المؤثرات الصوتية :
رغم أن الوظيفة الأولى للمؤثرات الصوتية كما يعتقد عموما الجو إلا إنها يمكن أن تكون وبصورة مدهشة مصادر وثيقة للمعنى في الفلم . مخرجون من مثل مايكل أنجيلو انطونيوني يمضون تقريباً الوقت نفسه المؤثرات الصوتية الذي يقضونه مع الموسيقى والحوار. في فلم (لافنتورا) أجهد نفسه أنطونيوني من أجل إعادة خلق نحيب الريح الوحيدة وهي تجتاح بركاناً خامداً (٥- ۸). في هذا الفلم نفسه توحي موجات البحر بضرباتها الرتيبة الملحة بالتآكل الروحي التدريجي للبطلة .
حدة المؤثرات الصوتية وشدتها وإيقاعها يمكن أن تؤثر كثيراً في استجاباتنا لكل نوع من الضوضاء، الأصوات ذات الذبذبة العالية هي . عموماً وتحدث إحساساً بالتوتر لدى المستمع. وإذا استمرت هذه الضوضاء طويلاً فإن الحدة القاسية يمكن أن تكون مثيرة للأعصاب تماماً. لهذا السبب تستخدم الأصوات الحادة وبضمنها الموسيقى غالباً في مشاهد التوقع خاصة قبل الذروة مباشرة وخلالها الأصوات ذات الذبذبة الواطئة تكون عادة ثقيلة مليئة وأقل توتراً من الأصوات الحادة. الأصوات ذات الذبذبة الواطئة تستخدم في الأغلب للتأكيد على كرامة أو وقار المشهد مثل ذلك الكورس الرجالي الذي يهمهم في فلم السامريون السبعة. الأصوات ذات الذبذبة الواطئة يمكن أيضاً أن توحي بالقلق والغموض كثيراً ما يبدأ مشهد التوقع بمثل هذه الأصوات التي تزداد تدريجياً في الذبذبة كلما تصاعد المشهد.
شدة الصوت تعمل بنفس الطريقة الأصوات العالية تميل إلى أن تكون قوية شديدة وحيوية بينما تبدو لنا الأصوات الهادئة رقيقة غير واثقة. المجرى الصوتي لفلم كوبريك البرتقالة (الميكانيكية) يكاد أن يكون عالياً باستمرار. الأصوات فيه مضخمة وذات رجع والحوار صارخ أكثر منه اعتيادياً في شدته (٥ - ۹) . تهاجم آذاننا بسيل من الأصوات المتواصلة. يستخدم كوبريك أسلوب «الهجوم» السمعي على الجمهور والنتيجة أن شدة الصوت لا تدعنا نسترخي فالصوت عنيف في شدته مثل الأحداث الدرامية للفلم .
نفس هذه المبادىء تنطبق على إيقاع الصوت. كلما أسرع الايقاع كلما زاد التوتر الذي يحدثه لدى المستمع. في مشهد الطراد من فلم وليام فريدكن الإتصال الفرنسي كل هذه المبادىء الصوتية تم استخدامها بصورة رائعة. عندما يصل الطراد ذروته يزداد ارتفاع صوت السيارة التي تبعث صريراً حاداً . والصوت الهادر للقطار الهارب تحت الأرض كما يزداد سرعة وارتفاعاً بالذبذبة في الواقع أن الكثير من نجاح هذا المشهد يعود إلى مؤثراته الصوتية التي تمت منتجتها بإستاذية كالصورة.
الأصوات التي خارج الشاشة تجلب عادة المكان الذي يقع خارج الشاشة ضمن المشاركة. يميل الصوت إلى توسيع الصورة خارج نطاق حدود الإطار. في فلم (طرق) المجد للمخرج كوبريك مثلا أصوات المدافع والبنادق تذكر الجنود في الخنادق باستمرار بالمخاطر التي يجب أن يواجهوها عندما يدخلون ميدان المعركة الأصوات البعيدة يمكن أن توحي بإحساس بالابتعاد بين المواقع على المستويين الحرفي والرمزي . فلم (رحلة نهار طويل إلى الليل) يذكر بوق الضباب البعيد الشخصيات بالرحلة السايكولوجية التي سيقوم بها كل منهم قبل انتهاء المساء. رغم أن كلا منهم يرغب في النسيان إلا إن بوق الضباب يعيدهم إلى الواقع الحالي الذي أكمل تشكيله الماضي. المؤثرات الصوتية يمكن أن تثير الرعب في أفلام التوقع والرعب. طالما إننا نميل إلى الخوف مما لا نستطيع رؤيته فإن مخرجين من أمثال هتشكوك وفريتز لانك يستخدمان في بعض الأحيان مؤثرات صوتية غير متزامنة ليضربا على نغمة القلق. إن صوت صرير باب في غرفة مظلمة يمكن أن يكون مخيفاً أكثر من صورة شخص يتسلل منها في فلم لانك المعروف باسم (m) يتم تشخيص الطفل القاتل بلحن يصفر به خارج الشاشة، خلال الأجزاء الأولى من الفلم لا نراه أبداً لكننا نميزه بلحنه المشؤوم .
في فلم هتشكوك (سايكو) استخدمت المؤثرات الصوتية لأصوات حادة للطيور بأشكال مختلفة ؛ يقترن ظهور شاب خجول محبوب (أنطوني بيركنز) بالطيور في أول الفلم يقوم بحشو انواع مختلفة من الطيور على سبيل الهواية وملامحه الخاصة متوترة وأقرب إلى شكل الصقر. بعد فترة من بداية الفلم وعند وقوع جريمة القتل يعطينا المجرى الصوتي موسيقى حادة ممزوجة بصرخات طيور حادة الجمهور يفترض أن القاتل هو أم الولد إلا أن الطيور مقترنة بالصبي واحد من مواضيع هتشكوك التي تتردد هو تحول الذنب في هذا الفلم التحول أكثر تعقيداً. لقد قام الصبي بنبش جثمان والدته التي ماتت منذ وقت طويل وقام بحشوه وغالباً ما يقوم بارتداء ملابس والدته . بينما يعتقد الجمهور بأنه يرى الأم وهي تقتل ضحيتين فإنه في الواقع كان قد شاهد الصبي المصاب بالشيزوفرانيا في شخصيته الثانية - أي شخصية أمه . المؤثرات الصوتية لأصوات الطيور تقدم إشارة مبكرة إلى هذا التحول السايكولوجي .
في الواقع لأن الصور تميل إلى السيطرة على الأصوات خلال تفاعلها حقاً مع فلم. فإن الكثير من المؤثرات الصوتية تؤدي عملها على مستوى اللاوعي. في فلم (سايكو) تسوق البطلة جانيت لي سيارتها عبر عاصفة مطرية شديدة في المجرى الصوتي نسمع نصال ماسحات الزجاج وهي تضرب بغضب مقطعة السيل المطري فيما بعد وعندما تدخل الحمام في أحد الموتيلات (فندق للسيارات) نسمع الأصوات نفسها معادة . مصدر صوت الماء ظاهر إلا أن الأصوات الضاربة تبدو وقد أتت من مكان غير معلوم، إلى أن يهاجم القاتل المريض إلى الحمام بسكين مشرعة للانقضاض مثل ذلك ما يجري في فلم سام بيكنبا كلاب من قش حيث تتخلل الفلم أصوات زجاج يتبعثر متكسراً ويكون لهذه الأصوات تأثير مثير الأعصاب الجمهور. في وقت متأخر من الفلم عندما تتكسر نظارات البطل في هجوم شرير نتبين علاقة المؤثرات الصوتية بوضوح.
المؤثرات الصوتية يمكن أن تؤدي لنا وظائف رمزية واضحة
(٥- ١٠) الأصوات الرمزية يمكن أن يقررها الإطار الدرامي كما في فلم لويس بونيويل حسناء النهار حيث تقترن الأجراس المقروعة مع خيالات البطلة الجنسية المؤثرات الصوتية الرمزية الأخرى أكثر وضوحاً مباشراً في فلم الكرز البري لبيركمان يحلم البطل وهو رجل كبير بكابوس. المشهد السريالي يكاد يكون صامتاً فيما عدا الصوت الدائم لضربة قلب ـ وهي مذكرة للبروفيسور بأن حياته سوف تنتهي سريعاً.
هنالك في الواقع اختلاف كبير بين السماع والاستماع. ترشح أذهاننا ذاتياً الأصوات غير المهمة في الوقت الذي نتكلم فيه في موقع كثير الضجيج في مدينة مثلا نستمع للمتحدث ولكننالا نكاد نسمع أصوات المرور. إن اللاقطة ليست على كل حال قادرة على الاختيار. وأكثر مجاري الصوت في الأفلام يتم وتنظيفها من كل الشوائب الصوتية المماثلة. المشهد الفلمي قد يشتمل على أصوات مختارة من ضجيج المدينة للإيحاء بالموقع المدني، ولكن ما أن ينم تثبيت هذا الإطار حتى تتضاءل الأصوات الخارجية وقد تتلاشى أحياناً لكي تسمح لنا بسماع الحوار بوضوح احتفظ عدد من المخرجين منذ أواخر الخمسينات بالمجاري الصوتية ذات الضجيج باسم واقعية أكبر (٥- ١١) .
متأثرين بالمدرسة الواقعية المسماة - سينما الحقيقة التي تتجنب كل الأصوات المجهزة والمعاد خلقها . مخرجون من أمثال جان لوك كودار سمحوا حتى بمشاهد حوارية مهمة ان تزال بأصوات خلفية .
في فلم (مذكر ومؤنث استخدام كودار للصوت شجاع بصورة خاصة . في الواقع إن إصراره على الأصوات الطبيعية جميعها كما تم تسجيلها في المنظر تخيف العديد من النقاد الذين يشكون من الطنين الحوشي). إلا أن المجرى الصوتي الصاخب لا يعود إلى اهمال فني كما زعم عدد من الذين قللوا من شأنه. يعالج الفلم العنف وفقدان الخصوصية والحاجة للهدوء والسلام نظراً النوعية مجراه الصوتي لم يعد كودار بحاجة إلى التعليق المفتوح على هذه المواضيع فهي تلح بإصرار في كل مشهد تقريباً. واحد من أكثر التقنيات الصوتية تأثيراً في الفلم هو استخدام طلقات البنادق في الانتقالات غالباً ما تكون المفاجئات في المونتاج منقطة بالانفجار المشتت لهذه اللقطات، التي ليس لها مصدر صوري مشاهد أخرى يصاحبها قصف كرات لعبة (البولنك) والبليارد، وطقطقة ماكنات التسليك والوقع المثير للأعصاب لآلة الطابعة وكلها توحي بطلقات بندقية مكتومة الحوار المهم يغرق أحياناً بضجيج المرور في الشارع أو بمحادثة قريبة أو قرقعة الأواني في مقهى، بسبب كوننا معتادين على مجرى صوتي نظيف فإننا في البداية نتشوش بالأصوات «الخارجية». إلا أن هذه بالضبط هي نقطة كودار فهو يريد تذكيرنا أن السكينة معدومة تماماً تقريباً في الحياة المدنية المعاصرة حيث يصعب الحصول على أكثر أنواع التركيز بدائية .
الصمت مهم يوجد بشيء الصمت المطلق في الفلم الناطق يجذب النظر إلى نفسه مثل الوقوف المطلق للفلم. أي تمدد تخلخلا معلقاً وإحساساً معلق على وشك الانفجار استغل آرثر بن هذه الظاهرة في ختام فلمه (بوني وكلايد). يتوقف العاشقان على طريق ريفية لمساعدة صديق (في الواقع مخبر) في سيارة أصابها عطب على ما يبدو يتدحرج «الصديق» بارتباك تحت السيارة. هنالك لحظة طويلة من الصمت يتبادل الحبيبان نظرات حائرة ثم قلقة. وفجأة يزمجر المجرى الصوتي بأصوات المدافع الرشاشة في الوقت الذي يضرب الحبيبان بصورة وحشية برصاص رجال الشرطة المختبئين في الأحراش. في بعض الأفلام وفلم (الصمت) لبيرمكان مثال جيد على ذلك. الوقفات الفارغة بين سطور الحوار أكثر مغزى من الحوار نفسه. هذه الوقفات توحي بالقلق والخوف والشك وفي إطار آخر توحي بالغضب والتملص والإنهاك التام .
العالم الخالي من الصوت عالم غير حقيقي من عدة وجوه وقد استغل بعض المخرجين الصمت كوسيلة سريالية للإيحاء بحالات الغرابة والحلم. لسبب ما نجد لقطات المتابعة بصورة خاصة تثير الهلع عندما تكون صامتة. فلم أف دبليو ميرنا و(الضحكة الأخيرة يبدو وكأنه كابوس بسبب الجمع بين هذه الأساليب. في الواقع الكثير من الأفلام الألمانية في العشرينات تبدو لنا سريالية ومضطربة ذهنياً بسبب آلة التصوير الصامتة الطويلة وكأنها تحاول البحث عن ضحيتها .
الصمت في الفلم الناطق مثل الإطار الجامد قد يستخدم كي يرمز للموت حيث أننا نقرن الصوت بالحياة الجارية. يستخدم كوروساوا هذا الأسلوب بشكل مؤثر في فلمه (ايكيرو) ويعرف أيضاً بعنوان (كي نعيش) بعد أن يعلم البطل من خلال طبيب بأنه سيموت من السرطان. يستغرق البطل العجوز تماماً بحقيقة الموت ويخرج من البناية الطبية إلى مجرى صوتي مطلق الصمت. ويكاد أن تدهسه سيارة في الشارع فينطلق المجرى الصوتي فجأة مز مجراً بضجيج المرور في المدينة. ويقذف البطل ثانية إلى عالم الأحياء. في فلم بين الرجل الكبير الصغير نجد المجرى الصوني «ميتاً» كذلك بعد أن يتم قتل زوجة البطل الهندية وطفله بوحشية من قبل بعض جنود الخيالة .
رغم أن الوظيفة الأولى للمؤثرات الصوتية كما يعتقد عموما الجو إلا إنها يمكن أن تكون وبصورة مدهشة مصادر وثيقة للمعنى في الفلم . مخرجون من مثل مايكل أنجيلو انطونيوني يمضون تقريباً الوقت نفسه المؤثرات الصوتية الذي يقضونه مع الموسيقى والحوار. في فلم (لافنتورا) أجهد نفسه أنطونيوني من أجل إعادة خلق نحيب الريح الوحيدة وهي تجتاح بركاناً خامداً (٥- ۸). في هذا الفلم نفسه توحي موجات البحر بضرباتها الرتيبة الملحة بالتآكل الروحي التدريجي للبطلة .
حدة المؤثرات الصوتية وشدتها وإيقاعها يمكن أن تؤثر كثيراً في استجاباتنا لكل نوع من الضوضاء، الأصوات ذات الذبذبة العالية هي . عموماً وتحدث إحساساً بالتوتر لدى المستمع. وإذا استمرت هذه الضوضاء طويلاً فإن الحدة القاسية يمكن أن تكون مثيرة للأعصاب تماماً. لهذا السبب تستخدم الأصوات الحادة وبضمنها الموسيقى غالباً في مشاهد التوقع خاصة قبل الذروة مباشرة وخلالها الأصوات ذات الذبذبة الواطئة تكون عادة ثقيلة مليئة وأقل توتراً من الأصوات الحادة. الأصوات ذات الذبذبة الواطئة تستخدم في الأغلب للتأكيد على كرامة أو وقار المشهد مثل ذلك الكورس الرجالي الذي يهمهم في فلم السامريون السبعة. الأصوات ذات الذبذبة الواطئة يمكن أيضاً أن توحي بالقلق والغموض كثيراً ما يبدأ مشهد التوقع بمثل هذه الأصوات التي تزداد تدريجياً في الذبذبة كلما تصاعد المشهد.
شدة الصوت تعمل بنفس الطريقة الأصوات العالية تميل إلى أن تكون قوية شديدة وحيوية بينما تبدو لنا الأصوات الهادئة رقيقة غير واثقة. المجرى الصوتي لفلم كوبريك البرتقالة (الميكانيكية) يكاد أن يكون عالياً باستمرار. الأصوات فيه مضخمة وذات رجع والحوار صارخ أكثر منه اعتيادياً في شدته (٥ - ۹) . تهاجم آذاننا بسيل من الأصوات المتواصلة. يستخدم كوبريك أسلوب «الهجوم» السمعي على الجمهور والنتيجة أن شدة الصوت لا تدعنا نسترخي فالصوت عنيف في شدته مثل الأحداث الدرامية للفلم .
نفس هذه المبادىء تنطبق على إيقاع الصوت. كلما أسرع الايقاع كلما زاد التوتر الذي يحدثه لدى المستمع. في مشهد الطراد من فلم وليام فريدكن الإتصال الفرنسي كل هذه المبادىء الصوتية تم استخدامها بصورة رائعة. عندما يصل الطراد ذروته يزداد ارتفاع صوت السيارة التي تبعث صريراً حاداً . والصوت الهادر للقطار الهارب تحت الأرض كما يزداد سرعة وارتفاعاً بالذبذبة في الواقع أن الكثير من نجاح هذا المشهد يعود إلى مؤثراته الصوتية التي تمت منتجتها بإستاذية كالصورة.
الأصوات التي خارج الشاشة تجلب عادة المكان الذي يقع خارج الشاشة ضمن المشاركة. يميل الصوت إلى توسيع الصورة خارج نطاق حدود الإطار. في فلم (طرق) المجد للمخرج كوبريك مثلا أصوات المدافع والبنادق تذكر الجنود في الخنادق باستمرار بالمخاطر التي يجب أن يواجهوها عندما يدخلون ميدان المعركة الأصوات البعيدة يمكن أن توحي بإحساس بالابتعاد بين المواقع على المستويين الحرفي والرمزي . فلم (رحلة نهار طويل إلى الليل) يذكر بوق الضباب البعيد الشخصيات بالرحلة السايكولوجية التي سيقوم بها كل منهم قبل انتهاء المساء. رغم أن كلا منهم يرغب في النسيان إلا إن بوق الضباب يعيدهم إلى الواقع الحالي الذي أكمل تشكيله الماضي. المؤثرات الصوتية يمكن أن تثير الرعب في أفلام التوقع والرعب. طالما إننا نميل إلى الخوف مما لا نستطيع رؤيته فإن مخرجين من أمثال هتشكوك وفريتز لانك يستخدمان في بعض الأحيان مؤثرات صوتية غير متزامنة ليضربا على نغمة القلق. إن صوت صرير باب في غرفة مظلمة يمكن أن يكون مخيفاً أكثر من صورة شخص يتسلل منها في فلم لانك المعروف باسم (m) يتم تشخيص الطفل القاتل بلحن يصفر به خارج الشاشة، خلال الأجزاء الأولى من الفلم لا نراه أبداً لكننا نميزه بلحنه المشؤوم .
في فلم هتشكوك (سايكو) استخدمت المؤثرات الصوتية لأصوات حادة للطيور بأشكال مختلفة ؛ يقترن ظهور شاب خجول محبوب (أنطوني بيركنز) بالطيور في أول الفلم يقوم بحشو انواع مختلفة من الطيور على سبيل الهواية وملامحه الخاصة متوترة وأقرب إلى شكل الصقر. بعد فترة من بداية الفلم وعند وقوع جريمة القتل يعطينا المجرى الصوتي موسيقى حادة ممزوجة بصرخات طيور حادة الجمهور يفترض أن القاتل هو أم الولد إلا أن الطيور مقترنة بالصبي واحد من مواضيع هتشكوك التي تتردد هو تحول الذنب في هذا الفلم التحول أكثر تعقيداً. لقد قام الصبي بنبش جثمان والدته التي ماتت منذ وقت طويل وقام بحشوه وغالباً ما يقوم بارتداء ملابس والدته . بينما يعتقد الجمهور بأنه يرى الأم وهي تقتل ضحيتين فإنه في الواقع كان قد شاهد الصبي المصاب بالشيزوفرانيا في شخصيته الثانية - أي شخصية أمه . المؤثرات الصوتية لأصوات الطيور تقدم إشارة مبكرة إلى هذا التحول السايكولوجي .
في الواقع لأن الصور تميل إلى السيطرة على الأصوات خلال تفاعلها حقاً مع فلم. فإن الكثير من المؤثرات الصوتية تؤدي عملها على مستوى اللاوعي. في فلم (سايكو) تسوق البطلة جانيت لي سيارتها عبر عاصفة مطرية شديدة في المجرى الصوتي نسمع نصال ماسحات الزجاج وهي تضرب بغضب مقطعة السيل المطري فيما بعد وعندما تدخل الحمام في أحد الموتيلات (فندق للسيارات) نسمع الأصوات نفسها معادة . مصدر صوت الماء ظاهر إلا أن الأصوات الضاربة تبدو وقد أتت من مكان غير معلوم، إلى أن يهاجم القاتل المريض إلى الحمام بسكين مشرعة للانقضاض مثل ذلك ما يجري في فلم سام بيكنبا كلاب من قش حيث تتخلل الفلم أصوات زجاج يتبعثر متكسراً ويكون لهذه الأصوات تأثير مثير الأعصاب الجمهور. في وقت متأخر من الفلم عندما تتكسر نظارات البطل في هجوم شرير نتبين علاقة المؤثرات الصوتية بوضوح.
المؤثرات الصوتية يمكن أن تؤدي لنا وظائف رمزية واضحة
(٥- ١٠) الأصوات الرمزية يمكن أن يقررها الإطار الدرامي كما في فلم لويس بونيويل حسناء النهار حيث تقترن الأجراس المقروعة مع خيالات البطلة الجنسية المؤثرات الصوتية الرمزية الأخرى أكثر وضوحاً مباشراً في فلم الكرز البري لبيركمان يحلم البطل وهو رجل كبير بكابوس. المشهد السريالي يكاد يكون صامتاً فيما عدا الصوت الدائم لضربة قلب ـ وهي مذكرة للبروفيسور بأن حياته سوف تنتهي سريعاً.
هنالك في الواقع اختلاف كبير بين السماع والاستماع. ترشح أذهاننا ذاتياً الأصوات غير المهمة في الوقت الذي نتكلم فيه في موقع كثير الضجيج في مدينة مثلا نستمع للمتحدث ولكننالا نكاد نسمع أصوات المرور. إن اللاقطة ليست على كل حال قادرة على الاختيار. وأكثر مجاري الصوت في الأفلام يتم وتنظيفها من كل الشوائب الصوتية المماثلة. المشهد الفلمي قد يشتمل على أصوات مختارة من ضجيج المدينة للإيحاء بالموقع المدني، ولكن ما أن ينم تثبيت هذا الإطار حتى تتضاءل الأصوات الخارجية وقد تتلاشى أحياناً لكي تسمح لنا بسماع الحوار بوضوح احتفظ عدد من المخرجين منذ أواخر الخمسينات بالمجاري الصوتية ذات الضجيج باسم واقعية أكبر (٥- ١١) .
متأثرين بالمدرسة الواقعية المسماة - سينما الحقيقة التي تتجنب كل الأصوات المجهزة والمعاد خلقها . مخرجون من أمثال جان لوك كودار سمحوا حتى بمشاهد حوارية مهمة ان تزال بأصوات خلفية .
في فلم (مذكر ومؤنث استخدام كودار للصوت شجاع بصورة خاصة . في الواقع إن إصراره على الأصوات الطبيعية جميعها كما تم تسجيلها في المنظر تخيف العديد من النقاد الذين يشكون من الطنين الحوشي). إلا أن المجرى الصوتي الصاخب لا يعود إلى اهمال فني كما زعم عدد من الذين قللوا من شأنه. يعالج الفلم العنف وفقدان الخصوصية والحاجة للهدوء والسلام نظراً النوعية مجراه الصوتي لم يعد كودار بحاجة إلى التعليق المفتوح على هذه المواضيع فهي تلح بإصرار في كل مشهد تقريباً. واحد من أكثر التقنيات الصوتية تأثيراً في الفلم هو استخدام طلقات البنادق في الانتقالات غالباً ما تكون المفاجئات في المونتاج منقطة بالانفجار المشتت لهذه اللقطات، التي ليس لها مصدر صوري مشاهد أخرى يصاحبها قصف كرات لعبة (البولنك) والبليارد، وطقطقة ماكنات التسليك والوقع المثير للأعصاب لآلة الطابعة وكلها توحي بطلقات بندقية مكتومة الحوار المهم يغرق أحياناً بضجيج المرور في الشارع أو بمحادثة قريبة أو قرقعة الأواني في مقهى، بسبب كوننا معتادين على مجرى صوتي نظيف فإننا في البداية نتشوش بالأصوات «الخارجية». إلا أن هذه بالضبط هي نقطة كودار فهو يريد تذكيرنا أن السكينة معدومة تماماً تقريباً في الحياة المدنية المعاصرة حيث يصعب الحصول على أكثر أنواع التركيز بدائية .
الصمت مهم يوجد بشيء الصمت المطلق في الفلم الناطق يجذب النظر إلى نفسه مثل الوقوف المطلق للفلم. أي تمدد تخلخلا معلقاً وإحساساً معلق على وشك الانفجار استغل آرثر بن هذه الظاهرة في ختام فلمه (بوني وكلايد). يتوقف العاشقان على طريق ريفية لمساعدة صديق (في الواقع مخبر) في سيارة أصابها عطب على ما يبدو يتدحرج «الصديق» بارتباك تحت السيارة. هنالك لحظة طويلة من الصمت يتبادل الحبيبان نظرات حائرة ثم قلقة. وفجأة يزمجر المجرى الصوتي بأصوات المدافع الرشاشة في الوقت الذي يضرب الحبيبان بصورة وحشية برصاص رجال الشرطة المختبئين في الأحراش. في بعض الأفلام وفلم (الصمت) لبيرمكان مثال جيد على ذلك. الوقفات الفارغة بين سطور الحوار أكثر مغزى من الحوار نفسه. هذه الوقفات توحي بالقلق والخوف والشك وفي إطار آخر توحي بالغضب والتملص والإنهاك التام .
العالم الخالي من الصوت عالم غير حقيقي من عدة وجوه وقد استغل بعض المخرجين الصمت كوسيلة سريالية للإيحاء بحالات الغرابة والحلم. لسبب ما نجد لقطات المتابعة بصورة خاصة تثير الهلع عندما تكون صامتة. فلم أف دبليو ميرنا و(الضحكة الأخيرة يبدو وكأنه كابوس بسبب الجمع بين هذه الأساليب. في الواقع الكثير من الأفلام الألمانية في العشرينات تبدو لنا سريالية ومضطربة ذهنياً بسبب آلة التصوير الصامتة الطويلة وكأنها تحاول البحث عن ضحيتها .
الصمت في الفلم الناطق مثل الإطار الجامد قد يستخدم كي يرمز للموت حيث أننا نقرن الصوت بالحياة الجارية. يستخدم كوروساوا هذا الأسلوب بشكل مؤثر في فلمه (ايكيرو) ويعرف أيضاً بعنوان (كي نعيش) بعد أن يعلم البطل من خلال طبيب بأنه سيموت من السرطان. يستغرق البطل العجوز تماماً بحقيقة الموت ويخرج من البناية الطبية إلى مجرى صوتي مطلق الصمت. ويكاد أن تدهسه سيارة في الشارع فينطلق المجرى الصوتي فجأة مز مجراً بضجيج المرور في المدينة. ويقذف البطل ثانية إلى عالم الأحياء. في فلم بين الرجل الكبير الصغير نجد المجرى الصوني «ميتاً» كذلك بعد أن يتم قتل زوجة البطل الهندية وطفله بوحشية من قبل بعض جنود الخيالة .
تعليق