرتوف يؤمن بأن الفلم التسجيلي يمكن أن يحمل هذه الرسالة أفضل من أشكال الفن الأخرى وإن الأفلام التسجيلية يجب أن تكون ثورية في التقنيات إضافة إلى مادة الموضوع.. كتب مرة الفن ليس مرآة تعكس الكفاح التاريخي ولكنه سلاح لذلك الكفاح.
كان فيرتوف يعتقد بأن الأفلام الخيالية هي ضد الثورة. واعتبرها تشکیلات من الدراما والأدب البورجوازي التقليدي إنما مجهزة بأمثلة سينمائية. الأفلام الخيالية كانت مجرد ترهات جمالية» وفقاً لمشاعر فيرتوف إذ إنها تهيء الهرب من الحقيقة لا مواجهتها المادة الخام للسينما يجب أن تكون العالم المادي والأشياء والأماكن والناس الحقيقيين. إن إعادة خلق الحقيقة ستزيفها حتما وتحولها إلى خيال حتى إذا ما سعى صانع الفلم بإخلاص لكي تكون موثقة. إن الممثل الذي يتقمص شخصية فلاح سوف يبدو للمشاهد كفلاح بالضبط وليس المادة الأصيلة انتقد فيرتوف حتى أعمال آيزنشتاين في إعادة بناء التاريخ وأدان كل الأفلام الممثلة وسماها أفيونا كما دعا كل ذلك أفلام ممثلة بلباس وثائقي . (٦ - ١٥ ) .
إلا أن فيرتوف مثل بقية الإنطباعيين اعتقد بأن صانع الفلم لا يسجل فقط الحقيقة الخارجية بل يستغلها. يجب أن ما تحت السطح المشوش للعالم الخارجي لكي يكتشف الحقائق التي تحتها إن التسجيلي الثوري يجب أن يشير إلى الدروس الأيديولوجية في أفلامه موضحاً العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي لا تبدو ظاهرة في كل وقت وخاصة في المجتمعات الرأسمالية. يجب أن يكشف عمن ينتج البضائع وعمن يستهلكها وعمن يستفيد منها فعلا يجب أن يزيل الغشاوة عن النظم الاجتماعية ويعري تلك التي لا تخدم حاجات الناس ويمتدح التي تفعل ذلك .. إن الحقيقة كثيرة التعقيد والتشعب بالنسبة لفهم أولئك الذين لا يحملون تثقيفاً في الأيديولوجية الثورية. لذلك فإن الفنان التسجيلي يستخدم العالم الحقيقي كمجرد خزين المعلومات غير منظمة شبه فيرتوف بلورة الأقدام الخام لهذا الواقع بعملية رصف الطابوق، إذ إن الطابوقة بمفردها تقطع الفلم عديمة الفائدة إلا أن الفنان التسجيلي يستخدم هذا «الطابوق» لتشييد البناء السينمائي. فعندما يقوم بالاختيار والتفسير والتدخل في الأقدام الخام فإنه يساعد العمال والفلاحين في النظر إلى الواقع من خلال وعي ثوري جديد.
كان فيرتوف مثل آیزنشتاین وبودوفكين يؤمن بأن أساس الفن السينمائي هو المونتاج. بالنظر لتأثره بالقطع المتقابل المعقد وفقاً للمضمون الذي قام به كريفيث في فلم (تعصب) فقد اعتقد فيرتوف بأن المونتاج يمكن أن العناصر التي تبدو غير مرتبطة في الحياة. في الواقع يستطيع المونتاج أن يقارن أية نقطتين في الكون بدون اعتبار لتقييدات الزمان والمكان. ولقد ذهب فيرتوف أبعد من آيزنشتاين فقد شعر بأن الاستمرارية في الفلم يجب أن تكون وفقاً للمضمون بصورة كاملة وإن اللقطات يجب أن تربط بصورة شاعرية وليست «منطقية» كما في الأفلام الخيالية والأفلام الوثائقية التقليدية يوحد . ( ٦ - ١٦)
كان يشعر بأن الفنان السينمائي مثل الشاعر هو في جوهره مازج للصور. لقد قام فيرتوف في الواقع بالقليل جداً التصوير الفعلي بنفسه ولذلك فلم يؤكد كثيراً على جانب الميزانسين من العملية السينمائية. ابتداءً بفلم الذكرى السنوية لثورة أكتوبر (۱۹۱۸)) الذي بلغ طوله ثلاث ساعات وهو أول فلم سوفييتي طويل قام فيرتوف بسلسلة من التجارب في المونتاج أصبحت جريئة بشكل متزايد في عام ۱۹۲۲ أوجد سلسلة إخبارية بعنوان الحقيقة - الفلمية كانت ذاتية بلا حياء قامت سلسلة الحقيقة الفلمية ليس فقط بإعلام الطبقة البروليتارية بالأحداث المعاصرة و إنما بتثقيف الجمهور في الوقت ذاته حول كيفية النظر إلى الأحداث منظور ثوري .
كما أن فيرتوف لم يقم بمونتاج أفلامه بأسلوب واحد. كانت فكرته عن المونتاج مرتبطة عموماً بطبيعة مادة موضوعه كانت قصائده السينمائية المزعومة مثلاً تميل إلى الغنائية مثلما كانت «سمفونياته السينمائية الرجل ذو الكاميرا السينمائية أفضل أعمال فيرتوف المعروفة تمت منتجتها وفقاً لإيقاعات مختلفة. يميل الفلم إلى البطء النسبي في المشاهد التي تقدم الموسكوفيين وهم يستيقظون صباحاً. وبعد أن تتسارع حركة الناس في عملهم تسرع اللقطات لتقارب في طولها الثانيتين أو الأربع عند قمة العمل نجد بعض اللقطات أقل من ثانية في الطول.
جرب فيرتوف بشكل واسع حتى أكثر من آيزنشتاين نوعاً من المونتاج المبني على الاستعارة في فلم الرجل ذو الكاميرا السينمائية مثلا استخدم موضوعاً مكرراً للعين خلال الفلم ليخلق مجموعة من المقارنات المخيفة. تشبه العين الإنسانية بعدسة آلة التصوير وذلك ما دعاه فيرتوف «العين السينمائية». في مشهد الصباح الإفتتاحي نرى شرائح الشبابيك ترتفع والبوابات الضخمة لمخابيء الطائرات ترتفع وكأنها أجفان فولاذية ضخمة. صورة امرأة تغتسل وضعت إلى جوار صورة رجل يغسل بضاعته وصورة عمال يصنعون الشبابيك امرأة ترتدي ثوباً تقارن بمصور يضع عدسة جديدة على آلة تصويره، قطع الشعر يشبه بقطع الفلم وماكنات الخياطة تشبه بماكنات المونتاج كل هذه المقارنات صورية بحتة إذ إن الفلم صامت ولا يحتوي على عنوان أبداً.
طالما أن السينما تمزج الصور بسهولة فقد اعتبر فيرتوف السينما الفن الشعري الأخير. إلا أنه مثل بقية المخرجين السوفييت امتدح أيضاً وبحماس الجوانب الميكانيكية لصناعة الفلم واعتبرها الفن التكنولوجي الختامي أيضاً. ربما لم يؤثر شيء في صانعي الأفلام السوفييت مثلما أثر هذا الامتزاج بين الفن والعلم الخيال والحقيقة المادية الشعور والواقع كان فيرتوف يعتقد بأن الخواص العلمية لعملية التصوير هي ذاتها التي أوجدت بعضاً من أكثر التأثيرات الممكنة شاعرية في السينما. على خلاف أكثر التسجيليين كان فيرتوف يعتقد بأن صانعي الأفلام غير الخيالية يجب أن يستخدموا المدى .
تعليق