ملك مختار تحاور باطن الأشياء في لوحات تعبيرية تجريدية
عالم متخيل يرسم سيمفونية تؤثر في المتلقي.
ألوان شاحبة تحرر قلق الرسامة
جمعت الفنانة ملك مختار، التي ولدت في عفرين، بين حبها لتاريخ بلادها وعشقها للموسيقى والفن التشكيلي، فجعلت لوحاتها نوتات تعزف جمال البيئة على الحدود السورية – التركية، وهي في لوحاتها التعبيرية التجريدية تحاول دوما البحث في عمق المشاهد والشخوص والأشياء عامة، لتعيد رواية المشاهد والقصص بأسلوبها الخاص الذي ينحو دائما نحو المباغتة والمفاجأة.
حين يذكر اسم ملك مختار أو ملاك مختار كما نحب أن نسميها تدفعنا الذاكرة إلى الفنان الفرنسي جان ميشيل ( 2014 – 1920) الفنان اللغز كما يعرف عنه، الفنان الذي أفنى عمره في الرسم سرّا، حيث الميل التام نحو العزلة الغارقة في أوجاع تتحدث ما أمكن عن علامات بها يقتفي أثرا دون أن يعرف إلى أين، وعاش حياته بصمت دون أي ضجيج أو ما يبعث على التوتر، رسم بثقة ينظمها العواطف والانفعالات التي تضج به وبدواخله هو، دون أن يبحث عن أي اعتراف من الوسط الذي هو فيه رغم يقينه بموهبته وبقوة أعماله التي ستأخذ طريقها فيما بعد وسط وهج الشمس.
هي فنانة موسيقية قبل أن تكون تشكيلية، ولها من التجارب في ذلك ما يضعها في الصف الأول. تملك إرثا لفولكلور يمتد في التاريخ تنتظر من يساعدها بفض الغبار عنه وإخراجه بما يليق بقيمة هذا الإرث الكنز.
سبق أن قلنا كثيرا إن كل فنان موسيقي هو مشروع فنان تشكيلي والعكس صحيح أيضا، فالمخاض في الحالتين يأخذ شكلا محترقا في الإيقاع، وأواصر الالتقاء بينهما كثيرة، بل فيهما من التداخل ما يجعلهما مشروعا جماليا يزخم بالمعطيات ذاتها، فكما أن لكل مقام لونا كذلك لكل لون مقام، وهذا يعني انتماءهما (الموسيقى والتشكيل) إلى توليفة تثمر بهما معا.
ملك مختار لا ينطفئ شغفها بمقاطع سردية تحدد طبيعتها كسارد يروي مروياته دون أن تفقد عنصر المفاجأة
ملك مختار الموسيقية لن يكون غريبا عليها أن تكون فنانة تشكيلية، ولا علينا أن نراها كذلك وبقدرات ذاتها، فهي هنا تكاد تجمع مقاطعها الموسيقية مقطعا مقطعا وتمضي بها على التوالي نحو بناء سيمفونيتها التشكيلية، نحو بناء حكايتها، حكاية بحثها المستديم عن أوراق بعثرتها الريح حتى بات مخطوطا يؤسس حكايتها تلك، حكاية مقام فيه من التداخل بين الإيقاع واللون ما يظهر سردها الإبداعي ببصمات تتقن العزف تماما، وتنخرط بالعالم المتخيل وترسم ملامحه بقوة انفعالية وتكثيف غير ملتبس تطمح بذلك إلى تلخيص صمتها وبهيئات وحركات وإشارات تكاد تشكل دفعات وتدفقات من معطياتها الجمالية.
الفنانة وبتعبيرية تجريدية تطرح قلقها وذروة ألمها على شكل شحنات متعبة في ثنايا حزنها المتواجد بحرقة في ضربات فرشاتها المتوترة، وفي شحوب ملامح ألوانها، فهي تعمل بجدية وصدق مميزين، فثمة شيء في دواخلها يتجه باتجاه واحد ومن باب عريض، ولهذا فلوحاتها ليست محطات استراحة بالنسبة لها، وليست نزهة مؤقتة، بل بها تكتشف نفسها وحرصها على الحياة، فهي تملك إحساسا عميقا بكل ما حولها، ولهذا تستغرق في ألوانها وما تتركه من أثر فيها وفي متلقيها معا دون افتعال ودون أي ضباب، فهي تعالج فضاءاتها بتتابع لوني مع تدفق مذهل في أحاسيسها، وهذا ما يزيد قدرتها على عشق به تكشف نفسها، قدرتها على حب به تكون كفراشة تفرش ألوانها، وبالتالي يزيد جرعة فاعلية قدرتها على التعبير.
هي تنتمي إلى الجذر فيه تمارس لغتها بكل مفرداتها دون أي مواربة، ففي داخلها ما يلح عليها أن تبقى طفلة تعبث بالألوان ببساطتها دون تفكير مسبق ودون وضع جدول عمل ودون مخططات، هي وألوانها ومساحاتها البيضاء يشكلون خلطة فنية مذهلة، الكل يرسم الكل بعفوية عالية.
وبحميمية تصبغ الفنانة أحلامها وبروح لا تهدأ تمزج تأملاتها، وهذه أحد المؤشرات على رغبتها الدائمة في إشغال فراغاتها بلون يحمل إيقاعا، ما يعيدها إلى مقام موسيقي يدفعها باستمرار إلى الغوص في السموات التسع، ولا تلهث وراء المضامين، فلا قضايا معقدة عندها ولا تخطيطات مسبقة، همها أن تتجاوز الفعل وأن تتجاوز محن الذات، همها أن تبقى عفوية وهذا ما يجعل الطفلة في داخلها لا تكبر ولا تهدأ، إنها في حالة حركة مستمرة وبطاقة لا تنفد، فمهما كان المشهد قاسيا ومهما كان متلحفا بالغرابة فهذا لا يحتم عليها قساوة اللون ولا محنه، بل وعلى مدى مزاميرها وهي تعزف بتداعيات موحية باستنهاض طاقات ألوانها بطاقاتها هي دون أن تغرق عملها بإسهاب لوني تضيق فسحاتها ودون أن ترهق متلقيها بالتوهم.
ملك مختار وبمقتضى دورها في دخول الحكاية لا ينطفئ شغفها بمقاطع سردية تحدد بدورها طبيعتها كسارد يروي مروياته دون التباس ودون أن تفقد عنصر المفاجأة بل ترافقها في مجمل أعمالها، وإن كان بعضها قائم على المداورة إلا أن روحها لا تستكين، وبين فينة وأخرى تخرج من حالة لتقتحم حالة أخرى بحثا عن سر وعن حامله أيضا، وسيرتبط ذلك بالجانب التقني لتجلياتها، وتفلح كثيرا في جر وضعيات تستمد حضورها من توظيف الجهات دون أن تستهين بالريح على أكتاف الحقول.
والفنانة من خلال معطياتها المنتجة للدلالات والتي توفر لها حالات يمكن صياغتها بعلامات ومقولات وفق تصنيف وتحليل معين، فالتربة التي تعزف عليها مقاماتها اللونية فيها من التنوع الذي سيسمح لها بأن تقود دفة بوصلتها بحالات شعورية نحو تحديد مناطق يمكن اعتبارها أنساقا شاسعة فيها وبها تحلق مختار حرة طليقة لا حدود لإدراكها لذاتها، فتجوب بتجربتها في فضاءات خالية من الملوثات الزمكانية.
وتذهب مختار بمشهدها البصري نحو جهات مفتوحة، لا تضيق بها السبل، تجذبها الآفاق بلا حدود، وتتحول مساحات اللوحة أمامها إلى فضاءات تعوم فيها كسرب طيور، وبعنفوان وحرارة تحمل فرشاتها وكأنها ذاهبة إلى جنة الرب، فتستعين بشحنات وانفعالات تنبض فيها حتى تنظم بناءها على قيم تقربها تماما من ثنايا اللون واحتراقاته، مفهوم التعبير عندها متلحف بصمت عذب تترك آثاره على مجمل تجربتها.
هنا يبرز الجانب الموسيقي في تجربة الفنانة، تسمع كل هسيس وكل نغمات الحقول لتعيد إنتاجها بإيقاعها هي، بحسها هي، بصمتها العازف لسنابل مواسمها هي، فالاقتراب من عوالمها ومحاولة البحث فيها يحملك بالضرورة إلى الاستماع جيدا إلى تلك المقامات التي بها أبدعت لوحتها، وإلى أبعادها التي ستحملك بدورها إلى عوالم جديدة بمعطيات جديدة، مغلقة أو مفتوحة، متناقضة أو منسجمة فتهب عليك نسمات الصبا حينا وحينا تلفحك رياح البيات، وربما يحضر العجم أو النهاوند أو الكرد أو السيكاه، فلا زمن هنا حتى يدركها بل هي تحول عملها إلى موسيقى تجريدية عليها تتزاحم كل المقامات ومنها تتدافع الألوان بإيقاعات تمضي في أسفار بعيدة.
ملك مختار تلجأ كثيرا إلى الغوص في حوار باطني مع أشيائها غير عابئة بما ستؤول إليه تداعياتها، ولعل تسرب الدخان والرماد إلى عملها هو انفلات آخر في هذا الاتجاه، الاتجاه الذي يأخذها إلى البعيد بملامحه وتعبه، بشوقه وحريقه، ولعل الأسود الذي حل ضيفا على حقولها وأشجارها هو الآخر يبرر لنا محن الحدوث ورهاناته، وكل إرسالياتها الداخلة في تراكيبها من موقع فني هي لحظات تستوعب كل نقاط تحولاتها بنمط يتوازن فيه محاور دوائرها كإسقاطات إدراكية، بها يمكن أن تجنح إلى الحواف ببطء شديد، وإلى البؤر بذكاء يحمل قدراتها التي ستترك أثرها وبصماتها الإبداعية على المشهد الجمالي التي تعوم فيه.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
غريب ملا زلال
كاتب سوري
عالم متخيل يرسم سيمفونية تؤثر في المتلقي.
ألوان شاحبة تحرر قلق الرسامة
جمعت الفنانة ملك مختار، التي ولدت في عفرين، بين حبها لتاريخ بلادها وعشقها للموسيقى والفن التشكيلي، فجعلت لوحاتها نوتات تعزف جمال البيئة على الحدود السورية – التركية، وهي في لوحاتها التعبيرية التجريدية تحاول دوما البحث في عمق المشاهد والشخوص والأشياء عامة، لتعيد رواية المشاهد والقصص بأسلوبها الخاص الذي ينحو دائما نحو المباغتة والمفاجأة.
حين يذكر اسم ملك مختار أو ملاك مختار كما نحب أن نسميها تدفعنا الذاكرة إلى الفنان الفرنسي جان ميشيل ( 2014 – 1920) الفنان اللغز كما يعرف عنه، الفنان الذي أفنى عمره في الرسم سرّا، حيث الميل التام نحو العزلة الغارقة في أوجاع تتحدث ما أمكن عن علامات بها يقتفي أثرا دون أن يعرف إلى أين، وعاش حياته بصمت دون أي ضجيج أو ما يبعث على التوتر، رسم بثقة ينظمها العواطف والانفعالات التي تضج به وبدواخله هو، دون أن يبحث عن أي اعتراف من الوسط الذي هو فيه رغم يقينه بموهبته وبقوة أعماله التي ستأخذ طريقها فيما بعد وسط وهج الشمس.
هي فنانة موسيقية قبل أن تكون تشكيلية، ولها من التجارب في ذلك ما يضعها في الصف الأول. تملك إرثا لفولكلور يمتد في التاريخ تنتظر من يساعدها بفض الغبار عنه وإخراجه بما يليق بقيمة هذا الإرث الكنز.
سبق أن قلنا كثيرا إن كل فنان موسيقي هو مشروع فنان تشكيلي والعكس صحيح أيضا، فالمخاض في الحالتين يأخذ شكلا محترقا في الإيقاع، وأواصر الالتقاء بينهما كثيرة، بل فيهما من التداخل ما يجعلهما مشروعا جماليا يزخم بالمعطيات ذاتها، فكما أن لكل مقام لونا كذلك لكل لون مقام، وهذا يعني انتماءهما (الموسيقى والتشكيل) إلى توليفة تثمر بهما معا.
ملك مختار لا ينطفئ شغفها بمقاطع سردية تحدد طبيعتها كسارد يروي مروياته دون أن تفقد عنصر المفاجأة
ملك مختار الموسيقية لن يكون غريبا عليها أن تكون فنانة تشكيلية، ولا علينا أن نراها كذلك وبقدرات ذاتها، فهي هنا تكاد تجمع مقاطعها الموسيقية مقطعا مقطعا وتمضي بها على التوالي نحو بناء سيمفونيتها التشكيلية، نحو بناء حكايتها، حكاية بحثها المستديم عن أوراق بعثرتها الريح حتى بات مخطوطا يؤسس حكايتها تلك، حكاية مقام فيه من التداخل بين الإيقاع واللون ما يظهر سردها الإبداعي ببصمات تتقن العزف تماما، وتنخرط بالعالم المتخيل وترسم ملامحه بقوة انفعالية وتكثيف غير ملتبس تطمح بذلك إلى تلخيص صمتها وبهيئات وحركات وإشارات تكاد تشكل دفعات وتدفقات من معطياتها الجمالية.
الفنانة وبتعبيرية تجريدية تطرح قلقها وذروة ألمها على شكل شحنات متعبة في ثنايا حزنها المتواجد بحرقة في ضربات فرشاتها المتوترة، وفي شحوب ملامح ألوانها، فهي تعمل بجدية وصدق مميزين، فثمة شيء في دواخلها يتجه باتجاه واحد ومن باب عريض، ولهذا فلوحاتها ليست محطات استراحة بالنسبة لها، وليست نزهة مؤقتة، بل بها تكتشف نفسها وحرصها على الحياة، فهي تملك إحساسا عميقا بكل ما حولها، ولهذا تستغرق في ألوانها وما تتركه من أثر فيها وفي متلقيها معا دون افتعال ودون أي ضباب، فهي تعالج فضاءاتها بتتابع لوني مع تدفق مذهل في أحاسيسها، وهذا ما يزيد قدرتها على عشق به تكشف نفسها، قدرتها على حب به تكون كفراشة تفرش ألوانها، وبالتالي يزيد جرعة فاعلية قدرتها على التعبير.
هي تنتمي إلى الجذر فيه تمارس لغتها بكل مفرداتها دون أي مواربة، ففي داخلها ما يلح عليها أن تبقى طفلة تعبث بالألوان ببساطتها دون تفكير مسبق ودون وضع جدول عمل ودون مخططات، هي وألوانها ومساحاتها البيضاء يشكلون خلطة فنية مذهلة، الكل يرسم الكل بعفوية عالية.
وبحميمية تصبغ الفنانة أحلامها وبروح لا تهدأ تمزج تأملاتها، وهذه أحد المؤشرات على رغبتها الدائمة في إشغال فراغاتها بلون يحمل إيقاعا، ما يعيدها إلى مقام موسيقي يدفعها باستمرار إلى الغوص في السموات التسع، ولا تلهث وراء المضامين، فلا قضايا معقدة عندها ولا تخطيطات مسبقة، همها أن تتجاوز الفعل وأن تتجاوز محن الذات، همها أن تبقى عفوية وهذا ما يجعل الطفلة في داخلها لا تكبر ولا تهدأ، إنها في حالة حركة مستمرة وبطاقة لا تنفد، فمهما كان المشهد قاسيا ومهما كان متلحفا بالغرابة فهذا لا يحتم عليها قساوة اللون ولا محنه، بل وعلى مدى مزاميرها وهي تعزف بتداعيات موحية باستنهاض طاقات ألوانها بطاقاتها هي دون أن تغرق عملها بإسهاب لوني تضيق فسحاتها ودون أن ترهق متلقيها بالتوهم.
ملك مختار وبمقتضى دورها في دخول الحكاية لا ينطفئ شغفها بمقاطع سردية تحدد بدورها طبيعتها كسارد يروي مروياته دون التباس ودون أن تفقد عنصر المفاجأة بل ترافقها في مجمل أعمالها، وإن كان بعضها قائم على المداورة إلا أن روحها لا تستكين، وبين فينة وأخرى تخرج من حالة لتقتحم حالة أخرى بحثا عن سر وعن حامله أيضا، وسيرتبط ذلك بالجانب التقني لتجلياتها، وتفلح كثيرا في جر وضعيات تستمد حضورها من توظيف الجهات دون أن تستهين بالريح على أكتاف الحقول.
والفنانة من خلال معطياتها المنتجة للدلالات والتي توفر لها حالات يمكن صياغتها بعلامات ومقولات وفق تصنيف وتحليل معين، فالتربة التي تعزف عليها مقاماتها اللونية فيها من التنوع الذي سيسمح لها بأن تقود دفة بوصلتها بحالات شعورية نحو تحديد مناطق يمكن اعتبارها أنساقا شاسعة فيها وبها تحلق مختار حرة طليقة لا حدود لإدراكها لذاتها، فتجوب بتجربتها في فضاءات خالية من الملوثات الزمكانية.
وتذهب مختار بمشهدها البصري نحو جهات مفتوحة، لا تضيق بها السبل، تجذبها الآفاق بلا حدود، وتتحول مساحات اللوحة أمامها إلى فضاءات تعوم فيها كسرب طيور، وبعنفوان وحرارة تحمل فرشاتها وكأنها ذاهبة إلى جنة الرب، فتستعين بشحنات وانفعالات تنبض فيها حتى تنظم بناءها على قيم تقربها تماما من ثنايا اللون واحتراقاته، مفهوم التعبير عندها متلحف بصمت عذب تترك آثاره على مجمل تجربتها.
هنا يبرز الجانب الموسيقي في تجربة الفنانة، تسمع كل هسيس وكل نغمات الحقول لتعيد إنتاجها بإيقاعها هي، بحسها هي، بصمتها العازف لسنابل مواسمها هي، فالاقتراب من عوالمها ومحاولة البحث فيها يحملك بالضرورة إلى الاستماع جيدا إلى تلك المقامات التي بها أبدعت لوحتها، وإلى أبعادها التي ستحملك بدورها إلى عوالم جديدة بمعطيات جديدة، مغلقة أو مفتوحة، متناقضة أو منسجمة فتهب عليك نسمات الصبا حينا وحينا تلفحك رياح البيات، وربما يحضر العجم أو النهاوند أو الكرد أو السيكاه، فلا زمن هنا حتى يدركها بل هي تحول عملها إلى موسيقى تجريدية عليها تتزاحم كل المقامات ومنها تتدافع الألوان بإيقاعات تمضي في أسفار بعيدة.
ملك مختار تلجأ كثيرا إلى الغوص في حوار باطني مع أشيائها غير عابئة بما ستؤول إليه تداعياتها، ولعل تسرب الدخان والرماد إلى عملها هو انفلات آخر في هذا الاتجاه، الاتجاه الذي يأخذها إلى البعيد بملامحه وتعبه، بشوقه وحريقه، ولعل الأسود الذي حل ضيفا على حقولها وأشجارها هو الآخر يبرر لنا محن الحدوث ورهاناته، وكل إرسالياتها الداخلة في تراكيبها من موقع فني هي لحظات تستوعب كل نقاط تحولاتها بنمط يتوازن فيه محاور دوائرها كإسقاطات إدراكية، بها يمكن أن تجنح إلى الحواف ببطء شديد، وإلى البؤر بذكاء يحمل قدراتها التي ستترك أثرها وبصماتها الإبداعية على المشهد الجمالي التي تعوم فيه.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
غريب ملا زلال
كاتب سوري