اللغة
هي من الأخطاء الشائعة التي يحملها حتى رواد السينما المتمرسين قضية أن اللغة في الفلم لا يمكن أن تكون دقيقة ومركبة كما الحال في الأدب. وحقيقة تقديم شكسبير بنجاح إلى الشاشة بدون أي نقص مهم في اللغة أو الصورة يجب أن يكون نقيضاً واضحاً لهذه الفكرة. في الواقع أن عدداً كبيراً من الأفلام العظيمة ليست أدبية بشكل خاص، إلا أن ذلك لا ان يعني السينما غير قادرة على التمايز الأدبي وإنما ان يعني بعض المخرجين السينمائيين يرغب في التأكيد على جوانب أخرى من فنهم الذين يرفضون السينما الأدبية على أنها غير سينمائية يجدون أنفسهم في موقع مشكوك فيه يدين كلا ويلز وبير كمان وبريسون ورتشاردسون وأوليفييه وكودار و تروفو وكوروساوا ونذكر هنا فقط أشد المخرجين السينمائيين من المتعاطفين أدبياً.
اللغة في السينما من بعض الوجوه يمكن أن تكون مركبة أكثر منها في الأدب (٥ - ٢٤) . كلمات الفلم في المقام الأول مثلها مثل المسرح الرسمي منطوقة وليست مكتوبة كما أن الصوت الإنساني قادر على مرونة أكبر بكثير من الصفحة المطبوعة الكلمة المكتوبة لا تستطيع إلا أن تقارب بشكل أولي دقائق وتنغيمات اللغة المنطوقة. لنأخذ مثلاً عادياً لا قيمة أدبية له كمعاني الكلمات «ساراه غداً فهي تبدو واضحة في شكلها المكتوب. إلا أن الممثل يستطيع تأكيد كلمة واحدة على الكلمات الأخرى فتغير معنى الجملة تماماً. ها قلة من الإمكانيات فقط : هي
سوف أراه غداً (يعني لكنني أشك في أني ساتفق معه)
سوف أراه غداً (يعني ليس اليوم أو في الأسبوع القادم)
سوف أراه غداً (يعني لا أبالي إذا وافقت أنت)
سوف أراه غداً (يعني ليس حماته بل هو )
بالطبع يستطيع الروائي أو الشاعر تأكيد بضع كلمات عن طريق طبع الحروف بشكل مائل غير أن رجال الأدب بخلاف الممثلين لا يؤكدون عادة كلمات في كل جملة. يقوم الممثل من الناحية الثانية بشكل آلي بإعادة النظر في كلمات يرى أية كلمات يؤكد وكيف وأيها يرميه بعيداً، وكيف وذلك في كل جملة. إن الكلمة المكتوبة مع الممثل الموهوب هي مجرد خارطة أو مخطط مقارنة بتعقيدات الكلام المنطوق. ممثل ذو صوت ممتاز مثل إليك كينيز مثلاً يستطيع أن يقتصر عشرة أو اثني عشر معنى من هذه الجملة البسيطة دع عنك قطعة مناجاة من شكسبير التنقيط المكتوب هو أيضاً تقريب أولي لإيقاع الكلام. الوقفات، والتردد والإنحدار السريع في الكلام يمكن فقط أن يوحى به جزئياً بواسطة التنقيط :
سوف ... أراه - غداً
سوف أراه : غداً !
سوف أرا . . ه - غداً؟
وهكذا! ولكن كيف يستطيع المرء أن يجسد كل المعاني التي ليس لها معادل في التنقيط؟ حتى اللغويين المحترفين الذين بحوزتهم إشارات كثيرة جداً لتسجيل الكلام يعترفون بأن هذه الرموز هي وسائل أولية في أحسن الأحوال قادرة فقط على تجسيد جزء فقط من دقائق الصوت الإنساني. ممثل مثل الكثير من شهرته على عبقريته في تجسيد الإهتزازات البسيطة في الكلام .. كركرة لا يمكن كبحها بين الكلمات مثلاً أو تصاعد صوتي مفاجىء في كلمة أو شهقة أو انقطاع هستيري في الطبقة الصوتية. في الواقع أن المدى الذي تصله الأصوات والإيقاعات في أداء أوليفييه بالتنوع والغنى الذي تملكه الآلة الموسيقية .
بسبب أن اللغة المنطوقة في كل من السينما والمسرح نجد أن هذين الوسطين يتميزان على اللغة المكتوبة في كون الكلمات النص يمكن وصفها إلى جانب الأفكار والعواطف الموجودة بين سطور النص. (٥ - ٢٥) باختصار ما بين السطور مصطلح يشير إلى المعاني المضمنة وراء اللغة في الفلم أو النص. السطور التالية مثلاً من الحوار قد نجدها في نص:
المرأة : هلي لي بسيجارة، رجاءً؟
الرجل : أجل، بالطبع. يشعل السيجارة .
المرأة : أشكرك هذا كرم منك .
الرجل : العفو
هذه السطور الأربعة المكتوبة ليست مثيرة جداً وتبدو بسيطة أو أقرب للحياد العاطفي. لكن بالاعتماد على الخلفية الدرامية يمكن لها أن تستغل للإيحاء بأفكار أخرى مستقلة تماماً عن المعنى الظاهري للكلمات لو أن المرأة كانت تغازل الرجل مثلاً لكان عليها أن تؤدي السطور بشكل مختلف جداً عن سكرتيرة كفوءة. لو أن الرجل والمرأة كانا يكرهان بعضهما فإن السطور كانت ستأخذ معنى آخر. لو أن الرجل كان يغازل امرأة غير راغبة فإن السطور كانت ستلقى بطريقة ثالثة توحي بمعان أخرى. بعبارة أخرى إن معنى المقطع يقدمه الممثل وليس اللغة التي هي المسبب فقط .
إن فكرة المعنى الموجود بين السطور يمكن تطبيقه على أي نص معد للأداء حتى على واحد من أعظم النصوص قيمة مثل جيد يمكن النظر فيه من نص تقليدي هو نص فلم زفاريللي (روميو وجولييت) الذي يمثل فيه دور ميركوشيو جون ماكنري ولكن الشخصية تقدم لا على كونها شخصية الذكي المرح الذي يعشق كلام نفسه ولكن كشخصية شاب عصابي جداً قبضته على الواقع هشة رقيقة. هذا التفسير للشخصية يزعج الكثير من التقليديين إلا أنه في سياق الفلم يقوي أواصر الحب والحماية بين روميو وأعز اصدقائه ويساعد في تفسير فعل الإنتقام المندفع (والمحطم للذات) الذي يظهر في نهاية الفلم عندما يقتل ميركوشيو من قبل تيبولت .
هي من الأخطاء الشائعة التي يحملها حتى رواد السينما المتمرسين قضية أن اللغة في الفلم لا يمكن أن تكون دقيقة ومركبة كما الحال في الأدب. وحقيقة تقديم شكسبير بنجاح إلى الشاشة بدون أي نقص مهم في اللغة أو الصورة يجب أن يكون نقيضاً واضحاً لهذه الفكرة. في الواقع أن عدداً كبيراً من الأفلام العظيمة ليست أدبية بشكل خاص، إلا أن ذلك لا ان يعني السينما غير قادرة على التمايز الأدبي وإنما ان يعني بعض المخرجين السينمائيين يرغب في التأكيد على جوانب أخرى من فنهم الذين يرفضون السينما الأدبية على أنها غير سينمائية يجدون أنفسهم في موقع مشكوك فيه يدين كلا ويلز وبير كمان وبريسون ورتشاردسون وأوليفييه وكودار و تروفو وكوروساوا ونذكر هنا فقط أشد المخرجين السينمائيين من المتعاطفين أدبياً.
اللغة في السينما من بعض الوجوه يمكن أن تكون مركبة أكثر منها في الأدب (٥ - ٢٤) . كلمات الفلم في المقام الأول مثلها مثل المسرح الرسمي منطوقة وليست مكتوبة كما أن الصوت الإنساني قادر على مرونة أكبر بكثير من الصفحة المطبوعة الكلمة المكتوبة لا تستطيع إلا أن تقارب بشكل أولي دقائق وتنغيمات اللغة المنطوقة. لنأخذ مثلاً عادياً لا قيمة أدبية له كمعاني الكلمات «ساراه غداً فهي تبدو واضحة في شكلها المكتوب. إلا أن الممثل يستطيع تأكيد كلمة واحدة على الكلمات الأخرى فتغير معنى الجملة تماماً. ها قلة من الإمكانيات فقط : هي
سوف أراه غداً (يعني لكنني أشك في أني ساتفق معه)
سوف أراه غداً (يعني ليس اليوم أو في الأسبوع القادم)
سوف أراه غداً (يعني لا أبالي إذا وافقت أنت)
سوف أراه غداً (يعني ليس حماته بل هو )
بالطبع يستطيع الروائي أو الشاعر تأكيد بضع كلمات عن طريق طبع الحروف بشكل مائل غير أن رجال الأدب بخلاف الممثلين لا يؤكدون عادة كلمات في كل جملة. يقوم الممثل من الناحية الثانية بشكل آلي بإعادة النظر في كلمات يرى أية كلمات يؤكد وكيف وأيها يرميه بعيداً، وكيف وذلك في كل جملة. إن الكلمة المكتوبة مع الممثل الموهوب هي مجرد خارطة أو مخطط مقارنة بتعقيدات الكلام المنطوق. ممثل ذو صوت ممتاز مثل إليك كينيز مثلاً يستطيع أن يقتصر عشرة أو اثني عشر معنى من هذه الجملة البسيطة دع عنك قطعة مناجاة من شكسبير التنقيط المكتوب هو أيضاً تقريب أولي لإيقاع الكلام. الوقفات، والتردد والإنحدار السريع في الكلام يمكن فقط أن يوحى به جزئياً بواسطة التنقيط :
سوف ... أراه - غداً
سوف أراه : غداً !
سوف أرا . . ه - غداً؟
وهكذا! ولكن كيف يستطيع المرء أن يجسد كل المعاني التي ليس لها معادل في التنقيط؟ حتى اللغويين المحترفين الذين بحوزتهم إشارات كثيرة جداً لتسجيل الكلام يعترفون بأن هذه الرموز هي وسائل أولية في أحسن الأحوال قادرة فقط على تجسيد جزء فقط من دقائق الصوت الإنساني. ممثل مثل الكثير من شهرته على عبقريته في تجسيد الإهتزازات البسيطة في الكلام .. كركرة لا يمكن كبحها بين الكلمات مثلاً أو تصاعد صوتي مفاجىء في كلمة أو شهقة أو انقطاع هستيري في الطبقة الصوتية. في الواقع أن المدى الذي تصله الأصوات والإيقاعات في أداء أوليفييه بالتنوع والغنى الذي تملكه الآلة الموسيقية .
بسبب أن اللغة المنطوقة في كل من السينما والمسرح نجد أن هذين الوسطين يتميزان على اللغة المكتوبة في كون الكلمات النص يمكن وصفها إلى جانب الأفكار والعواطف الموجودة بين سطور النص. (٥ - ٢٥) باختصار ما بين السطور مصطلح يشير إلى المعاني المضمنة وراء اللغة في الفلم أو النص. السطور التالية مثلاً من الحوار قد نجدها في نص:
المرأة : هلي لي بسيجارة، رجاءً؟
الرجل : أجل، بالطبع. يشعل السيجارة .
المرأة : أشكرك هذا كرم منك .
الرجل : العفو
هذه السطور الأربعة المكتوبة ليست مثيرة جداً وتبدو بسيطة أو أقرب للحياد العاطفي. لكن بالاعتماد على الخلفية الدرامية يمكن لها أن تستغل للإيحاء بأفكار أخرى مستقلة تماماً عن المعنى الظاهري للكلمات لو أن المرأة كانت تغازل الرجل مثلاً لكان عليها أن تؤدي السطور بشكل مختلف جداً عن سكرتيرة كفوءة. لو أن الرجل والمرأة كانا يكرهان بعضهما فإن السطور كانت ستأخذ معنى آخر. لو أن الرجل كان يغازل امرأة غير راغبة فإن السطور كانت ستلقى بطريقة ثالثة توحي بمعان أخرى. بعبارة أخرى إن معنى المقطع يقدمه الممثل وليس اللغة التي هي المسبب فقط .
إن فكرة المعنى الموجود بين السطور يمكن تطبيقه على أي نص معد للأداء حتى على واحد من أعظم النصوص قيمة مثل جيد يمكن النظر فيه من نص تقليدي هو نص فلم زفاريللي (روميو وجولييت) الذي يمثل فيه دور ميركوشيو جون ماكنري ولكن الشخصية تقدم لا على كونها شخصية الذكي المرح الذي يعشق كلام نفسه ولكن كشخصية شاب عصابي جداً قبضته على الواقع هشة رقيقة. هذا التفسير للشخصية يزعج الكثير من التقليديين إلا أنه في سياق الفلم يقوي أواصر الحب والحماية بين روميو وأعز اصدقائه ويساعد في تفسير فعل الإنتقام المندفع (والمحطم للذات) الذي يظهر في نهاية الفلم عندما يقتل ميركوشيو من قبل تيبولت .
تعليق