يمكن لذكرياتنا وخبراتنا أن تورّث وتنتقل إلى أبنائنا وأحفادنا، واكتشف العلماء آلية حدوث ذلك.
يعني مصطلح الوراثة فوق الجينية أو Epigenetics دراسة التغيرات الموروثة في التعبير الجيني، أي تهتم بدراسة التغيّرات التي نرثها من دون أن تكون مرمّزةً على حمضنا النووي DNA، على سبيل المثال؛ الحوادث المؤلمة التي يمر فيها الشخص تؤثّر فيه، ولكن بالطبع لا ترمَّز على حمضه النووي، ولكن هذا الأثر قد ينتقل إلى أبنائه.
والسؤال كيف يمكن لتلك الذكريات الموروثة العبور إلى الأجيال التالية؟
حاول فريق من جامعة تل أبيب (Tel Aviv University (TAU الإجابة عن هذا السؤال، ذلك عندما اكتشفوا طريقة التحكم بعبور التأثيرات البيئية (تعطيلها أو تفعيلها).
نشرت أبحاثهم مؤخرا في مجلة الخلية، وكان يقودها أوديد ريتشافي جنبًا إلى جنب مع فريق من أعضاء هيئة التدريس من كلية علوم الحياة في جامعة تل أبيب ومدرسة ساغول Sagol للعلوم العصبية
فهم الآلية :
تبعا لدراستهم، فإن التغيرات فوق الجينية الموروثة تنتقل إلى الأجيال عن طريق آلية نشطة وفاعلة.
يقول ريتشافي: «الديدان التي تتعرّض لمجاعات أو أوبئة فيروسية تورّث ذريتها قطعًا من الحمض النووي الريبي RNA، وتجهّز تلك القطع الأبناء لتتعامل بشكل أفضل إذا تعرّضت لمواقف مماثلة».
ويضيف: «كما أننا اكتشفنا آلية تزيد من قطع الـ RNA الموروثة عبر الأجيال، وبالتالي فالاستجابة لا تخفّف أو تقل عند عبورها إلى الأجيال التالية، كل ذلك عن طريق أنزيمات تدعى RdRPs؛ هذ الإنزيمات هي المسؤولة عن زيادة عدد RNA في الأجيال التالية».
وتمكّن الباحثون من تحديد جينات محددة لها دور في تفعيل أو تعطيل وراثة التأثيرات فوق الجينية في الأجيال، وأطلقوا عليها اسم علم حركة الوراثة فوق الجينية المعدّلة المنقولة عبر الأجيال (Modified Transgenerational Epigenetic Kinetics (MOTEK، يعتمد التعطيل أو التفعيل على تفاعلات التلقيم الراجع بين قطع الـ RNA وجينات الـ MOKET الضرورية لإنتاج وعبور الـ RNA عبر الأجيال.
أجريت الدراسة الحالية على الديدان، لكنّ فهم مبدأ عملية انتقال المعلومات فوق الجينية سيساعد في فهم أفضل للوراثة، خاصةً عند الإنسان.