مصر تفكّ عقدة تصوير الأفلام الأجنبية على أراضيها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مصر تفكّ عقدة تصوير الأفلام الأجنبية على أراضيها

    مصر تفكّ عقدة تصوير الأفلام الأجنبية على أراضيها


    تشكيل لجنة لإعادة صياغة قواعد التصوير لجذب شركات الإنتاج العالمية.
    الجمعة 2023/04/28
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    استفاقة متأخرة لجذب المهتمين بتصوير الأفلام في مصر

    استشعرت الحكومة المصرية، وسط الأزمة الاقتصادية الحادة، أهمية إعادة صياغة القوانين التي تمكنها من منافسة الدول العربية الرائدة على سوق تصوير الأفلام الأجنبية التي من شأنها تعزيز إشعاعها الثقافي وجذب الاستثمارات الثقافية من خلال مواقعها الجغرافية وإرثها الحضاري والتاريخي المميز.

    القاهرة - حرك البرلمان المصري جمود التضييق على تصوير الأفلام الأجنبية في المواقع السياحية والأثرية داخل مصر ضمن مساع حكومية لإيجاد مسارات جديدة للحصول على العملات الأجنبية، ما يحقق في الوقت ذاته جذبًا للسياحة التي يعول عليها لسد فجوات تمويل تسببت في تراجع قيمة الجنيه وزيادة معدلات التضخم، ما يشي بوجود أبعاد مختلفة تغلّف التطرق إلى فكّ عقدة تصوير الأفلام في هذا التوقيت.

    وناقشت لجنة الإعلام بمجلس النواب طلب إحاطة مقدما من النائبة منى عمر بشأن عدم وجود خطة واضحة للمجلس الأعلى للآثار للاستغلال الاستثماري للآثار في الإعلانات والأفلام وغيرها، بما يحقق عائدا ماليا جيدا لقطاع الآثار.

    ومن المقرر أن يتم عقد اجتماع آخر قريبا تحضره جهات وهيئات متخصصة في عملية منح تراخيص التصوير قبل الخروج بتشريع يضع ذلك في يد جهة واحدة.

    وأوصى البرلمان في اجتماعه الثلاثاء، بتشكيل لجنة مكونة من وزارتي الثقافة والآثار والسياحة ومدينة الإنتاج الإعلامي ووزارتي الداخلية والخارجية وجهات أخرى لتكون بمثابة هيئة محددة للتعامل مع من يريد تصوير أفلام عالمية داخل مصر.
    إجراءات معرقلة



    نجاح مصر في جذب شركات إنتاج أجنبية للتصوير على أراضيها يرتبط بمدى رغبة الحكومة ليكون هذا الملف مشروعا قوميا


    اشتكت شركات إنتاج فني عالمية مؤخرا من كثافة الإجراءات الأمنية والبيروقراطية عند الرغبة في الحصول على تراخيص للتصوير داخل مصر، ما أدى إلى تخلي الكثير منها عن هذا الاتجاه واللجوء إلى دول أخرى مثل لبنان والمغرب.

    وأكد مساعد وزير السياحة والآثار لتنمية الموارد والاستثمار اللواء إيهاب سالم خلال جلسة البرلمان أن الحكومة شكلت لجنة لإعادة صياغة قواعد التصوير في مصر وقامت بدراسة تجارب الدول التي تقدم حوافز وتسهيلات لشركات الإنتاج العالمية لتصوير الأفلام، وأن البداية ستكون بتعديل بعض التشريعات التي تمنع التصوير في بعض الأماكن وتوحيد التشريعات الخاصة بالتصوير بجميع أنواعه.

    ويعبر التحرك الحكومي الجديد عن استفاقة متأخرة في هذا الملف بعد أن قطعت فيه دول لبنان المغرب والأردن والسعودية والإمارات شوطا كبيرا واستطاعت أن تبرز كوجهات سياحية ومناطق مطلوبة لشركات الإنتاج العالمية جراء التسهيلات التي تقدمها، في وقت ما زالت تحاول فيه القاهرة تغيير النمط الأمني المسيطر على منح التراخيص، ما يعرقل الرغبة في الاستفادة من المواقع الأثرية والسياحية في التصوير.

    وما زال الإرث الفكري الذي تركه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذي أصدر قرارا رئاسيًا بعدم السماح بتصوير الأفلام الأجنبية في مصر بتهمة تشويه الحضارة في ستينات القرن الماضي حاضرا حتى الآن، وأصبح تصوير أي عمل فني أجنبي داخل مصر أو تصوير فيلم محلي من دون موافقة الرقابة أمرًا يعني المصادرة.

    وتشكو جهات الإنتاج الأجنبية التي تسعى لتصوير محتوياتها الفنية في مصر من زيادة قيمة الجمارك على معدات التصوير وعدم القدرة على إنهاء الإجراءات في وقت قصير، وزيادة الضرائب المفروضة على شركات الإنتاج، وطول الفترة الزمنية التي تتم فيها الموافقة من الجهات المسؤولة في مصر.

    وعلى مدار ما يقرب من العقدين تتجدد المطالبات بإيجاد آليات مناسبة تجذب شركات الإنتاج الأجنبية، لكن في كل مرة يطرح فيها هذا الملف يقف الأمر عند حدود اتخاذ قرارات شكلية بلا حل حقيقي للأزمة.

    وقررت الحكومة المصرية منذ خمس سنوات أن تكون مدنية الإنتاج الإعلامي مسؤولة عن منح التراخيص وأنشأت ما أسمته “الشباك الواحد” لإنهاء الإجراءات، لكن الواقع يشير إلى أن مدينة الإنتاج يكون عليها التواصل مع ما يقرب من عشر جهات أخرى، وفي الأغلب تتأخر ردودها، وهو ما أفرغ القرار من مضمونه.

    ويرى متابعون أن الأزمة الاقتصادية الحادة يمكن أن تكون محركًا فاعلاً نحو تذليل العقبات، مع حاجة الحكومة المصرية إلى توفير العملات الأجنبية عبر طرق شتى، منها مبادرات هدفها تنويع مصادر الحصول على الدولار لتعويض شحه.


    رامي عبدالرازق: البيروقراطية لا تساعد مصر في المنافسة على سوق تصوير الأفلام


    وأدركت دوائر رسمية أن إهمال هذا الملف أحد عوامل تراجع القوى الناعمة المصرية، ولذلك بات يحظى باهتمام حكومي في ظل مخاوف من زيادة مساحة تراجع الثقافي والإعلامي والفكري لمصر.

    وقلل الناقد الفني رامي عبدالرازق من إمكانية أن يكون لتحركات الحكومة والبرلمان مردودات إيجابية على المدى القصير، لأن الأزمة تكمن في العقلية التي تدير ملف منح تراخيص التصوير وتولي اهتماماً بعناصر ليس لها علاقة بالأغراض الاستثمارية، من تسهيل عملية التصوير لتطغى مصطلحات “الحفاظ على الأمن القومي” على أي عناصر أخرى، ما يشير إلى سيطرة المظلة الأمنية على القرارات.

    وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن البيروقراطية التي يتسم بها العمل الحكومي معرقلة لأي جهود تستهدف التعامل مع العراقيل العديدة، وأن الأزمة في أنظمة العمل داخل الدولاب الحكومي التي لا تتماشى مع التطور الحاصل على مستوى سرعة إصدار التصاريح وتوفير المزيد من الامتيازات التي تساعد مصر على منافسة الوجهات العربية الأخرى، ومن الضروري هدم المنظومة الحالية وإدخال إصلاحات جذرية، وهو أمر لا توجد مقدمات قوية تدعمه ويمكن البناء عليها.

    ويرسل تصدّر الإجراءات الأمنية لمشهد منح التصاريح رسائل سلبية إلى منتجين أجانب، فقد ينظرون إلى مصر كدولة غير مستقرة أمنياً وهي مشكلة يعاني منها كل من لديه محتوى فني ويرغب في تصويره.

    كما أن التعامل مع مناطق لم تشهد عمليات إرهابية من قبل مثل واحة سيوة (جنوب غرب مصر) على أنها مناطق خطرة أمر غير مفهوم، بجانب المعضلة الأكبر التي تتمثل في وجود بعض أوجه الفساد التي تتسبب في عرقلة إصدار التراخيص.

    وأثارت أزمة تصوير مسلسل “مون لايت” لمخرجه المصري محمد دياب أزمة قبل عام ونصف تقريبًا بعد أن عبر عن استيائه بسبب تعسف الإجراءات والروتين، ما اضطره إلى تصوير مشاهده في المجر قبل أن تهدأ وتيرة الجدل مع تكرار الحديث عن المعوقات دون حل المشكلة.

    وكان من المقرر تصوير فيلم “غودز أوف إيجبت” في مصر وهو فيلم فانتزي أميركي عُرض عام 2016 وتدور قصته حول الآلهة في مصر القديمة، لكن لم يتم ذلك، ورفض القائمون على الفيلم التصوير في الأقصر وأسوان وسيوة عام 2014، بعد أن طلبت الجهات المعنية 15 مليون دولار للحصول على التراخيص بجانب ارتفاع قيمة الجمارك على المعدات ليتم تصويره في المغرب رغم أن أحداثه تدور في مصر.
    الأجواء المناسبة للتصوير



    عروض عالمية بطابع مصري


    قال عبدالرازق إن مصر بعيدة للغاية عن منافسة دول عربية تطورت في هذا المجال، وأن الأردن مثلا يجذب الكثير من النقاد والفنانين العالميين ويقوم بتعريفهم على أماكن التصوير والعروض المقدمة إليهم.

    وقدمت السعودية تخفيضات تصل إلى 40 في المئة لشركات الإنتاج العالمية في حال تخطت الميزانية أرقاما محددة، وتشترط في المقابل تدريب العمالة المحلية على أسس التصوير والإنتاج العالمية وتحقق فوائد عديدة في آن واحد.

    وما زالت عملية التسويق للأماكن المصرية في المحافل الفنية الدولية غائبة، وليس لدى القاهرة جناح ثابت في مهرجان “كان” أو أي من المهرجانات الفنية الكبرى الأخرى لتعريف منتجي السينما العالمية بالمواقع الخارجية التي يمكن التصوير فيها، وتصطدم مطالب سينمائيين مصريين بوجود مشكلات ترتبط بميزانيات وزارة الثقافة.

    ويرتبط نجاح مصر في جذب شركات إنتاج أجنبية للتصوير بمدى رغبة الحكومة ليكون هذا الملف مشروعا قوميا، لأنها الوحيدة التي تمتلك القدرة على تيسير الإجراءات وتوحيد الجهة المشرفة على الأفلام وخفض رسوم التصوير وإقرار حوافز لجذب الشركات المحلية والأجنبية.

    ويعد عنصر الانتشار الذي حققته فيديوهات قدمها “يوتيوبرز” في مصر مؤخرا لكثير من المناطق الأثرية محفزا على تغيير وجهة النظر المصرية، ما كان دافعًا نحو التفكير في تخفيف شروط التصوير في الأماكن العامة، كما أن القوانين المصرية تتيح التصوير الفردي في الأماكن العامة والأثرية دون الحصول على تراخيص.

    وأعفت نقابة المهن الموسيقية مؤخرا أوركسترا الشباب الإيطالي بمعبد الأقصر (جنوب مصر) من رسوم التصوير ضمن مساعيها لإقامة مزيد من الحفلات في أماكن أثرية، وسبق أن خطفت أهرامات الجيزة أنظار عشاق الموضة باحتضانها عرض أزياء أقامته شركة ديور الفرنسية في ديسمبر الماضي، كذلك عرض المصمم الإيطالي ستيفانو ريتشي الذي استضافه معبد حتشبسوت الأثري بالأقصر.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    أحمد جمال
    صحافي مصري
يعمل...
X