مسرحيون سعوديون: رؤية 2030 فتحت آفاق الإبداع للمسرح والمسرحيين
المسرح السعودي يشهد فترة ازدهار مع دعم الدولة ومؤسساتها له.
الأحد 2023/03/05
انشرWhatsAppTwitterFacebook
تطور في الأداء والمواضيع
شكلت الثقافة محورا مهما وأساسيا من رؤية السعودية 2030 انطلاقا من التأليف والنشر، وصناعة السينما والإنتاج الموسيقي والفنون التشكيلية، والفنون الأدائية والاستعراضية. ومنذ انطلاقها تشكلت الكثير من الملامح بفضل الإنجازات الكبرى التي عملت فيها مؤسسات المملكة المعنية جنبا إلى جنب مع المثقفين والمبدعين والفنانين، وقد كان للمسرح نصيب كبير منها، وهذا ما أكدت عليه ندوة المسرح السعودي في أفق رؤية 2030 والتي أقيمت ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي.
سعت ندوة “المسرح السعودي في أفق رؤية 2030” التي أقيمت ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسح الخليجي، إلى الإجابة عن الكثير من التساؤلات منها: ما الذي تعنيه رؤية 2030 من منظور أهل المسرح السعودي؟ وما إمكانات المسرح السعودي لتحقيق أهداف هذه الرؤية؟ وإلى أي مدى يجسد الحراك المسرحي الراهن في المملكة ملمحا من جهود الإستراتيجية الوطنية المستقبلية؟
مسرح الحياة والمجتمع
بداية يقول الناقد والمخرج سامي الجمعان إن “المواطن السعودي المنتمي إلى قطاع المسرح تساءل غيره من أبناء المملكة العربية السعودية عن دوره، عن موقعه، عن انعكاس رؤية المملكة 2030 عليه، عن فنه، عن مستقبله المسرحي. والحقيقة أنها كانت مرحلة تحول بالنسبة إليه، رفع سقف طموحاته حد السماء، بأن ثمة جديدا سيطرأ على واقعه الفني، وأن مرحلة جديدة ستأخذه إلى تحقيق طموحاته وآماله، التي ربما لم تتحقق في مراحل سابقة حيث كان المسرحي السعودي يناضل في ظل فقر الإمكانات وضعف البنية التحتية، وعدم قدرة جمعيات الثقافة والفنون ملجأه الأول لاحتضان موهبته، وترجمة طموحه العريض، فضلا عن رعاية الشباب، وبعض الجهات الأخرى. وكما هو معروف مرت سنين طوال والمسرحي السعودي نسخة من دونكيشوت الذي يحارب طواحين الهواء، من أجل أن يحقق وجوده، فكانت رؤية 2030 طوق نجاة بالنسبة إليه، في منظوره المبدئي لها”.
يشير الجمعان إلى أن الدولة أعلنت عن الرؤية وإستراتيجياتها الطموحة، ففتحت لكل القطاعات نوافذ تطلعات لا حد لها، رؤية واضحة المعالم، صريحة الأهداف، لم تترك شاردة ولا واردة لم تسع لترجمتها واقعا مستقبليا حالما. هنا فتش المسرحي السعودي عن ممراته فيها، بحث بلهفة عن تموقعه في تفاصيلها، فاكتشف أن المسألة مرتبطة بحالة تغيير شمولي، أو تغيير منهجية وزارة الثقافة تغييرا كاملا، فكان ذلك بخطوة فصل وزارة الثقافة عن وزارة الإعلام. وبنيل وزارة الثقافة استقلاليتها نالت القوة وتمكنت من أدواتها، فوضعت خريطة ثقافية منظمة للغاية بالتأكيد كان المسرح جزءا منها. وترقب المسرحي السعودي على مضض وعلى أحر من الجمر الشكل الجديد الذي سيتولى المسرح في وزارة الثقافة حتى أعلن عن هيئة المسرح والفنون الأدائية، التي تولت المسرح ومشاريعه. وأول فرحتين نالهما إعلان الهيئة عن: أولا المسرح الوطني السعودي في حفل حضره ضيوف من كل الدول، وثانيا حفل ضخم آخر خصص لإعلان إستراتيجية هيئة المسرح والفنون الأدائية، مما أعطى انطباعا واضحا للمسرحي السعودي بأن الهيئة تترجم ما جاء في سياسة الدولة عبر الرؤية.
ويوضح “انتظر المسرحي السعودي قليلا من الوقت حتى أعلنت وزارة الثقافة عن جمعية المسرح والفنون الأدائية التي هي بمثابة حافظة حقوق الفنان المسرحي السعودي، والجمعية تعمل على قدم وساق من أجل أن تكون حاضرة في خدمته”.
ويتساءل “هذه في مجملها وقائع إدارية تترجم موقع الحراك المسرحي السعودي في رؤية 2030، ولكن كيف يمكنني رصد ترقب وانتظار وتطلع المسرحي السعودي للرؤية وما تحمله لمسرحه؟”.
ويجيب “كل المسرحيين السعوديين رسموا حلمهم في المحاور الثلاثة التي شكلت حجر أساس الرؤية وهي: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح، وهذه المحاور العامة ترجمت إلى 96 هدفا إستراتيجيا. وقد اكتشف المسرحي السعودي أن في كل محور من المحاور الثلاثة له ما يتسق مع حراكه المسرحي، مثلا نص محور المجتمع الحيوي على وجوب أن يعتني المواطن بهويته وتراثه الثقافي. وفي اقتصاد مزدهر وجد المسرحي أن الرؤية تحمله مسؤولية أن يصبح المسرح رافدا اقتصاديا عبر الاستثمار الحقيقي، حيث نصت على ارتفاع إنفاق الأسر على الترفيه، واعتبر المسرحي أحد الذين يوجهون بضاعتهم الفنية الإبداعية للأسرة السعودية. وفي محور وطن طموح لاحظنا كيف وضع هدف أساسي هو تمكين تحقيق أثر أكبر للقطاع غير الربحي“.
ويؤكد الجمعان أن “المسرحي السعودي انخرط في دواليب الرؤية بعد أن تلمس تغييرا جذريا في مجتمعه السعودي على شتى المستويات، الحياة الاجتماعية، الانفتاح الاقتصادي، جودة الحياة، استضافة الشعوب، ثم إن بلاده أصبحت وجهة للمبدعين في العالم أجمع وليس العالم العربي فحسب، من هنا بدأت الصورة في ذهنه تتحول بوصلتها، إنه يتوجه نحو مسرح أعمق مما كان، إنه المسرح المرتبط بالحياة والمجتمع، المسرح الذي يكون زادا يوميا للناس عامة وليس للنخبة فحسب”.
جهود الدولة
يرى الكاتب والممثل المسرحي سامي الزهراني أنه في إطار تعزيز جودة الحياة وضعت رؤية المملكة 2030 عددا من البرامج والمبادرات الهادفة إلى تحسين نمط حياة الفرد والأسرة، وبناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن. ولأن رفاهية النفس لها الأثر في تحقيق النجاحات، وتقديم أقصى ما يمكن أن يقدمه الفرد لنفسه ومجتمعه ووطنه، كان تركيز الرؤية على جعل حياة المواطن والمقيم أكثر حيوية وثراء وذلك عبر إشراكهما في الأنشطة الثقافية التي تسهم في تعزيز جودة الحياة للجميع.
ويضيف “في ظل تحقيق هذه الرؤية في القطاع الثقافي وجعل الثقافة نمط حياة لتحقيق النمو الاقتصادي، وتعزيز مكانة السعودية دوليا، والحفاظ على هويتها، خصوصا في المسرح، تم تأسيس وزارة تعنى بالثقافة عام 2018، وانبثقت عنها 13 هيئة ثقافية مستقلة من ضمنها هيئة المسرح والفنون الأدائية في عام 2020. كما سعت الوزارة إلى تطوير الإمكانات وتعزيز الفرص والقدرات في القطاع المسرحي من خلال ما أطلقته من توجهات ومبادرات تتماشى بدقة مع المحاور الإستراتيجية لرؤية المملكة 2030”.
ويتابع قائلا إنه ضمن “أول حزمة من هذه المبادرات لخدمة القطاع المسرحي تم اعتماد برنامج الابتعاث الثقافي الذي تضمن عددا من الطلاب والطالبات الذين يدرسون المسرح في الجامعات العالمية، كما تم إطلاق منصة أبدع الإلكترونية لتقديم الدعم والتمكين للنشاط المسرحي، وذلك عن طريق إتاحة خدمة إصدار التراخيص والتصاريح للممارسين والموهوبين السعوديين والمقيمين في القطاع المسرحي، وأقامت الوزارة مسابقة للتأليف المسرحي وهي مسابقة يرسل فيها المشتركون نصوصهم المسرحية. وتتيح المسابقة فوز المشاركين بجوائز قیمة. أيضا من مبادرات وزارة الثقافة صندوق التنمية الثقافي ‘صندوق نمو الثقافي‘ لدعم وتمكين المواهب السعودية في مختلف مجالات الإبداع، وتسعى الوزارة من خلاله إلى دعم الممارسين في مجالات إبداعية متنوعة من ضمنها المجال المسرحي”.
ويسترسل بقوله “كما اعتمدت الوزارة بناء عدد من بيوت الثقافة في مختلف مناطق المملكة تحتوي على مسارح متكاملة لتمكين المسرحيين المشتغلين من إقامة العروض المسرحية المختلفة، وتعزيز نمو القطاع الثالث وهو القطاع غير الربحي من خلال المساهمة في تأسيس جمعية المسرح والفنون الأدائية المهنية ودعم وحث التكوينات المسرحية المختلفة لتتوجه إلى الشكل المؤسساتي الرسمي من خلال العديد من التكوينات الرسمية، مثل الجمعيات وأندية الهواة والشركات، وهذا يندرج تحت تحويل الأشكال الرسمية لتنظيم دعمها لتجويد المنتج المسرحي المختلف”.
ويضيف الزهراني أنه من جانب آخر تأتي هيئة المسرح والفنون الأدائية لتقديم العديد من المبادرات والمشاريع والبرامج المختلفة والنوعية والمتفردة التي ستعمل على النهوض بالمجال المسرحي والفنون الأدائية ودعم وتشجيع التمويل والاستثمار فيه، واعتماد برامج تدريبية مهنية وجهات مانحة للشهادات المتخصصة في المجال. إن العديد من المبادرات والبرامج والمسابقات التي أطلقتها هذه الهيئة تختص بالمسرح مثل مسابقة الكوميديا، ومبادرة المسرح الوطني، ومبادرة تطوير المهارات، والبرنامج التدريبي ‘المحترف المسرحي’، وندوات كالوس التي نوقشت من خلالها الكثير من مفاصل المسرح بمشاركة العديد من المسرحيين السعوديين والعرب، ومبادرة تمثيل المملكة دوليا التي خصصت لدعم المشاركات المسرحية السعودية دوليا، ومشروع حصر الفرق المسرحية والممارسين في مختلف أنحاء المملكة، وبرنامج ‘من الفكرة إلى الخشبة’ الذي تضمن العديد من الدورات التدريبية المسرحية التي قدمت افتراضيا وحضوريا، قدمها عدد من المدربين العرب والأجانب، وبرنامج ‘الفرشات والنحل’ الذي يعنى بالأطفال للتعريف بمفاهيم الفنون المسرحية، وبرنامج المسرح الموسيقي”.
ويشدد على أن ما تقدمة الهيئة يركز في هذه المرحلة على تأسيس القطاع والارتقاء بأدائه من خلال تنمية المواهب وبناء القدرات، ودعم وتمويل إقامة الفعاليات من خلال منح التراخيص، إلى جانب دعم وتمويل الإنتاج للمسرح الوطني والقطاع الخاص ورفع مستوى الوعي بالقطاع محليا ودوليا وتعزيز منظومة قطاع المجتمع المدني وتوسيع أدوار نطاقه مع الوقت.
ويلفت الزهراني إلى إعلان مجلس إدارة مؤسسة حديقة الملك سلمان، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن إطلاق الأعمال الإنشائية بالمجمع الملكي للفنون في مدينة الرياض على مساحة تزيد على 500 ألف متر مربع، والذي يشتمل على ثلاث أكاديميات من ضمنها أكاديمية للفنون المسرحية ومسرح وطني بسعة 2300 مقعد.
المسرح السعودي يشهد فترة ازدهار مع دعم الدولة ومؤسساتها له.
الأحد 2023/03/05
انشرWhatsAppTwitterFacebook
تطور في الأداء والمواضيع
شكلت الثقافة محورا مهما وأساسيا من رؤية السعودية 2030 انطلاقا من التأليف والنشر، وصناعة السينما والإنتاج الموسيقي والفنون التشكيلية، والفنون الأدائية والاستعراضية. ومنذ انطلاقها تشكلت الكثير من الملامح بفضل الإنجازات الكبرى التي عملت فيها مؤسسات المملكة المعنية جنبا إلى جنب مع المثقفين والمبدعين والفنانين، وقد كان للمسرح نصيب كبير منها، وهذا ما أكدت عليه ندوة المسرح السعودي في أفق رؤية 2030 والتي أقيمت ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي.
سعت ندوة “المسرح السعودي في أفق رؤية 2030” التي أقيمت ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسح الخليجي، إلى الإجابة عن الكثير من التساؤلات منها: ما الذي تعنيه رؤية 2030 من منظور أهل المسرح السعودي؟ وما إمكانات المسرح السعودي لتحقيق أهداف هذه الرؤية؟ وإلى أي مدى يجسد الحراك المسرحي الراهن في المملكة ملمحا من جهود الإستراتيجية الوطنية المستقبلية؟
مسرح الحياة والمجتمع
بداية يقول الناقد والمخرج سامي الجمعان إن “المواطن السعودي المنتمي إلى قطاع المسرح تساءل غيره من أبناء المملكة العربية السعودية عن دوره، عن موقعه، عن انعكاس رؤية المملكة 2030 عليه، عن فنه، عن مستقبله المسرحي. والحقيقة أنها كانت مرحلة تحول بالنسبة إليه، رفع سقف طموحاته حد السماء، بأن ثمة جديدا سيطرأ على واقعه الفني، وأن مرحلة جديدة ستأخذه إلى تحقيق طموحاته وآماله، التي ربما لم تتحقق في مراحل سابقة حيث كان المسرحي السعودي يناضل في ظل فقر الإمكانات وضعف البنية التحتية، وعدم قدرة جمعيات الثقافة والفنون ملجأه الأول لاحتضان موهبته، وترجمة طموحه العريض، فضلا عن رعاية الشباب، وبعض الجهات الأخرى. وكما هو معروف مرت سنين طوال والمسرحي السعودي نسخة من دونكيشوت الذي يحارب طواحين الهواء، من أجل أن يحقق وجوده، فكانت رؤية 2030 طوق نجاة بالنسبة إليه، في منظوره المبدئي لها”.
يشير الجمعان إلى أن الدولة أعلنت عن الرؤية وإستراتيجياتها الطموحة، ففتحت لكل القطاعات نوافذ تطلعات لا حد لها، رؤية واضحة المعالم، صريحة الأهداف، لم تترك شاردة ولا واردة لم تسع لترجمتها واقعا مستقبليا حالما. هنا فتش المسرحي السعودي عن ممراته فيها، بحث بلهفة عن تموقعه في تفاصيلها، فاكتشف أن المسألة مرتبطة بحالة تغيير شمولي، أو تغيير منهجية وزارة الثقافة تغييرا كاملا، فكان ذلك بخطوة فصل وزارة الثقافة عن وزارة الإعلام. وبنيل وزارة الثقافة استقلاليتها نالت القوة وتمكنت من أدواتها، فوضعت خريطة ثقافية منظمة للغاية بالتأكيد كان المسرح جزءا منها. وترقب المسرحي السعودي على مضض وعلى أحر من الجمر الشكل الجديد الذي سيتولى المسرح في وزارة الثقافة حتى أعلن عن هيئة المسرح والفنون الأدائية، التي تولت المسرح ومشاريعه. وأول فرحتين نالهما إعلان الهيئة عن: أولا المسرح الوطني السعودي في حفل حضره ضيوف من كل الدول، وثانيا حفل ضخم آخر خصص لإعلان إستراتيجية هيئة المسرح والفنون الأدائية، مما أعطى انطباعا واضحا للمسرحي السعودي بأن الهيئة تترجم ما جاء في سياسة الدولة عبر الرؤية.
ويوضح “انتظر المسرحي السعودي قليلا من الوقت حتى أعلنت وزارة الثقافة عن جمعية المسرح والفنون الأدائية التي هي بمثابة حافظة حقوق الفنان المسرحي السعودي، والجمعية تعمل على قدم وساق من أجل أن تكون حاضرة في خدمته”.
ويتساءل “هذه في مجملها وقائع إدارية تترجم موقع الحراك المسرحي السعودي في رؤية 2030، ولكن كيف يمكنني رصد ترقب وانتظار وتطلع المسرحي السعودي للرؤية وما تحمله لمسرحه؟”.
ويجيب “كل المسرحيين السعوديين رسموا حلمهم في المحاور الثلاثة التي شكلت حجر أساس الرؤية وهي: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح، وهذه المحاور العامة ترجمت إلى 96 هدفا إستراتيجيا. وقد اكتشف المسرحي السعودي أن في كل محور من المحاور الثلاثة له ما يتسق مع حراكه المسرحي، مثلا نص محور المجتمع الحيوي على وجوب أن يعتني المواطن بهويته وتراثه الثقافي. وفي اقتصاد مزدهر وجد المسرحي أن الرؤية تحمله مسؤولية أن يصبح المسرح رافدا اقتصاديا عبر الاستثمار الحقيقي، حيث نصت على ارتفاع إنفاق الأسر على الترفيه، واعتبر المسرحي أحد الذين يوجهون بضاعتهم الفنية الإبداعية للأسرة السعودية. وفي محور وطن طموح لاحظنا كيف وضع هدف أساسي هو تمكين تحقيق أثر أكبر للقطاع غير الربحي“.
ويؤكد الجمعان أن “المسرحي السعودي انخرط في دواليب الرؤية بعد أن تلمس تغييرا جذريا في مجتمعه السعودي على شتى المستويات، الحياة الاجتماعية، الانفتاح الاقتصادي، جودة الحياة، استضافة الشعوب، ثم إن بلاده أصبحت وجهة للمبدعين في العالم أجمع وليس العالم العربي فحسب، من هنا بدأت الصورة في ذهنه تتحول بوصلتها، إنه يتوجه نحو مسرح أعمق مما كان، إنه المسرح المرتبط بالحياة والمجتمع، المسرح الذي يكون زادا يوميا للناس عامة وليس للنخبة فحسب”.
جهود الدولة
يرى الكاتب والممثل المسرحي سامي الزهراني أنه في إطار تعزيز جودة الحياة وضعت رؤية المملكة 2030 عددا من البرامج والمبادرات الهادفة إلى تحسين نمط حياة الفرد والأسرة، وبناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن. ولأن رفاهية النفس لها الأثر في تحقيق النجاحات، وتقديم أقصى ما يمكن أن يقدمه الفرد لنفسه ومجتمعه ووطنه، كان تركيز الرؤية على جعل حياة المواطن والمقيم أكثر حيوية وثراء وذلك عبر إشراكهما في الأنشطة الثقافية التي تسهم في تعزيز جودة الحياة للجميع.
ويضيف “في ظل تحقيق هذه الرؤية في القطاع الثقافي وجعل الثقافة نمط حياة لتحقيق النمو الاقتصادي، وتعزيز مكانة السعودية دوليا، والحفاظ على هويتها، خصوصا في المسرح، تم تأسيس وزارة تعنى بالثقافة عام 2018، وانبثقت عنها 13 هيئة ثقافية مستقلة من ضمنها هيئة المسرح والفنون الأدائية في عام 2020. كما سعت الوزارة إلى تطوير الإمكانات وتعزيز الفرص والقدرات في القطاع المسرحي من خلال ما أطلقته من توجهات ومبادرات تتماشى بدقة مع المحاور الإستراتيجية لرؤية المملكة 2030”.
ويتابع قائلا إنه ضمن “أول حزمة من هذه المبادرات لخدمة القطاع المسرحي تم اعتماد برنامج الابتعاث الثقافي الذي تضمن عددا من الطلاب والطالبات الذين يدرسون المسرح في الجامعات العالمية، كما تم إطلاق منصة أبدع الإلكترونية لتقديم الدعم والتمكين للنشاط المسرحي، وذلك عن طريق إتاحة خدمة إصدار التراخيص والتصاريح للممارسين والموهوبين السعوديين والمقيمين في القطاع المسرحي، وأقامت الوزارة مسابقة للتأليف المسرحي وهي مسابقة يرسل فيها المشتركون نصوصهم المسرحية. وتتيح المسابقة فوز المشاركين بجوائز قیمة. أيضا من مبادرات وزارة الثقافة صندوق التنمية الثقافي ‘صندوق نمو الثقافي‘ لدعم وتمكين المواهب السعودية في مختلف مجالات الإبداع، وتسعى الوزارة من خلاله إلى دعم الممارسين في مجالات إبداعية متنوعة من ضمنها المجال المسرحي”.
ويسترسل بقوله “كما اعتمدت الوزارة بناء عدد من بيوت الثقافة في مختلف مناطق المملكة تحتوي على مسارح متكاملة لتمكين المسرحيين المشتغلين من إقامة العروض المسرحية المختلفة، وتعزيز نمو القطاع الثالث وهو القطاع غير الربحي من خلال المساهمة في تأسيس جمعية المسرح والفنون الأدائية المهنية ودعم وحث التكوينات المسرحية المختلفة لتتوجه إلى الشكل المؤسساتي الرسمي من خلال العديد من التكوينات الرسمية، مثل الجمعيات وأندية الهواة والشركات، وهذا يندرج تحت تحويل الأشكال الرسمية لتنظيم دعمها لتجويد المنتج المسرحي المختلف”.
ويضيف الزهراني أنه من جانب آخر تأتي هيئة المسرح والفنون الأدائية لتقديم العديد من المبادرات والمشاريع والبرامج المختلفة والنوعية والمتفردة التي ستعمل على النهوض بالمجال المسرحي والفنون الأدائية ودعم وتشجيع التمويل والاستثمار فيه، واعتماد برامج تدريبية مهنية وجهات مانحة للشهادات المتخصصة في المجال. إن العديد من المبادرات والبرامج والمسابقات التي أطلقتها هذه الهيئة تختص بالمسرح مثل مسابقة الكوميديا، ومبادرة المسرح الوطني، ومبادرة تطوير المهارات، والبرنامج التدريبي ‘المحترف المسرحي’، وندوات كالوس التي نوقشت من خلالها الكثير من مفاصل المسرح بمشاركة العديد من المسرحيين السعوديين والعرب، ومبادرة تمثيل المملكة دوليا التي خصصت لدعم المشاركات المسرحية السعودية دوليا، ومشروع حصر الفرق المسرحية والممارسين في مختلف أنحاء المملكة، وبرنامج ‘من الفكرة إلى الخشبة’ الذي تضمن العديد من الدورات التدريبية المسرحية التي قدمت افتراضيا وحضوريا، قدمها عدد من المدربين العرب والأجانب، وبرنامج ‘الفرشات والنحل’ الذي يعنى بالأطفال للتعريف بمفاهيم الفنون المسرحية، وبرنامج المسرح الموسيقي”.
ويشدد على أن ما تقدمة الهيئة يركز في هذه المرحلة على تأسيس القطاع والارتقاء بأدائه من خلال تنمية المواهب وبناء القدرات، ودعم وتمويل إقامة الفعاليات من خلال منح التراخيص، إلى جانب دعم وتمويل الإنتاج للمسرح الوطني والقطاع الخاص ورفع مستوى الوعي بالقطاع محليا ودوليا وتعزيز منظومة قطاع المجتمع المدني وتوسيع أدوار نطاقه مع الوقت.
ويلفت الزهراني إلى إعلان مجلس إدارة مؤسسة حديقة الملك سلمان، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن إطلاق الأعمال الإنشائية بالمجمع الملكي للفنون في مدينة الرياض على مساحة تزيد على 500 ألف متر مربع، والذي يشتمل على ثلاث أكاديميات من ضمنها أكاديمية للفنون المسرحية ومسرح وطني بسعة 2300 مقعد.