تَمَكَّنَ العلماءُ من تصميمِ بروتينٍ علاجيٍّ يَستهدفُ مستقبِلاتٍ (Receptor) عادةً ما تتواجدُ على سطح الخلايا غير السليمة والتي يرتبطُ وجودُها بِتَطَوُّرِ عددٍ من الأمراض، ومن ضمنها مَرَضِ السَّرَطَان. بحيث من المأمول أن يقودَ اكتشافُ البروتين الجديد – الذي يرتبطُ بالخلايا غير الطبيعية بطريقة جديدة – إلى علاجاتٍ مُستَحدَثةٍ أكثرَ فعاليَّةٍ في المستقبل.
يُدعَى البروتين المصمَّم «برو أجيو» (ProAgio)، وقد تَمَّ تطويره من بروتينٍ بشري، وهو يستهدفُ مستقبِلًا سطحيًّا (Transmembrane receptor) مثبتًا بغشاءِ الخليَّةِ يُدعى «انتجرين» (Integrin) الذي يسمحُ بالتفاعلِ بين الخلايا.
ويُعتَبر المستقبِل «الإنتجرين ألفا ڤي بيتا 3» (αVβ₃) هدفًا أساسًا في صناعةِ الدواء وذلك لأنَّ وجودَه يكون مترافقًا مع وجودِ خلايا غيرِ طبيعيةٍ بإمكانها التحول إلى خلايا سرطانيَّة، ولا يتمُّ التعبير عنه بنسبةٍ كبيرةٍ في الأنسجةِ الطبيعيَّةِ كما صرَّح عالم البيولوجيا الجزئيَّة (Molecular biology) «زهي رين ليو» (Zhi – Ren Liu).
تَجْدرُ الإشارةُ إلى أنَّه وعلى الرغم من ذلك، لا يُمَثِّلُ وجود هذا البروتين علامةً مميزةً للخلايا غير السليمة، حيث أنَّه يتواجدُ أيضًا في خلايا الأوعيةِ الدمويَّةِ الجديدةِ وكذلك في خلايا الجسم الدفاعية كالخلايا الأكولة (Macrophages) وفي خلايا العظام.
وَلَكِنَّهُ غالبًا ما يؤدِّي وظيفته في الخلايا السرطانيةِ الخبيثةِ التي تَنْقَسِمُ بِهَدَفِ الانتشارِ في أجزاءٍ أخرى من الجسم، بحيثُ يُحَفِّزُ إنزيمًا (Enzyme) يدعى «كاسبيس 8» (Caspace 8) الذي يلعبُ دورًا أساسًا في موت الخلية المبرمَج (Apoptosis)، وهذا ما يُفسِّرُ اهتمامَ مُطوري الدواء بِهذا المُستقبِل (Receptor) على وجه الخصوص.
وقد طَوَّر العلماءُ سابقًا علاجاتٍ تعتمِدُ على شحذِ المُستقبِل «ألفا ڤي بيتا 3» بواسطة عمليَّةٍ تُدعى «الارتباط الملزم» (Ligand binding)، وهي عَمَليَّةٌ تَهدفُ إلى تكوينِ رابطةٍ كيمايئيَّةٍ بين المُستقبِل (Receptor) وبين المركَّب العلاجي بغية تكوين مركَّب جديدٍ يمكنه القضاء على الخليَّة. ولكن لم تكن هذه التقنيَّات على قدر الطموحات، وهذا ما جعل العالِم «زهي رين ليو» وفريقه يطوِّرون الطريقةَ الجديدةَ موضوعَ الشرح.
فقد قاموا بتصميمِ بروتينٍ جديدٍ يُدعى «بيتا آي غروڤ» (βA – groove) يتَّصِلُ بموقعٍ مختلفٍ من المستقبِلِ « ألفا ڤي بيتا 3» فيتشكَّلُ مركَّبٌ يؤدي إلى موتِ الخليَّةِ مباشرةً، وهذا ما يساهمُ في القضاءِ على المرض.
وقد أفضت تجاربُ العلماء على الفئرانِ المصابةِ بأورامَ إلى تأكيدِ تأثيرِ «برو أجيو» القوي، بحيثُ عَمِلَ على توقيفِ نموِّ الأورامِ السرطانيَّة وكذلك الأوعية الدموية السرطانيَّة مع الحفاظ على الأوعية الدمويَّة الأخرى سليمة. كما وأكَّدت اختبارات السميَّة (Toxicity tests) غياب أيِّ تأثيرٍ سميٍّ لهذا المستقبِل (Receptor) على صحَّة الفئران التي أجرى عليها العلماءُ دراسَتَهم.
ونظَرًا إلى أنَّ «برو أجيو» ما زال في مرحلةِ التجاربِ على حيواناتِ المختبرِ فقط، فما يزالُ الطريقُ طويلًا أمام العلماءِ لتأكيد تأثيرِه الآمن على البشر.